رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

لحماية «مجرم الحرب» «الجنائية الدولية» على رادار ترامب


16-2-2025 | 19:00

لحماية مجرم الحرب الجنائية الدولية على رادار ترامب

طباعة
تقرير: أمانى عاطف

في خطوة مثيرة للجدل، كالعادة، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أمر تنفيذي يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، كما فرض حظر سفر على الأشخاص الذين يعملون في تحقيقات المحكمة، التي حذّرت من أن العقوبات ضدها تؤدي إلى «تآكل سيادة القانون الدولي». ويبقى السؤال: ما هو التأثير الذي قد يخلفه قرار ترامب؟ وهل الولايات المتحدة قادرة على الضغط على المحكمة؟ وهل ستستمر المحكمة في عملها وتفرض مزيدًا من العقوبات، أم ستُقوَّض؟

أعلنت 79 دولة دعمها للمحكمة الجنائية الدولية، محذّرةً من خطر الإفلات من العقاب وإضعاف سيادة القانون الدولي، وقالت الدول الأعضاء، في بيان مشترك أُعِدَّ بمبادرة من سلوفينيا ولوكسمبورج والمكسيك وسيراليون وفانواتو، ووقّعت عليه دولٌ، من بينها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وجنوب إفريقيا والسلطة الفلسطينية وكندا وتشيلي وبنما، إن العقوبات قد تؤدي إلى اضطرار المحكمة الجنائية الدولية إلى إغلاق مكاتبها الميدانية. وجاء البيان على النحو التالي: «إننا نأسف لأي محاولات لتقويض استقلال المحكمة ونزاهتها وحيادها»، مشيرين إلى «الدور الذي لا غنى عنه للمحكمة الجنائية الدولية في إنهاء الإفلات من العقاب، وتعزيز سيادة القانون، وترسيخ الاحترام الدائم للقانون الدولي وحقوق الإنسان».

 

من جانبها، أعربت الأمم المتحدة عن أسفها لقرار ترامب، وحثّته على التراجع عن هذه الخطوة، وذلك بعد ساعات من تصريح الرئيس الأمريكي، الذي قال فيه: «إن المحكمة أساءت استخدام سلطتها بإصدار أوامر اعتقال لا أساس لها، تستهدف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت». وزعم أن تصرفاتها «تشكل سابقة خطيرة، وتعرض للخطر بشكل مباشر أفرادًا أمريكيين حاليين وسابقين»، كما تمثل «تهديدًا غير عادي واستثنائيًّا للأمن القومي».

 

واجهت المحكمة الجنائية الدولية، التي تحاكم الأفراد بتهمة ارتكاب جرائم دولية خطيرة، ردود فعل عنيفة من الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب قرارها بإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وجالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب إسرائيل ضد حماس في غزة، وأدانت المحكمة قرار ترامب ونددت به، متعهدةً بمواصلة «إحقاق العدالة» في العالم. ولم يتم الإعلان بعد عن أسماء موظفي المحكمة الجنائية الدولية الذين فُرضت عليهم العقوبات، إلا أن المستهدفين – وعائلاتهم – لن يتمكنوا من دخول الولايات المتحدة، كما يمكن تجميد أصولهم وحظر قدرتهم على شراء الممتلكات.

 

تأتي العقوبات بعد أن رحّب ترامب بنتنياهو في البيت الأبيض، وبعد أن قال سابقًا إنه يريد “تطهير” قطاع غزة، حيث كشف عن خطته للسيطرة على المنطقة، وإعادة توطين الفلسطينيين الذين يعيشون هناك، وتحويلها إلى “ريفييرا” جديدة. وقد تسببت هذه الخطة، التي ترقى إلى التطهير العرقي وتنتهك القانون الدولي، في عاصفة دبلوماسية عالمية، بينما لاقت ترحيبًا واسعًا من اليمين السياسي في إسرائيل، وأثارت ذعر الفلسطينيين.

 

هذا القرار ليس جديدًا، فقد اتخذ ترامب خطوة مماثلة في نهاية ولايته الأولى، حيث فرض عقوبات على فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية آنذاك، وعلى مسئول آخر رفيع المستوى في المحكمة، بسبب تحقيقهما في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبتها القوات المسلحة الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية وحركة طالبان في أفغانستان. ويرى الخبراء أن العقوبات التي فُرضت كانت أكثر اتساعًا، سواء من حيث مبرراتها أو آثارها المحتملة، كما حذّروا من أن التدابير الجديدة قد تُقوّض المحكمة الجنائية الدولية رمزيًّا، مما قد يؤدي إلى شلّ عملها. فالمحكمة، من أجل إجراء تحقيقاتها، تحتاج إلى التمويل، كما تعتمد على تعاون البنوك ووكلاء السفر والشركات المختلفة والأطراف الثالثة، وإذا خشي هؤلاء العقوبات الأمريكية، فسيكون لذلك تأثير كبير. إلى جانب العقوبات الجديدة، يرسل ترامب إشارة مفادها أن الولايات المتحدة، تحت حكمه، تتحرك أكثر فأكثر من كونها داعمةً للعدالة الجنائية الدولية إلى كونها مرتكبةً للظلم، وهو أمر مقلق.

 

تقع المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا، وتحقق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وجرائم العدوان ضد أراضي الدول الأعضاء فيها، والتي يبلغ عددها 125 دولة. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا عضوين في المحكمة. وكما يُعَدّ البنك المركزي المقرض الأخير، تُعتبر المحكمة الجنائية الدولية “محكمة الملاذ الأخير”، حيث تتدخل لمقاضاة الجرائم عندما تكون السلطات الوطنية غير قادرة أو غير راغبة في القيام بذلك. أما محكمة العدل الدولية، التي تُسمّى أحيانًا “المحكمة العالمية”، فهي تختص بالنزاعات بين الحكومات، لكنها لا تستطيع مقاضاة الأفراد. وعلى عكس المحاكم الدولية الأخرى، تُعدّ المحكمة الجنائية الدولية هيئةً دائمة، لكنها لا تمتلك قوة شرطة خاصة بها لتعقب واعتقال المشتبه بهم، بل تعتمد على خدمات الشرطة الوطنية لإجراء الاعتقالات ونقل المطلوبين إلى لاهاي.

 

وفي هذا السياق، أشار الدكتور محمد اليمني، الخبير في العلاقات الدولية، في تصريح لـ”المصور”، إلى أن هذا القرار ليس جديدًا على الرئيس ترامب، لأن صديقه بنيامين نتنياهو فرض عليه عقوبات. ويرى أن المحكمة الجنائية الدولية تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وكأن الاحتلال الإسرائيلي، بقيادة نتنياهو، لم يرتكب أي جرم في حق الشعب الفلسطيني على مدار خمسة عشر شهرًا. وأوضح أنه حتى في عهد الرئيس السابق جو بايدن، وقبل مغادرته البيت الأبيض، شهدنا فرض عقوبات على معظم قيادات المحكمة الجنائية، الذين أصدروا مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وآخرين.

 

وأضاف اليمني أن هذا القرار يُعَدّ غطاءً وحمايةً سياسية للاحتلال الإسرائيلي ومعظم قادته، وهذا ليس جديدًا على الولايات المتحدة، التي كانت الداعم الأول للاحتلال الإسرائيلي، ووفّرت له المال والسلاح. كما أشار إلى أن نتنياهو ينتظر المزيد من الدعم من قِبَل ترامب، الذي وصفه بـ”الصديق الوفي”، مستشهدًا بتصريحه خلال ولايته الأولى بأن القدس هي عاصمة إسرائيل.

 

أما عن سيناريوهات التصعيد بين الطرفين، فأوضح الدكتور اليمني أن ترامب شخصية مثيرة للجدل، مشيرًا إلى قراراته الصادمة بعد أيام من تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة، مثل فرض رسوم جمركية جديدة على الصين وكندا والمكسيك، وإثارة قضية قناة بنما، وافتعال أزمات أخرى، من بينها مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن.ويرى اليمني أن المحكمة الجنائية الدولية ستستمر في عملها، وستواصل فرض العقوبات على قادة الاحتلال الإسرائيلي، إلا إذا كان نفوذ ترامب والولايات المتحدة أقوى من المحكمة نفسها.

 

فى كتابه الأحدث (نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى)، الرؤية والتخطيط، يقدم لنا البرلمانى والكاتب الصحفى الكبير مصطفى بكرى، عرضًا شاملاً لخطط نتنياهو العنصرية ضد الشعب الفلسطينى، وضد الشعوب العربية كافة، فهو بحسب نشأته العنصرية العميقة يحمل كراهية ضد كل ما هو عربى، ويحلم بإسرائيل الكبرى، من النيل إلى الفرات، ويرى أن القوة والسلاح هما الحل الوحيد للتعامل مع العرب، ولا يثق باتفاقيات السلام، ولا بأى وعود، كما يمارس الكذب والخيانة والاستعلاء كما يتنفس، مع النرجسية واحتقار وإهانة الآخرين، وعبر 295 صفحة من القطع المتوسط، تناول «بكرى» نشأة نتنياهو فى أحضان التطرف والإرهاب، على أفكار زئيف جابوتنسكى العنصرية ضد العرب والتى آمن بها والده، وكان صديقًا لهذا الصهيونى العنصرى، ثم زرع فيه والده كراهية الآخرين، والشعور بأن العالم كله ضد اليهود.