رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

إعمار غزة بإرادة مصرية


22-2-2025 | 21:16

إعمار غزة بإرادة مصرية

طباعة
تقرير: محمد رجب

إعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، رؤية مصرية ثابتة طالما أكد عليها الرئيس عبدالفتاح السيسى لمواجهة مخططات تستهدف بالأساس تصفية القضية الفلسطينية، مستندًا فى ذلك إلى مواقف تاريخية للدولة المصرية التى وضعت القضية الفلسطينية فى قلب اهتماماتها، وكذلك النموذج المصرى للتنمية والتعمير الذى طُبق داخلياً على مدار السنوات العشر الماضية، فضلا عن المشاركة فى مشروعات إعادة الإعمار بعدد من الدول العربية على رأسها ليبيا والعراق.

تحركات الدولة المصرية لإعمار غزة بدأت بطرح مصرى تؤيده الدول العربية للتأكيد على مواجهة أى تهجير للفلسطينيين من أرضهم والبدء الفورى فى إعادة الإعمار من خلال الورقة المصرية التى كشفت مصادر عن بعض تفاصيلها والتى تعتمد على تجهيز مناطق آمنة داخل القطاع، بعد أول ستة أشهر؛ لنقل السكان لها ثم توفير مساكن آمنة ووحدات سكنية خلال 18 شهرا.، كما تتضمن خطة مصر رفع الركام من بعض مناطق غزة فى أول 6 أشهر ونشر مستشفيات ومدارس متحركة بها، من خلال جلب 24 شركة عالمية و18 مكتبا استشاريا لإنجاز مشروعات غزة بدعم عربى وأوروبي.

 

والخطة المصرية قوبلت بدعم شعبى وسياسى كبير بدأ بنقابة المهندسين التى أعلنت دعم جهود الدولة المصرية والقيادة السياسية فى إعادة إعمار غزة، والتصدى لأى محاولات تستهدف تهجير الشعب الفلسطينى، وبهدف توحيد الطاقات والخبرات الهندسية والفنية لوضع تصورات إعادة الإعمار، حيث عقدت النقابة الاجتماع الأول للجنة «إعادة إعمار غزة» لوضع آليات فاعلة تسهم فى إعادة الإعمار وفق رؤية علمية متكاملة، بمشاركة المهندس طارق النبراوى نقيب مهندسى مصر، وعدد من أصحاب الفكر والمسؤولين.

 

«النبراوى» أكد أن نقابة المهندسين بما تمتلكه من عقول وخبرات هندسية تساند وتدعم القيادة السياسية من خلال تقديم كل أوجه الدعم باعتبارها الاستشارى الأول للدولة فى مجال تخصصها، وباعتبارها تضم العقول القادرة على تنفيذ مقترحات وبنود خطة الدولة المصرية من خلال إعداد كل التصميمات الهندسية.

 

هذه التحركات سبقها طرح رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى خطة بديلة لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير سكانه، قال إن تكلفتها 27 مليار دولار ويتم تنفيذها على 3 سنوات فقط، إذ يمكن بناء 200 ألف وحدة سكنية لتوفير مأوى لعدد سكان يتراوح بين 1.1 إلى 1.3 مليون فلسطينى بلا مأوى على مساحة 20 مليون متر مسطح مبانى بمعدل 100 متر مربع لكل وحدة سكنية.

 

أما عن مراحل التنفيذ وآلياته، ذكر «مصطفى» أنه يمكن تنفيذ المشروع من خلال تعاون 40 إلى 50 شركة مقاولات، وينفذ على 6 مراحل تستغرق كلها 3 سنوات فقط، مستشهدًا بنموذج مصر فى القضاء على العشوائيات وبناء مليون وحدة سكنية خلال السنوات الماضية، حسب قوله.

 

المهندس محسن صلاح، رئيس شركة المقاولون العرب الأسبق، أكد قدرة شركات المقاولات المصرية على المشاركة فى إعادة إعمار قطاع غزة أو غيرها من الدول العربية، سواء العراق أو ليبيا، مستندًا إلى الخبرات المتراكمة للشركات المصرية فى تنفيذ مشروعات قومية ضخمة خلال السنوات العشر الماضية، التى أسهمت فى زيادة قدرات الشركات، سواء من حيث المعدات والكوادر البشرية وكذلك الخبرات فى التصميم والتنفيذ والإشراف على تنفيذ مشروعات ضخمة بأعلى جودة وبوقت قياسى، موضحا أن مصر أنفقت 9.4 تريليون جنيه على تنفيذ مشروعات البنية التحتية وتحسين جودة الحياة للمواطنين على مختلف المستويات خلال الفترة من 2014 وحتى 2023، أبرزها إنشاء وتطوير 17 ألف كيلو من الطرق، و34 مدينة سكنية جديدة، هذا بخلاف مشروعات إنشاء القطارات ومترو الأنفاق والمونوريل.

 

وأشار «صلاح» إلى أن أبرز التحديات التى ستواجه إعادة إعمار قطاع غزة، هو ضرورة إزالة الذخائر غير المتفجرة من القطاع من خلال أجهزة متخصصة تملكها الجيوش، لضمان تنفيذ عملية الإنشاءات بسلامة، إلى جانب عدم توافر مواد البناء اللازمة، وصعوبة نقلها داخليًا مما يرفع من تكلفة البناء، وكذلك تكلفة إزالة الأنقاض التى خلفتها الحرب التى استمرت نحو 15 شهرا، مضيفًا أن التقديرات المبدئية لإعادة إعمار غزة تتطلب إنشاء من 200 إلى 300 ألف وحدة سكنية لتوفير مأوى لسكان القطاع ويتم تنفيذها من 3 إلى 4 سنوات.

 

وأوضح أن نجاح أى خطة لإعادة إعمار قطاع غزة تتطلب عدة عوامل، أولها: تحقيق استقرار داخلى فى فلسطين وتحديد المسؤول عن إدارة قطاع غزة، وثانيها: وجود ضمانات دولية بعدم تجدد الحرب لعدم تدمير أى جهود لإعمار غزة، وثالثها: توافر تمويلات من مانحين لتمويل تكلفة إعادة الإعمار للشركات المنفذة، كما أن مصر تمتلك فائض طاقة إنتاجية لدى مصانع مواد البناء المصرية تكفى لتغطية احتياجات إعادة إعمار قطاع غزة، فى حين أنه من الصعب تقدير حجم المطلوب من مواد البناء اللازمة لإعادة الإعمار، ولكن الشركات المصرية قادرة دون شك على تنفيذ مشروعات إعمار غزة خلال 5 سنوات وتمتلك الخبرات اللازمة لتنفيذ خطة الدولة المصرية بكل سهولة، موضحا أن هذه الشركات نفذت مشروعات قومية ضخمة داخل البلاد خلال السنوات السبع الماضية تفوق إعمار قطاع غزة أربع مرات، واستطاعت مصانع مواد البناء تغطية احتياجات هذه المشروعات دون استيراد أية كميات من الخارج، بل هناك فوائض إنتاجية تفوق حجم الطلب».

 

ويرى طارق شكرى، رئيس غرفة التطوير العقارى، أن شركات التطوير العقارى والمقاولات المصرية قادرة على أن تتولى تنفيذ مشروعات إعادة إعمار قطاع غزة، فى ظل ما تمتلكه من خبرات ضخمة من تنفيذ مشروعات قومية كبرى خلال السنوات العشر الماضية لم تنفذ مشروعات مماثلة بهذا الحجم فى الخمسين عامًا السابقة، مما انعكس على نمو شركات المقاولات والتطوير العقارى المصرية، مؤكدًا استعداد الشركات للمشاركة فى إعادة إعمار القطاع لتوفير مسكن لأهالى غزة دون أن يتم تهجيرهم.

 

وقال «شكرى»: إن التقديرات المبدئية لإعادة إعمار غزة ستتكلف مبالغ مالية ضخمة وتستغرق عدة سنوات، موضحا أن تحديد هذه التقديرات سيتم بناءً على تقرير حجم الدمار بالقطاع على أرض الواقع وحجم الركام، والتكلفة التقديرية لإنشاء وحدات سكنية للسكان، وشكل هذه الوحدات، سواء سكنية أم أفقية أم مزيج من ذلك، وكذلك تكلفة إنشاء الخدمات المختلفة من المدارس والجامعات ودور العبادة، كما أن البدء فى إعادة إعمار قطاع غزة يتطلب تحقيق استقرار فى الأوضاع السياسية والأمنية بالقطاع، للسماح لشركات المقاولات للعمل ودخول مواد البناء، وتوافر تمويلات لفترة طويلة الأجل لتمويل تكلفة إعادة الإعمار.

 

وحول دور غرفة التطوير العقارى، أشار «شكرى» إلى أن غرفة التطوير العقارى أعلنت دعمها الكامل لمبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى بتخصيص 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة، واستعدادها لتقديم كافة أشكال الدعم الفنى المطلوبة من المطورين العقاريين، موضحا أن الغرفة تقوم بهذه الخطوة فى إطار مسؤوليتها الوطنية والقومية لدعم مبادرة الرئيس السيسى لدعم أشقائنا الفلسطينيين فى أزمتهم الحالية.

 

وأشار إلى أن المطورين والمقاولين المصريين لديهم خبرات قوية فى البناء والتعمير، بالإضافة لأيد عاملة مصرية قادرة على التطوير فى وقت قياسى للغاية، وهو ما تتطلبه الأزمة الحالية من تعامل، والعمل على سرعة التطوير والتنمية لإصلاح ما أفسده الاحتلال، موضحا أن الدور المصرى يرتكز على تنفيذ البنية التحتية، لافتا إلى أن مبادرة الرئيس ومساندة القطاع الخاص المصرى لدعم أشقائنا الفلسطينيين فى نكبتهم الحالية يجب أن يكون منهجا لكل الدول العربية لتحذو حذو مصر فى مساندة الإخوة الفلسطينيين.

 

أما د. سعيد حسنين، خبير التخطيط العمرانى، فقال إن الشركات العقارية أظهرت قدرة عالية فى المشاركة فى مشروعات إعادة الإعمار بـ «ليبيا» فى السنوات الماضية، إلا أن هناك تحديات تتطلب ضمانات أمنية ودولية لتسهيل بدء وتنفيذ هذه المشروعات بشكل آمن وفعّال، موضحا أن الشركات المصرية تمتلك خبرة كبيرة من خلال مشاركتها فى مشروعات سابقة، وهذه الخبرة تساهم بشكل كبير فى تطوير غزة، إلا أن الأوضاع الأمنية والسياسية فى المنطقة قد تشكل عائقًا أمام انطلاق هذه المشاريع بدون ضمانات، لافتا إلى أن الشركات المصرية مستعدة لتقديم خبراتها الفنية والتقنية لتطوير بنية غزة التحتية التى تأثرت بالظروف السياسية والاقتصادية، بما فى ذلك مشروعات الإسكان، الطرق، والطاقة، مشيرا إلى أن الشركات المصرية تضع خططًا واضحة لتنفيذ هذه المشاريع فى إطار زمنى محدد، بشرط تأمين التمويل من خلال شراكات دولية وضمانات من المؤسسات المالية الكبرى، مما سيساهم فى تسريع وتيرة إعادة الإعمار ويخلق فرصًا استثمارية جديدة فى المنطقة، وأضاف أن هذه الخطوة تمثل بداية قوية لمشاركة مصر فى هذه العملية الضخمة، خاصة أن الشركات المصرية قد استفادت من هذه المخصصات فى تنفيذ مشاريع البنية التحتية الكبرى فى غزة.

 

فيرى فتح الله فوزى، خبير تطوير عقارى، أن خطة مصر لإعمار غزة هى الأنسب للحفاظ على أهل القطاع وعدم تهجيرهم إلى الخارج ، مشددا على أن الدولة المصرية والرئيس السيسى على رأس المدافعين عن القضية الفلسطينية، خاصة أن مصر تعمل بكل قوة لإحباط مخطط تهجير أهل غزة الذى يمثل تعديًا صارخًا على حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة، وغير القابلة للتصرف، فى إقامة دولته المستقلة وفقًا لخطوط الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشريف.

 

وتحدث «فوزى» عن أن الخطة المصرية تعتمد على تجهيز مناطق آمنة داخل القطاع، بعد أول ستة أشهر؛ لنقل السكان لها ثم توفير مساكن آمنة ووحدات سكنية خلال 18 شهرا، وتتضمن رفع الركام من بعض مناطق غزة فى أول 6 أشهر ونشر مستشفيات ومدارس متحركة بها، وتخطط مصر لجلب 24 شركة عالمية و18 مكتبا استشاريا لإنجاز مشروعات غزة بدعم عربى وأوروبى، مشيرا إلى أن شركات المقاولات والمكاتب الاستشارية المصرية قادرة على المساهمة بشكل فعال فى إعادة إعمار غزة بما تملكه من خبرات فنية ومهندسين وعمال على أعلى مستوى من الكفاءة، خاصة الشركات المصرية اكتسبت خبرات قوية بعد تنفيذها المشروعات الكبرى التى دشنتها الدولة المصرية وهو ما يؤهلها لتصدير خدماتها إلى الخارج مشيرا إلى أن وقوع غزة بالجوار يسهل من عملية إعادة الإعمار بشكل أسرع.

 

وأوضح أن المكاتب الاستشارية المصرية بما تملكه من خبرات داخلية وخارجية قادرة على إعادة تخطيط المناطق المنكوبة مع الحفاظ على الهوية المعمارية الفلسطينية مشيرا إلى تضرر المبانى السكنية وشبكات الاتصالات والكهرباء وخطوط المياه وشبكات الصرف الصحى وكل ما يتعلق بالبنى التحتية.