أيام قليلة ويعود ترامب إلى البيت الأبيض، وعودته هذه سيكون لها تداعياتها الكثيرة على الاقتصاد العالمى وسيكون لنا نصيب بالقطع من هذه التداعيات!
فهو وضع من أولوياته بعد توليه رسميًا منصب رئيس الولايات المتحدة طرد المهاجرين غير الشرعيين من بلاده، وهو ما سوف يؤثر سلبًا على الاقتصاد الأمريكى لأنه سيحرمه من أيدٍ عاملة كانت تشغل وظائف لا تلقى إقبالاً من الأمريكيين عليها، ولذلك يتوقع محللون أن يتضرر وينخفض معدل النمو الاقتصادى الأمريكى الذى كانوا يأملون أن يتحسن هذا النمو مع تخلى الفيدرالى الأمريكى عن سياسته النقدية المتشددة وبدأ يُخفض سعر الفائدة.. ولأن الاقتصاد الأمريكى هو أكبر اقتصاد فى العالم سيكون لما يحدث له تداعياته على الاقتصاد العالمى، وكما يُقال إذا أُصيب الاقتصاد الأمريكى بالأنفلونزا عطست بقية دول العالم، ولعلنا مازلنا نتذكر أزمة الاقتصاد العالمى عام 2008 والتى بدأت بأزمة الرهن العقارى فى أمريكا!.
كما أن ترامب هدد خلال حملته الانتخابية كل من الصين والمكسيك وكندا وأوروبا باستخدام سلاح الضريبة الجمركية ضدهم، وهذا سيكون أيضًا من أولوياته بعد عودته إلى البيت الأبيض، وإذا فعل ذلك سيكون له تداعياته السلبية أيضًا على الاقتصاد العالمى.. فهو سيرفع أسعار السلع المستوردة فى أمريكا من هذه الدول، وبالتالى سيلهب معدل التضخم فيها مجددًا، مما قد يجعل الفيدرالى الأمريكى يتجه إلى إبطاء تراجعه عن سياسةً التشدد النقدى للسيطرة على هذا التضخم، وسيكون لذلك تأثيره على حركة الأموال الساخنة فى العالم ليستمر عدم إقبالها على الدول صاحبة الاقتصاديات الناشئ ونحن منها، وبالتالى تفقد موردًا للنقد الأجنبى مما يُسهم فى الضغط على عملاتها الوطنية ويدفعها للانخفاض مقابل الدولار، فيزيد التضخم فيها بدلاً من أن ينخفض!.
لكن فى المقابل فإن ترامب وعد فى حملته الانتخابية أيضَا بوقف الحروب فى العالم، خاصة حرب أوكرانيا وحرب غزة، وهذا من شأنه تهدئة للسياسية العالمية تساعد على النمو الاقتصادى فى العالم.. فإن إنهاء حرب أوكرانيا سوف يستتبعه إلغاء العديد من العقوبات الاقتصادية التى فرضتها أمريكا وأوروبا على روسيا، وبالتالى سيكون لذلك تًأثيره الإيجابى على أسعار الطاقة فى العالم لتتجه إلى الانخفاض مجددًا مما يساعد على زيادة معدل النمو الاقتصادى فى العالم، وبالقطع سوف نستفيد نحن اقتصاديًا من ذلك لأننا نستورد الغاز ومنتجات بترولية من الخارج حينما تنخفض. قيمة فواتيرها ويخف الضغط على الموازنة ولا ترتفع أسعار الطاقة كثيرًا على المواطنين.
وهكذا ما سيفعله ترامب سيكون له تأثيره على الاقتصاد العالمى بشكل مباشر وكبير، ويكفى أن خلق قبل أن يعود إلى البيت الأبيض حالة من عدم اليقين فى الأسواق الأمريكية والعالمية بسبب وعوده الانتخابية وتهديداته الصارخة التى شملت أرجاء العالم كله، من المكسيك وكندا حتى الشرق الأوسط، مرورًا بأوروبا أيضًا.. ولعل ذلك هو الذى جعل صندوق النقد الدولى يُخفض توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد العالمى إلى نحو ثلاثة فى المائة مقابل نحو أربعة فى المائة، مع حالة الترقب لما سيفعله ترامب بعد تسلمه مهمة منصبه.. وقد استند الصندوق فى تقديره تحقيق الاقتصاد العالمى معدل نمو إيجابى إلى تحسن معدل نمو الاقتصاد الأمريكى خلال الأشهر الأخيرة من العام السابق.
إذن عودة ترامب إلى البيت الأبيض مجددًا سيكون لها تداعياتها العديدة على الاقتصاد العالمى فى اتجاهات مختلفة، معظمها سلبى وبعضها إيجابى.. سلبى حينما سيُلهب التضخم العالمى بعد التهاب الحروب التجارية، وإيجابى توفر مناخًا مناسبًا للنمو الاقتصادى بعد وقف الحروب المستعرة فى العالم.
أما نحن فى مصر فإننا سوف نتأثر بالقطع مما سوف يُصيب الاقتصاد العالمى. سوف نتأثر سلبًا بعودة معدل التضخم العالمى للارتفاع، وسوف نتأثر إيجابًا إذا انخفضت أسعار الطاقة عالميًا. وعلينا أن نزيد من قدرة الاعتماد على الذات لنستفيد أكثر من التداعيات الإيجابية ونقلل من وطأة التداعيات السلبية.