رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

معدن المصرييـن «صلب»


31-1-2025 | 23:52

معدن المصرييـن صلب

طباعة

قطعًا لم يقرأ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب «صفحات التاريخ المصري»، وهذا لا يُحسب عليه، غير أنه يبدو أن ولايته الأولى لم تمنحه ولو قليلًا من الخبرة فى كيفية التعامل مع مصر، ليس قيادة فقط، بل وشعبًا، فـ «ترامب» بينما يبدأ ولايته الثانية فى إدارة «البيت الأبيض» كشف للعالم أنه لم يحسن اختيار مستشاريه ولا يجيد قراءة الماضى وهو يحاول صناعة المستقبل، وهو ما اتضح جليًا فى تصريحاته الأخيرة حول «تهجير الفلسطينيين» إلى مصر والأردن، وهى تصريحات خرجت من «عقل التاجر» ولا تمت بأى صلة إلى العقلية التى يفترض أن يكون عليها «السياسى» والحاكم بأمره فى «المكتب البيضاوى».

 

فعلها «ترامب» دون أن يدري، وأعاد إلى الأذهان «مواقف تاريخية» سطرها المصريون بحروف من ذهب، عندما أزاحوا من طريقهم الخلافات والأزمات، وأعلنوا وقوفهم خلف قيادتهم السياسية وتقديم الدعم الكامل لها، فلا يزال الجميع يذكر عندما أصبحت مصر «على قلب مواطن واحد» بعد نكسة 67، وكيف تحولوا إلى «جندى واحد» فى معركة العبور ونصر أكتوبر المجيد، وحتى خلال السنوات القليلة الماضية، لا تزال «قناة السويس الجديدة» والمليارات التى قدمها المصريون للبنوك للمساهمة فى شق القناة الجديدة، أسطورة صعب أن تتكرر فى أرض غير مصر، ومن شعب غير الشعب المصري.

 

وبالعودة إلى تصريح «ترامب»، فما هى إلا دقائق قليلة بعدما أطلقه الساكن الجديد لـ «البيت الأبيض»، إلا وضجت مواقع التواصل الاجتماعى بآلاف المنشورات الرافضة لـ «الطرح الأمريكي» فيما يتعلق بـ «مستقبل القضية الفلسطينية»، ليس هذا فحسب، لكن منشورات «الرفض» تحولت فى غضون ساعات أقل إلى دعوات لـ «دعم» القيادة السياسية فى موقفها المتمسك بـ «حل الدولتين» والدفاع المستمر عن القضية الفلسطينية باعتبارها «قضية مصر والمصريين الأولى».

 

سريعًا.. انتقلت منشورات «التأييد والدعم» لتحركات الرئيس عبدالفتاح السيسى، وبقية أجهزة الدولة، إلى مواقف واضحة أعلنتها النقابات المهنية، والسلطات التشريعية، والأحزاب السياسية على مختلف أطيافها وتوجهاتها، والنقابات المهنية، وبدأت أحاديث المواطنين تستعيد المرات التى خرج فيها الرئيس السيسى منذ بدء عدوان الاحتلال على الأشقاء فى قطاع غزة فى أكتوبر 2023، والتى أكد فيها موقف مصر الواضح مما يحدث، وشدد على أن الرغبة فى «إحلال السلام فى الشرق الأوسط» لن تتحول من خانة «الأمنيات» إلى مربع «الإنجازات» إلا بـ «حل الدولتين» وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود ما قبل يونيو 67، وأن أى سيناريوهات لا تتضمن هذا الحل سيكون مصيرها الفشل وزيادة معدلات التوتر وعدم الاستقرار فى المنطقة برمتها.

 

حدث كل هذا ولم يخرج «رد رسمي» من مصر، وهو ما دفع البعض للحديث زورًا وكذبًا عن «موافقة القاهرة»، غير أن وزارة الخارجية جاءت لتقطع ألسنة «أهل الشر»، ببيان كاشف وواضح أكدت فيه على عدة ثوابت، وفضحت بين سطوره أكاذيب عدة روجت، كما شددت على رفضها لأى مساس بحقوق الشعب الفلسطيني، سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأرض أو إخلائها من أصحابها.

 

بيان «الخارجية»، جاء ليعطى الجميع درسًا فى كيفية أن تكون «دبلوماسيًا قويًا»، فبلغة صارمة جاء فى البيان أنها «تشدد على رفضها لأى مساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواء كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل، وبما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها».

 

وكأن المصريين كانوا يتوقعون «بيان الخارجية»، فما هى إلا لحظات بعدما تداولته وسائل الإعلام، إلا وتحول إلى «تريند» على مواقع الـ «سوشيال ميديا»، يتناقله روادها من المصريين والعرب بفخر وتأكيد على أن «مصر، كانت وستظل، المدافع الأول عن قضايا العرب» و«صخرة الحق» التى طالما تحطمت عليها طموحات من لا يفهمون لغة «الوطنية» أو يتقنون «أبجدية الانتماء».