مشاركة القطاع الخاص.. أهم الملفات التى حظيت باهتمام رئاسى بشكل غير مسبوق واهتمام حكومى لا يتوقف، قدمت فى سبيل دعمه وتحفيزه عشرات القرارات والإجراءات، تستهدف من خلالها تذليل كافة العقبات وتقديم الحوافز الكاملة لزيادة مساهمة القطاع الخاص فى القطاع الاقتصادى، خاصة أن مصر تعول بشكل عام على رجال الصناعة وبالتحديد مساهمة الصناعة فى الناتج المحلى الإجمالى للبلاد من 14 فى المائة إلى ما يتراوح بين 20 و 30 فى المائة.
ووفق خبراء فإن مصر يمكنها زيادة الاستفادة من القطاع الخاص فى ظل مساعيها لمنحه دورًا محوريًا فى دفع عجلة الاقتصاد وزيادة مساهمته فى الاقتصاد الوطنى إلى 65فى المائة خلال السنوات الثلاث المقبلة، فى حين يرى رجال أعمال أن ما يقدمه القطاع الخاص، وما يدفعه من ضرائب، وما يوفّره من وظائف، وما يساهم به فى الترويج للاستثمار فى البلاد، ربما يكون أقصى جهد يمكن أن يقدمه رجل الأعمال لدعم الاقتصاد، خاصة بعد أن منحت الدولة كافة التسهيلات لدعم القطاع الخاص وهو الأمر الملموس خاصة فى الأشهر الأخيرة.
الدكتور عمرو صالح، الخبير الاقتصادى، قال إن الكرة الآن أصبحت فى ملعب رجال الأعمال، والمطلوب منهم المبادرة بالشراكة الحقيقية وضخ الاستثمارات فى الاقتصاد المصرى، خاصة بعد أن رأينا قرار رئيس مجلس الوزراء الخاص بتشكيل لجان استشارية بشكل يعكس حرص الحكومة على المضى نحو توسيع دائرة المشاركة من قبل رجال الأعمال والمتخصصين، وهو ما يتسق مع رؤية الدولة المصرية فى زيادة مساحة مشاركة القطاع الخاص لتحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة.
الخبير الاقتصادى أكد أن اللجان الاستشارية تستهدف مجالات السياحة وزيادة الأعمال والاقتصاد الكلى والصناعة والذى تهدف من خلالها الحكومة الاستفادة من الخبرات المتراكمة لرجال الأعمال والمتخصصين والخبراء فى الاستمرار فى تذليل العقبات والتحديات التى تحول دون تحقيق زيادة حجم الناتج الصناعى والزراعى، هنا يمكن القول إن على رجال الأعمال الحراك بشكل أكبر وأوسع لأداء مهمتهم الوطنية فى دعم اقتصاد بلاده، خاصة أن اللجان الاستشارية بما تضم من أسماء مشهود لها بالخبرة والكفاءة المهنية والتخصصية سيكون لها أثر إيجابى فى تسريع وتيرة الأعمال وخلق مناخ أكثر جذبًا للاستثمار بما ينعكس على زيادة حجم الاستثمار الخاص المحلى والأجنبى وزيادة المشروعات وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وهذا ما تريد الحكومة تحقيقه لتتمكن من تحقيق معدلات نمو مستدامة واستقرار فى بيئة الاقتصاد الكلى.
وأشار إلى أن الدولة المصرية اختلف منظورها تجاه القطاعات الإنتاجية والصناعية، وفى التعامل مع المستثمر بشكل إيجابى، ونحن نرى حاليًا رأس الهرم القيادى المتمثل فى الرئيس السيسى ورئيس الوزراء، وكيفية التعامل مع المستثمرين، لتذليل كل العقبات التى من الممكن أن تقابلهم، مؤكدًا أنه لا يوجد حاليًا تمييز ما بين المستثمر الأجنبى والمحلى، مشيرًا إلى أن الاستثمارات التى جرى تداولها فى إصلاحات البنية التشريعية، راعت الحياد التنافسى بين المستثمرين.
ويرى الخبير الاقتصادى، هانى توفيق، أن الدولة والقطاع الخاص يبحثان عن تحقيق أقصى استفادة، ولكن لا بد من تحديد إطار عام لهذه الاستفادة، لتعود بالنفع بالشكل المأمول على الاقتصاد، مشيرًا إلى أن رجال الأعمال أصحاب مصلحة فى النهاية، قد تكون هذه المصالح مختلفة عن مصالح الدولة، لذا يجب أن تحدد الدولة كيفية تعظيم عوائدها من مختلف الاستثمارات الخاصة، وفقًا لـ«توفيق».
وثمن «توفيق» اللجان الاستشارية التى شكلها رئيس الوزراء، مؤكدًا أن تشكيل مثل هذه اللجان التى تضم خبراء محايدين وشيوخًا بكل قطاع اقتصادى، تكون مهمتها وضع سياسات وبرامج دقيقة للمستهدفات التنموية للحكومة من كل قطاع اقتصادى، لتحدد كيفية تعظيم استفادة الدولة من هذه الأنشطة الاقتصادية، مشددًا على ضرورة اعتماد هذه البرامج من قبل البرلمان، وقيام الحكومة بالإشراف على تنفيذها عبر القطاع الخاص، موضحًا أن هذه البرامج ومعدلات تنفيذها على أرض الواقع ستُسهل القدرة على التقييم السريع والمباشر لعمل الحكومة ذاتها.
وتقول د. نجوى سمك، أستاذ الاقتصاد: إن تعظيم استفادة الدولة من القطاع الخاص، يبدأ من المعطيات التى تتيحها الدولة نفسها للمستثمرين، مؤكدة أن تسهيل عمل المستثمرين، وإتاحة حوافز وتسهيلات للحصول على الأراضى والتمويلات اللازمة للمشروعات، يعزز استفادة الدولة بشكل تلقائى من القطاع الخاص.
وأشارت إلى أن الضرائب التى تحصّلها الدولة من استثمارات القطاع الخاص، ومعدلات التشغيل والتصدير والإنتاج، والتدفقات الأجنبية الناتجة عن هذه الاستثمارات، هى أهم أوجه الاستفادة التى تحققها أى دولة من رجال الأعمال، كما أن كل ما تمنحه الدولة من حوافز للقطاع الخاص يمكن بزيادة العوائد لرجال الأعمال وللدولة معًا.
ويرى أسامة حفيلة، رئيس جمعية مستثمرى دمياط، أن رجال الصناعة والزراعة والمصدرين فى مصر يبذلون كل مجهوداتهم لخدمة الاقتصاد المصرى وتعظيم عوائد شركاتهم بالتبعية، موضحًا أنه حين تقوم الشركات بزيادة أعمالها لتحقيق المزيد من الأرباح تقوم فى المقابل بإعادة استثمار أرباحها فى مشروعات جديدة بالسوق مرة أخرى، وبالتالى توفر المزيد من الوظائف وتدفع ما يستحق عليها من ضرائب، كل هذه الأمور تعود بالنفع على الدولة.
وأشار إلى أن الدولة لا تستطع توفير الوظائف لكل المصريين، ولن تستطيع تحقيق العوائد التى يحققها القطاع الخاص، ورجال الأعمال يفعلون كل ما فى وسعهم لتعظيم العوائد الاقتصادية للدولة، وفى المقابل تقر الدولة ما تراه من حوافز لدعم القطاع الخاص وفق تقديرها وتقييمها للمردود الذى يقدمه، موضحًا أن الحكومة المصرية لديها هدف للوصول بصادرات البلاد من مستوى 35 مليار دولار إلى نحو 145 مليار دولار بحلول 2030، فى حين رأت أن خفض الحوافز التصديرية فى البرنامج الجديد لدعم الصادرات سيساعد فى تحقيق مستهدفاتها، وهذه رؤية الحكومة، وبناءً عليه سنرى مدى ملاءمة رؤية الحكومة للواقع.
ويرى د. خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، أن رجال الأعمال المصريين يلعبون دورًا بارزًا فى الترويج للاستثمار فى مصر، وجذب استثمارات أجنبية جديدة للبلاد، بجانب دورهم الطبيعى فى التوظيف ودفع الضرائب وزيادة حصيلة الدولة من النقد الأجنبى، مشيرًا إلى أن دوائر الأعمال متشابكة فى العالم أجمع، وبالتالى فإن دور رجال الأعمال المصريين فى الترويج للاستثمار بمصر ينعكس بشكل واضح على معدلات الاستثمار الأجنبى، ولن يأتى مستثمر لمصر إلا بعد رؤية وسماع مؤشرات إيجابية من مستثمر محلى أو أجنبى يعمل داخل مصر، وفى المقابل إذا نقل المستثمر فى الداخل معوقات فى الاستثمار للمستثمرين بالخارج فإن هذا الأمر يعرقل أى تدفقات استثمارية.
ويقول د. محمود السعيد عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة السابق، أن تحقيق الإصلاح الاقتصادى يتطلب إشراك جميع أطراف المنظومة الاقتصادية، بدءًا من كبار المستثمرين وصولًا إلى أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لوضع رؤية متكاملة تستند إلى الاستماع لكافة الأطراف، مما يُتيح الوقوف على التحديات الحقيقية التى تواجه كل قطاع، والعمل على وضع حلول عملية ومتكاملة.
وأضاف أن الصناعة تظل العمود الفقرى للنهوض بالاقتصاد، لأنها توفر فرص العمل، وتُعزز الصادرات، وتقلل من الاعتماد على الواردات، مشددًا على ضرورة تقديم دعم فعّال لهذا القطاع الحيوى، سواء عبر سياسات مالية ونقدية محفزة، أو عبر تحسين بيئة الاستثمار لتشجيع ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة، مؤكدًا أن تعزيز التكامل بين جميع فئات الاقتصاد المصرى سيؤدى إلى بناء اقتصاد قوى ومستدام، لافتًا إلى أهمية الابتكار فى إيجاد حلول إبداعية للمشاكل المزمنة مثل الفجوة التمويلية.
وأشار «السعيد» إلى أن الصناعة هى الحل، ومن خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والاستماع لكافة الشركاء الاقتصاديين، يمكننا تحقيق نقلة نوعية تُحدث فارقًا حقيقيًا فى التنمية الاقتصادية وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، مشيرًا إلى أنه رغم ذلك فإن مجتمع الأعمال المصرى لديه عدة مطالب أساسية من الحكومة خلال 2025 لتحقيق استدامة النمو الاقتصادى ودعم القطاع الخاص، من بينها استقرار السياسات الاقتصادية والتشريعية وإصدار قوانين واضحة وثابتة، خاصة فى مجالات الاستثمار والضرائب والجمارك.
وأضاف كذلك تحسين مناخ الاستثمار من خلال تسهيل الإجراءات الإدارية وإلغاء البيروقراطية التى تعوق تأسيس الشركات وتنفيذ المشروعات، بالإضافة إلى دعم القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة، من خلال تقديم حوافز تمويلية وتشجيع الاعتماد على المكونات المحلية.
وأكد أن أهم مطالب القطاع الخاص من وزارة المالية، تتمثل فى تطوير السياسات الضريبية والعمل على استقرار التشريعات الضريبية وتقليل التعديلات المفاجئة، وتوسيع القاعدة الضريبية دون زيادة الأعباء على الشركات، وتقديم حوافز ضريبية لدعم الصناعات التصديرية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وطالب بضرورة تسريع رد ضريبة القيمة المضافة للمصدرين، وجدولة المستحقات الضريبية بطريقة تدعم الشركات المتعثرة، وتسريع التحول الرقمى للخدمات الحكومية لتبسيط إجراءات الضرائب والجمارك، وتعزيز الشفافية والحد من البيروقراطية، مشيرًا إلى أهمية المضى قدمًا نحو السيطرة على عجز الموازنة من خلال وضع سياسات تدعم خفض الدين العام وتحسين كفاءة الإنفاق الحكومى.
يرى سمير عارف رئيس جمعية «مستثمرى العاشر من رمضان»، أن تهيئة مناخ الاستثمار وتحفيز رجال الأعمال على ضخ مزيد من الاستثمارات فى القطاعات الصناعية يعدان من الأولويات التى تعمل عليها الدولة المصرية، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية الرامية إلى تعزيز الإنتاج المحلى وتقليل الاعتماد على الواردات، خاصة أن القطاع الصناعى يمثل قاطرة التنمية الاقتصادية، إذ يسهم فى خلق فرص عمل جديدة وزيادة الصادرات، مؤكدة ضرورة تقديم مزيد من التسهيلات للمصنعين والمستثمرين، لا سيما فيما يتعلق بالحصول على الأراضى الصناعية، وتوفير التمويل الميسر، وتبسيط إجراءات التراخيص والتشغيل.
وأهمية تعزيز التكامل بين القطاعين العام والخاص من خلال شراكات استراتيجية تساهم فى نقل التكنولوجيا الحديثة إلى المصانع المصرية، مما يعزز قدرتها التنافسية فى الأسواق الإقليمية والعالمية، مؤكدًا أن دور القطاع الخاص خلال الفترة المقبلة سيكون دورًا محوريًا وفعالاً نظرًا للآمال الكبيرة التى تعقدها الحكومة عليه، كما أن الفرص الواعدة الموجودة بالسوق تتطلب من رجال الأعمال والمستثمرين دراستها جيدًا والعمل على الاستفادة منها، خاصة فيما يتعلق بالقطاعات التصديرية، مع ضرورة تركيز المنتجين على الاستفادة من كل الاتفاقيات التجارية التى وقعتها مصر مع مختلف دول العالم، نظرًا للحوافز والتسهيلات الكبيرة التى تمنحها للشركات المحلية.
والحوافز والتسهيلات والبنية الأساسية التى قامت بها الدولة مؤخرًا استفاد منها قطاع الصناع ككل.
وطالب «عارف» الشركات بدراسة الفرص المتاحة والعمل على اقتناصها، والتوسع النوعى خلال الفترة المقبلة ضرورى للاستفادة من التسهيلات وفرص النمو الكبيرة التى تنتظرها بعض القطاعات، مضيفًا أن الاستثمارات الجديدة التى ستدخل حيز التنفيذ ستعمل على المساهمة وبشدة فى تحقيق خطط الدولة الرامية إلى الوصول بحجم الصادرات إلى نحو 145 مليار دولار، مؤكدًا أن القدرات الكبيرة والخبرات التى يمتلكها القطاع الخاص ستعمل على تحسين معدلات الإنتاج والتصدير وكل مؤشرات الاقتصاد بشرط استمرار الدعم الحكومى وإقرار المزيد من الحوافز، موضحًا أن الصناع قادرون على رفع معدلات النمو عن طريق فتح المزيد من الأسواق التصديرية الجديدة، وزيادة حجم الاستثمارات ومعدلات الإنتاج ناهيك عن توطين الصناعة وزيادة نسبة المكون المحلى لزيادة القدرات التنافسية للمنتج المحلى فى الأسواق الخارجية.