أثارت انتقالات اللاعبين فى الدورى المصرى جدلًا واسعًا فى الآونة الأخيرة، حيث أصبحت الأندية تسعى جاهدة لضم أفضل اللاعبين لتعزيز صفوفها بصفقات جديدة للمنافسة على الألقاب. ولعل أبرز الأمثلة انتقال بعض اللاعبين البارزين من نادى الزمالك إلى غريمه التقليدى الناى الأهلى، أو العكس، ويرى البعض أن الأندية تتعامل مع اللاعبين كمحترفين يحصلون على رواتب ومزايا كبيرة، فيما يرى البعض الآخر أنها مسألة «عناد» و«مكايدة» بين القطبين وتطبيق خاطئ لفكرة الاحتراف فى كرة القدم.
ماهر همام، مدرب الأهلى السابق، قال إن «المنافسة بين الأهلى والزمالك فى سوق الانتقالات جزء طبيعى من كرة القدم، وهى موجودة فى كل دول العالم، فالأندية الكبيرة تسعى دائما لضم أفضل اللاعبين من أجل تعزيز صفوفها والمنافسة على البطولات، لكن يجب أن تكون هذه المنافسة فى حدود الأخلاق الرياضية، وألا تتحول إلى صراع يدفع الأندية إلى ارتكاب مخالفات أو تجاوزات، لافتاً إلى أن تطبيق مفهوم الاحتراف داخل مصر لا يخضع لقاعدة ثابتة، فمَنْ لديه القدرة المالية يشترِ اللاعبين الأكثر تأثيرًا مع أنديتهم، سواءً كان يلعبون مع الغريم التقليدى نادى الزمالك أو يلعبون مع أى نادٍ آخر، وهذا شائع فى الدوريات الأخرى، لكن هنا فى مصر دائما ما يُوجه اللوم إلى اللاعب وهذا أمر غريب جدا.
«همام»، أوضح أن «مفهوم الاحتراف المدرج فى اللائحة الدولية هو تحوّل اللاعبين والأندية إلى العمل وفقًا لقواعد واضحة ومحددة، تتضمن حقوق وواجبات كل طرف، وتهدف إلى تطوير مستوى الأداء ورفع كفاءة الإدارة والتسويق»، مؤكدًا أن انتقال أشرف بن شرقى إلى الأهلى بمثابة «ضربة موجعة» لجماهير الزمالك، حيث كان اللاعب يحظى بشعبية جارفة فى النادى الأبيض، ومن قبله صفقة إمام عاشور التى أثارت جدلًا واسعًا.
وأضاف أن أى لاعب مصرى الآن بعيد عن الانتماء يهمّه تطوير نفسه فنيًا وماديًا، ولدى كل لاعب دوافع مختلفة، وفى حالة أشرف بن شرقى وإمام عاشور بالأخص، الاثنان فضّلا الانتقال إلى النادى الأهلى؛ بحثًا عن فرصة أكبر للعب، والمشاركة فى البطولات القارية مثل كأس العالم للأندية، وأيضا الحصول على راتب أعلى ومزايا أفضل عما كانا يتقاضيانه مع نادى الزمالك سابقا، ومن مزايا الاحتراف داخل الأهلى هى تطوير مستوى اللاعب، حيث يساعده النادى على تطوير مستواه من خلال توفير بيئة تدريبية أفضل، ورواتب أعلى وحوافز أكبر.
محمد حلمى، مدرب الزمالك السابق يرى أن: الاحتراف الآن فى الدورى المصرى أصبح صراعًا بين الأهلى والزمالك فى سوق الانتقالات ويضر بالكرة المصرية بشكل عام، فبدلا من أن تركز الأندية على تطوير قطاع الناشئين والبحث عن المواهب الشابة، نجدها تتنافس على خطف اللاعبين الجاهزين، وهو ما يرفع أسعار اللاعبين بشكل مبالغ فيه، ويؤثر على ميزانيات الأندية، كما أن هذا الصراع قد يدفع بعض اللاعبين إلى تفضيل المال على الطموح الرياضى، وهو ما يضر بمستواهم على المدى الطويل، وأعتقد أن الحل يكمن فى وضع ضوابط وقواعد تحكم عملية الانتقالات، بحيث يتم التركيز على تطوير اللاعبين الشباب، وتشجيع الأندية على الاستثمار فى قطاع الناشئين، كما يجب على اللاعبين أنفسهم أن يكونوا أكثر وعيًا بأهمية اختيار النادى الذى يناسب طموحاتهم الرياضية، وليس فقط الذى يدفع أكثر.
وأكمل: ناديا الأهلى وبيراميدز يطبقان فكرة الاحتراف بمبدأ الأكثر نفوذا ماليا، وهذا واضح فى صفقتى إمام عاشور وأشرف بن شرقى، أما نادى الزمالك وبقية أندية الدورى فلا يزالون فى خانة «الأقل امتلاكًا للأموال»، ولذلك يواجهون تحديات الاحتراف» والتى تدور حول توفير موارد مالية كافية لتلبية متطلباته، مثل رواتب اللاعبين.
«حلمي»، أشار إلى أن «هناك احتقانا لدى جمهور الزمالك بسبب انتقال أشرف بن شرقى إلى النادى الأهلى، لأن هناك بالفعل أزمة احتراف داخل مصر، وسبب تلك الأزمة بسبب قصة العناد بين الأهلى والزمالك، وإغراء اللاعبين بالانتقال لأى نادٍ بزيادة الراتب، وهو الأمر الذى رفع أسعار اللاعبين إلى أرقام كبيرة، ثم دخلت معهم أندية مثل بيراميدز الذى رفع العقود أكثر من الناديين، ويتم إبرام عقود اللاعبين من دون وضع حد معين أو سقف محدد للرواتب، ولن نستطيع حل تلك الأزمة إلا بعد تدخل قوى من الدولة وإيجاد لوائح يلتزم بها جميع الأندية».
وأضاف: لدينا دائمًا حلول للتحايل على أى قوانين، لكن الملف الخاص بالعقود يحتاج إلى دراسة خاصة، ولا بد من الإسراع فى حل هذه الأزمة، وهناك لاعبون أصبحوا يتعاملون بذكاء شديد فى ملف الانتقالات، وبعضهم يفضل الجانب المالى وينتقل للأندية التى تدفع أكثر، أو بعض العناصر الأخرى التى تريد اللعب فى أندية جماهيرية أكبر، وبهذا الشكل العشوائى فى تطبيق الاحتراف من وجهة نظرى سترتفع أسعار اللاعبين داخل الدورى المصرى بشكل جنونى، لأن أسعار اللاعبين تخضع فى مصر لرؤية معينة، بعيدا عن الاحترافية، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك دولا إفريقية وعربية سبقت مصر فى تنظيم الأمور الخاصة بكرة القدم، ونتمنى أن تكون هناك دراسة لسرعة حل هذه المعضلة..