التعليم التكنولوجى فى مصر هو أحد روافد التعليم الجامعى القائم على التدريب والتطبيق والشراكة مع جهات التصنيع والإنتاج، وانطلاقا من ذلك أنشأت وزارة التعليم العالى والبحث العلمى مؤخرا المجلس الأعلى للجامعات التكنولوجية، وجرى تكليف الدكتور أحمد الجيوشى نائب وزير التربية والتعليم الأسبق لشئون التعليم الفنى والأستاذ المتفرغ بكلية التكنولوجيا والتعليم جامعة حلوان، بأمانة المجلس، وتنفيذ خطط وسياسات الوزارة الرامية لتطوير التعليم التكنولوجى وتوسيع قاعدته التعليمية بحيث يصبح فى كل محافظة جامعة تكنولوجية.
«المصور»، التقت «د. أحمد»، الذى أكد أن التعليم التكنولوجى فى مصر جزء أساسى من رؤية مصر 2030، التى تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة والتنمية الاقتصادية، موضحا أن تخصصات الصناعة والطاقة كالأوتوترونيك والميكاترونيكس، والطاقة الجديدة والمتجددة والتحكم الصناعى وتكنولوجيا صناعة الاسطمبات، هى أبرز برامج التعليم التكنولوجى ومعها كذلك برامج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبرامج العلوم الصحية التطبيقية، وبرامج تكنولوجيا السياحة والفنادق، وحول تفاصيل هذه البرامج وأمور أخرى كان الحوار التالى:
بداية.. حدثنا عن رؤيتكم المستقبلية لتعزيز التعليم التكنولوجى فى مصر؟
التعليم التكنولوجى فى مصر، جزء أساسى من رؤية مصر 2030، التى تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة والتنمية الاقتصادية، ومنظومة الجامعات التكنولوجية الجديدة بشكل عام هى نوع جديد من التعليم الجامعى النوعى التطبيقي، ونسعى من خلالها فى تقديم تعليم جامعى مختلف فى سماته وخصائصه ومفرداته وأدواته وأساليبه الأكاديمية، إلا أنه تعليم يحتفظ فى ذات الوقت بذات القيم الجامعية التى تبنى فى طلابها قيم المواطنة والانتماء والقدرة على التعلم الدائم والتكيف مع متطلبات الحياة والمجتمع وتوجهات الاقتصاد الرقمى ومستقبل فرص العمل الخضراء.. تعليم جامعى تكنولوجى يسعى بكل جد لتحقيق أهداف المحور الثامن من أهداف التنمية الأممية المستدامة الذى تسعى بموجبه كل دولة من الدول لضمان فرصة عمل كريمة لكل منْ يحتاجها من شبابها المتطلع لمستقبل أفضل.
ونحن فى منظومة الجامعات التكنولوجية نسعى فى سبيل ذلك جاهدين لتقديم تعليم عالى نوعى يستثمر فى قدرات البشر على تنوعها ليتوافق مع مستقبل فرص العمل وتغيرها المتسارع، وربط مخرجات التعلم باحتياجات الحياة والعيش الكريم، ولتحقيق ذلك نسعى لعقد شراكة حقيقية بين الجامعات التكنولوجية ومؤسسات الإنتاج بكل أنواعها، شراكة تتحمل كل الأطراف ذات الصلة بموجبها المسئولية عن توفير كل الفرص الممكنة لتعليم حقيقى يكسب الخريجين مهارات العمل الحقيقية من خلال الانتقال بالعملية التعليمية من داخل الحرم الجامعى المحدود على اتساعه إلى أماكن الإنتاج، شراكة تمتد لتشمل كافة جوانب عملية التعلم بدءا من تحديد مواصفات الخريجين المطلوبة لشغل المهن والوظائف ذات المهارات الحديثة، مرورا بالتخطيط المحكم لتنفيذ عمليات التعلم عالية الجودة بكل مكوناتها سواء كانت داخل الحرم الجامعى أو داخل مؤسسات العمل وخطوط الإنتاج، وانتهاء بعمليات التقويم، ولن نستطيع تحقيق كل مقاصد وأهداف الجامعات التكنولوجية سوى بتضافر كل الجهود والتعاون المستمر والمثمر بين كل الشركاء من خلال الرؤية الشاملة لمكونات التعليم الجامعى المصرى وبتنسيق دائم ومستمر بين المجالس العليا للتعليم الجامعى وهى المجلس الأعلى للجامعات ومجلس الجامعات الخاصة والأهلية والمجلس الأعلى للتعليم التكنولوجى.
كم يبلغ عدد الجامعات التكنولوجية، وماذا عن توزيعها الجغرافى بمصر؟
بدأنا عام 2019 بـ 3 جامعات تكنولوجية فقط فى قويسنا والقاهرة الجديدة وبنى سويف، ثم تسارعت الوتيرة لنصل اليوم إلى 12 جامعة تكنولوجية حكومية، بالإضافة إلى جامعتين تكنولوجيتين خاصتين، فضلا عن 3 جامعات تكنولوجية أهلية منبثقة عن الجامعات الحكومية على غرار منظومة الجامعات الأهلية، وفى الطريق 3 جامعات تكنولوجية أهلية جديدة تخرج من عباءة الجامعات الحكومية، وتم الانتهاء من إجراءات توفير قطع الأراضى والإجراءات الإدارية والهندسية لـ 6 جامعات تكنولوجية حكومية فى 6 محافظات جديدة؛ ليتم إدراج ميزانية الإنشاء لها فى خطة وموازنة العام المالى 2025- 2026، ووفق تكليف القيادة السياسية وخطة وزارة التعليم العالى سوف تستكمل المسيرة للوصول بالجامعات التكنولوجية للرقم 27 جامعة على الأقل بواقع جامعة تكنولوجية لكل محافظة لخدمة أهلنا وأبنائنا فى ربوع مصر.
ما أبرز المهام التى التى أوكلت بعد توليك أمانة المجلس الأعلى للجامعات التكنولوجية فى مصر؟
تكليف الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالى جاء بعدد من المهام فى إطار سياسات التعليم التكنولوجى ومحاورها الاستراتيجية، والتى تتضمن «وضع إطار موحد للشراكة بين الجامعات التكنولوجية والصناعة» لتنظيم تحمل المسئولية المشتركة بين الطرفين عن توفير نظام مستقر ومستدام لتدريب الطلاب عمليا تدريبا ممنهجا كجزء من الخطة الدراسية وساعاتها المعتمدة؛ ليكون نموذجا مصريا خالصا للتعليم التكنولوجى الجامعى المبنى على العمل على غرار نموذج التعليم المزدوج فى المرحلة قبل الجامعية والتعليم التبادلى فى المرحلة الجامعية.
هذا إلى جانب التكليف بمراجعة الإطار المرجعى الموحد للبرامج والمناهج الدراسية لتوحيد نظم اللوائح الداخلية لها، لكى تشكل استقرارا للعملية التعليمية وتبنى قواعد أساسية لمنظومة تتفق مع المعايير القياسية لأفضل الممارسات العالمية فى نظم الجامعات التكنولوجية، وكذا وضع تصور لإطار مرجعى موحد لدمج الكليات التكنولوجية المتوسطة ومعاهدها فى الجامعات التكنولوجية ووضع شروط الدمج المرجعية ومتطلباته وفق ما نص عليه قانون الجامعات التكنولوجية وبما يخدم خلق مناخ تعليمى تكنولوجى متكامل ومتناغم ينتقل فيه الطالب من مرحلة إلى أخرى بسهولة وانتظام.
وشملت تكليفات «د. عاشور»، مراجعة وتطوير التشريعات القانونية المنظمة للتعليم التكنولوجى لمعالجة الآثار التشريعية التى نتجت عن تطبيقها الحالى بما يخدم أهداف المنظومة، ويحقق مصالح الخريجين ومستقبلهم، ويسهل توصيل المعانى والمفاهيم الأساسية عن الجامعات التكنولوجية إلى أذهان وعقول أصحاب المصلحة والشركاء، ووضع الإطار الاستراتيجى وتحديد الاتجاهات والرؤى وتصميم الخطة التنفيذية لمهام المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجى (2025-2030)، والتوافق حول الأطر العامة للخطط الاستراتيجية للجامعات التكنولوجية (2025-2030) وبما يتفق مع الخطة الاستراتيجية لوزارة التعليم العالى والبحث العلمى.
من واقع تجربتك.. هل هناك تحديات تواجه الجامعات التكنولوجية فى مصر؟
الجامعات التكنولوجية تواجه تحديات كل التجارب الجديدة، كالتمويل وإعداد هيئات التدريس بالعدد المطلوب، بالإضافة إلى التوعية بأهمية وجود تلك النوعية الجديدة من الجامعات لتوفير فرص العمل والعيش الكريم للشباب.
كيف يتم تعزيز التعاون الدولى مع الجامعات التكنولوجية العالمية؟
لدينا فرص عديدة للتعاون مع الدول والهيئات الداعمة من أجل تنظيم أسلوب التعليم فى تلك الجامعات بما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية لهذا النوع من التعليم التطبيقى الذى يكسب الطلاب المهارات المطلوبة لسوق العمل وبما يجعل الخريجين قادرين على التكيف مع متطلباته المتغيرة بشدة.
ماذا عن أبرز البرامج الأكاديمية التى يتم تقديمها للطلبة الدارسين بالجامعات التكنولوجية؟
تتنوع البرامج الدراسية فى الجامعات التكنولوجية، ولا ينشأ برنامج دراسى إلا وفق احتياجات البيئة المحيطة بالجامعة والاحتياجات المحلية والإقليمية، وقريبا الدولية، ووجود شريك صناعى يوفر الدعم المطلوب لرعاية البرنامج، وبشكل عام لدينا برامج فى تخصصات الصناعة والطاقة كالأوتوترونيك والميكاترونيكس، والطاقة الجديدة والمتجددة والتحكم الصناعى وتكنولوجيا صناعة الاسطمبات، وبرامج فى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبرامج فى العلوم الصحية التطبيقية، وبرامج لتكنولوجيا السياحة والفنادق.
كيف يتم إدراج التكنولوجيا فى العملية التعليمية؟
يظن البعض أن الجامعات التكنولوجية تعنى فقط استخدام أو تطبيق التكنولوجيا فى التعليم، لكن فى الواقع تبقى المهمة الأكبر للجامعات التكنولوجية هى تأهيل الخريجين القادرين تكنولوجيا ليتمكنوا من ملاحقة الأدوات التكنولوجية فى كل المجالات وتطويرها وتوطينها ومن ثم ابتكارها، أى أن دور الجامعات التكنولوجية الأساسى هو توطين التكنولوجيا وابتكارها من خلال جيل قادر علميا ومهاريا وسلوكيا على أعلى مستوى.
هل الجامعات التكنولوجية توفر فرص التدريب والتوظيف للطلاب والخريجين؟
نعمل حاليا على وضع إطار مرجعى محكم لينظم العلاقة بين الجامعات التكنولوجية من جهة وبين الأنشطة الاقتصادية المختلفة لتوفير التدريب اللازم للطلاب تدريبا ممنهجا كجزء من الخطة الدراسية وبساعات معتمدة ولمدة فصل دراسى كامل على الأقل فى الصناعة، وذلك لتدشين فكرة التعلم المبنى على العمل، وهى فكرة تحاكى مشروع مبارك-كول السابق لكن فى التعليم الجامعي.
كيف يتم تعزيز الابتكار والتفكير الإبداعى بين طلاب الجامعات التكنولوجية؟
هناك عدة مشروعات ومبادرات عديدة تنفذ حاليا ونعد لأخرى قريبا للنهوض بهذه المهمة لاكتشاف المواهب والقدرات الابتكارية والإبداعية للطلاب، ونحن نتابع جميعا منافسات طلاب الجامعات التكنولوجية مع طلاب الجامعات والتى يعبر فيها الطلاب عن أفكارهم الابتكارية فى إقامة مشروعات خدمية أو إنتاجية ذات نفع عظيم للمجتمع، وقد أحرزت الجامعات التكنولوجية عدة مراكز متقدمة فى تلك المنافسات، فضلا عن أن المناهج التعليمية ذاتها تتضمن مقررات مستقلة لتدريس مهارات التفكير النقدى والإبداعى وريادة الأعمال، وهو توجه جديد اختصت به الجامعات التكنولوجية عن غيرها من الجامعات التقليدية.
حدثنا عن أبرز الأبحاث الرئيسية التى تقوم بها الجامعات التكنولوجية ولا سيما فى خدمة المشاريع القومية بالبلاد؟
رغم أن الجامعات التكنولوجية حديثة العهد، إلا أن الخطط طموحة للغاية لتدشين منظومة بحث علمى تطبيقى فى الجامعات التكنولوجية؛ لتكون مهمتها الأولى هى البحث عن المشكلات الإنتاجية الحقيقية وإيجاد حلول عملية وبحثية وتطبيقية لها.
ما حقيقة ما يشير إلى ارتفاع نسب إقبال الإناث على التعليم التكنولوجى فى مصر؟
نسب الإناث للذكور تتفاوت من جامعة لأخرى ومن تخصص لآخر، لكن النسب التقريبية تقع ما بين 40 فى المائة ترتفع إلى 80 فى المائة إناثا إلى ذكور هنا وهناك، وهى نسب أعلى بكثير من نظيرتها العالمية فى هذا النوع من التعليم الذى يخاطب علوم التكنولوجيا الصناعية تحديدا.