رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

سلطنة عُمان وقطر.. سعي حثيث نحو شراكة استراتيجية مستدامة


28-1-2025 | 19:02

مباحثات السلطان هيثم بن طارق والأمير تميم بن حمد آل ثاني في مسقط

طباعة
المصور

تمثل العلاقات بين سلطنة عُمان ودولة قطر، نموذج رفيع من التعاون المستمر والتآخي الذي يضرب بجذوره في التاريخ، وتطورت تلك العلاقات بفضل الرؤى الحكيمة والتوجيهات السامية من لدن السلطان هيثم بن طارق، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، حيث تقوم العلاقات على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مع تعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية بين البلدين، وتستمر هذه العلاقات في النمو والتطور لتواكب التحديات المعاصرة، مما يسهم في تحقيق الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين.

وتسهم الشراكة بين سلطنة عُمان وقطر في تعزيز التعاون المتبادل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، مما يعكس التزام البلدين بتحقيق تطلعات شعبيهما والعمل معًا من أجل مستقبل أفضل يحقق المزيد من التقدم والازدهار للطرفين.

وتعكس زيارة أمير دولة قطر إلى سلطنة عُمان عمق العلاقات الثنائية، وتُبرز حرص القيادتين الحكيمتين على تعزيز أواصر التعاون واستدامتها، وشهد اللقاء بين القائدين مناقشة العديد من الملفات ذات الأهمية المشتركة والتعاون الاستراتيجي بين البلدين الشقيقين، بالإضافة إلى توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات تفاهم والبرامج التنفيذية التي تهدف - بلا شك - إلى تطوير الشراكة في قطاعات متنوعة كالتجارة، والاستثمار، والرياضة والثقافة والتعليم والصحة والعديد من المجالات الأخرى.

ووتؤكد التقارير الاقتصادية أن العلاقات التجارية بين سلطنة عمان ودولة قطر تشهد نموًا متواصلًا منذ عام 2020، حيث بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 5.8 مليار ريال عماني حتى نهاية نوفمبر 2024م، وسجلت الواردات من قطر إلى سلطنة عمان أكثر من 3.8 مليار ريال عماني خلال السنوات الـ5 الماضية، بينما بلغ إجمالي الصادرات نحو 1.9 مليار ريال عماني.

وأظهرت بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن إجمالي التبادل التجاري بين البلدين في عام 2024 (من يناير إلى نوفمبر) تجاوز 960.8 مليون ريال عماني، حيث سجلت الصادرات العُمانية إلى قطر 205.8 مليون ريال عماني، في حين بلغت الواردات من قطر 754.9 مليون ريال عماني.

5 اتفاقيات و20 مذكرة تفاهم في عدد من المجالات

وشهدت لعلاقات الثنائية بين البلدين نمواً كبيراً، فقد وُقعت نحو 5 اتفاقيات في عدد من المجالات، ومن ضمنها مجال التعاون الثقافي التربوي، ويتم فيها تبادل الخبرات بين البلدين حسب احتياج كل بلد، كما تم الاتفاق بين وزارة الثقافة والرياضة والشباب ووزارة الثقافة القطرية لتوقيع البرنامج التنفيذي الأول في مجال الثقافة للأعوام (2022 -2025)، ووقعت اتفاقية في مجال تعزيز التعاون بين البلدين وتبادل الخبرات الأمنية والفنية من أجل مكافحة الجريمة، واتفاقية أخرى في تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب من الضرائب بالنسبة للضرائب على رأس المال، والتوقيع على اتفاقية إنشاء مركز لوجستي متكامل يوفر خدمات التوزيع والتخزين في مدينة خزائن العمانية مع شركة ساركو، بالإضافة إلى التوقيع على اتفاقية تعاون بين وزارة الإسكان والتخطيط العمراني وشركة أريان العقارية، بحيث تقوم الشركة بتطوير منطقتين في مدينة السلطان هيثم بمساحة إجمالية تقدر 2221812 مترًا مربعًا، بتكلفة 327 مليون ريال عماني، وتم تفعيل الاتفاقية لتعزيز وتطوير التعاون بين البلدين في مجال إنشاء البنى الوطنية للمعلومات الجغرافية، والممارسات والخبرات في مجال البيانات المكانية واستخدام نظم المعلومات الجغرافية في التعدادات السكانية.

كما وقّعت بين البلدين نحو 20 مذكرة تفاهم في عدد من المجالات، حيث وقّعت مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال العمل، بالإضافة إلى مذكرتي تفاهم الأولى منهما في مجالات التدريب والتطوير والاستشارات وغيرها من شؤون الخدمة المدنية والتطوير الإداري، أما الثانية، فكانت في مجال بناء قدرات الموظفين الحكوميين، كما تم توقيع مذكرة أخرى في قطاع التراث والسياحة لمواصلة تنمية التعاون في المجال السياحي والعمل على تدعيمه وإنمائه بين البلدين، وتبادل الخبرات السياحية والمعرفة الفنية في مجالات التدريب والتأهيل، إلى جانب ذلك تم التوقيع على مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين البلدين في المجال الثقافي.

وأيضاً وقّعت مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال البيئة وصون الطبيعة والتنوع الأحيائي، ومذكرة تفاهم أخرى في مجال الموانئ بين المجموعة العمانية العالمية للوجستيات (أسياد) والشركة القطرية لإدارة الموانئ المملوكة بالكامل لحكومة دولة قطر بهدف تعزيز التبادل التجاري وربط الموانئ لغرض الاستثمار المشترك في الخدمات البحرية واللوجستية.

وفي المجال الزراعي والحيواني والسمكي تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين البلدين في مجالات الإنتاج الغذائي والتسويق والاستثمار المشترك وتصدير المنتجات العمانية إلى دولة قطر، وتم الاتفاق في اجتماع اللجنة الأخير في نوفمبر 2023م على تفعيل الاتفاقية، إضافة إلى مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الفني والتقني والقانوني وتحقيق سبل التعاون والتنسيق في كافة المجالات ذات الصلة بالمستهلك، كما وُقعت بين البلدين مذكرة تفاهم في مجال تعزيز التعاون وتبادل الخبرات المتعلقة بالبرامج التمويلية واستخدام التقنية الإلكترونية في العمل المصرفي المتعلق ببنوك التنمية، وأخرى في مجال العلوم والتعليم العالي لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف مجالات التعليم العالي، ومذكرة تفاهم من أجل تنظيم أنشطة ومعارض مشتركة وتبادل المقتنيات والمعروضات بصفة دورية والاستفادة من برامج التدريب والتأهيل في إطار التعاون في مجال إدارة المتاحف والمقتنيات. 

فضلاً عن توقيع مذكرة تفاهم في مجال العمل وتنمية الموارد البشرية، والتوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة التربية والتعليم واللجنة العليا للمشاريع والإرث بدولة قطر حول تنفيذ برنامج الجيل المبهر في المدارس الحكومية والخاصة بسلطنة عمان، والتوقيع على محاضر تبادل وثائق التصديق على مذكرتي التفاهم في مجالات النفط والغاز ومذكرة التعاون في مجال السياحة، وتم التوقيع على مذكرة تفاهم في مجال التعاون العسكري، والتوقيع على مذكرة تفاهم في مجال تقديم الخدمات الإعلامية والتدريب على مهارات فن الحوار والنقد والإنتاج الإعلامي وبحث مشاريع مشتركة تهم الإعلام والصحافة والتعاون في مجال الدراسات والبحوث، والتوقيع على مذكرة تفاهم لتعزيز الشراكة بين مركز مناظرات عمان ومركز مناظرات قطر، ومذكرات تفاهم للتعاون في مجال الرياضة والشباب بين وزارة الثقافة والرياضة والشباب في سلطنة عمان ووزارة الرياضة والشباب بدولة قطر.

ارتفاع حجم التبادل التجاري بين عُمان وقطر

وكشفت التقارير الاقتصادية أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عمان ودولة قطر في عام 2023م قد بلغ 1,113,340,858 ريالا عمانيا، وفقًا للإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في سلطنة عمان.

وأشارت إلى أن الصادرات العمانية إلى دولة قطر خلال عام 2023م قد بلغت حوالي 236,556,128 ريالًا عمانيًا، في حين بلغ إجمالي الواردات من دولة قطر 828,671,991 ريالًا عمانيًا.وأوضح أن الصادرات العمانية إلى قطر حتى أكتوبر 2024م قد بلغت 140,198,414 ريالًا عمانيًا، بينما وصل إجمالي واردات سلطنة عمان من دولة قطر حتى التاريخ نفسه إلى 708,721,923 ريالًا عمانيًا.

واقع الأمر أن رؤية القيادة السياسية في العلاقات الدبلوماسية كانت واضحة في شأن ازدهار العلاقات بين عُمان وقطر، حيث لعبت التوجيهات الحكيمة في سلطنة عمان وقطر دورها الفعال في تعميق التعاون بين البلدين، وتحويله إلى شراكة استراتيجية ومتميزة في مجالات متنوعة مثل العمل والطاقة المتجددة والبيئة، والاقتصاد الرقمي، والتكنولوجيا، ولا شك أن الاجتماعات المستمرة والمكثفة بين الوزراء والمسؤولين في البلدين تعكس الرغبة المشتركة في تعزيز التكامل الاستراتيجي وتحقيق مزيد من التعاون. 

يأتي ذلك في ظروف دولية وإقليمية معقدة، وأن المنطقة تواجه تحديات متعددة ومستمرة، وهو أمر طبيعي في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى التغيرات المناخية. ومع ذلك، هناك تنسيق دائم بين سلطنة عمان وقطر لمواجهة هذه التحديات، بما يسهم في تعزيز استقرار المنطقة وتحقيق التنمية المستدامة.

وقد أضحت العلاقات القطرية العمانية مثالًا يحتذى به في العلاقات بين الدول والشعوب ولا تزال، كما أن العلاقات بين الدوحة ومسقط تعتبر واحدة من أقوى العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، على الرغم من الظروف والتجاذبات التي شهدتها المنطقة. وأن هذه العلاقات الأخوية راسخة منذ زمن بعيد، ويجمع بين البلدين التداخل الشعبي والعلاقات الأسرية، فضلا عن التنسيق الكامل بين الدولتين في جميع المجالات، والتقارب في وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية.

وختاماً... ستسهم زيارة أمير قطر إلى عُمان، في تأسيس مرحلة جديدة من التعاون التي تلبي طموحات الشعبين ، وتعمل على تعزيز العلاقات في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.