رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

خطوات حكومية جادة لجذب الاستثمارات والشراكة مع القطاع الخاص


18-1-2025 | 01:09

صورة أرشيفية

طباعة
بقلم: د. عبد المنعم السيد

شراكة القطاع الخاص.. سياسة تحرص عليها الحكومة لا تدخر جهدا فى تعظيمها وتتخذ فى سبيل ذلك خطوات جادة وملموسة يراها الجميع ويعلم جدواها كل مختص بالشأن الاقتصادى، آخرها مشهد اجتماع رئيس الوزراء مع نخبة من رجال الأعمال فى مصر للاستماع لرؤيتهم وآرائهم الاقتصادية فى نهاية عام 2024 وهو يدلل بلا شك على توجه الدولة المصرية نحو تمكين القطاع الخاص وزيادة مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى ليستحوذ على 70 فى المائة من حجم الاستثمارات التى تتم سنوياً كما هو مخطط له باعتباره قاطرة التنمية والقادر على تحقيق معدلات نمو اقتصادى مرتفعة وزيادة فى الإنتاج.

وتتزامن هذه الخطوة مع إعلان رئيس الوزراء منذ أيام طرح عشر شركات مصرية بينها أربع شركات تابعة للقوات المسلحة فى البورصة المصرية والاتجاه نحو تطوير المطارات المصرية وإسناد إدارتها لشركات تدير المطارات كبديل عن الشركات الحكومية.

 

ومن قبل ذلك إعلان الحكومة كان على وثيقة سياسات ملكية الدولة لتكتمل الصورة للتعبير عن عزم ورغبة وإرادة الدولة المصرية للتوجه نحو تمكين وجذب القطاع الخاص المحلى والأجنبى للاستثمار فى مصر، والاستثمار فى حد ذاته ليس هدفا بل هو وسيلة لزيادة الإنتاج من السلع، والخدمات لتلبية احتياجات السوق المحلى وأيضاً التصدير للخارج وزيادة الصادرات المصرية، والوصول لحلم صادرات 100 مليار دولار سنوياً التى تبلغ حالياً حدود الـ 42 مليار دولار وأيضا تقليل معدلات البطالة البالغة حالياً 6.7 فى المائة بالإضافة إلى دخول سوق العمل المصرى سنوياً من 900 ألف إلى مليون من الأيدى العاملة من خريجى الكليات والمعاهد والدبلومات ومن هم فى سن العمل والحقيقة أن القطاع الخاص هو القادر على زيادة معدلات التشغيل وضخ الاستثمارات فى القطاعات الحيوية والإنتاجية بشكل مستمر.

 

والواقع يؤكد سعى الدولة المصرية خلال السنوات الماضية لزيادة مساهمة القطاع الخاص وجذب الاستثمارات بدليل ترتيب مصر الأول إفريقياً فى جذب الاستثمارات المباشرة خلال السنوات الثلاث الماضية ، فحجم الاستثمارات الأجنبية فى السوق المصرى خلال عام 2023 فى حدود 9.5 مليار دولار ثم قفز هذا الرقم ليتجاوز 45 مليار دولار فى عام 2024 بسبب صفقة رأس الحكمة التى تعد أكبر صفقة استثمار مباشر جاءت لمصر عبر التاريخ.

 

وعلينا الاعتراف أن هناك منافسة كبيرة بين العديد من الدول العربية لجذب المستثمرين فبجانب مصر هناك السعودية والإمارات والمغرب ولذلك لم تعد مصر هى النقطة الوحيدة المضيئة على خريطة الاستثمار العالمى ولكن هناك منافسة شرسة بين العديد من الدول وهى منافسة مشروعة فمن حق كل دولة تسعى لتحسين وضعها الاقتصادى، وجذب الاستثمارات الأجنبية لديها، ويزيد من شراسة المنافسة انخفاض حركة رءوس الأموال والاستثمارات على مستوى العالم منذ أزمة فيروس كورونا عام 2020 بنسبة تجاوزت 30 فى المائة طبقاً لبيانات البنك الدولى، وفى نفس الوقت يعلم الجميع أن مصر دون غيرها تمتلك العديد من المقومات والمزايا النسبية التى تجعلها منطقة جذب للاستثمار الأجنبى والمحلى ومن أبرزها:

 

الكثافة السكانية فمصر تعد سوقاً كبيراً به أكثر من 120 مليون نسمة وهم سكان مصر والضيوف الموجودون على الأرض المصرية مما يجعل مصر سوقاً كبيراً خاصة وأنه يعد سوقاً استهلاكياً.

 

أيضاً الاتفاقيات التجارية والاقتصادية التى وقعتها مصر مثل اتفاقية الكوميسا مع الدول الإفريقية، واتفاقية التجارة الحرة الإفريقية والتى تتيح لمصر التصدير للعديد من الدول الإفريقية بدون رسوم جمركية وضرائب، وكذلك اتفاقية “يورو وان” الأوروبية التى تتيح تسهيلات فى التبادل التجارى مع دول الاتحاد الأوروبى.

 

وكذلك دخول مصر ضمن تحالف بريكس الذى يتيح لمصر التبادل التجارى بالعملات الوطنية وأيضاً توطين التكنولوجيا من دول تحالف بريكس بالإضافة إلى اتفاقيات التبادل التجارى مع الدول العربية وتوقيع مصر على اتفاقيات حماية الاستثمارات المتبادلة مع السعودية، ومن قبلها الإمارات وأيضا دخول مصر فى شراكات استراتيجية مع الصين وروسيا كل هذه أحد عوامل جذب الاستثمارات العربية والأجنبية.

 

أيضاً من أهم عوامل تشجيع وجذب الاستثمارات مشروعات البنية التحتية والتطوير التى شهدتها الدولة المصرية خلال السنوات العشر الماضية ومن ضمنها مشروعات تطوير الموانئ وعلى رأسها ميناء شرق بورسعيد الذى أصبح فى المركز العاشر عالمياً بعد أعمال التطوير وكذلك تطوير ميناء العريش وأيضاً ميناء الإسكندرية وإقامة أكبر رصيفين تحت اسم أرصفة تحيا مصر.

 

وأيضا تطوير الطرق من خلال إنشاء شبكة طرق بطول 8500 كم، وتطوير وتحديث أكثر من 5000 كم طرقاً قديمة وبناء العديد من المحاور والكبارى لربط المحافظات بعضها ببعض وربط الموانئ بمناطق الإنتاج.

 

وأيضا قيام الدولة بتوفير الطاقة اللازمة للمصانع وذلك عن طريق خطة عاجلة لرفع كفاءة محطات الكهرباء الموجودة وإنشاء وتشغيل 3 محطات كهربائية جديدة بالتعاقد مع شركة سيمنز الألمانية بالإضافة إلى التوسع فى مشروعات الطاقة المتجددة والنظيفة من طاقة رياح وطاقة شمسية وهيدروجين أخضر.

 

كذلك بناء أكثر من 17مجمعا صناعيا يحتوى على 5048 مصنعاً وإنشاء ثلاث مدن صناعية منها الروبيكى ومدينة دمياط للأثاث والمناطق الصناعية بالصعيد.

 

كما أن الدولة أصدرت العديد من التشريعات والإجراءات التى من شأنها تحفيز القطاع الخاص وزيادة مساهمته منها على سبيل المثال: إعادة تشغيل المصانع المتوقفة والمتعثرة والبالغ عددها ما يزيد على 13 ألف مصنع.

 

أيضاً عدم إغلاق أى مصنع إلا بعد موافقة مجلس الوزراء، وإتاحة الأراضى الصناعية المرفقة بطريقه سهلة وبعيداً عن تدخل الوسطاء وذلك من خلال بوابة مصر الرقمية الصناعية التى أعلنت عن 2623 قطعة أرض صناعية خلال شهر ديسمبر 2024 فقط.

 

أيضاً من ضمن الإجراءات التى اتخذتها الحكومة بهدف تشجيع، وتوطين الصناعة والتكنولوجيا وتسهيل إجراءات التأسيس واستصدار الرخصة الذهبية خلال 30 يوم عمل.

 

أيضاً قامت الحكومة متمثلة فى وزارة المالية بوضع قواعد تيسيرات ضريبية للشركات الصغيرة، والمتوسطة ومتناهية الصغر باحتساب ضريبة شرائح بحد أقصى 1فى المائة من إجمالى حجم إيرادات الشركة الذى لا يتجاوز 15 مليون جنيه مع توحيد إجراءات المحاسبة الضريبية بين المأموريات مع أحقية الممول (المستثمر) فى عمل مقاصة بين مستحقاته المالية طرف الحكومة وبين التزاماته تجاه الحكومة.

 

أيضاً من ضمن السياسات النقدية التى قدمها البنك المركزى المصرى فى تمويل الشركات الصناعية والسياحية والزراعية بسعر فائدة منخفض يتراوح من 8 إلى 12 فى المائة فى حين الفائدة المعلنة والتى تتجاوز الـ 28 فى المائة.

 

ورغم توفر كل هذه المزايا التى تعد نقاط القوة وأيضاً تنفيذ الحكومة للإجراءات والخطوات التى من شأنها جذب الاستثمارات إلا أن هناك مازال العديد من التحديات التى تواجه الاستثمارات المباشرة لعل أهمها الروتين والبيروقراطية داخل الجهاز الحكومى فى مصر وكذلك تقلب أسعار الصرف والتذبذب فى قيمة الجنيه المصرى الذى يؤثر سلبًا على خطط المستثمرين طويلة الأجل ويزيد من تكلفة استيراد المواد الخام والمعدات.

 

وأيضاً من أهم التحديات التى تواجه المستثمرين خاصة المصريين صعوبة الحصول على التمويل وقلة التسهيلات الائتمانية وضعف الدعم المالى للمستثمرين الجدد. وارتفاع تكلفة الاقتراض حيث ترتفع أسعار الفائدة مما يزيد من تكلفة تمويل المشروعات الاستثمارية الأمر الذى يتطلب مراجعة هذا الأمر فى عام 2025.

 

كما أن الوقت اللازم لتسوية المنازعات والقضايا المتعلقة بالأراضى أو العقود مع المستثمرين تستغرق وقتًا طويلًا، مما يؤدى إلى إحباط المستثمرين وإن كانت الحكومة قامت بحل أكثر من 70 فى المائة من المنازعات المتعلقة بالمستثمرين وتم إنشاء وحدة فض المنازعات بالهيئة العامة للاستثمار وأيضاً وحدة لحل مشاكل المستثمرين بمجلس الوزراء إلا أنه من الضرورى إيجاد آلية أسرع لحل مشاكل ومعوقات الاستثمار.

 

ورغم التحديات، إلا أن الحكومة تعمل بشكل واضح لاتخاذ ما يلزم من رسم السياسات التى تهدف إلى تحفيز جذب كل من الاستثمار المحلى، والأجنبى من أجل تعزيز الفوائد الناجمة عن كليهما، بدلًا من التحيز إلى جانب نوع معين من الاستثمارات من خلال اتباع السياسات الصحيحة، التى تفضى إلى بناء اقتصاد قوى وصحى. وبالتالى فإن السياسة الاستثمارية المثلى هى تلك التى تهدف إلى جذب كلا النوعين من الاستثمار حيث تعتبر زيادة تدفقات رأس المال مطلبًا أساسيًّا ومعترفًا به عالميًّا لتحقيق النمو الاقتصادى.