يمتلك اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، رؤية دقيقة ومباشرة فى تقييم الموقف المأزوم والمتصاعد فى الشرق الأوسط، والتحديات الاستراتيجية الدولية، بينما ندلف إلى العام الجديد (2025)، ووسط مخاوف واسعة من أن تتسع رقعة التدهور لتُهدد سيادة دول أخرى، بينما لم نكد نستفيق مما جرى فى (2024)، والتى أسدلت ستائرها على سقوط نظام الأسد!
بدا اللواء «الدويرى» أكثر وضوحًا عند حديثه عن توقعات ما يحمله العام الجديد، إذ اعتبره ليس عام إطفاء الحرائق المشتعلة بالإقليم، وأن ما يمكن تحقيقه مجرد «تسكين مؤقت» للأزمات الراهنة، مع بقاء عوامل انفجارها كامنة، ومن ثمَّ قد تنفجر فى أى وقت طالما لم يتم علاجها من جذورها.
اللواء «الدويري» تطرق لمخاوف تقسيم المنطقة على غرار «سايكس بيكو»، موضحًا أن مسألة التقسيم لم تعد مجرد مقولة عبثية أو خيالية نقرأ عنها فى التاريخ، بل أصبحت واقعًا نشاهد تطوراته كل يوم، بعدما خرجت المقترحات والرؤى التى كانت حبيسة الأدراج لدى أجهزة المخابرات العالمية والمراكز البحثية، من بوتقة الأفكار إلى مرحلة التنفيذ على الأرض، لتدخل المنطقة العربية إلى «حزام المخاطر».. وإلى نص الحوار.
ونحن ندلف إلى العام 2025.. كيف تنظر إلى الأزمات الراهنة بالمنطقة، وهل نتوقع تراجعًا للاضطراب أم مزيدا من الاشتعال؟
تشير كافة التطورات الحالية ومعطيات المواقف المتسارعة أمامنا إلى أن الأزمات الراهنة التى تشهدها المنطقة لا زالت بعيدة عن إمكانية التوصل إلى حلول نهائية لها، ومن ثم أتوقع استمرار هذه الأزمات خلال عام 2025، بل لن أكون مبالغًا إذا قلت إننا يمكن أن نشهد أزمات جديدة خلال العام الجديد، مع الأخذ فى الاعتبار أن أقصى ما يمكن تحقيقه هو مجرد تسكين مؤقت لهذه الأزمات، مع بقاء عوامل انفجارها كامنة بحيث يمكن أن تنفجر فى أى وقت طالما لم يتم علاجها من جذورها، وخاصة بالنسبة للتدخلات الخارجية التى لا توجد دلائل على أنها سوف تتوقف بل فى رأيى سوف تتزايد.
بينما كانت سنة 2024 تسدل أستارها، جرى الإطاحة بنظام الأسد فى سوريا ما خلّف مخاوف واسعة بشأن استقرار المنطقة بشكل عام، كيف يمكن التعامل مع هذا الوضع؟
الأزمة السورية فرضت واقعًا جديدًا فى المنطقة عقب سقوط نظام بشار الأسد فى 8 ديسمبر 2024، وللأسف الشديد فإن الأمر لا يتعلق فقط بانهيار نظام الحكم فى دمشق، ولكن الخطورة تكمن فى التخوف من سقوط الدولة نفسها، وأن تتحول سوريا من إضافة إلى الرصيد العربى إلى انتقاص من هذا الرصيد، وذلك فى ضوء عاملين رئيسيين.
الأول: أنه لا يمكن الحكم حتى الآن على طبيعة النظام السورى الجديد إلا فى ضوء التعرف على مواقفه وسياساته الحقيقية ومدى إمكانية أن تكون هناك عملية سياسية تستوعب الجميع دون استثناء، وأن يتم الحفاظ على وحدة الأراضى السورية وليس تقسيمها، بالإضافة إلى محاربة الإرهاب الذى يمكن أن يعود إلى الدولة، وبالتالى هذه هى أهم المعايير الرئيسية التى ستحكم التعامل مع هذا النظام على المستويين الإقليمى والدولي.
أما العامل الثانى فهو كيف يمكن أن تستعيد سوريا قوتها العسكرية ولاسيما إعادة الجيش السورى القوى الذى دمرته إسرائيل بالكامل، بينما كانت فصائل المعارضة السورية المسلحة تقف موقف المتفرج وكأن الأمر لا يعنيها، فلا يمكن أن أقبل أى ادعاء بأن هذا الجيش كان جيشا خاصا لـ«بشار» بل إن الحقيقة تؤكد أنه كان جيش الدولة السورية وإحدى أهم دعائم قوتها، وأن تدمير هذا الجيش سوف يدفع السوريين وخاصة النظام الجديد ثمنه فى المستقبل، فأى دولة تلك التى ليس لها جيش وطنى يدافع عنها من المخاطر التى تهددها.
فى ظل ما يحدث اليوم، هل باتت سوريا اليوم ساحة لتصفية الحسابات الدولية والإقليمية؟
من الواضح أن سوريا كانت واحدة من نماذج بعض دول المنطقة التى كانت مرتعًا للتدخلات الإقليمية والدولية التى لا تبحث إلا عن كيفية تحقيق مصالحها فقط، دون النظر إلى مصالح الدولة التى تتواجد فيها أو مصالح شعوبها، حتى وصل الأمر إلى احتلال القوى الخارجية بعض أراضى الدولة السورية، وانتهاك سيادتها بشكل سافر تحت مبررات وهمية، والسؤال هل يمكن أن تنسحب هذه القوى من الأراضى السورية التى احتلتها، وأعتقد أن هذا بعيد المنال، وكانت سوريا بمثابة المسرح الرئيسى للتدخلات العسكرية والأمنية والسياسية من جانب كل من روسيا وإيران والولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل، ورأينا كيف تصارعت هذه القوى بين بعضها البعض على الأراضى السورية بحثًا عن مصالحها ومن تكون له الغلبة فى النهاية على حساب الدولة الوطنية.
البعض يرى أن هناك مخططًا جديدا للتقسيم فى المنطقة مشابهًا لما حدث فى اتفاقية «سايكس بيكو».. إلى أى مدى تتفق مع هذه المخاوف؟
لم تعد مسألة تقسيم المنطقة مجرد مقولة عبثية أو خيالية نقرأ عنها فى التاريخ، بل أصبحت واقعًا نشاهد تطوراته كل يوم، وفى رأيى فإن المقترحات والرؤى التى كانت حبيسة الأدراج لدى أجهزة المخابرات العالمية أو لدى المراكز البحثية المعروفة خرجت مؤخرًا من بوتقة الأفكار إلى مرحلة التنفيذ على الأرض، ومن ثم رأينا تصاعد الأحداث فى غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا وهى كلها مناطق أصبحت بعض أجزائها خاضعة للاحتلال الإسرائيلى الذى قد يستمر لفترات طويلة تحت إدعاءات واهية، وبالتالى فإن موضوع التقسيم يجب ألا نستهين به مطلقًا، ومن الضرورى التعامل معه بكل الجدية المطلوبة.
مع آمال 2025.. كيف يمكن للمنطقة العربية تجنب تكرار ما حدث فى اتفاقية «سايكس بيكو»؟
المنطقة العربية دخلت ما أسميه «حزام المخاطر» على غرار تعبير «حزام الزلازل»، ومن ثم أصبحت الدول العربية مطالبة الآن وأكثر من أى وقت مضى أن تكون على قناعة بأن الأزمات الراهنة فى المنطقة ليست أزمات عابرة، وإنما تعد جزءًا لا يتجزأ من مخطط يهدف إلى النيْل من قوة وسيادة الدول العربية، فالمشروعات التى تتحرك فى المنطقة وخاصة المشروع الإسرائيلى لم تعد تتحرك فى الخفاء، بل تسعى إلى تنفيذ أهدافها بكل وضوح وسفور مستثمرة فى ذلك عدم وجود موقف عربى قوى موحد أو حتى شبه موحد فى مواجهتها، وبالتالى فالمسئولية تفرض على الدول العربية أن تواجه هذا «الطوق الخانق» الذى يستهدفها جميعها دون استثناء ويهدد سيادتها وأمنها القومى، وبالتالى لابد أولًا من استشعار حقيقة هذه المخاطر، ثم يكون هناك موقف عربى يضع خطوطًا حمراء لا يسمح لأحد أيًا كان بتخطيها ونحن قادرون على ذلك إذا توافرت الإرادة السياسية.
ومن واجبى وفى ظل المشروعات التى تستهدفنا كعرب، أن أطالب بشدة أن أرى فى المدى القريب ما أسميه بـ «مشروع الأمن القومى العربي»، الذى يحدد مجموعة المبادئ والثوابت التى تمثل الرؤية الشاملة لحماية الدول العربية من المخططات التى تستهدف تقسيم هذه الدول والسيطرة عليها بأساليب مختلفة، ولابد من عدم ترك الساحة خالية وممهدة أمام هذه المشروعات التى تتحرك بكل حرية على حساب ومصالح الدول العربية.
ما حدود «السيادة الوطنية» فى المنطقة فى ظل التدخلات العسكرية والسياسية المتزايدة؟
ترتبط حدود السيادة الوطنية بمدى قدرة الدولة على الدفاع عن نفسها فى مواجهة المخاطر المحيطة بها، وأن تكون لديها جبهة داخلية قوية تمثل الحصن المنيع أمام أية مخططات خارجية أو حتى داخلية، وأعتقد أنه فى ظل التدخلات العسكرية والسياسية المتزايدة فإن الحفاظ على الدولة وسيادتها أصبح فرضًا ليس فقط على قيادات الدولة نفسها، وإنما على مواطنيها أيضًا من أجل حماية حاضر ومستقبل الأجيال القادمة، ولعلنا جميعًا نرى أن الدولة التى تنتهك سيادتها وتتفكك جبهتها الداخلية الصلبة تصبح دولة فاشلة، وفى رأيى فإن مثل هذه الدول لن تقوم لها قائمة مطلقًا.
هل ما جرى فى سوريا يُنذر بتصاعد الموقف فى ليبيا؟
لاشك أن التطورات الأخيرة فى سوريا تطرح تأثيراتها بل تداعياتها على بعض الدول فى المنطقة التى تشهد أوضاعًا غير مستقرة؛ سواء فيما يتعلق بانتشار الجماعات المسلحة أو التواجد الأجنبى والتدخلات الخارجية، وهو الأمر الذى يجب الانتباه إليه جيدًا وخاصة بالنسبة للموقف فى ليبيا الذى نأمل ألا يصل إلى مرحلة قد تشابه ما حدث فى سوريا، وأتمنى أن تكون القيادات الليبية الوطنية التى نكن لها كل التقدير على بينة من حقيقة وجود هذه المخططات، وأن تتوحد لصالح الدولة فى أقرب فرصة ممكنة وتبذل كل الجهد حتى تعود ليبيا دولة موحدة ومستقرة.
ورسالتى التى أوجهها إلى الدول العربية التى تشهد بعض التوترات وانتشار الجماعات المسلحة خارج إطار الجيش الوطنى، أن مشروعات التقسيم لن تنتظر كثيرًا وأن تحركاتها على الأرض أسرع وأنشط، وهى قادرة على أن تستثمر الانقسامات والمشكلات والجماعات الموجودة فى هذه الدول كأرض خصبة لتنفيذ أهدافها المشبوهة.
الحرب فى غزة لم تراوح مكانها رغم كل ما مضى.. كيف تنظر لمستقبل الحرب فى القطاع؟
لا بد من النظر إلى حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل على قطاع غزة من منظور أشمل وأعمق من تطورات العمليات العسكرية، فالواقع يؤكد أن الحكومة الإسرائيلية تسعى بكافة الطرق المباشرة وغير المباشرة إلى تصفية القضية الفلسطينية، وهذا هو الهدف الاستراتيجى التى تستهدف تحقيقه، وبالتالى فحرب غزة تعد مجرد مرحلة فى مخطط إسرائيلى متكامل يتناغم مع الإجراءات المتطرفة التى تقوم بها فى الضفة الغربية والقدس من استيطان وتدمير وتهجير وفرض سياسة الأمر الواقع والتى تصب فى النهاية فى منظومة المخططات الإسرائيلية للحيلولة دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة مستقبلًا.
وما رؤيتك لتصور «اليوم التالى» فى القطاع؟
المشكلة الحقيقية الخاصة بقطاع غزة لم تبدأ بعد حيث إن المشكلة الأهم سوف تبدأ عقب انتهاء الحرب أى فيما يسمى بـ «اليوم التالى _ DAY AFTER»، وكيف سيكون الوضع فى القطاع على المستويات الخمسة: الأمنى والسياسى والعسكرى والاقتصادى والاجتماعى، بالإضافة إلى ضرورة الإجابة على مجموعة من الأسئلة الحيوية وأهمها متى ستنسحب إسرائيل من غزة؟ ومن الذى سيقوم بإعادة الإعمار الذى يحتاج إلى أكثر من عقد من الزمن ومليارات الدولارات؟ ومن الذى سيحكم القطاع ويسيطر عليه؟ وكيف نمنع تكرار هذه الكارثة الإنسانية غير المسبوقة؟
وفى هذا المجال يجب الإشادة بالدور والتحرك المصرى المميز الذى حرص على أن يبلور مقترحًا عمليًا يرتبط بأبعاد سياسية شديدة الأهمية ومفاده تشكيل ما يسمى بـ«لجنة الإسناد المجتمعى» التى ستتولى مسئولية القطاع فى كافة المجالات عقب انتهاء الحرب، على أن يصدر تشكيل هذه اللجنة بمرسوم رئاسى من رئيس السلطة الفلسطينية «أبو مازن» وذلك بهدف أن تكون السلطة هى المرجعية الوحيدة، وأن تكون هذه اللجنة الفلسطينية الخالصة والمشكلة من شخصيات فلسطينية وطنية حائلًا دون أن تتولى أية سلطة أجنبية الحكم فى القطاع تحت أى مسمى.
وسط كل هذه الجبهات المشتعلة.. كيف تواجه الدولة المصرية كل هذه التحديات الواسعة؟
من المؤكد أن كافة الأزمات التى تشهدها المنطقة وخاصة فى محيط الدائرة المباشرة للأمن القومى المصرى فى كل من ليبيا والسودان وغزة والبحر الأحمر تفرض على مصر ضرورة أن تكون على استعداد كامل لمواجهة المخاطر المحدقة بها، والتى بدأت معالمها تظهر بوضوح ودون أى مواربة، ولابد أن تكون هناك رؤية شاملة وواقعية لمواجهة هذه التحديات على كافة المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ومن الإنصاف أن أشير إلى أن لدينا قيادة سياسية تعى تمامًا مفهوم الأمن القومى وتحدياته ومسئولياته، وأتمت كافة الاستعدادات لمواجهة أية مخاطر يمكن أن تواجهها البلاد فى المرحلة المقبلة فى ضوء التطورات التى تشهدها المنطقة، والتى قد لا تقف عند مرحلة سوريا فقط، وفى هذا المجال لابد أن أؤكد أن لدينا جيشًا قويًا مصنفًا عالميًا وقادرًا على حماية البلاد والدفاع عنها فى مواجهة أية مخاطر محتملة، وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى فإن الجيش المصرى يصون ولا يبدد، ويحمى ولا يهدد.
فى ظل معركة الوعى الراهنة.. ما المطلوب من المصريين فى هذا الوقت الصعب؟
لا شك أن معركة الوعى لم تصبح فقط ضرورة قصوى، بل باتت فى رأيى معركة حياة أو موت، فالوعى يمثل حائط الصد الأول والأقوى الذى يدافع عن الدولة ولا يقل دوره عن دور القوات المسلحة، فبدون الوعى تصبح أى معركة فى النهاية هى معركة خاسرة.
ومع التسليم بصعوبة الأوضاع الاقتصادية الحالية مع تصاعد المخاطر الخارجية، فإن المواطن المصرى لا بد أن يظل كما عهدناه على مستوى المسئولية، وأن يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أصالته النادرة عندما تواجه الدولة أية مخاطر، وهذا هو الشعب المصرى صاحب حضارة آلاف السنين، كما أن هذا هو الوقت الذى ننتظر فيه كيف يعبر الشعب عن ولائه وانتمائه للبلاد.
وهنا يجب على المواطن المصرى أن يتسلح بسلاح الوعى والثقة بالله وبقيادته، وأن يتصدى للشائعات التى لا تهدف إلا لتدمير البلاد، كما عليه أن يحافظ على استقرار الدولة فى ظل ما نراه حاليًا فى المنطقة من نماذج بعض الدول الفاشلة، كما أن عليه الاصطفاف خلف قيادته السياسية مهما كانت الصعاب، حيث إن لدينا قيادة تسابق الزمن وتصارع التحديات من أجل رفع مستوى معيشة المواطن، وأن تكون مصر فى المكانة اللائقة فى هذا العالم.
ومن الطبيعى أن أية مشكلة اقتصادية تعانى منها مصر فى الوقت الحالى وهو أمر لابد من الاعتراف به، ويجب على الحكومة بذل مزيد من الجهود للسيطرة على الأسعار، إلا أن هذه المشكلات ليست لها صفة الديمومة وسوف تنتهى آجلًا أم عاجلًا، أما مشكلة الدولة التى تسقط فهى كارثة لن يجنى منها أحد سوى الخراب والدمار.
بالنظر إلى الاتفاق الأخير بين الصومال وإثيوبيا برعاية تركية.. كيف تنظر لمستقبل منطقة القرن الإفريقى؟
من المؤكد أن الدولة المصرية العظيمة لا يقلقها مطلقًا أن يتم تحسين العلاقات بين الصومال وإثيوبيا برعاية تركيا أو حتى أية دولة أخرى، وذلك من منطلق أن الاهتمام الرئيسى لمصر ينصب على تحقيق الاستقرار والأمن والتنمية فى القارة الإفريقية بصفة عامة، وفى منطقة القرن الإفريقى وتأثيرها المباشر على أمن البحر الأحمر بصفة خاصة، حيث إن هذه المنطقة تمثل إحدى الدوائر المهمة من منظور الأمن القومى المصري.
ومن ثمَّ، فإن أية مصالحة تتم فى هذه المنطقة من شأنها أن تؤدى إلى تحقيق الاستقرار بها فإنها سوف تحظى بترحيب الدولة المصرية، إلا أننا سوف نعارض بقوة أية تدخلات أو اعتداءات من أية دولة على دولة مجاورة فى هذه المنطقة الاستراتيجية خاصة مع الدول التى ترتبط مع مصر باتفاقات وبرتوكولات فى مجالات محددة.
ما التداعيات المحتملة لاستمرار الاقتتال فى السودان بهذا الوضع خلال الفترة المقبلة؟
الأوضاع فى السودان تسير من سيء إلى أسوأ، وللأسف الشديد فإن الاقتتال الدائر منذ أكثر من عام ونصف العام بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع لا ألمح له فى الأفق أية دلائل على إمكانية أن ينتهى قريبًا رغم الاتفاقات المتعددة التى تمت بين ممثلى الطرفين، وبالتالى سوف تتزايد التداعيات السياسية والأمنية والإنسانية، وسيظل الشعب السودانى الشقيق هو الضحية الأولى لهذه المعارك الطاحنة غير المبررة، كما أن الدولة السودانية نفسها سوف تكون عرضة لمزيد من المشكلات التى قد تدفعها إلى الوقوع فى مستنقع قد يصعب الخروج منه.
إذا ذهبنا بعيدًا عن حال المنطقة.. هل نتوقع انفراجة فى مسار الحرب الأوكرانية العام المقبل خاصة مع عودة ترامب للبيت الأبيض؟
لا شك أن الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، حرص خلال حملته الانتخابية على أن يؤكد رغبته بل وقدرته على إنهاء الحروب سواء فى الشرق الأوسط أو الحرب الروسية الأوكرانية، وفى تقديرى فإن هناك فرصًا أكبر أمام ترمب لإنهاء الحرب الروسية خاصة فى ضوء علاقاته الجيدة التى تربطه بزعيمى الدولتين، بالإضافة إلى إدانته لسياسة الرئيس «بايدن» ودعمه أوكرانيا بطريقة خاطئة ساهمت فى تعميق الحرب وإطالة أمدها، ومن ثم أتوقع أن تنتهى هذه الحرب خلال عام 2025.
لكن وسط كل هذه الأزمات الدولية.. هل نقترب من حرب عالمية ثالثة؟
أستبعد تمامًا أن نصل إلى مرحلة الحرب العالمية الثالثة رغم الأزمات الراهنة، وذلك فى ضوء حرص كافة الأطراف على عدم الانزلاق إلى هذه المرحلة التى إذا حدثت فسوف تفتك بالعالم، إضافة إلى أنه حتى على مستوى منطقة الشرق الأوسط فإن الأطراف المختلفة كانت على قناعة بألا تصل المواجه
ات والعمليات العسكرية الجارية فى المنطقة إلى مواجهة شاملة أو إلى حرب إقليمية.