رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

قوات المظلات.. صقور المعارك

31-1-2025 | 14:56
طباعة

الأمن والأمان نعمتان مغبون فيهما المصريون بفضل الله علينا رغم أن العديد من دول المنطقة تعيش مرحلة من الاضطراب، وتعانى دوامة من الصراعات، وتتألم من النزاعات، وتتوجع من الحروب، والأشد حسرة في قلوب تلك الشعوب أن أمنها القومى عرضة للاختراقات دائمًا، وسيادتها مستباحة من قوى متعددة، ودول متنوعة، الكثيرون يتنافسون على مقدرات بلدانهم كما تتصارع الأكلة على قصعتها، وكل طرف لا يشغله إلا زيادة نصيبه من الغنيمة، والغاية تبرر الوسيلة، فلا مانع من التحالف مع بعض التيارات المتصارعة، ولا عائق من التآمر مع أجهزة معادية من أجل الوصول إلى غرضه الخبيث، وإذا تعذر الأمر لجأ إلى قوة السلاح لحسم المعركة خصوصًا في ظل تغييب دور الجيوش الوطنية بفعل فاعل في عدة عواصم خلال السنوات العشر الأخيرة، أو إسقاط أجهزة الشرطة، وبالتالي انهارت هذه الدول داخليًا، وضاعت هيبتها، وفقدت قوتها خارجيًا.

 

ومن المؤكد أننا -كمصريين- قادرون على صد أية مخططات ملعونة، أو مؤامرات مشبوهة مهما تغيرت أسماؤها، أو تلونت أشكالها كالحرباء، أو تغيرت الوجوه التى تقف وراءها، فالأمن القومى المصرى خط أحمر، وعلينا التحصن بوحدة الصف الوطنى بداية من الشعب الواعى بخطورة تطورات هذه المرحلة الفارقة فى عمر منطقة الشرق الأوسط كله، ويقظة جيشنا القوى الأمين على مقدرات البلاد والعباد، والحامى لحدودنا على كل الجبهات وكافة الاتجاهات، واحترافية شرطتنا المؤهلة لتأمين الجبهة الداخلية ضد كل المكائد والدسائس، ولا خوف على وطن هؤلاء المقاتلون جنوده البواسل، ولا قلق على شعب هؤلاء الرجال جيشه العظيم، وشرطته الباسلة.

 

أسعدنى بشدة أننى تنقلت الأسبوع الماضى من قيادة قوات المظلات بدعوة كريمة من إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، إلى أكاديمية الشرطة بدعوة كريمة من قطاع الإعلام والعلاقات بوزارة الداخلية، وكان القاسم المشترك بين الزيارتين أن رجالنا فى القوات المسلحة والشرطة المصرية على أهبة الاستعداد، وفى أعلى مراحل الجاهزية لحماية الأمن القومى من الحدود إلى الجبهة الداخلية، يقفون بالمرصاد لكل العدائيات، ومنتبهون لجميع المخططات، سواء كانت فى ميادين القتال برًا وبحرًا وجوًا أو عبر العالم الافتراضى وحروب الجيلين الرابع والخامس، أبطال من فولاذ لا يهابون الموت فى سبيل الدفاع عن الوطن، ويحرصون على التضحية بالغالى والنفيس، حتى تظل رايته عالية خفاقة، ويبقى شعبه آمنًا مطمئنًا.

 

لقد اطمأن قلبى على قدرات أبطالنا فى قوات المظلات بما شاهدته من تدريبات مكثفة، وتأهيل احترافى لجنودنا البواسل، وخيرة شبابنا وهم يرتقون أعلى مراتب الرجولة وهى الجندية وما أشرفها من مهمة، وما أجلها من خدمة، صحيح كنت متأكدًا من الكفاءة القتالية لكل الوحدات والأسلحة بالقوات المسلحة، لكن أثلج صدرى رأى العين، فليس من سمع كمن رأى، ومهما قرأت وسمعت عن مدى جاهزية أبطالنا لن تُدرك حجم التدريب، وقوة التأهيل، ولذلك التحية واجبة لقيادة قوات الدفاع الشعبى والعسكرى وإدارة الشؤون المعنوية على هذا الدور التوعوى، للارتقاء بمستوى الوعى المجتمعى واطلاع مختلف فئات الشعب على ما تمتلكه القوات المسلحة من إمكانات وقدرات تُمكنها من الدفاع عن أمن الوطن وصون مقدساته.

 

من اللحظة الأولى لدخولى مقر قيادة قوات المظلات، خطف نظرى الشعار الثلاثى «إيمان. جهاد. فداء»، إنه الإيمان الراسخ بالله الذى يقوى عقيدة الدفاع عن الوطن، والتحصن بثوابت الجهاد عند صدور الأوامر لمجابهة المخاطر وقت النزال، والتمسك بروح الفداء لحماية الشعب من أى اعتداء، وما إن وطئت أقدام وفد الإعلاميين وطلبة الجامعات ميادين تدريبات وتجهيزات مقاتلى المظلات السمر الشداد تجسد هذا الشعار أمامى بلغة الأفعال، وفى صورة الأنشطة القتالية التى يؤديها الجنود باحترافية وثبات وكأنهم يحفظونها عن ظهر قلب، فلا هفوة فى الأداء، ولا تفكير فى نوعية الأمر من القائد، الإنصات التام مع التنفيذ الكامل، ينقضون على الأهداف فى شجاعة، ويقهرون المرتفعات، ويرتقون المبانى، ويقتحمون الموانع، ويتساقطون كالرعد من السماء على جبهات القتال، وخلف خطوط العدو للقيام بالمهام المكلفين بها كالوحوش لافتراس كل من يقترب من أمننا القومى، وفى ميدان الرماية وجدنا مهارات غير عادية فى إصابة الأهداف، وقنص المتآمرين من وضع الحركة والثبات معًا، وحتى مع تحرك الهدف باستمرار وخفة وزنه، إنهم أحفاد البطل محمدالمصرى من جيل أكتوبر العظيم الذى لُقب بـ«صائد الدبابات»، بعد تدميره 27 دبابة إسرائيلية من بينها دبابة عساف ياجورى قائد اللواء 190 مدرع.

 

وفى مدرسة المظلات، مصنع الرجال، وقفت أمام بعض العبارات الذهبية التى تدل على الجهد المبذول فى التدريبات، ومنها على سبيل المثال «العرق فى التدريب يوفر الدم فى المعركة»، و«وجودك هنا يعنى أنك رجل.. وكفى»، أما بلغة الأفعال عما يدور فى هذه المدرسة من مشاهد التأهيل، وصور التمرين، ونوعية التجارب، فحدث ولا حرج، فالانبهار للزائرين سيد الموقف فى كل المراحل، والافتخار حاضر على وجوههم فى جميع المواقف، فرغم تعدد الفرق والدورات التدريبية، وفى حارات متلاصقة، لا خطأ فى الحركة، ولا تردد فى المهمة، ولا ارتباك فى التنفيذ، كنا نمر بين صفوف الجنود من ساحة إلى أخرى وهم منهمكون فى الأداء وكأنهم لا يرون أحدًا، ولا يسمعون صوتًا إلا نداء قائدهم ومعلمهم، قمة الانضباط، وذروة الالتزام، وحسن التصرف، وعلى مدى قرابة نصف ساعة قضيناها فى رحاب هؤلاء الوحوش، وجدت نفسى ومن حولى من الزائرين نردد «ما شاء الله.. الله أكبر» خوفًا على مقاتلينا من العيون، وعن قناعة وصدق، أُجزم أن مَن يدخل مدرسة المظلات العظيمة سيخرج منها رجلاً من أشجع الرجال، وأخلص الرجال، وأغلى الرجال.

 

ويترجم هذا الشعور بالفخر من مستوى المتدربين فى مدرسة المظلات، توالى الأسئلة من المشاركين فى الوفد الإعلامى وحتى طلبة الجامعات على اللواء أ. ح/ أحمد زكى أحمد قائد قوات المظلات بداية من مواصفات اختيار هؤلاء الجنود لينضموا إلى قوات المظلات، وعدد ساعات التدريب يوميًا، ومدى خضوعهم للتأهيل النفسى مع البدنى، ومدة كل مرحلة تدريبية قبل الانطلاق إلى غيرها، وما هى أوضاع النزول من المظلة، وماذا عن وزن الأحمال التى الممكن اصطحابها وقت الطيران، وكيف يتم غرس روح فريق العمل فيهم، وماذا عن تصنيف قوات المظلات المصرية، وما هى الدول التى تحرص على المشاركة فى المناورات مع قوات المظلات المصرية؟، وقد نزلت الإجابات بردًا وسلامًا على قلوبنا جميعًا لأنها أعطت الصورة الكاملة لمنظومة إعداد الفرد المقاتل بأفضل درجات الكفاءة القتالية، ووضع كل السيناريوهات فى الحسبان، مع تجهيزهم بكل الاحتياجات لضمان نجاح المهام المكلفين بها، فضلاً عن مواكبة أحدث التكنولوجيات التى يستخدمها أقرانهم من القوات الخاصة دوليًا فى القدرات التسليحية والقتالية.

 

أعلى درجات الجاهزية والاستعداد القتالى، كان العنوان العريض لجولتنا فى معرض لطائرات «الدلتا»، ونماذج من المظلات المستخدمة خلال تنفيذ مختلف المهام، ثم مشاهدة الأنشطة التخصصية ذات الطابع الاحترافى التى ينفذها رجال المظلات عكست المستوى الراقى للقوات الخاصة طبقًا لطبيعة المهام التى يُكلفون بها، سواء فى قيادة الطائرات أو السيطرة على المظلات فرادى وجماعات، ومن أداء الدور العسكرى حسب تقديرات الموقف إلى نقل بعض المدنيين وقت الضرورة مثل الحاجة لتوصيل طبيب إلى مكان بعيد لإنقاذ مصاب أو غيره من الظروف الطارئة، لقد تتابعت رسائل الطمأنينة، وتلاحقت مشاهد السكينة، وتعاقبت براهين الأمان بين صفوف وفد الزائرين، بما تمتلكه القوات الخاصة من كفاءة قتالية تمكنها من الحفاظ على أمن الوطن واستقراره تحت مختلف الظروف، وذلك ضمن منظومة العمل المتكاملة للقوات المسلحة، وعزمنا عزمًا أكيدًا على أن نتحدث عن حكايات أبطال المظلات، ونحكى مسيرة قواتنا الخاصة، ونروى سيرة جيشنا العظيم فى كل الأفرع والأسلحة والوحدات العسكرية.

 

ومن المعلوم بالضرورة، والمؤكد بالوقائع، والموثق بالصوت والصورة فى كافة المناورات، واصطفاف تفتيش الحرب للفرق العسكرية الواحدة تلو الأخرى أن الكفاءة القتالية، والجاهزية المستمرة دائمًا حاضرة فى الأفرع الرئيسية وجميع الإدارات التخصصية بالقوات المسلحة بالاستخدام الأمثل للسلاح، كلٌّ فى تخصصه، والأداء المحكم، والتنفيذ المتقن بكافة الأصعدة، مما يجعلهم قادرين على حماية التراب المقدس ضد أية تهديدات أو مخاطر.

 

ومن القوات المسلحة درع الوطن وسيفه إلى الشرطة المصرية حراس الأمان، فقد انبهرنا جميعًا خلال احتفالية وزارة الداخلية بعيد الشرطة الـ73، سواء داخل قاعة الاحتفالات بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى أو أمام الشاشات على مستوى الجمهورية من عرض الاصطفاف السنوى لقوات الشرطة، فقد تميز كل الموجودين بحسن الأداء، وقوة الانضباط، والجدارة فى التنفيذ كما يقول الكتاب، بلا زيادة أو نقصان، ولم نرَ خطأ بسيطًا بين صفوف المشاركين فى الاصطفاف على مساحة 91 فدانًا رغم تعدد المواجهات، وكثرة الأنشطة التدريبية، سواء بين عناصر قوات الأمن المركزى والعمليات الخاصة، وقد تم الدفع بالعنصر النسائى فى جميع قطاعات الأمن المركزى، لأول مرة، مرورًا باصطفاف عناصر من سراى القوات الخاصة، وأيضًا لأول مرة يتم الدفع بالعنصر النسائى فيها، وصولاً إلى عناصر من قوة إنقاذ الرهائن، وحتى أفراد وحدة مكافحة الأعمال الإرهابية، وكانت الرسالة المسجلة بعلم الوصول إلى الداخل والخارج أن مصر بلد الأمن والأمان، وأن أمنها القومى «خط أحمر»، وهو ما أكده قائد قوات الاصطفاف موجهًا حديثه للرئيس السيسى: «نحن نُطمئن سيادتك يا فندم بأن قوات وزارة الداخلية جاهزة لتنفيذ أى مهمة بروح معنوية وكفاءة قتالية عالية لحماية الجبهة الداخلية لأمن مصر».

حمى الله مصر وشعبها وقيادتها وجيشها وشرطتها ومؤسساتها الوطنية من كل سوء.