حسنًا فعلت الحكومة بقرارها تشكيل عدد من اللجان الاستشارية لتعزيز التواصل بينها وبين القطاع الخاص، وسعيًا للوصول للصيغة الأفضل من أجل تحقيق أهداف الدولة فى شراكة حقيقية وفعالة تخدم أهداف التنمية الشاملة.
ويمككنا القول إن قرار الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، بتشكيل ست لجان استشارية متخصصة هو خطوة جيدة تهدف إلى تعزيز التواصل بين الحكومة ورجال الأعمال والخبراء فى مختلف مجالات القطاع الخاص من أجل تعزيز قنوات دائمة لتبادل الرؤى والمقترحات لدعم عملية صنع السياسات الحكومية، كما أنها امتداد للمجالس القومية المتخصصة التى كانت وعاءً للأفكار والتشريعات والسياسات الحكومية منذ أواخر التسعينيات.
والواضح دون شك أن الحكومة حددت عددًا من الأهداف من خلال هذه اللجان، أهمها تعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والعمل على زيادة مساهمة القطاع الخاص فى تحقيق معدلات نمو مستدامة وتحقيق تعاون وثيق ومستمر بين الجهات الحكومية وخبراء القطاع الخاص.
كما تعمل على إشراك القطاع الخاص فى صياغة السياسات العامة المتعلقة بالتنمية الاقتصادية، وأيضًا تعزيز الحوار المستدام بين الحكومة والمستثمرين والخبراء، بما يضمن تحقيق الأهداف الاستراتيجية للنهوض بمختلف القطاعات، وهنا يأتى دور هذه اللجان الاستشارية من خلال:
. تقديم المشورة من خلال تقارير استشارية دورية لرئيس الوزراء تتضمن توصيفًا للتحديات التى تواجه كل قطاع، مع طرح مقترحات وحلول عملية لمعالجتها.
• تقييم السياسات عن طريق إبداء الرأى الاستشارى بشأن الاستراتيجيات والخطط والسياسات والبرامج التى تتبناها الحكومة، وتقديم تقييم موضوعى لأثرها على القطاع المعنيّ.
• المشاركة فى صياغة السياسات من خلال المناقشات الاستشارية المتعلقة بصياغة السياسات ذات الصلة بتطوير القطاع المعنيّ.
• تقييم الحلول الحكومية عبر إعداد تقييمات استشارية مستقلة حول جدوى الحلول والسياسات الحكومية الموجهة للنهوض بالقطاع على المديين القصير والمتوسط.
• تعزيز التنافسية الدولية عن طريق اقتراح آليات استشارية لتعزيز مستويات التنافسية الدولية للقطاع المعنيّ بما يسهم فى رفع كفاءته.
أما عن أهم مجالات هذه اللجان الاستشارية، فهى تشمل:
1. الاقتصاد الكلى.
2. لجنه الشؤون السياسية.
3. التنمية العمرانية وتصدير العقار.
4. تطوير السياحة المصرية.
5. لجنة تنمية الصادرات.
6.الاقتصاد الرقمى وريادة الأعمال.
والحقيقة التى تؤكد حرص الحكومة على الاستفادة من هذه اللجنة شمول القرار آليات عملها؛ فمن المقرر أن تجتمع كل لجنة برئاسة رئيس الوزراء، وبحضور الوزراء ورؤساء الجهات المختصين، بشكل دورى، مرة على الأقل كل شهر، وكلما دعت الحاجة لذلك لطرح التحديات كافة التى تواجه القطاع المعنى واقتراح السياسات والحلول المناسبة، خاصه أن اللجان الاستشارية ستسعى إلى خلق بيئة تشاركية فعالة بين القطاعين العام والخاص، مما يسهم فى تحسين الأداء الاقتصادى وزيادة الإنتاجية والاستثمار مع ضمان تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، بما يحقق الأهداف التى تسعى الدولة لتحقيقها ضمن رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030، وأهمها الوصول بحجم الصادرات إلى 100 مليار دولار سنويا، وأيضا التوسع فى زيادة صادرات العقار المصرى وتنظيم وإعادة ترتيب سوق العقار فى مصر.
ولا شك أن أول خطوة يجب على هذه اللجان المختصة اتخاذها هو تسريع تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لتحسين مناخ الاستثمار وجذب المزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية وأيضا التوسع فى الاستثمار المحلى، خاصة أن هذه اللجان تضم العديد من رجال الأعمال والمستثمرين المحليين مع ضرورة معالجة المشكلات المتعلقة بالإجراءات الحكومية أو البيروقراطية.
لكن يبقى أنه رغم أهمية اللجان الاستشارية التى أعلن عنها رئيس الوزراء لتعزيز التواصل مع الخبراء وتطوير السياسات، فإن هناك بعض المخاوف والتحديات التى قد تواجه عمل هذه اللجان، ومن أبرزها:
1. تضارب المصالح: فقد يؤدى وجود بعض رجال الأعمال أو أصحاب المصالح فى اللجان إلى تضارب بين مصالحهم الشخصية وبين الأهداف العامة التى تخدم الدولة والمجتمع.
2. عدم التنفيذ الفعلى للتوصيات:
• قد تُقدم اللجان توصيات فعالة، لكن يظل التنفيذ مرتبطًا بقدرة الحكومة على استيعاب هذه التوصيات وتطبيقها عمليًا، مما قد يجعل عمل اللجان بلا تأثير ملموس.
3. انعدام الشفافية:
• غياب الوضوح حول كيفية اختيار أعضاء اللجان ومعايير الاختيار قد يثير شكوكًا حول عدالة تمثيل جميع الأطراف والقطاعات.
4. تركيز القرارات فى أيدى نخبة معينة:
• اقتصار التمثيل على فئة معينة من الخبراء أو رجال الأعمال قد يؤدى إلى تجاهل وجهات نظر قطاعات أخرى من الخبراء والباحثين والمختصين.
5. بطء العمل:
• وجود عدد كبير من الأعضاء قد يؤدى إلى بطء فى اتخاذ القرارات وصعوبة فى الوصول إلى توافق.
6 . تجاهل المشكلات الهيكلية الأعمق:
• قد تركز اللجان على الحلول السريعة والآنية بدلًا من معالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الهيكلية التى تتطلب سياسات بعيدة المدى.
اللجان الاستشارية ستسعى إلى خلق بيئة تشاركية فعالة بين القطاعين العام والخاص،
مما يسهم فى تحسين الأداء الاقتصادي وزيادة الإنتاجية والاستثمار مع ضمان تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة