رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

د. عادل عطية: فخور بعمى وأنا الأقرب له علميًا «جامعة القاهرة» تحتفل بمرور ٧٥ عامًا على رحيل «مُشرفة»


2-2-2025 | 18:38

صورة أرشيفية

طباعة
تقرير: محمد السويدى

تحتفل جامعة القاهرة بمرور 75 سنة على رحيل أحد أعلامها وعلمائها الكبار، الدكتور على مصطفى مشرفة باشا مؤسس النهضة العلمية و«أينشتين العرب» كما يطلق عليه أهل العلم وأول عميد مصرى لكلية العلوم الراحل فى شهر يناير من عام 1950، تاركا وراءه إرثا ضخما من البحوث العلمية والمؤلفات والكتب كانت سببا مباشرا فى تمتع كلية العلوم بجامعة القاهرة وعلمائها بسمعة علمية كبيرة على المستويين المحلى والدولى طوال هذه السنوات الطويلة التى أعقبت وفاته وحتى الآن.

 

«المصور» التى نعت الدكتور على مشرفة فى موضوع منشور على صفحتين بعددها الصادر فى 27 يناير 1950 تحت عنوان «الرجل الذى فقدناه.. كان أول مصرى حصل على الدكتوراه فى العلوم» واصفة إياه بأنه كان حجة فى العلم، وكان يستعد للحصول على جائزة نوبل فى العلوم الرياضية، التقت مؤخرا بعدد من علماء قسم الرياضيات بكلية العلوم جامعة القاهرة، وفى مقدمتهم الدكتور عادل عطية مشرفة الأستاذ المتفرغ بقسم الرياضيات وأكبر أعضاء هيئة التدريس سنا بالقسم نجل شقيق الدكتور على مصطفى مشرفة للحديث عن بصمات الدكتور على مصطفى مشرفة فى النهضة العلمية الحديثة وجوانب من حياته الأسرية والاجتماعية.

 

د. عادل مشرفة: قال إن د.على مشرفة أنعم عليه الملك فاروق بالباشاوية فى فبراير 1946، كنموذج وقدوة لجميع أفراد العائلة الذين جعلوا من العلم هدفا رئيسيا فى حياتهم ولا غنى عنه، وفى مقدمتهم أشقاؤه الثلاثة عمى الدكتور مصطفى الذى نال الدكتوراه فى التحليل النفسى من جامعة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1949، ووالدى الدكتور عطية على الدكتوراه فى التاريخ الإسلامي، وعمى حسن ورغم كونه لواء شرطة، لكنه حصل على الماجستير فى الفلسفة، حصل مصطفى ابن عمى على مشرفة على درجة الدكتوراه فى الهندسة من جامعة منيسوتا بالولايات المتحدة الأمريكية أواخر عام 1964 وكان وقت وفاة والده عمره 14 سنة، وحصلت شقيقته الوسطى نادية على ليسانس الأدب الإنجليزى وعملت مترجمة فورية فى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، فيما حصلت سلوى وهى أصغر بناته على درجة الدكتوراه فى الكيمياء، توفوا جميعا وكان آخرهم الدكتورة سلوى فى 26 نوفمبر 2023، وأما أنا فقد كانت ميولى الشخصية تتجه فى سنوات مبكرة من العمر نحو الرياضيات والفيزياء مثل عمى علي، وكنت متفوقا فيهما منذ الصغر، لذا التحقت بكلية العلوم جامعة القاهرة وتخرجت فيها عام 1961 وسافرت إلى انجلترا وحصلت على الدكتوراه فى الرياضيات من جامعة لندن عام 1967، ومن ثم فأنا الأقرب علميا للدكتور على.

 

وأضاف «د. عادل»، ولد عمى على فى محافظة دمياط فى 11 يوليو 1898 ما بين الظهر والعصر وفق ما حكاه له والدى د. عطية مشرفة فى أسرة تعتز بشرف نسبها إلى سيدنا الحسن رضى الله عنه، وعرف كثير من أفرادها بالعلم والتقوى، وتولى بعضهم القضاء والإفتاء، وكان جده لأبيه «مصطفى عطية أحمد جعفر مشرفة» من المتمكنين فى علوم الدين ويسبق اسمه بلفظ «السيد» نسبة إلى السادة الأشراف.

 

وتابع: توفى جدى فى الثامن يناير عام 1910 وكان حينها عمى على عمره 11 سنة و6 أشهر، وبعدها بأشهر قليلة، حصل «على مشرفة» على الشهادة الابتدائية ترتيبه الأول على القطر المصري، وبموت جدي، أصبح عمى على عميدا لأسرته المكونة من إخوته (نفيسة ومصطفى وعطية وحسن) وكان الفارق العمرى بين كل اثنين منهما عامين تقريبا، وتوفيت جدتى عام 1916 وانتقلت الأسرة للقاهرة مع جدة أبى وأعمامى السيدة فاطمة العزبية واستأجروا شقة بحى عابدين، حصل عمى على شهادة الكفاءة عام 1912 والبكالوريا عام 1914 وبرغم من أن ترتيبه كان الثانى على القطر المصرى فى البكالوريا، كان فى إمكانه أن يلتحق بأية مدرسة عليا كالطب أو الهندسة، إلا أنه فضل الالتحاق بمدرسة المعلمين العليا.

 

وتطرق الدكتور عادل مشرفة إلى العلاقة الطيبة التى جمعت بين خاله أستاذ الجيل ومدير الجامعة المصرية الأستاذ أحمد لطفى السيد وعمه على مشرفة، لكل منهما موقف لا يُبارى فى الارتقاء بالجامعة المصرية فى ذلك الوقت وجعلها فى مصاف الجامعات العالمية ولاسيما كلية العلوم، مضيفا أنه يتذكر مقولته الشهيرة «الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية»، وعندما كنت طفلا صغيرا كان يأتى إلينا فى الأعياد مع بقية أخوالى سعيد باشا لطفى مدير الإذاعة المصرية، وسالم لطفى عضو مجلس الشيوخ وكامل لطفى السيد عمدة قرية برقين بمركز السنبلاوين محافظة الدقهلية فى ذلك الوقت، وهى موطن أسرة والدتى وارتبطت بها كثيرا أكثر من ارتباطى بدمياط نفسها.

 

وقال «د. عادل»: قبل تصوير مسلسل «مشرفة رجل لهذا الزمان» يحكى قصة حياة على مصطفى مشرفة، جلس معى عدة جلسات كل من مؤلف المسلسل الأستاذ محمد السيد عيد والمخرجة السيدة إنعام محمد على وكذلك الأستاذ أحمد شاكر عبد اللطيف الذى جسد دور على مشرفة، وذلك للتعرف على أبرز سمات مشرفة ومعرفة الألفاظ العلمية والنظرية النسبية لأينشتين وعلاقة المادة بالإشعاع وكذلك الذرة بصورة مبسطة يستطيع مشاهد المسلسل فهمها بسهولة.

 

الوجه الآخر للدكتور على مصطفى مشرفة كما يروى ابن شقيقه يتمثل فى حبه للموسيقى والرياضة وخصوصا رياضة التنس، وكانت تربطه علاقات طيبة للغاية برجال الفن والأدب والسياسة، لعل أبرزها كانت مع النحاس باشا والنقراشى باشا والأديب طه حسين والموسيقار محمد عبد الوهاب، ويذكر هنا الدكتور عادل مشرفة الدور الذى قام به سعد باشا زغلول فى تزكية ومساندة عمه على مشرفة للحصول على درجة الأستاذية بعد أن اعترضت بعض دوائر الجامعة على الترقية نظرا لصغر سنه رغم حصوله على أعلى درجة علمية فى العالم فى ذلك الوقت دكتوراه العلوم «D.Sc» من جامعة لندن فى أوائل عام 1924 وتم طرح المسألة فى البرلمان، وكان حينها سعد باشا زغلول رئيسا للجلسة وقال جملته الشهيرة فى حق عمي: «لا يجوز تقديرنا للدكتور على مشرفة يكون أقل من تقدير جامعة لندن له».

 

أما الدكتور أحمد فؤاد غالب، رئيس قسم الرياضيات الأسبق بكلية العلوم جامعة القاهرة، والمعروف عنه بأنه يحمل مفاتيح خزائن كنوز وتاريخ كلية العلوم وبصفة خاصة قسم الرياضيات، فقال إن الدكتور على مشرفة هو أول مصرى وعربى يحصل على درجة فلسفة العلوم فى الرياضيات من جامعة لندن، ثم درجة الدكتوراه فى العلوم وهى الدرجة العلمية الأعلى فى العالم من نفس الجامعة وهو فى سن صغيرة «25 سنة تقريبا»، وكان مؤسسا لقسم الرياضيات وهو أول عميد مصرى لكلية العلوم بالجامعة المصرية منذ عام 1936 وحتى وفاته، فضلا عن انتخابه وكيلا للجامعة فى ديسمبر 1945 وقائما بعمل مديرها فترة من الزمن بعد وفاة مدير الجامعة الدكتور على باشا إبراهيم، وتذكر «غالب» أول محاضرة له وهو طالب بالفرقة الأولى عام 1961 فى المدرج الذى حمل اسم «على مشرفة» وكانت فى خواص المادة للدكتور حبيب ميخائيل.

 

حجم المجهود العلمى والإدارى للدكتور على مشرفة كان لافتا للانتباه بشكل كبيرا ومحل إشادة وإعجاب من الجميع، ولم يكن مهتما فقط بتلاميذه من دارسى الرياضيات التطبيقية والبحتة على حد سواء، بل شملت رعايته كل طلبة وخريجى الكلية من الأقسام الأخرى، الفيزياء والكيمياء والنبات والجيولوجيا وعلم الحيوان، فظهرت مساهماته فى إرسال الكثير منهم فى بعثات علمية بالخارج لنيْل درجتى الماجستير والدكتوراه، وحصل معه الدكتور محمود الشربينى على درجة الماجستير عام 1932 رغم كون الشربينى خريج قسم الفيزياء، ويعد الدكتور محمد مرسى أحمد من أبرز تلاميذه المقربين الذين تخرجوا فى أول دفعة لكلية العلوم عام 1929 وصار فيما بعد مديرا لكل من جامعة عين شمس وجامعة القاهرة ووزيرا للتعليم العالي، واعتبر غالب إنشاء كلية العلوم بأقسامها الستة فى زمن مشرفة أدى إلى نهضة علمية كبيرة فى مصر، كما كان قسم الرياضيات الذى أسسه مشرفة ولا يزال بمثابة شعلة مضيئة غمر ضوؤها أماكن أخرى كثيرة بأنحاء الجمهورية.