أعلن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء انخفاض المواليد خلال عام 2024، إلى 1.968 مليون، كما انخفض معدل الإنجاب الكلى إلى 2.41 مولود لكل سيدة، مقارنة بـ2.54 مولود فى 2023، وهذا يعنى أنه أصبحت كل 100 سيدة مصرية يلدن 241 طفلا مقارنة بـ254 طفلا عام 2023، كما أعلن الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة والسكان، نجاح وزارة الصحة، وكافة الجهود الوطنية فى تحقيق أقل معدل للإنجاب خلال الـ17 عاما الماضية.
كيف تحقق هذا الإنجاز وما السيناريو المتوقع خلال السنوات المقبلة؟.. سؤال مهم فرض نفسه بقوة بعد الإعلان، وأجابت عنه الدكتورة عبلة الألفى، نائب وزير الصحة للسكان وتنمية الأسرة، رئيس المجلس القومى للسكان، قائلة: تحقيق هذه المعدلات لم يكن مفاجأة بالنسبة لنا، فمنذ اهتمام القيادة السياسية بهذا الملف، وتفعيل توصيات «الحوار الوطنى» بوضع المجلس القومى، تحت إشراف مباشر من الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، وتوحيد عمل جميع الوزارات والهيئات المعنية والمجالس القومية والمجتمع المدنى والأزهر والكنيسة فى بوتقة واحدة، تم إعداد الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية، ووضع خطتها التنفيذية بعد دراسة العادات والتقاليد واتجاهات الأسر وتحليل المعوقات، خاصة بعد إعلان الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عام 2021 نتائج مسح الأسرة المصرية، الذى رصد عدد المواليد 2.185 مليون ومعدل الإنجاب الكلى 2.85، كما أظهر أسباب كثرة الإنجاب، ومن أهمها البطالة والأمية وغياب الوعى، إضافة إلى زواج الأطفال، والتسرب من التعليم، واستمر العمل على إصدار الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية وخطتها التنفيذية بين 2021-2023.
«د. عبلة»، أضافت: فى هذه الأثناء كان إطلاق المشروع القومى لتنمية الأسرة عام 2022 كأول مثال للتعاون بين وزارة الصحة والسكان، والمجلس القومى للسكان، ووزارة التضامن الاجتماعى، والمجلس القومى للمرأة، تحت مظلة وزارة التخطيط، ليبدأ مفهوم جديد للعمل سويا من أجل تمكين المرأة والميكنة والقضاء على الاحتياجات غير الملباة، وبدأ مفهوم تنمية الأسرة صغيرة العدد يُتداول كمكون مهم فى معادلة القضية السكانية، وفى نفس الوقت اهتمت وزارة التضامن الاجتماعى بدعم السيدات بحوافز إيجابية لتغذية أطفالهن فى الألف يوم، شريطة التعليم والحفاظ على الأسرة الصغيرة، ثم حدثت نقلة نوعية بقيادة من المجتمع المدنى ممثلة فى الجمعية المصرية لأعضاء الكلية الملكية لطب الأطفال ودعم وتبنٍّ للفكرة المبتكرة من الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة والسكان، وكان إطلاق المبادرة الرئاسية «الألف يوم الذهبية لتنمية الأسرة المصرية»، والتى ربطت لأول مرة فى مصر والعالم بين حقوق الطفل فى التربية المثلى طيلة الألف يوم الذهبية للوقاية من شر التوحد والتقزم وسوء الأداء المدرسي، إضافة إلى تعظيم أهمية استعداد الأم للحمل صحيا ونفسيا لمدة عام قبل الحمل، مما يحتم المباعدة بين الحمل المتعاقب لمدة 3 إلى 5 سنوات، وكان لها عظيم الأثر فى إدخال الأسرة كعامل فاعل فى معادلة القضية السكانية، فأصبحت الأسرة -والمرأة فى القلب منها- المسؤول الأول عن قرار الإنجاب، ولكن تم تحصينها بالأدلة العلمية التى تساعد الزوجين على أخذ القرار المستنير المبنى على الدليل من حيث عدد الأطفال والمسافة بين الطفلين.
وأضافت: تم الاهتمام برفع وعى الزوج وأمهات الأزواج وتحملت الدولة مسؤوليتها فى دعم الأسرة والقضاء على الاحتياجات غير الملباة التى تعوق قرار الأسر، والتى وصلت إلى 13.8 فى المائة، وهذا يعنى أن نحو 14 سيدة من كل 100 سيدة يذهبن إلى مراكز الرعاية الأولية باحثات عن المساعدة لتنظيم الأسرة، فلا يجدن إما الوسيلة المناسبة، وإما الأطباء، وخاصة الطبيبة أو مقدمة المشورة المدربة، خاصة أن مسح الأسرة المصرية أثبت أن 20 فى المائة من المواليد غير مخطط لهم، أى يُولد سنويا 400 ألف طفل فى وقت تكون الأسرة والدولة غير مستعدة لهم.
«عبلة» ذكرت: أما فى محور «الحوكمة والمتابعة الحثيثة»، فقد تم إنشاء منصة إلكترونية لمتابعة التنفيذ يومًا بيوم بالتعاون بين المجلس القومى للسكان ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، وقام الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء بحساب افتراضيات أربع لمعدل الإنجاب حتى عام 2067، وقد أثبتت السنوات التراوح بين الفرضية الثابتة والمنخفضة والمتوسطة والعالية، وقد أثبتت هذه النتائج أن المعدل الأفضل المفترض الوصول له فى عام 2027 وهو 2.43 مولود لكل سيدة؛ قد تم تحقيق أفضل منه (2.41) فى عام 2024 أى قبل الموعد بثلاث سنوات، مما يعطى الثقة فى تحقيق هدف الاستراتيجية فى عام 2027 بدلا من عام 2030، وهو ما أوصى به الدكتور مصطفى مدبولى، وقام المجلس بدراسته ووضع الخطة العاجلة لتحقيق المستهدف والتى أطلقها د. مدبولى فى يناير 2025، وتهدف إلى تحسين الخصائص السكانية، مثل الأمية والبطالة وزواج الأطفال والتسرب من التعليم والجهل التعليمى وتطوير خدمات الطفولة المبكرة وكبار السن فوق 65 سنة، إضافة إلى خفض معدل الإنجاب الكلى والوصول إلى معدل الإنجاب الكلى 2.1 لكل سيدة بنهاية عام 2027.
وقالت «د. عبلة»: تركز الخطة العاجلة، ومدتها ألف يوم، على المناطق السكانية الحمراء والتى يتدنى فيها الدليل السكانى لأقل من 50 فى المائة، والدليل السكانى هو محصلة 29 مؤشرا سكانيا، ويوجد فى مصر 73 منطقة حمراء يقطن فيها 30 مليون مواطن، هذا إلى جانب أن الخطة ترتكز على اللامركزية المطلقة وتعظيم دور المجلس القومى وتطوير مراكز الرعاية الأولية والتشبيك بين جميع الهيئات المعنية وتم إطلاقها تحت عنوان «بنقرب المسافات»، حيث تهدف إلى تقريب الفوارق بين جميع المناطق من خلال رعاية الفئات المهمشة ذات الخصائص السكانية المتدنية، وقد بدأ العمل فى 16 منطقة بـ15 محافظة هى الأكثر احتياجا، ويتم دخول 20 منطقة كل 3 أشهر، ونعد بالانتهاء فى ألف يوم على أن نُحدث فيها تغييرا حقيقيا كل يوم.