الدعم المصرى للدول العربية لا يتوقف، وتبقى القاهرة الحاضنة للأشقاء والرامية لاستقرار الدول العربية وأمن شعوبها ومقدراتهم، وبالطبع تقع ليبيا على رأس اهتمامات الدولة المصرية، ولم تتوقف يوما عن دعم الدولة الوطنية الليبية وقواتها المسلحة على مر السنوات الماضية، كما بذلت القيادة السياسية وما زالت تبذل جهودا دبلوماسية كثيرة لدعم ليبيا على كافة المحاور وفى جميع المحافل، وتؤكد أهمية القاهرة للدولة الليبية الزيارة الأخيرة للمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبى وحرصه على لقاء الرئيس السيسى فى فترة تشهد خلالها ليبيا تحديات كثيرة.
الرئيس السيسى أوضح خلال استقباله للمشير خليفة حفتر أن مصر تبذل كل ما فى وسعها لضمان الأمن والاستقرار فى ليبيا، والحفاظ على سيادتها ووحدتها، واستعادة مسار التنمية فيها. كما أكد دعم مصر لكافة المبادرات الرامية لتحقيق هذا الهدف، وذلك خلال الاجتماع الذى أكد خلاله القائدان على خصوصية العلاقات المصرية الليبية، حيث أشار الرئيس السيسى إلى أن استقرار ليبيا يرتبط ارتباطًا وثيقًا مع الأمن القومى المصري.
السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، صرح بأن الرئيس السيسى شدد على ضرورة التنسيق بين جميع الأطراف الليبية من أجل بلورة خارطة سياسية متكاملة تؤدى إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن، كما شدد على ضرورة منع التدخلات الخارجية وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضى الليبية.
ومن جانبه، أكد المشير خليفة حفتر تقديره العميق للدور المحورى الذى تلعبه مصر فى استعادة الاستقرار فى ليبيا، والجهود الحثيثة التى تبذلها لدعم الأشقاء الليبيين منذ اندلاع الأزمة، وذلك فى إطار العلاقات التاريخية التى تربط الشعبين الشقيقين.. كما أشاد حفتر بالدور المصرى فى نقل التجربة التنموية إلى ليبيا، مشيرًا إلى أهمية الاستفادة من خبرات الشركات المصرية العريقة فى هذا المجال.
الزيارة تؤكد قيمة القيادة السياسية المصرية لليبيا فى ظل تحديات كبيرة تشهدها ليبيا تتعلق بالانتخابات والمصالحة الوطنية، وتوضح مدى أهمية القاهرة كعمود خيمة لتعزيز الاستقرار الإقليمي، وتأتى الزيارة ضمن دعم الحلول السلمية للأزمات فى المنطقة، كما أنها تأتى فى توقيت حرج بالنظر إلى التحديات الراهنة التى تواجه ليبيا، لا سيما تلك المتعلقة بالاستحقاقات السياسية والأمنية التى تستدعى توافقا داخليا ودعما إقليميا ودوليا، فمصر تنظر إلى ليبيا كشريك استراتيجي، حيث تجمعهما روابط تاريخية وأمنية واقتصادية تجعل استقرار ليبيا أولوية قصوى للقيادة المصرية، واللقاء يُجدد التأكيد على التزام مصر بدعم وحدة الأراضى الليبية وسيادتها، مع ضرورة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، بما يمهد الطريق أمام الليبيين لبناء دولتهم الوطنية بعيدا عن التدخلات الخارجية، كما أشاد بالجهود المصرية المستمرة لتوحيد المؤسسات الليبية ودعم خارطة طريق سياسية شاملة تضمن تحقيق المصالحة الوطنية والاستقرار المستدام.
الدور المصرى يحظى بتقدير واسع داخل ليبيا وعلى المستوى الدولى؛ حيث ينبع من سياسة مصرية متزنة تسعى إلى تحقيق الأمن والسلام والتنمية ويدعو دائما إلى مواصلة الجهود بالتعاون مع المجتمع الدولى لدعم ليبيا فى تحقيق انتقال سياسى سلس، يلبى تطلعات الشعب الليبى نحو الاستقرار والرخاء، ولا يتوقف هذا الدعم على الزيارات الرئاسية، بل يمتد إلى المساعدات الإنسانية مثلا، كإرسال مئات الأطنان من المساعدات الإنسانية والمعدات وأطقم الإغاثة إلى الشعب الليبى برًا وبحرًا فى سبتمبر 2023، وذلك فى أعقاب الإعصار المدمر دانيال الذى ضرب السواحل الليبية، وفى أغسطس الماضى أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، على الدعم الكامل للشعب الليبى الشقيق، وحرص مصر على دعم وتعزيز سبل التعاون الثنائى بين البلدين الشقيقين فى المجالات كافة، منوهًا بالدور الكبير الذى تقوم به الشركات المصرية فى أعمال إعادة إعمار ليبيا.
أيضا مصر تعتبر ليبيا شريكا استراتيجيا واستقرارها من ثوابت الأمن القومى المصري، لذلك حظيت بأول زيارة خارجية لرئيس جهاز المخابرات المصرية الجديد اللواء حسن رشاد فى 29 ديسمبر 2024، حيث التقى فى بنغازى مع القائد العام للجيش الليبي، المشير خليفة حفتر، لمناقشة التطورات الإقليمية والمحلية، كما استقبل وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطى القائمة بأعمال البعثة الأممية إلى ليبيا «ستيفانى خوري»، وأكد خلال استقبالها مواصلة مصر جهودها فى مساعدة الأطراف الليبية على التوافق وتعزيز مسار الحل الليبي/الليبي، وصولًا إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن، كما شدد عبد العاطى على ضرورة خروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا فى مدى زمنى محدد، بما يضمن وحدة وسلامة واستقرار ليبيا.. التعاون المصرى الليبى يمتد لمجالات أخرى كالطيران، لذا نظمت شركة الخطوط الجوية الليبية فى أكتوبر 2021 رحلاتها بين العاصمتين القاهرة وطرابلس، كما استأنفت مصر للطيران رحلاتها بين القاهرة وبنغازى فى أبريل 2022 بعد انقطاع دام 11 عامًا بسبب الاضطرابات الأمنية.. توجد شواهد كثيرة على قوة الدعم المصرى لاستقرار ليبيا، وتوضح أهمية القاهرة لدى أشقائها، فالمساندة التزام مصرى نابع من عقيدة ثابتة بمدى الترابط والتآخى والمشاركة مع ليبيا فى رحلة التنمية والاستقرار.