رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

طارق أبو السعد يكتب.. أين أصحاب شعار على القدس رايحين شهداء بالملايين؟


12-1-2025 | 18:57

طارق أبو السعد

طباعة
بقلم: طارق أبو السعد
عزيزي القارئ.. إذا كان عمرك بين 50 و 60 فلا شك أنك استمعت إلى واحد من شعارات الإخوان والتيار الإسلامي على الأقل مثل: لبيك يا أقصى أو افتحوا الحدود لنجاهد في سبيل الله أو قرأت استيكرات لعبد الرسول سياف رجل الإخوان في أفغانستان وهو يقول إنه بعد تحرير كابول سيذهب لتحرير القدس. أو ربما طالعت تقويمهم السنوى الذي حمل صورة المسجد الأقصى وكتب تحته «فتحها عمر وحررها صلاح الدين فمن لها الآن؟» ولو أن عمرك ما بين 30 و50 فمن المؤكد أنك استمعت لهتافهم الشهير «على القدس رايحين شهداء بالملايين» في مسيراتهم أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى أو الثانية. أما لو كان عمرك من 20 إلى 30 فلا شك أنك شاهدت شباب الجماعة الإرهابية وهم يسيرون فى اعتصام رابعة المسلح وغيره ويحملون لافتات أنهم مشاريع شهداء ليس من أجل فلسطين ولا من أجل المسجد الأقصى ولا حتى جنين أو غزة، بل شهداء من أجل عودة جماعتهم للحكم. هذه هي الحقيقة وهذا هو الواقع، فالإسلاميون يرفعون شعاراتهم عن تحرير فلسطين واستعادة المسجد الأقصى في كل الأحوال وفي كل المناسبات، وصدعونا بشعاراتهم بأن غايتهم تحرير القدس، وأن أسمى أمانيهم الجهاد ضد إسرائيل، لكن وساعة الجد وعندما دقت طبول الحرب تبخروا واختبأوا وراء شاشات الكمبيوتر يجاهدون عبر الإنترنت. كشفتهم تجربتهم فى الحكم، ففضحت شعاراتهم وأظهرتهم على حقيقتهم هم مجرد حناجر فارغة، يقولون ما لا يفعلون لا يؤمنون بشعاراتهم ولا يقدمون من أنفسهم وأموالهم لصالح القضية، فطوال عقود كانوا يتهمون الحكومات المتعاقبة بالخيانة للقضية، وزعموا أنهم إذا تولوا الحكم سيعلنون الجهاد وسيتدفق الإخوان من كل دول العالم لفلسطين، من أجل تحريرها من قبضة دولة الاحتلال. وعندما تولوا الحكم لم يطلقوا رصاصة واحدة على إسرائيل ولم يوجهوا حتى خطابا شديد اللهجة للقيادة الإسرائيلية، بل على العكس أرسلوا رسائلهم المهنئة بقيام دولة إسرائيل في رسالة مرسى الشهيرة إلى صديقه بيريز، وفى عهدهم وقع اعتداء قوى من قوات الاحتلال ضد غزة، فضغطت حكومة الإخوان على الفلسطينيين ليقبلوا بشروط إسرائيل. قبل أشهر اقتحم جنود دولة الاحتلال غزة، ولم يتحرك إخواني أو داعشي أو أي أحد من الجماعات الإسلامية لنصرة أهل غزة، وصنعوا لأنفسهم معركة وهمية اسمها «المقاطعة» واليوم يعاني أهل لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية لم نجد أيا منهم يطلق رصاصة واحدة تجاه إسرائيل، تبخروا جميعا، واختفى أصحاب شعار على القدس رايحين شهداء بالملايين. الواقع أثبت أن الإخوان وكافة تيار الإسلام السياسي اتخذت من مناصرتهم للقضية الفلسطينية ستارا للتخفى وخداع الجماهير لتحقيق مخططاتهم لتدمير الدول التي تمتلك جيوشا وطنية ويمكن أن تكون مصدر تهديد لإسرائيل. ففى سوريا وقبل 13 سنة، رفع الإرهابيون شعارات الثورة والحرية، وأعلنوا أن الطريق إلى القدس يمر من دمشق أولا، وأن تحرير فلسطين مرهون بهدم الدولة السورية، وتحت هذه الشعارات مزقوا وطنهم ودمروا البنى التحتية وهجروا شعبهم وقتلوا العديد منهم ثلاث عشرة سنة تدفقت عليهم الأسلحة والمقاتلين من كل دول العالم، ولم يهاجموا دولة الاحتلال ولم يرسلوا انتحاريهم وذئابهم المنفردة لتفجير تل أبيب بل صوبوا فوهات بنادقهم إلى صدور شباب أوطانهم. وتكرر الأمر في العراق، فزعموا أن الطريق إلى القدس يمر ببغداد أولا، وأن عليهم تحطيم الجيش وكأن تعطيل مؤسسات الدولة وتفجير الأسواق والمساجد، والدخول في احتراب داخلي سيحرر القدس ويعيد فلسطين عربية. أما في ليبيا، فقد حولها الإسلاميون بعد ثورتهم، لوكر لكل الجماعات الإرهابية المطاردة من كل دول العالم، وسرقوا ونهبوا مقدرات ليبيا النفطية، وعاثوا في الأرض فسادا ونظموا عمليات التهريب والاتجار فى كل ما هو ممنوع، ودخلوا في حروب جهوية وشغب قبلي أفقد الليبيين الأمن والأمان. ورغم السلاح والعتاد وهتافهم للقدس، لم تشن هذه الجماعات حربا ولو ذرا للرماد على إسرائيل، بل سخرت إمكانياتها لهدم الدولة المصرية من الجانب الغربي، وفى عهدهم تحولت ليبيا إلى منصة ينطلق منها الإرهابيون إلى دول الجوار لينفذوا عملياتهم الإرهابية ضد الآمنين وزعموا أن هذه هي الخطوة الصحيحة نحو هزيمة إسرائيل. وفى اليمن حدث ولا حرج، فمن أطلقوا على أنفسهم ثوارا قرروا أن خطوتهم الصحيحة للثورة هى حل الجيش، وتفكيكه لميليشيات قبلية، وإسقاط الوحدة والعودة لمربع اليمن الشمالي واليمن الجنوبي، وأن التفكيك هو خطوتهم نحو هزيمة دولة الاحتلال الإسرائيلية. بعد سيطرة ميليشيات الحوثى الموالية لإيران، لم يساندوا القضية الفلسطينية بقدر ما كانوا يساندون الميليشيات الإيرانية فالرشقات الصاروخية التي أطلقوها وملأوا الدنيا ضجيجا بها لم تدفع القضية الفلسطينية للأمام، بل خدمت إسرائيل أكثر في دعايتها للعالم الغربي بأنها هي المعتدى عليها، فتعاطف الرأى العالمى معهم، وخسرنا نحن الحرب الدعائية. وحتى إغلاق الحوثيين لباب المندب أمام التجارة العالمية، كانت حركة طائشة لم تؤثر على اقتصاد إسرائيل ولا على العالم، بل تركت أثاراً سلبية على «مصر» الدولة العربية التي تناصر القضية الفلسطينية من أول لحظة على كافة المحاور، وفي نفس الوقت الدولة الوحيدة التى تأثر اقتصادها بتدخل اليمن في الأحداث وكأنها هي المقصودة وليست إسرائيل. وفي مصر، عندما أراد الإرهابيون لها السوء، لم يجدوا غير شعارات على القدس رايحين شهداء بالملايين» و«لبيك يا قدس و من للمسجد الأقصى لأنه وببساطة هذه الشعارات تلامس عاطفة المصريين الذين يضعون القضية الفلسطينية في سويداء القلب، كما أن الزخم الجماهيرى للقضية، يفتح لهم البوابة الملكية للتسلل لعقول وقلوب الجماهير، كما تمكنهم من إخفاء مشروعهم التخريبي ومؤامراتهم ضد الدولة ومؤسساتها. فاستهدفوا تفكيك الجيش الوطنى المصرى، ربما لأنه الجيش الوحيد الذي تمكن من إنزال هزيمة ساحقة مهينة بالجيش الإسرائيلي في 6 أكتوبر 1973، لولا يقظة أبطالنا في القوات المسلحة الذين انتبهوا للمخطط الجهنمي وأبطلوه، ثم ظهر وجه الإخوان القبيح بعد ثورة 30 يونيه بتحريض جماعة أنصار بيت المقدس» حليفتهم الإرهابية، بمهاجمة أهداف مصرية في سيناء كما سخروا كل قواتهم وقدراتهم وأسلحتهم وذئابهم المنفردة والمجتمعة، لمهاجمة الجيش الوطنى المصرى، كل هذا للضغط على المجلس العسكرى والشعب المصرى ليعود مرسى للحكم. ومع أحداث غزة الأخيرة، وقفت مصر ضد مخطط إسرائيل بكل وضوح وشجاعة شهد لها العالم، فحمت القضية الفلسطينية من الذوبان، ومنعت تهجير الفلسطينيين، وعقدت المؤتمرات التي تظهر وحشية الإسرائيليين ضد المدنيين ودفعت بآلاف الشاحنات التي حملت معونات طبية وإنسانية للمنكوبين من أهل غزة، ودخلت في مفاوضات لصالح الشعب الفلسطيني، ورأى العالم أجمع تعنت الجانب الإسرائيلى فلم يسمح للمساعدات بالدخول، حتى وقف الأمين العام للأمم المتحدة على المعبر وأعلن في بيانه أن دولة الاحتلال هي التي تمنع بشكل واضح وغير إنسانى دخول المساعدات، ورغم هذا اصطف الإخوان وحلفاءهم مع إسرائيل فى مخططاتهم الدعائية ضد مصر وروجوا أن مصر هى التى تحاصر غزة لا إسرائيل. سيظل الإسلام السياسي متهما ومدانا بالعمالة غير المباشرة لإسرائيل وأحيانا المباشرة، فلن ينسى الضمير العربي أن الإخوان وكل فصائل الإسلام السياسى أشعلوا حروبا داخلية، وحاولوا إسقاط الدول وهدم ومؤسساتها، ونجحوا في تفكيك بعض الجيوش الوطنية، وأدخلوا العالم العربي في دوامة الفوضى وغياب الأمن والأمان وعدم الاستقرار، كما قاموا بتقزيم القضية الفلسطينية وتفتيت الرأى العام العربي، وكل هذا لا يخدم إلا المشروع الصهيوني.