فى إطار سعى الحكومة لتعزيز الاقتصاد الوطنى وجذب الاستثمارات الأجنبية، جاء قرار الإفراج الجمركى عن البضائع خلال يومين، كإحدى الخطوات الجادة نحو تحسين بيئة الاستثمار. وتسريع حركة التجارة الداخلية والخارجية، وتقليل الأعباء المالية والإدارية التى كانت تعوق حركة الاستيراد والتصدير فى الماضى.
وحول رؤيته للقرار، قال محمد البهى، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية: القرار ليس مجرد تعديل إدارى، بل هو خطوة استراتيجية لجعل الجمارك بوابات عبور فعالة بدلًا من ساحات تخزين، كما هو الحال فى الدول المتقدمة، مع الأخذ فى الاعتبار أن منظومة الإفراج تُمكن المستوردين من إنهاء كافة الإجراءات الورقية ودفع الرسوم قبل وصول الشحنة إلى الموانئ، مما يجعل عملية الإفراج عن البضائع سلسة وسريعة.
وأضاف «البهى»، أن «هذا النظام يقلل من التكاليف الباهظة التى كانت تترتب على تأخر الإفراج، مثل غرامات الأرضيات التى تُدفع بالدولار لشركات الشحن الأجنبية، وتكاليف التخزين الطويلة التى كانت تمثل عبئًا كبيرًا على المستوردين»، مشيرًا إلى أن «القرار يحمل بُعدًا استثماريًا مهمًا، ويُسهم فى تحسين تنافسية المنتجات المصرية وتعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب فى السوق المصرى. وأوضح أن الوقت يُعد عاملًا حاسمًا فى أى استثمار، ولذلك فإن تقليل زمن الإفراج الجمركى يعزز من كفاءة العمليات الإنتاجية ويقلل من التكاليف، ما يدفع المستثمرين للتوسع فى أعمالهم داخل مصر».
القرار لا يخدم فقط قطاع الإنتاج، بل يمتد تأثيره إلى استقرار الأسواق المحلية. وفقًا لـ«البهى»، الذى أوضح أن «تأخير الإفراج الجمركى كان يتسبب فى نقص السلع، مما يؤدى إلى ارتفاع الأسعار واضطراب حركة السوق. أما الآن، فإن تسريع الإجراءات سيضمن تدفق السلع بشكل منتظم، مما يُسهم فى تحقيق استقرار الأسعار وتوافر المنتجات».
رغم النجاح الذى حققته منظومة الإفراج المسبق، لفت «البهى»، إلى أن هناك تحديات تتعلق بالتنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة. فمنظومة الإفراج الجمركى تعتمد على تكامل العمل بين مصلحة الجمارك وجهات الرقابة والتحليل المختلفة، مما يستدعى تطوير سبل التعاون لضمان سرعة التنفيذ، داعيًا لتطبيق نظام «القائمة البيضاء» الذى يُتيح للمستوردين الذين يتمتعون بسجل نظيف الإفراج عن بضائعهم مباشرة، مع إجراء التحاليل أو الفحوصات المطلوبة داخل وحدات الإنتاج أو المخازن. هذا الإجراء من شأنه تقليل زمن الإفراج وتعزيز الثقة بين الحكومة والمستوردين.
وتابع: منظومة الإفراج الجمركى ليست فقط أداة لتسريع العمليات، بل تُعد جزءًا من رؤية مصر 2030 التى تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتحويل مصر إلى مركز لوجستى عالمى. وتشمل هذه الرؤية تطوير البنية التحتية للموانئ، وتوسيع شبكات الربط الإلكترونى بين الجهات الحكومية المختلفة لضمان كفاءة المنظومة، وأحد الجوانب المهمة للقرار هو تأثيره المباشر على الصناعة المحلية. تأخر الإفراج الجمركى كان يُعوق تدفق مستلزمات الإنتاج، مما يؤدى إلى تعطيل خطوط الإنتاج ورفع تكاليف التشغيل. ومع تطبيق المنظومة الجديدة، ستتمكن المصانع من الحصول على المواد الخام والسلع الوسيطة فى الوقت المناسب، مما يعزز من قدرتها الإنتاجية وينعكس إيجابًا على تنافسية المنتج المصرى محليًا وعالميًا.
«البهى»، لفت إلى أن هذه الجهود تأتى فى إطار التوجه العام نحو التحول الرقمي، مضيفًا أن «الحكومة المصرية عملت خلال السنوات الأخيرة على إدخال تقنيات حديثة فى جميع القطاعات، بدءًا من الضرائب وصولًا إلى الجمارك. هذه الخطوات لم تسهم فقط فى تحسين كفاءة العمل، بل فى تقليل الفساد والبيروقراطية التى كانت تُعوق حركة التجارة».
كما أكد أن «القرار يمثل بداية لمرحلة جديدة فى إدارة التجارة الخارجية لمصر، ولكن ما زالت هناك خطوات ضرورية لتعزيز فاعليته. من أهم هذه الخطوات توسيع نطاق التدريب للموظفين على استخدام الأنظمة الإلكترونية الجديدة، وتطوير البنية التحتية للموانئ لزيادة قدرتها الاستيعابية، وتعزيز التعاون مع القطاع الخاص لضمان استمرارية التحسينات».
عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، اختتم حديثه بالإشارة إلى أن «قرار الإفراج الجمركى خلال يومين جزء من استراتيجية شاملة لتحسين مناخ الأعمال فى مصر، وتحقيق التكامل بين السياسات الاقتصادية والإدارية. وإذا استمرت الحكومة فى العمل على معالجة التحديات وتطوير المنظومة، فإنها ستُحقق قفزة نوعية فى دعم الاقتصاد المصرى وتعزيز تنافسيته على المستوى الدولى».