رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«شرطة عصرية» ترفع راية «تنمية الإنسان»


25-1-2025 | 00:56

شرطة عصرية ترفع راية تنمية الإنسان

طباعة
تقرير: سلوى عبدالرحمن

رسمت الدولة المصرية خطوطًا حقوقية تحقق التنمية الشاملة، لتتناسب مع الجمهورية الجديدة، التى بذلت جهودًا حثيثة للتطوير والنهوض والارتقاء بملف حقوق الإنسان.. ومن جانبها، بدأت وزارة الداخلية فى تقديم خدمات مجتمعية، لتعزيز الحقوق المدنية لأبناء هذا الوطن، بل وقامت دولتنا بالاستثمار فى المواطن، بوصفه جوهر العملية التنموية.

فى البداية، قال اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق: «جميعنا نريد وبشدة، أن نوفر ونحقق معايير حقوق الإنسان لأهالينا، أكثر من الغرب الذى يضغط علينا بها، لأسباب سياسية، رغم أنهم أبعد ما يكون عن هذه الحقوق، بدليل ما يحدث الآن على الساحة العالمية.. وللعلم، إذا كان هناك أى تقصير فى تحقيق حقوق الإنسان سابقًا، فهذا كان نتيجة ضعف الإمكانات المادية».

 

وتابع قائلًا: «إذا قارنّا بين السابق والراهن، فسنجد على سبيل المثال: (الأكمنة على الطرق، فكان سابقًا إذا تم الاشتباه فى شخص ما، كنا نقوم برحلة طويلة حتى نتوصل لحقيقة هذا الشخص المشتبه فيه.. أما الآن وبعد توفير الإمكانات، فالموضوع لا يستغرق سوى دقائق معدودة)، وهذا ما ينطبق على حقوق الإنسان كذلك.. فنتيجة لتوافر الإمكانات اللوجستية لدينا، أصبحت السجون فى مصر أفضل كثيرًا مما سبق.

 

وعن كيفية تطور السجون فى مصر لتصبح مراكز إصلاح وتأهيل، أكد اللواء نور الدين، أن هذا التطور بمثابة مثال عملى حي، على تحول الدولة نحو دمج حقوق الإنسان فى سياساتها، ومن أبرز جوانب هذا التطور، تطوير البنية التحتية، وإنشاء مراكز إصلاح حديثة مثل مركز وادى النطرون، الذى يُعد نموذجًا على المستويين الإقليمى والدولي، بفضل تصميمه وفق معايير دولية.

 

وأضاف: «تمت إتاحة الخدمات التعليمية للنزلاء، بداية من التعليم الأساسى إلى الجامعى، وتوفير فصول دراسية ومعلمين متخصصين، من أجل تطوير مهاراتهم الفكرية ورعايتهم صحيًا ونفسيًا، فضلًا عن تقديم خدمات طبية متكاملة داخل المراكز، وبرامج علاج نفسى تستهدف تعزيز استقرار السجناء ذهنيًا».

 

ومن أجل تقليل نسب احتمالات عودتهم للجريمة، أوضح اللواء محمد نور الدين، أنه يتم إصلاح وتهذيب السجناء، بالتعاون مع المجتمع المدني، وتعزيز الشراكات مع منظمات مجتمعية، لتقديم برامج تدريب وتأهيل داخل السجون، مؤكدًا أن هذه الجهود وضعت مصر فى مقدمة الدول التى تدمج حقوق الإنسان مع سياسات الإصلاح الجنائى.

 

بينما أوضح اللواء مجدى الشاهد، الخبير الأمنى والمرورى: إن وزارة الداخلية المصرية تواكب تطور حقوق الإنسان عالميًا، وإن ما تقوم به من تقديم خدمات للمواطنين، هو توضيح وتأكيد على مبدأ حق المواطن، ثم تطورت «الداخلية» أيضًا لتأكيد المبدأ، من خلال حثّ ضباطها على تلقى دورات فى هذا المجال، وبالتالى أصبحت هذه التأكيدات نوعًا من تعميم الثقافة الحقوقية لتسود بين أفراد الوزارة، مع التأكيد على أهميتها وضروريتها فى الجمهورية الجديدة، كذلك تم تطبيق التنمية البشرية، باعتبارها مادة أساسية، فى المناهج التى تدرس بكلية الشرطة، إلى جانب تدريس هذه المادة فى الدورات التدريبية للضباط.

 

وأشار «الشاهد» إلى أنه حاليًا، وبفضل زيادة البعثات الخارجية لدراسة هذا المجال، زادت أعداد الضباط الحاصلين على ماجستير ودكتوراه فى حقوق الإنسان، ويأتى هذا للتأكيد كذلك، على حرص الدولة المصرية بضرورة احترام حق المواطن، وبدورها رسخت «الشرطة» هذا المبدأ لديها.

 

واستطرد اللواء الشاهد، قائلًا: «أكثر ما رأيته احترامًا لحقوق الإنسان، هو كيفية تقديم الخدمات، بطريقة تعظم أهمية هذه الحقوق، فأصبحت الخدمات تقدم فى جميع المجالات دون استثناء، وأفعال «الداخلية المصرية» تؤكد ذلك بما لا يدع مجالًا للشك، فانظروا إلى الخدمات المرورية: (ستجد تفعيل الخدمات السريعة لذوى الهمم وكبار السن، حيث خصصت مقاعد وأماكن وامتيازات خاصة لهذه الفئات، كإرسال رخص القيادة إلى محل إقامتهم)، كذلك تم تدشين سيارات مرور متنقلة، للتسهيل على المواطنين فيما يتعلق بالأعمال المرورية.

 

أما فى مجال النجدة، فقال اللواء مجدى الشاهد: «كنا نأخذ البلاغات بالرقم المسلسل، وحاليًا يتم أخذ البلاغ من خلال الفئة العمرية، فكبار السن وذوو الهمم لهم أهمية خاصة»، وقال: الوزارة تعمل لإنهاء خدمات هذه الفئات «أون لاين»، دون انتقال ذوى الهمم وكبار السن إلى أقسام الشرطة، بل يحدث العكس، وينتقل إليهم «موظف» ينهى مطالبهم فى الحال، كما خصصت الداخلية فى كل قسم شرطة، ضابطا مختصا لاحتياجات ذوى الهمم وكبار السن، ومكتبا مخصصا لرعاية حقوق الإنسان.

 

وذكر «الخبير الأمنى»، أنه فى حال تلقى أى بلاغ، فإن سيارات الشرطة تنتقل أسرع من السابق، وذلك بفضل قيام «الداخلية» برسم طرق وشوارع منظمة، وتابع: (وإذا تحدثنا عن خدمات الجوازات، تم استخراجها إلكترونيًا، وبالتالى تم القضاء على الطوابير والزحام، وهذا تأكيد على أهمية واحترم آدمية الإنسان، وأصبحت منافذ «الجوازات» تقدم خدماتها رقميًا، مثلها من البنوك).

 

ولفت إلى أن وزارة الداخلية حريصة دائمًا فى أعياد الشرطة الرسمية 25 يناير، أن تقدم خدمات مجانية، دون رسوم لذوى الهمم، كذلك تقوم بعمل لجان وقوافل طبية للكشف المجاني، مشيرًا إلى تدشين مستشفيات الشرطة للمدنيين، من ذوى الهمم وكبار السن، بدون مقابل مالي، كما خصصت أيامًا ثابتة أسبوعيًا، من أجل الكشف الطبى المجاني، مع وجود القوافل الطبية المنتشرة فى أنحاء الجمهورية.

 

وأشاد «الشاهد» بالمبادرات التى تشارك بها وزارة الداخلية، وقيام الأخيرة بدور مجتمعى كبير، سواء من خلال الإعانات المادية، أو تقديمها هدايا عينية.. كما تقوم بتنظيم زيارات لمواقع كلية الشرطة والأقسام، حتى تعزز الانتماء للوطن، والتعريف برجال الشرطة ودورهم وأهميتهم بالمجتمع، ومدى الارتباط بينهم وبين الجمهور، مؤكدًا أن تلك الأمور تخلق «جوًّا» مجتمعيًّا جديدًا، وتواصلًا فعالًا بين العنصر الأمنى والمواطن، لافتًا إلى مادة «التواصل الفعال بالجماهير والتلاحم ما بين الشرطة والجماهير»، أصبحت مادة أساسية تدرس فى مناهج كلية الشرطة..

 

وأثنى «الشاهد» على ما يقوم به رجال الداخلية فى عيدهم، فتنتشر الشرطة فى المحليات وعلى مستوى الميادين والشوارع والطرق السريعة، يقدمون الورود ويهنئون المواطنين، باعتبار أن 25 يناير ليس عيدًا لأفراد الميرى فقط، بل عيد قومى للمصريين.

 

باختصار شديد جدًا، الشرطة احترمت آدمية المواطن وحققت ما نادى به الرئيس السيسى، عندما قال: (مصر أولًا)، المقولة التى عززت الانتماء لمصرنا العزيزة، حسبما وصف اللواء مجدى الشاهد، مكملًا حديثه يشير إلى ما قاله الرئيس السيسى فى فترة رئاسته الثانية، حين قال:( الاهتمام بالمواطن المصري)، هنا، كانت الداخلية من أولى الوزارات التى بادرت وحرصت على تنفيذ تعليمات رئيس جمهوريتنا.

 

وفى ذات السياق استشهد اللواء الدكتور أحمد البدرى، مساعد وزير الداخلية ورئيس أكاديمية الشرطة سابقًا، بما يحدث حاليًا، بشأن التعامل الراقى من جانب وزارة الداخلية، للمسجونين، وإعطاءهم كافة متطلباتهم الخاصة، كإنسان له اعتباره مهما كانت الجريمة التى ارتكبها، موضحًا أن المسجون يخضع لإجراءات وقواعد للإصلاح والتقويم، فضلًا عن إعطائه حقوقه كاملة كمواطن يقضى فترة عقوبته، مشيرًا إلى أن «سلب الحرية» وإيداعه بالسجون، هما أقصى العقوبات، مؤكدًا أن «النزيل» تتم رعايته طوال فترة السجن، وتأهيله نفسيًا لاستقبال الحياة مستقبلًا بعد قضاء عقوبته، وهذا يعتبر تجسيدًا كاملًا لاحترام حقوق الإنسان.

 

وحول حقوق الإنسان للمواطنين بشكل عام، أشار «البدرى» إلى الدور البارز لمنافذ «أمان»، والبروتوكولات التى يقومون بتفعيلها مع التجار، لتخفيض الأسعار، ومبادرة (كلنا واحد)، التى قدمت نموذجًا راقيًا فى طرق تقديم الخدمات المدنية التى تصب فى صالح المواطن أولًا.

 

وعن دور الشرطة فى المجتمع المدنى حاليًا وكيف تطور هذا الأمر، أكد اللواء البدري، أن دورهم الآن تجاوز الحماية الأمنية التقليدية، بل أصبح شريكًا رئيسيًا فى التنمية المجتمعية، ولعل أبرز مظاهر هذا التطور، متمثلًا فى تعزيز الأمن المجتمعي، وإطلاق مبادرات مثل مكافحة العنف الأسرى والإدمان، وتقديم الدعم للفئات المستضعفة عبر وحدات متخصصة، والتفاعل مع الشباب عن طريق برامج توعية أمنية فى المدارس والجامعات، لتعزيز وعى هذه الفئات العمرية الصاعدة، بمخاطر الجريمة وأهمية احترام القانون.

 

وفيما يخص التحولات التى شهدتها وزارة الداخلية فى التعامل مع هذا الملف الحقوقي، كشف الدكتور محمد ممدوح، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، عن منظور وزارة الداخلية الحقوقى، وما حققته خلال السنوات الأخيرة، مؤكدًا وجود قفزة نوعية فى تبنى مبادئ حقوق الإنسان ضمن سياسات أجهزة الأمن فى مصر.

 

ووصف «ممدوح» هذه التحولات والتطورات، بأنها تأتى فى إطار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التى تُعد رؤية شاملة لتعزيز حقوق المواطن.. وتحولت وزارة الداخلية من إطار تقليدى يعتمد على الحفظ الأمني، إلى مفهوم أوسع، يدمج الأمن مع احترام الكرامة الإنسانية.. واليوم، نجد أن هناك تركيزًا واضحًا على إعلاء قيمة حقوق وكرامة الإنسان، بحيث أصبحت كل التعاملات الشرطية تراعى هذا الحق الأصيل، سواء كان مواطنًا أو محتجزًا.

 

وواصل د. ممدوح، قائلًا: إنه بالفعل تم التدريب على مبادئ حقوق الإنسان، وتدرجت هذه المبادئ وصولًا للمناهج التدريبية، التى تستهدف تأهيل رجال الشرطة للتعامل بمهنية وإنسانية مع المواطن، لتتوافق مع المعايير الدولية فى هذا الشأن، مشيرًا إلى وجود القوانين التى تنظم عمل مراكز الإصلاح والتأهيل، وتعزيز الشفافية والمساءلة، ويتم ذلك من خلال آليات تتيح للمواطنين تقديم شكاوى ومعالجتها بجدية.

 

وعن تحول نظرية العقاب فى السجون إلى فلسفة الإصلاح والتأهيل وكيف تحقق ذلك، أكد الدكتور محمد ممدوح، أن السجون المصرية شهدت بالفعل تغييرًا جوهريًا فى هذا الإطار، وهو تحول يتماشى مع توجه الدولة نحو الاستثمار فى الإنسان. وأبرز مظاهر ذلك، إنشاء مراكز إصلاح وتأهيل حديثة، مثل: (مراكز وادى النطرون، وبدر، والعاشر)، والتى تعتمد على معايير دولية فى تجهيزها وخدماتها، وتقديمها برامج للتأهيل النفسى والاجتماعي، ومساعدة النزلاء على تعديل السلوك وبناء الثقة بالنفس، مع برامج علاجية لمواجهة الإدمان.

 

وتابع: «كذلك أصبح للنزلاء الحق فى استكمال تعليمهم، والحصول على التدريب المهني، ومنحهم شهادات جامعية ودراسات عليا، مستشهدًا بالسجناء الذين حصلوا على درجات الماجستير والدكتوراه مؤخرًا، كما يُتاح للسجين تلقيه تدريبات مهنية فى مجالات الزراعة، والتجارة، وصناعة الملابس، مما يُسهم فى توفير فرص عمل لهم بعد الإفراج.. وهذا التحول ليس فقط انعكاسًا لرؤية الدولة، بل يمثل أيضًا التزامًا بتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء مجتمع أكثر استقرارًا.

 

وبخصوص التحديات والطموحات المستقبلية فى ملف حقوق الإنسان، طالب الدكتور ممدوح، باستمرارية العمل على تغيير الصورة النمطية للسجون والنزلاء السابقين، وتقليل نسب العودة للجريمة، لذا يجب تقديم برامج أكثر فاعلية، تعزز الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة.. وأوصى بضرورة تعزيز التعاون بين وزارة الداخلية والمجتمع المدني، وتوسيع برامج التأهيل، وتحسين بيئة السجون ومراكز الإصلاح، لتظل متوافقة مع المعايير الدولية، مع أهمية تطوير خطط طويلة الأجل لترسيخ ثقافة التسامح وإعادة الإدماج.

 

واختتم الدكتور محمد ممدوح، حديثه، قائلًا: (عيد الشرطة هذا العام، يأتى فى ظل تحولات إيجابية كبيرة، تُعزز من مكانة مصر كدولة تعمل على تحقيق التوازن بين الأمن واحترام حقوق الإنسان).. معربًا عن تفاؤله بالعام الجديد، وتطلعه أن يكون 2025 خطوة جديدة نحو مزيد من التطوير الراقى فى هذا الملف، بما يعكس الالتزام الحقيقى للدولة المصرية، بشأن بناء منظومة حقوقية متكاملة تُحقق التنمية والعدالة الاجتماعية معًا.