رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

أحكام القضاء غير قابلة للتعقيب


13-2-2025 | 18:34

المستشار/ أحمد بدوي

طباعة
بقلم المستشار/ أحمد بدوي

وفق النصوص القانونية التي أضفت على الأحكام القضائية قدسية انبثقت عن رفعة وقدسية السلطة ‏القضائية وهو ما يهدف للحفاظ على استقلال القضاء وضمان عدم التأثير على عمل القضاة وهو ما ‏يجعل التصرفات التي نصادفها من بعض التصرفات المخالفة لتلك القاعدة العامة كانت مقصودة أو غير ‏مقصودة، فما هي إلا مخالفة صارخة للقانون والنظام العام ولا شك أن المشرع قد وضع في الاعتبار أن ‏بعض الأحكام القضائية قد لا تُعبر عن الواقع وذلك لطبيعتها الخاصة وأنها تُعبر عن واقعة تجسدت أمام ‏القضاء وأدلة ومستندات رجحت الحكم الصادر وتم استيفاء إجراءات الرقابة على ذلك الحكم من خلال ‏درجات التقاضي المتعددة انتهت إلى نتيجة في ضوء المعروض من أدلة الثبوت والنفي والتوازن بينهما ‏وهنا يجب الوقوف على أحد أهم القواعد الفقهية التي تقضي بأن أحكام القضاء لا تحل حراماً ولا تُحرم ‏حلالاً .  


فمن أهم القواعد الفقهية التي علينا جميعاً أن نتذكرها ونعمل بها هي أن الحكم القضائي لا يملُك أن ‏يُحلل‎ ‎الحرام ولا أن يُحرم الحلال، وما هو إلا نتاج دراسة وتأمل القاضي في أوراق ووقائع كلا ‏المتداعين‎ ‎تنتهي بحُكم قاضي في الدعوى أو القضية ، غير أنه لا يتعدى أن يكون حكماً دنيوياً أنتصر ‏فيه صاحب‎ ‎الحُجة والبرهان الأقوى، بغض النظر عن ما يخفى عن القاضي بداخل ضمير كلا الخصوم في ‏الدعوى أو‎ ‎القضية المطروحة عليه، ذلك لأن ضوابط عمل القاضي لا تجعله يخترق علم الغيب أو التدخل ‏في‎ ‎النفوس فما هو‎ ‎الا ترجمة لما تم ذكره وإثباته بأوراق الدعوى، لذا فإن الشرع والفقه في كل ‏الأديان‎ ‎انتهى إلى أن القاضي الحق هو ( الله عز وجل ) دون سواه لأنه وحده لا شريك له يعلم السر وما ‏تخفي‎ ‎النفوس ، لذا فإن الأحكام نسبية في عدالتها طالما أن مُصدرها والقاضي فيها بشر قاضي كان أو ‏حاكم‎ ‎أو‎ ‎أياً ما كان مسماه لأنه يتأثر بقوة حُجة هذا وفصاحة لسانه وتحايُل أسبابه، فلا تيأس‎ .  


قد تخسر‎ ‎وانت‎ ‎الرابح وقد تربح وأنت الخاسر، ولكن - يوم القضاء تجتمع الخصوم تُقتص الحقوق - أما ‏الدنيا فقد تحمل نسبيات عديدة بين الحق‎ ‎والباطل والعدل والظُلم، ولكن إلى حين، فالوعد الحق أن ينصُر ‏الله سبحانه وتعالى المظلوم ويقتص من‎ ‎الظالم .‏
فإَنَّ رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ‎ : ‎إِنَّمَا أَنَا بشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ مِنْ ‏بَعْضٍ؛ فأَقْضِي لَهُ بِنحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بحَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ( ‏‎ ‎مُتَّفَقٌ عَلَيهِ )‏
فأحزروا نصر الظُلم وإن أقره القضاء ووثقه القاضي بما توافر لديه من أدلة وبينات فهو هزيمة محتومة ‏إما عاجلةٍ أو آجلة‎  ‎فلم يبق إلا إرجاع الأمر إلى الحاكم العادل الذى لا يظلم والذى يعاقب الجاني في ‏الدنيا بما يحدث له من مصائب وفى الآخرة بما ينتظره من عقاب‎.