تحتفل وزارة الداخلية المصرية بعيدها الـ73، وهو رقم يحمل رمزية خاصة، تذكرنا بنصر أكتوبر المجيد عام 1973، حينما وقف الجيش والشعب يدًا واحدة للدفاع عن الوطن.
هذه الذكرى لا تمثل فقط إنجازًا عسكريًا، بل هى رمزٌ للتلاحم بين مؤسسات الدولة والمواطنين فى أوقات الشدة، واليوم، فى ظل الأمن والاستقرار الذى نعيشه، نتذكر أن وزارة الداخلية هى حجر الزاوية فى حماية المجتمع من الداخل، وهى مؤسسة عريقة تعمل بلا كلل لضبط الخارجين على القانون وضمان أمن المواطنين، لكنها تقوم بما هو أبعد من ذلك بكثير.
الكثيرون يعتقدون أن وزارة الداخلية معنية بتنفيذ القانون وحسب، لكن هذا الاعتقاد بعيد عن الحقيقة، الوزارة تضطلع بدور إنسانى واجتماعى بارز، فهى تسعى إلى رعاية المسجونين وأسرهم من خلال برامج تأهيلية تُعِدّهم للاندماج مجددًا فى المجتمع.
كما توفر الوزارة برامج تدريبية تهدف إلى تحسين مهاراتهم وإعادة تأهيلهم ليصبحوا أفرادًا منتجين. إلى جانب ذلك، تسعى الوزارة إلى تقديم خدمات نوعية متميزة عبر مختلف قطاعاتها، مع الالتزام بمعايير عالية من النزاهة والكفاءة.
هذه الجهود لا تتوقف عند حدود العمل الأمنى، بل تشمل تحسين العلاقة بين المواطنين وأفراد الشرطة من خلال مبادرات اجتماعية وإنسانية تسهم فى تعزيز الثقة المتبادلة، وهو ما يجعل الوزارة أكثر قربًا من نبض الشارع المصرى واحتياجاته اليومية.
فالمواطن المصرى لا يشعر فقط بالأمن من الخارج، بل يدرك تمامًا أن هناك جهة مسئولة عن راحته النفسية والروحية، وهى الوزارة التى تسعى إلى تعزيز مفهوم العدالة الاجتماعية والمساواة بين أفراد المجتمع.
مواجهة الشائعات وحملات التشويه
ورغم هذه الجهود المشهودة، تتعرض وزارة الداخلية لحملات تشويه ممنهجة من قبل جماعات محظورة تعمل خارج البلاد، حيث تسعى هذه الجماعات إلى زعزعة استقرار الوطن عبر نشر شائعات مغرضة لا أساس لها من الصحة، بهدف تشويه صورة الوزارة وزرع الشك فى نفوس المواطنين تجاه مؤسسات الدولة. هذه المحاولات لا تقف عند حدود التشويه الإعلامى فحسب، بل تتعداها إلى محاولات التأثير على صورة الوزارة فى أعين الرأى العام، بما يهدف إلى تحقيق مصالح وأجندات خارجية قد تتعارض مع مصالح الوطن.
لكن الشعب المصرى أثبت وعيه وإدراكه لحقيقة هذه المحاولات الخبيثة، وأصبح المواطن أكثر قدرة على التمييز بين الحقيقة والافتراء، مما أفشل مخططات تلك الجماعات وكشف زيف دعاواها.
والأهم من ذلك، أن هذه الحملات أظهرت مدى تمسك المصريين بمؤسساتهم الوطنية، وساهمت بشكل غير مباشر فى تعزيز الروح الوطنية وترسيخ الثقة بين الشعب والدولة.
لقد أثبت المصريون أن محاولات ضرب استقرار الوطن لن تنجح، فكل شائعة كاذبة كانت تُرد عليها بحقائق دامغة تكشف زيف تلك الجماعات وأجنداتها المشبوهة.
التلاحم بين الجيش والشرطة والشعب
إن مصر تشبه الأهرامات فى شموخها وثباتها، فهى تقوم على ثلاث دعائم أساسية: الجيش المصرى الذى يحمى حدود الوطن ويتصدى لكل المخاطر الخارجية، ووزارة الداخلية التى تؤمن الجبهة الداخلية وتضمن الأمن والاستقرار، والشعب المصرى الواعى الذى يمثل خط الدفاع الأول بروحه الوطنية وإخلاصه لتراب هذا البلد. فى ظل هذا التلاحم الفريد، يصبح أى تهديد أو محاولة لتفكيك أواصر الوحدة الوطنية أمرًا صعبًا للغاية.
الجيش المصرى ليس فقط الحارس القوى للحدود، بل هو رمز من رموز العزة والكرامة، الذى يتحمل مسئولية الحفاظ على سيادة الوطن فى وجه التحديات الخارجية. أما وزارة الداخلية، فهى تمثل العين الساهرة على أمن الوطن الداخلي، حيث تتولى مهمة ضبط القوانين وحماية المواطنين من كافة أنواع الجريمة.
وفى الوقت ذاته، يبقى الشعب المصرى دائمًا العنصر الأساسى فى هذه المعادلة، فبدون وعى الشعب وولائه لوطنه، لن تنجح أى مؤسسات فى أداء دورها بشكل كامل.
عيد «الداخلية».. مناسبة للتقدير والتأمل
إن الاحتفال بعيد وزارة الداخلية لا يقتصر فقط على تكريم رجالها الشرفاء الذين يضحون بأنفسهم من أجل أمننا، بل هو أيضًا فرصة للتأمل فى حجم الجهود المبذولة لحماية الوطن. هذه الجهود ليست أمنية فحسب، بل إنسانية واجتماعية أيضًا، حيث تسعى الوزارة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتقديم خدمات تليق بمكانة المواطن المصري. وما يميز هذا العيد هو تزامنه مع إحياء ذكرى نصر أكتوبر، مما يخلق أجواءً من الفخر والانتماء فى قلوب كل المصريين.
إلى جانب ذلك، يُذكرنا هذا العيد بدور كل مواطن فى دعم هذه الجهود من خلال الالتزام بالقانون والتصدى للشائعات. فالوطنية ليست مجرد شعارات، بل هى أفعال يومية تحافظ على استقرار الوطن ووحدته. المواطن المصرى مدعو دومًا للوقوف جنبًا إلى جنب مع مؤسسات الدولة والتعاون معها، لضمان أن تظل مصر فى قمة العطاء والإنتاج.
روح أكتوبر المستمرة
وفى كل ذكرى تتعلق بنصر أكتوبر المجيد، نتذكر الروح الوطنية التى جمعت المصريين فى لحظة تاريخية فارقة، هذه الروح لا تزال حاضرة فى وجدان الشعب، وتظهر فى المواقف الصعبة التى يتعرض لها الوطن، حيث يثبت المصريون دائمًا أنهم قادرون على الصمود وتجاوز التحديات.
ففى كل مرة يواجه فيها الوطن تحديات أو محاولات للنيل منه، يظهر الشعب المصرى بروح من التضحية والإخلاص لوطنه، مستمدًا من روح أكتوبر العظيمة التى ما زالت تلهمه.
إن الثلاثية التى تجمع: الجيش والشرطة والشعب، هى عنوان القوة والاستقرار فى مصر، ومع استمرار هذا التلاحم، ستظل مصر صامدة أمام كل المحاولات اليائسة للنيل منها، محافظة على مكانتها العريقة ومستقبلها الواعد.