على مدار السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية تطورًا ملحوظًا، وفى إطار اهتمام الحكومة بتطوير العلاقات بين البلدين رحّب الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء بطرح عقد منتدى أو مؤتمر استثمارى؛ سعيًا لجذب المزيد من الاستثمارات الأمريكية للسوق المصرى، مع حصر المشكلات التى تواجه الشركات الأمريكية العاملة فى مصر وسرعة حلها.
«تلعب الاستثمارات الأمريكية فى مصر دورًا محوريًا فى تعزيز النمو الاقتصادى وتوفير فرص العمل»، هذا ما أكده حسام هيبة، الرئيس التنفيذى لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة، قبل توضيحه أن «أبرز مجالات الاستثمارات الأمريكية فى مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة هى «الطاقة المتجددة، البنية التحتية، الصناعة، التكنولوجيا، والقطاع المالي»، وتتمثل بعض الأسباب الرئيسة التى ساهمت فى زيادة الاستثمارات الأمريكية فى مصر التحسن التدريجى فى المناخ الاستثماري، التسهيلات الحكومية للمستثمرين الأجانب، والإصلاحات الاقتصادية التى نفذتها الحكومة المصرية فى السنوات الأخيرة».
وأضاف «هيبة»: الطاقة المتجددة تعتبر من أبرز مجالات الاستثمارات الأمريكية فى مصر، حيث يعد قطاع الطاقة المتجددة أحد المجالات الأكثر جذبًا للاستثمارات الأمريكية فى مصر، على سبيل المثال، شركة موتورولا الأمريكية، بالإضافة إلى شركات أخرى مثل إنفنيتى للطاقة، استثمرت فى مشاريع طاقة شمسية ضخمة فى مصر، مثل مشروع بنبان للطاقة الشمسية فى أسوان، ويعتبر مشروع بنبان أكبر محطة للطاقة الشمسية فى العالم، وهو مشروع ضخم تشارك فيه العديد من الشركات الأمريكية مثل جوجل وإينيرجى وماتيتو.
وتابع «هيبة»: كما أن الحكومة المصرية تسعى إلى تحقيق أهداف طموحة فى مجال الطاقة المتجددة ما يوفر فرصًا ضخمة للمستثمرين الأمريكيين، وهناك البنية التحتية حيث استثمرت العديد من الشركات الأمريكية فى مشاريع البنية التحتية فى مصر، خاصة فى مجالات النقل والموانئ والمطارات، على سبيل المثال، قامت شركات أمريكية مثل جنرال إلكتريك (GE) بالاستثمار فى تحسين شبكة السكك الحديدية المصرية وتوريد المعدات اللازمة لإنشاء محطات كهرباء جديدة.
وأوضح أن «الشركات الأمريكية تسهم فى تطوير مشروعات المياه والصرف الصحى والموانئ البحرية، وهناك الاستثمار فى القطاع المالى والمصرفى حيث تشهد مصر ازدهارا فى قطاع الخدمات المالية، حيث تعتبر البنوك الأمريكية مثل «سيتى بنك» وبنك «أوف أمريكا» من أبرز اللاعبين فى السوق المصرى، حيث قامت هذه البنوك بتوسيع نطاق أعمالها فى مصر من خلال تقديم خدمات مالية متنوعة تشمل القروض، الاستشارات المالية، والاستثمار فى المشاريع الكبرى. كما أن مصر شهدت زيادة فى استثمارات الشركات الأمريكية فى مجال التكنولوجيا المالية (FinTech) بسبب النمو الكبير فى الطلب على الخدمات المصرفية الرقمية».
الرئيس التنفيذى لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة، أكد أن «مصر شهدت فى السنوات الأخيرة طفرة فى مجال التكنولوجيا، وهو ما جعلها وجهة جذابة للاستثمارات الأمريكية فى هذا المجال ومنها شركات مثل أمازون، مايكروسوفت، وجوجل قد استثمرت فى السوق المصرى عبر إنشاء مراكز بيانات أو تطوير مشروعات تكنولوجية مبتكرة، كما أن هناك تعاونًا بين الشركات الأمريكية والحكومة المصرية فى مجالات الذكاء الاصطناعى وتحليل البيانات الكبيرة، وهناك تعاون كبير فى مجال الصناعات التحويلية، خاصة فى مجالات تصنيع السيارات، الإلكترونيات، والمواد الغذائية. شركات مثل فورد وكرايسلر وكوكا كولا وبيبسى قد استثمرت فى إنشاء مصانع فى مصر للاستفادة من موقعها الاستراتيجى فى قلب منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا».
وعن التحديات التى تواجه الاستثمارات الأمريكية فى مصر، قال الخبير الاقتصادى علاء كامل إنه رغم النجاح الكبير الذى حققته الاستثمارات الأمريكية فى مصر، فإن هناك بعض التحديات التى قد تؤثر على تدفق الاستثمارات المستقبلية، ومنها التقلبات الاقتصادية رغم الإصلاحات الاقتصادية التى قامت بها الحكومة المصرية، لا تزال هناك بعض التحديات الاقتصادية مثل التضخم وأسعار الصرف التى قد تؤثر على الاستقرار المالي، والبيروقراطية؛ لأنه على الرغم من التقدم فى تبسيط الإجراءات، فإن البيروقراطية لا تزال تشكل عائقًا أمام بعض المستثمرين.
وأضاف «كامل» أنه من المتوقع أن تواصل الاستثمارات الأمريكية فى مصر نموها فى المستقبل، خاصة فى ظل التوجهات الحكومية نحو التحول الرقمى وتنمية قطاع الطاقة المتجددة وتحسين بيئة الأعمال، كما أن مصر تعتبر سوقًا واعدًا للعديد من الشركات الأمريكية التى ترغب فى التوسع فى أسواق الشرق الأوسط وإفريقيا، وهناك فرص كبيرة فى مجالات التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، والتصنيع، بالإضافة إلى قطاعات السياحة والبنية التحتية التى لا تزال تحتاج إلى المزيد من الاستثمارات، وسوف تظل الاستثمارات الأمريكية فى مصر محورية فى دعم الاقتصاد المصرى وتحقيق التنمية المستدامة.