رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

حكومة «الضرورات»


15-1-2025 | 11:18

صورة أرشيفية

طباعة

هل فشلت حكومة الدكتور مصطفى مدبولى فى تأدية دورها خلال السنوات السابقة؟.. واحد من الأسئلة التى يتعامل البعض مع إجابتها من منطلق «العلم الذى لا ينفع والجهل الذى لا يضر»، غير أن المتابع الجيد لما يحدث فى «بر مصر» منذ العام 2014 وحتى وقتنا الحالى سيجد ما يستحق أن يُوصف بـ«الإجابة النموذجية»، ليس عن السؤال السابق فقط، ولكن بشكل عام السؤال حول «حكومات 30 يونيو» جميعها، منذ حكومة المهندس إبراهيم محلب، ومرورًا بحكومة المهندس شريف إسماعيل، وصولًا إلى الحكومة الحالية (الثانية) للدكتور مصطفى مدبولى.

 

«الظرف الراهن» المفتاح السحرى للإجابة عن التساؤلات كافة التى يمكن طرحها حول أداء «الحكومات الثلاث»، والتى يمكن الإشارة هنا إلى أنها كانت «حكومات ضرورات»، لا سيما أن ما كان مطلوبًا تحقيقه فى بداية تأسيس «الجمهورية الجديدة»، أصبح فى المرتبة الثانية، والعالم يواجه «جائحة كورونا»، وتراجع درجات عدة للوراء بعدما اشتعلت الحرب «الروسية - الأوكرانية»، وبدأت تتحول الأحداث فى منطقة الشرق الأوسط إلى «كرة لهب»، كلما تدحرجت أكثر زاد حجمها وارتفعت «فاتورة خسائرها».

 

القراءة الجيدة لـ«سنوات محلب»، تكشف أن «الضرورات» آنذاك كانت تشير إلى أهمية وجود رئيس حكومة بدرجة «رجل شارع»، لاسيما أن «عام حكم الإخوان» تسبب فى العديد من مظاهر التسيّب والإهمال التى سيطرت على الشارع المصرى، وبالفعل استطاع «محلب»، وفى غضون أشهر قليلة، أن يثبت أنه «الاختيار المناسب» للمرحلة، وبدأ المصريون يتابعون جولاته - شبه اليومية - فى الشوارع، ولم تكن هذه الجولات مقصورة على العاصمة فقط، أو المدن الكبرى، بل امتدت إلى كل «شبر على أرض مصر»، قبل أن يسلم «محلب» الراية لخلفه المهندس شريف إسماعيل، ليشكّل حكومته فى 12 سبتمبر 2015، والتى استمرت 3 سنوات قبل رحيلها فى الخامس من يونيو 2018، وقد شهدت هذه الحكومة عدة مشروعات فى مجال التنقيب للتغلب على مشكلة نقص الطاقة، فقد تم اكتشاف حقل ظهر، الذى يُعد علامة مضيئة فى تاريخ صناعة الغاز المصرية، ويمثل نموذجًا لتهيئة المناخ لجذب المزيد من الاستثمارات فى مجالات البحث والاستكشاف بالمناطق المجاورة فى المياه العميقة بالبحر المتوسط، والذى شهد تزايد معدلات الشراكات الدولية مع الشركات العالمية العملاقة مثل «إينى» الإيطالية وغيرها، والتى وجدت متسعًا لها للاستثمار فى مصر، فى ظل الظروف التى هيأتها الحكومة لهذا الأمر.

 

فى السابع من يونيو 2018، بدأت حكومة «مدبولى» الأولى أداء مهامها، وقد جاءت تلك الحكومة لتستكمل المشروعات القومية التى بدأت بمبادرات رئاسية فى العديد من المجالات، وبعد أشهر من إكمالها عامها الأول، وتحديدًا فى ديسمبر 2019 أُجرى تعديل وزارى شمل تغيير 10 وزراء، من بينهم وزراء السياحة، والتعليم، والصحة، مع التركيز على تحسين الأداء فى هذه القطاعات، وفى ديسمبر عام 2020 أُجرى تعديل وزارى شمل تغيير وزراء قطاع الأعمال، والطيران المدنى، والإسكان، والتنمية المحلية، ثم تبعه تعديل آخر فى أغسطس 2022 شمل تغيير 13 وزيرًا من بينهم التعليم، والنقل، والصناعة.

 

من وقتها تتولى الحكومة مسئولية استكمال المشروعات القومية وتنمية الاستثمارات وتوطين الصناعة والكثير من الملفات المهمة كالتعليم والصحة، ومن منطلق الرؤية التنموية للدولة حتى 2030، والتى ركزت على محاور عدة منها تغيير وجه الحياة، وبناء بنية تحتية متطورة جاذبة للاستثمارات والاندماج فى الاقتصاد العالمى وتعزيز الأمن الغذائى، وتوفير الاحتياجات الأساسية وتعزيز مظلة الحماية الاجتماعية، وبرنامج طموح لإصلاح الهيكل الاقتصادى.

 

كما استمرت حكومة مدبولى فى تعزيز التنمية الشاملة واستكمال (شبكة الطرق، محاور النيل، السكك الحديدية، منظومة النقل الجماعى) بتكلفة بلغت 2 تريليون جنيه لتعزيز مشروعات الربط فى إطار المخطط القومى للتنمية، وبناء شبكة متكاملة من الطرق الجديدة بلغت 7000 كم، ورفع كفاءة 10 آلاف كم من الطرق، وربط شبكة الطرق غرب وشرق النيل، وتطوير شامل لمنظومة السكك الحديدية بتكلفة 225 مليار جنيه.

 

واليوم.. ونحن نخطو عتبات عام جديد، تزايدت مؤشرات وجود «حكومة اقتصاد» وليس «حكومة خدمات»، أو تغيير سياسات فى رؤية الحكومة الحالية لتواكب هذا التوجه، وهو واقع تفرضه الأحداث الحالية والخطط المستقبلية التى وضعتها القيادة السياسية لمصر، حكومة تمتلك خطة اقتصادية واضحة لتستفيد من المشروعات القومية التى دشنت، وعمليات «توطين الصناعات» التى كادت تكتمل، حكومة لديها «عقل اقتصادى» يدرك جيدًا سياسة «صناعة الفرص» واقتناصها، والتعامل بـ«قلب قوى» مع التقلبات التى يشهدها العالم، حكومة تستكمل مرحلة «البناء» و«التنمية الشاملة»، وتبدأ من حيث انتهت الحكومة التى استطاعت أن تعبر بمصر من أزمات عدة، وتخلق لمَن بعدها فرصًا تستحقها مصر ويستحقها «اقتصاد

المحروسة».