رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

فى سيرة «علم الدين».. «ليلى ومحمود».. سنوات الحب والعلم


8-2-2025 | 23:07

فى سيرة علم الدين .. ليلى ومحمود .. سنوات الحب والعلم

طباعة
بقلم: أشرف التعلبى

«معه عرفت المعنى الحقيقى للحب.. فالحب ليس مجرد عواطف جياشة وكلمات رقيقة تقال بل هو مواقف يفعلها كل حبيب إلى جانب حبيبته سواء فى الفرح أو الألم والحزن.. هكذا كان «محمود» سندا حقيقيا لى وأنا أيضا كنت له السكن والدفء، كنا نختلف فى بعض تصوراتنا وآرائنا فى الحياة.. ولكننى كنت أراه نصفى الآخر».

 

وإذا كانت إرادة الله قد قضت أن يرحل بجسده فإنه باقٍ بكل ما قدمه للإنسانية من إنتاج علمى متميز ومبدع ومن إنتاج بشرى من طلابه الذين يدينون له بما حققوا وكل ما قدمه للوطن من مواقف شجاعة تتسم بالوطنية والاستعداد للتضحية.

 

وهو بالنسبة لى، غائب إلى حين، حتى نلتقى، ويجتمع النصفان مرة أخرى.. إلى روحه الطاهرة هذا العمل عنه وعن حياتنا معا طيلة خمسين عاما، عشت معه عمرا، ولم أشبع منه، وأعيش الآن مع إرثه الفكرى والإبداعى والإنساني»..

 

هذا ما دوَّنته الدكتورة ليلى عبدالمجيد، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة الأسبق، فى كتابها «محمود علم الدين.. العالم والإنسان» الصادر عن دار السحاب للنشر والتوزيع فى 320 ورقة من القطع الفاخر.

 

حمل الفصل الأول عنوان «رحلة العلم والعمل.. حلم طموح تحدي»، وتناولت فيه المؤهلات العلمية للدكتور علم الدين ورحلته من شاب طموح تشكلت أحلامه منذ الصغر، بعد أن كان يخطط بأن يكون سينمائيا؛ لتشاء الأقدار أن يتم الإعلان فى العام نفسه الذى حصل فيه على الثانوية عن افتتاح معهد عالٍ للإعلام بجامعة القاهرة لأول مرة، حتى تقدم فى اختبار معهد السينما بجوار اختباره فى معهد الإعلام لتكون المفاجأة نجاحه فى الاثنين، فالتحق بالإعلام ليكون أول دفعة الذى أصبح كلية فى عام 1974، ويبدأ مشواره كمعيد بقسم الصحافة والإعلام، حتى حصل على دكتوراه فى الإعلام، وأصبح وكيل الكلية، وعمل مستشارا إعلاميا لوزارة التعليم والبحث العلمى، ومحكما ومحاضرا وعضوا فى الكثير من الهيئات والجامعات، وكاتبا فى الكثير من الصحف.. رحلة لم تكن سهلة ولكنها كانت بالنسبة له ممتعة، كل هذا كان كفيلا بأن يمكنه من أن يكتب اسمه بأحرف من نور كصاحب مدرسة جديدة متجددة علما وممارسة وعطاء مستمرا مهما مرت السنون ورغم الرحيل.

 

وفى الفصل الثانى تناولت الدكتورة ليلى بحوثه ودراساته، منذ أول بحث عن فن المجلة مهمومة بمشاكل مهنة الصحافة ورسالتها النبيلة، تناقش واقعها وتبشر بمستقبلها فى ظل تطورات سريعة ومتلاحقة، وأدرك التحولات التكنولوجية، مما جعله أحد البارزين فى مجال الإعلام الرقمى ومتطلباته والتحديات التى تواجه الصحافة الورقية، حيث تنوعت دراساته بين الكتابة والتحرير الصحفى والإخراج وفنون التحرير وتطوراتها.. وكان من بين اهتماماته العلمية إدارة الصحف واقتصادياتها، وكان كتابه الأخير الصادر 2022 خير رسالة يتركها للأجيال القادمة عن وصايا عشر قدمها فى كتابه «صناعة النجاح»، وفى هذا الفصل قراءات لإنتاجه العلمى والتى تضمنت 34 دراسة منشورة فى دوريات علمية ومقدمة إلى مؤتمرات محلية ودولية و46 كتابا فى الصحافة والإعلام الجديد وتكنولوجيا المعلومات والاتصال والتوثيق الإعلامى.

 

أما فى الفصل الثالث فتطرقت د. ليلى إلى مدرسته البحثية المتكاملة التى خطط لها ونفذها مع مريديه من الباحثين من كالجامعات.. وتقول إن كل من كان يذهب إلى الجناح الذى يوجد فيه مكتبه فى الدور الأرضى للكلية، وهو مكتب يشاركه فيه الدكتورة نجوى كامل وأنا، ومنذ أن يبدأ فى السير إلى الممر الذى يقود إلى مكتبه سيفاجأ بعشرات من الباحثين والباحثات الذين ينتظرون قدومه، وبمجرد أن يدخل يبدأ بعضهم فى الاتصال بمجموعة زملاء آخرين ليخبروهم بأن الدكتور قد وصل، وكان يمد بعضهم ببعض المراجع المتاحة عنده فى مكتبه.. وغالبا ما كان الأستاذ يطرح على طلابه والباحثين الراغبين فى دراسة الماجستير أو الدكتوراه معه أو مع أساتذة غيره بعض الأفكار الجديدة.. فالأفكار عنده كنز لا ينضب ولا ينتهى، وكلما غرف منه الباحثون امتلأ من جديد.

 

حتى نجح الدكتور محمود علم الدين أن يقدم من خلال مدرسته البحثية إضافات قيمة ومهمة، حيث ترك ما يقرب من (230) رسالة ماجستير ودكتوراه أشرف عليها وحده أو بالاشتراك مع زملاء له تمثل إرثا قيما وثريا ليستفيد به كل الحالمين فى أن يقدموا بحوثا تضيف لتخصصهم وتخدم مجتمعهم.

 

وفى فصل بعنوان «هكذا عرفناه ولمسنا صفاته»، سجلت الدكتور منى الحديدى شهادتها بعنوان «الصديق الوفى والزميل السند»، قالت فيها: يتضمن شريط علاقتى بالعزيز «علم الدين»- كما كنت أفضل محادثته كثير- كم الذكريات عند بعضها، فبمجرد معرفته بموضوع رسالتى «الدكتوراه» حول السينما والمرأة بادر بتقديم كثير من المعلومات وتسهيل مهمة تجميع المعلومات من السينمائيين والنقاد، وحضر المناقشة فى الصفوف الأولى بمدرج 78 بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية مقر الكلية السابق قبل تخصيص المبنى الحالى، مشجعًا ومساندًا وكانت فرحته بنجاحى معادلة لفرحتى ولأفراد أسرتي؛ رغم أننا كنا فى قسمين مختلفين إلا أن اهتماماتنا الثقافية كانت وراء هذا التقارب والتفاهم».

 

أما عن الدكتورة ثريا أحمد البدوى عميدة كلية الإعلام حاليا فكانت شهادتها عنه: «إذا وعد أوفى.. أتذكر موقفا لا يغيب عن ذاكرتى حين طرقت باب مكتبه وطلبت من أستاذى أن أحدثه فى الخارج، فنظر إليّ وهو يبتسم من قلبه تعالى يا ثريا، ولما استشعر حرجى، خرج إليّ متواضعا ومقبلا وقائلا: اللى انتى عايزاه هيتنفذ ومبروك مقدما.. كان رحمه الله جابرا للخواطر لا يرد أحدا».

 

بينما تضمن الكتاب شهادة الدكتور حسن عماد مكاوى، أستاذ الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام، قال فيها: كان «علم الدين» شغوفًا بالمعرفة والاطلاع على كل جديد فى مجالات التحرير والإخراج الصحفى وتكنولوجيا الصحافة فى العصر الرقمى، كان نموذجًا للإنسان الراقى المتحضر والباحث المتميز والمفكر المبدع، وانعكس ذلك بوضوح فى جميع كتبه العلمية ودراساته الرصينة التى تسد فراغًا كبيرًا فى مكتبة الدراسات الإعلامية.

 

كما تضمن كتاب «سيرة ومسيرة محمود علم الدين.. العالم والإنسان» كل ما قيل عنه من رثاء ومقالات عندما رحل سواء نشرت هذه المنشورات عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» أو مقالات وتقارير فى الصحف.. فلم يكن «علم الدين» نابغا فى البحث العلمى ومتميزًا كأستاذ جامعى فقط، ولكنه كان يملك الموهبة الصحفية والحس الصحفى، له أسلوب خاص فى الكتابة الصحفية.. وقد بدأ ممارسة العمل الصحفى مبكرا منذ أن كان طالبا واستمر يعمل كصحفى إلى جانب عمله فى الجامعة لسنوات فى صحف أخبار اليوم والأخبار ومجلة آخر ساعة وغيرها، ولكنه مع مرور السنين تحول بكتاباته إلى إعداد الدراسات الصحفية وكتابة المقالات فى العديد من الصحف المصرية والعربية منها الأهرام، ومجلة المصور، ومجلة السياسة الدولية.

 

وتناول فى هذه الدراسات والمقالات القضايا المهمة التى تمس الوطن وناقشها بأسلوب علمى وسلس يصل إلى القارئ فى سهولة ووضوح، وكان من بين اهتماماته فى السنوات الأخيرة تشجيع ومساندة الصحف المطبوعة التى تواجه تحديات متعددة لإيمانه بأهميتها وضرورة الحفاظ على بقائها.

 

كمل خصص جانبا كبيرا من اهتماماته عبر حسابه الخاص على موقع الفيس بوك لتقديم الأعمال المتميزة التى تنشر بالجرائد والمجلات المصرية المطبوعة، برؤية نقدية هدفها التطوير... والجزء الأخير من الكتاب احتوى على الكثير من المقالات التى نشرتها له مجلة «المصور»، ليتبعها مجموعة مميزة من الصورة النادرة للدكتور محمود علم الدين، صور أسرية وصورة عملية فى بعض المؤسسات والهيئات والمؤتمرات.