من سياط الحياة مدفوعين.. لكلام وصمت ونحت ورسم.. برضوخ نمر ونمضي ولا ننسى.. بروح ترفض النفاد وكلمات ترفض النضوب وعقل يرفض الضمور.. من جوانح النفس نخرج وبها نتلقي.. نحمل الأسئلة وأشد العبارات ما تحمل الألم والخيبات.. حقائق وأوهام.. منافذ وطرق للحياة بنصوص تدفعنا للحياة دفعا بين الخلود والتلاشي.. نحيا البوح ونبتسم للدموع بثقل وتكرار وتعب وانتظار.. ومكايدة ووحدة مصير.. تصفيق وتشجيع وهتاف لأنين أوجاع ومرآة الباطن.. كلٌّ بالإشارة يفهم وبالتلويح يفطن.. يحلو الحديث ويقسو.. نبدي ما نبدي ونخفي ما نخفي في حيرة الفهم والقصد.. من صفعة النص نبكي ونتمزق ويعاودنا الحنين فنقدس الألم في معاودة الذكري؟!.
مشهد في العمق وزاوية ونص.. نتجاذب الحياة ويجذبنا صراعها حائرين.. نكبر متمنين أن نري العالم وكأننا نراه لأول مرة دون نصوص ترهقنا .. نخاف ونخفي مخاوفنا وتحركنا احتياجاتنا.. وحيدون نحيا الحزن وننتظر مشاهد تحنو علينا.. ندخل معها في عناق نستودع معها رهبنا.. ننسحب ونخرج ونعاود نفس المشاهد بقدسية الأحمق.. بفواصل من الموسيقي والأغاني ما تزيدنا تأثرا وحزنا وألما.. تمتلىء نفوسنا قسوة ونتخذ أوضاعا أكثر ألما.. ربما نتخفي وربما نتكشف.. مناورات وسياجات من الحذر.. نصنع الفخاخ لنوقع غيرنا ويصنع غيرنا ليوقفنا.. لا نشعر بالراحة ونضطر لإعادة الكرة.. ننهزم ونرضي بالتفاوض منكسي الرءوس.. نتحالف ونتفاوض لنصادق أعداءنا وربما ظالمينا وبلا قوة أو عافية أو سعادة نكمل الطريق؟!.
نكذب علي أنفسنا ولا ننسي.. عالقين في نفس الفجوة التي قد تبتلعنا.. في نفس الحفر التي نفشل في ردمها؟!.. خطوات خاطئة في مسيرة أخطاء من صنعنا.. ننتصر علي أنفسنا في علو وافتراء.. نتآكل وما تعلمنا الدرس؟!.. متمنين الشجاعة ولو للحظة واحدة.. فطريق الشجاعة بجاحة لكثير من الوقت لنعلن نصا يليق بعقد التصالح.. ببنود تحفظ لكل منا حقوقه وواجباته في رحلات العشوائية فى حروب أبدية.
نحيا الكواليس وهوامش النصوص بجدارة وعنفوان التمثيل في سرعة وتعاقب وتوقد الذهن.. مشاهد لا تأخذ منا غير ثوان دون أحلام تساعدنا في نصوص جديرة بالاحترام.. نجيد الأدوار المفروضة علينا.. فليس العبرة بجودة النص بقدر أن تؤدي علي أكمل وجه ؟!.. فالحساب علي الإجادة حتي وإن لم تكن مقتنعا بالنص.. بل قد يقع عليك عبء إقناع المشاهدين بصدق ما تقدمه حتي وإن لم تكن تملك موهبة وحضورا؟!.. وعليك استحضار مهارات بهلوانية وشيطانية وإلا سيتم طردك وتجميدك تعاني التهميش!!.. فاقدا حلمك بفرصة صعودك علي خشبة المسرح متوسطا دائرة الضوء.. وأيا كان النص أو السيناريو فالرغبة في الحياة وسد رمق العيش هي الأساس في العمل والتعايش؟!.. ولا أحد يقتنع بما يفعل.. يحاول يجاهد ويبذل قصاري جهده في إشعال خيوط الوهم لملء عقول ونفوس من امتلأوا بالأوجاع.. من يتابعون بإرهاق لايقل عبئا عن الممثلين أنفسهم.
في مشاهد مكررة.. نمطية.. تحاول الجذب ولو بالتنافر.. فالمهم التشويق ولو بكوميديا سوداء.. في أحداث تمر وتستمر تحمل الكثير من المعاني والدلالات التي تترك للمشاهد مسئولية التأويل بحيل بتسليط الأضواء علي أمور بعينها.. تدفع بخط سير ممنهج.. بانعكاس الأمر علي المألوف وغير المألوف.. المهم أن تسير الأحداث وتلتهمك دون أن تشعر في مضغ الوقت في تسلية أو مأساة؟!.. في ألغاز رغم سذاجتهابما تحمله من عناوين قشرية.. نوهم بها أنفسنا بما تحمله من وظائف دلالية؟!.. تشعل الأحداث بمحاولات نسب تخلق التوحد مع الضحايا في أحداث درامية.. تسبق مشاعرنا وتفرغ طاقات معطلة.. في حبكة وإخراج تخلط كل مكونات عرض يمثل قاسما مشتركا في حياة كلّ يحمل مفردات ما يجعله يتعلق بفريق العمل مهما تعارض مع منطق الأحداث؟!.
ففي أوقات كثيرة يصبح العبث هو الواقع مهما رفضته عقولنا.. فليس كل ما تصدقه عقولنا واقعا!!.. فالكثير من النصوص يحمل الإيهام والإيحاء والخيال.. وقد يكون دافعا للاستقواء وبث الرعب في نفوس المشاهدين.. أو وقف عمليات التفاهم والاقتناع بنهايات واحدة.. حتي إذا ما استحوذ النص علي شيء من الصراع من باب التشويق بالتلاعب بألباب المشاهدين.. يكون هذا التلاعب بغرض أن يفرض نهاية واحدة في إطار دافع لعقولهم بأنه ليس بالإمكان أفضل مما كان ؟!.. مهما حمل النص من ازدواجية؟!.. فهي في الغالب لا تحترم عقلية المشاهد ولا اصطدامها بقيمه بل عليه التكيف والتعايش مهما كان النص مغايرا.. ففردية الشخصية ليست محل احترام أو تأصيل في نصوص عامة.
الأدوار مكشوفة والممثلون يؤدونها دون خجل.. فهي في الغالب تحمل قانون الغابة.. تجسد الصراع والحدث مهما كانت الصور هرمية في اعتدال أو مقلوبة.. تنفذ دون إحساس يعكس توتر الكاتب في سياق مناطق الصراع والتوغل والالتهام الذي لا يبعد عن الواقع كثيرا.. فقد يستلهم نصوصه من الواقع القاسي وقد يشتد.. لكنه لا يقدم نصوصا رومانسية حالمة لا تليق بقسوة ما نحيا.
كل ما عليه من اعتناء هو اختيار المخرج النابه الذي يعتمد فريق العمل الذي يعمق الفكرة مهما كانت تافهة.. فالأداء يحمل العبء الأكبر.. سواء كانت النصوص متشابهة أم لا.. عليها أن تحمل حبكة لضمان إنفاذ خط سير الأحداث حتي لا يحبط العمل.. قد تخلق قدرات خارقة للبطل لإنقاذ العمل وفرض الرضا علي المشاهد.. سواء باستمالته للتوحد مع البطل حتي ولو كان طاغية أو حتي يدفعه لأن يحمد ربه أنه لم يكن من المظلومين في العمل.. فالتأثير هو الهدف باستخدام الدلالات والشخصيات.. وقد يفشل العمل ويحمل نصا لايروق للمشاهدين.. وقد ينجح بتداخل عدة عوامل أهمها سذاجة المشاهد؟!.
وتبذل محاولات حثيثة دون إدخال المشاهد كواليس العرض.. فالمحافظة علي انبهاره عامل أساسي في النجاح وإلا فقد التأثير.. فالأصل هو الخداع البصري وعدم كشف عورات العمل وإضفاء الواقعية وجودة التعبير بأقل الخسائر.. في تقديم أطوار من العبث في معادلات صعبة للاستحواذ علي عقلية مشاهد يحمل نصوصا متشابهة أو مغايرة في المدلول والمضمون.. لا يقدر علي العيش وحده دون التفاعل حتي ولو بشكل زائف.. فالأدوار يلعبها الممثلون في ازدواجية وفصام عبر كل الوجوه وكل الأقنعة بشكل جائز لنفس الشخص.. في نصوص قد توافق أو لا توافق المخيلة البشرية.. فننصرف عن العرض أو نلتحم، وقد نعاود مشاهدته علي ما يعتمد من أفكار ومعتقدات تؤديها شخصيات قد تحمل نصوصا مغايرة.. ربما بسبب الإجادة وفرط التشابه، وربما من الاحتيال ما يدفع لتقبل ثوب الملائكة أو الشيطنة.
ولا أنكر وجود نصوص صادقة.. يجد معها المتلقي نفسه واحدا من أبطالها فيزداد تلاحمه معها دون أن يشعر.. فيصنع الحياة لنص مكتوب.. فنحن بحاجة دائما لمن يعبرون عنا خاصة وإن كنا نحيا مواجع وآهات تختمر في نفوسنا وحتي في نفس الكاتب.. حيث أخذت طريقها في البوح لا لتعذيب المتلقي وإنما لخلق حالة تشاركية تسعد الطرفين.. وقد يعزف البعض هربا من إشعال حرائق يحاول إخمادها.. وهكذا نجد حالات فردية تصادف العموم، وعموما يبحث عن حالات فردية وجد في الكتابة والقراءة والعروض المشفي ونقل الخبرات حتي وإن لم تكن تحمل أهدافه.. فيكفى البوح والالتقاء بغيرنا فى وقت أصبح الجميع يعانى الغربة.
ولا يمنع ذلك من وجود بعض على درجة معينة من الفهم ما تجعله يربط بين النص وما يرتبط فى ذهنه.. قد يستطيع التحييد أو قد يختلط الأمر داخله إلى درجة تحدث تخبطا إذا ما اختلطت ولمست أشياء جوهرية داخله.
ويبقى الألم بطل الحكاية وبطل التعاطف وبطل التأثير ما يخلق داخلنا القوة والإرادة لمواصلة التعاطى مع ما نقرأ ونسمع ونشاهد.. يحمل الأنين ويسوقه.. ذلك الألم النفسى الذى يبعث فى داخلنا قوة الكتابة التى لا تقل عن ذلك الذى يدفع للتعاطى والتجاوب.. وكأننا أجساد من الألم تلتقى رغبة فى التشافى، فتكون القصة والحكاية والبطل الذى يغوص فى ذاته ليواجهها فى لحظات شعورية صادقة تصادف فى صدى مثيلاتها اللاشعورية عند الآخر.. فقد يمتلك نفس الأعراض لكنه يجهل السبب أو قد يكون عاجزا عن مواجهة نفسه رغم خوض التجربة؟!.. فليست لدينا نفس المقدرة على الوعى والإدراك بخطواتنا والتقاط الطريق الأمثل لامتلاك زمام أمرنا والتمكن من الوصول لبر الأمان.. فالأوقات القاسية قد تدفع بنا بعيدا عن مرافئ السلامة وقد تطيح بعقولنا وتحطم قلوبنا.
ويجدر بالنصوص أن تتفاعل مع الألم بعمق دون تهويل أو تهوين احتراما لدورة الألم كاملة دون اختزال أو القفز حتي ترحل بسلام.. وإذا ما افتقرت أي من حلقاتها تظل حية داخلنا تريد الاكتمال تتدفق مرارتها لتوافق علي الرحيل والانعتاق.. وتخلق حالة من معاودة التعاطي معها لإشباع مكنون الحزن.
فالأصل في مشاركة آلامنا ومعاناتنا أن نخرج من دوائر الخوف والإحراج في مواجهات تزيدنا ثقة بأنفسنا.. فليست كل الصراعات تؤتي نتائج إيجابية بل قد تؤدي للمزيد من السوء كنوع من الهروب.. بالتعبير دون تشجيع للانحرافات النفسية والسلوكية والخروج من المضمون الأخلاقي.. رغم وجود الكثير من النصوص غير المقيدة بأحكام أخلاقية ورغم ذيوعها خاصة علي مواقع التواصل الاجتماعي.. إلا أنها نزعة شاذة فكل ينجذب لما يجول بنفسه حتي ولوكان خارج المألوف.. فالنفس البشرية تحمل الكثير من الغموض والانحرافات التي قد تخفيها أو تتظاهر عبثا بالتباهي؟!.
فالنصوص تحمل من الأمثلة وتجلياتها والبيانات وتضاربها والمفاهيم وتبدلها ما نعايشه، وقد ينطبق علي أحوالنا ونميل أو نواجهها بالتبلد والبرود.. لا يهم إن وجدت الصدي أم لا؟!.. فلسنا في محل عقد مناظرات بين من وجد نفسه أو من لم تؤثر فيه.. وسواء تطابق مع المسئولية الأخلاقية بعرض الواقع بصدق أو كمخدر من الأفيون يسيطر علي المتابعين.. أو استغلالها بدواعٍ تجارية في نصوص هابطة.. أيا كانت الأهداف فهناك عقبات تحول دون بلوغ المقصد السامي في مواجهة معتقدات وسلوكيات ترسخت سنوات طويلة.
تختلف الموضوعات باختلاف الحاجات الإنسانية.. فإذا كانت مآسينا يجذبنا الحديث عنها.. فهناك أيضا نصوص يشترك معظمنا في متابعتها.. بحثا عن السعادة والمال والشهرةوالحب وغيرها مما تحويه برامج التنمية البشرية التي تحمل وهم العصا السحرية في تحقيق الأهداف.. وغيرها من موضوعات لا تكف النفس في البحث معها عن التناغم والمواساة لتأمين خط سيرها في الحياة عبر طريق القلق والانتظار المفروض عليها.
في وقت يمنح الحق للكاتب في اختيار نصوصه بشكل مطلق، يعطي نفس الحق للمتابعين في القبول والرفض والنقد والتمرد وقبول التجاوز دون إجحاف أو وصاية مطبقا ذلك المبدأ علي كافة الفنون.
فالفنون والأدب علي وجه الخصوص ما يربطنا بالوجود.. حتي وإن لم نلتقِ بصانعيه.. فيكفي العمل ليرسم الوجود لحياة الموجودين.. نتردد قلقا وعتابا فنحن منه وإن كنا من غير أبطاله.. مارون ببابه علّ الذكري تواتينا والفن يواسينا.. فنحن العاشقين لدروبه ونواصيه.. تمضي الحياة بالكل ويأبي النسيان.. عسي أن يلتقي براحلين أذرف الدموع خلفهم.. وبتنهد يتكرر مع كل عودة لنص لا يتنتهي بكلمة النهاية.. فجميعنا في مكب الغياب يحيا الوجود دون الموجود.. بنصوص تفيض بالعدوي في تداعيات المضمون.. تتداول وتتداخل الرمزية ويزهو الشخوص في تفاعل يجاوز الحدود.. عمل يحمل تأويله كل حسب مراده يغني ويطرب ويبكي علي ليلاه.. بحالة نفسية يتجاوز ويهرب.. بالحرف والصوت ينتظر من بطل ألوان التناغم.. لروح عبث بها الاشتياق.. في حكايات الشبيه في الزمان والمكان تكون أوقات تشفي العليل وتمنح النفس السكون.. عبث وجنون وضرب من الحنين وبكاء علي أطلال السنين تفضح أسرار القلوب.. أجساد ترحل وقلوب تسكن.. ربما صرنا ظلا وربما مع ظل نحيا بأرواح تعلقت بمن ترك وراءه قطعة من ذاته.. بخيوط الوهم نتمسك بعجاف الذكري وخضر الخيال.. أمل لموهوم يرتجي من واقع الحياة مسرحا بعنفوان التمثيل يصارع ويفرغ آلام بتراتيب يعقدها.. بذاكرة العتاب والغياب يعاود الحلم المستحيل؟!.