رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

تحيا «دُرة المجلات» بشبابها


27-2-2025 | 08:02

تحيا دُرة المجلات بشبابها

طباعة
بقلم: بسمة أبو العزم

قبل قرن من الزمان كانت هناك دول وإمبراطوريات شهدت تحولات تاريخية كبيرة، فوفقًا لتقرير سابق لمجلة «ريدرز دايجست» الأسترالية تم الكشف عن 15 دولة كانت على الخريطة العالمية قبل 100 عام، لكنها اختفت وحلّت محلها دول أخرى، وهنا تظهر أهمية احتفال مجلة «المصوّر» بتاريخها العريق وعمرها المديد الذى يتجاوز عمر بعض الدول، فبقاء مجلتنا العريقة دون التوقف عددًا واحدًا على مدار 5223 عددًا، إنجاز يستحق الإشادة والاحتفاء.

 

تحديات عظيمة واجهتها محبوبتى «المصوّر» على مدار تاريخها، ولكنها نجحت فى تجاوز كافة العقبات، ودائمًا يسعى القائمون على إدارتها على مواكبة التطور والأحداث، فعلى الرغم من تبعية ملكيتها للدولة باعتبارها صحيفة قومية لها جمهورها المرتبط بها، فإنها نجحت على مدار العقود الماضية فى تحقيق التوازن فى طرح مشكلات واحتياجات المواطنين وتوصيلها للمسئولين فى كافة الملفات دون تهوين أو تهويل، فانتقادات «المصوّر» دائمًا للصالح العام. وحينما نطرح المشكلات لا نكتفى بذلك، بل نضع الحلول المطلوبة أيضا على لسان كبار الخبراء والمحللين المتخصصين، وفى نفس الوقت كانت، وما زالت، «المصوّر» وسيلة إعلامية مهمة لتوصيل رؤى وصوت الحكومة للمواطن ودعم المشروعات القومية العملاقة التى تحقق مصلحة المواطن البسيط مع بثّ روح المحبة والمواطنة، وهنا جاءت أهم عقبة حينما تولّت الجماعة المحظورة زمام الحكم، فلم ترضخ «المصوّر» لتوجهاتهم التى تهدم المجتمع، ولم ينجحوا فى تطويع تلك المجلة العظيمة لتوجهاتهم، وكان الهدف الوحيد –وقتها- هو حماية المواطن المصرى أولا، فلم تتورط تلك المجلة العريقة لتكون أحد أبواق الضلال.

 

أخطر تحد من وجهة نظرى لا يقتصر على «المصوّر» وحدها بل كافة الصحف الورقية، وهو المنافسة الشرسة مع التقدم التكنولوجى الخطير، والتوسع فى إطلاق المواقع الإلكترونية، بخلاف سرعة انتشار المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعى، ويأتى ذلك فى ظل ارتفاع أسعار الورق والطباعة، مع انتشار الأقاويل والشائعات المستمرة بشأن انتهاء عصر الصحافة الورقية، وعلى الرغم من كل هذه الضغوط النفسية فإن مجلتنا العريقة صاحبة المائة عام لم تشب همتها بعد، فداخل المبنى العريق مئات العاملين من صحفيين وإداريين وعمال، أغلبهم من الشباب الذين يعملون بحماس دائم ومحبة مستمرة، حتى رئيس تحرير المصور نموذج مميز للشباب المجتهد الطموح والعاشق لمؤسسته الصحفية، والجميع يتعاون تحت مظلة وبتوجيهات وإرشادات كبار الصحفيين أصحاب الخبرة، بما يعطى للموضوعات الصحفية التى تقدمها «المصوّر» نكهة خاصة من التنوع والمهنية، فمدرسة «المصور» لا تعترف بصحافة البيانات الصحفية، فنبحث دائمًا عما وراء الخبر من تفاصيل، والعمل على تقديم وجبات صحفية دسمة وشاملة، خاصة داخل الملفات التى لا تخلو صفحاتنا الأسبوعية منها، سواء كانت ملفات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وفنية ورياضية للوصول إلى جميع الأذواق، فلتحيا «المصوّر» بشبابها.

 

رحلتى مع «المصوّر» بدأت منذ 20 عاما حينمًا حضر عدد من رؤساء تحرير الصحف المصرية الكبرى لتقييم مشروعات تخرج كلية الإعلام جامعة القاهرة، وكانت مجلة «كنوز» التى شاركت بها فازت بالمركز الثانى، كما حصلت وقتها على جائزة خاصة قدرها 100 جنيه لكتابتى أفضل مقال بالعدد، واكتملت سعادتى حينما طلب رؤساء التحرير الكبار من الدكتورة ليلى عبدالمجيد عميدة كلية الإعلام فى هذا التوقيت ترشيح مجموعة من الشباب للتدريب فى الإصدارت الصحفية المتنوعة، وبالفعل كان لى نصيب بالعمل فى مؤسسة دار الهلال العريقة.

 

لدىّ إيمان عميق بأن اختيار الله الأفضل دائما، لذا أهم قرارات فى حياتى المهنية لم تكن نابعة من تخطيطى الشخصى، لكنها كانت موفقة وناجحة بتوفيق الله، فالتحاقى بمجلة المصور جاء بالتشاور مع رفيقة الكفاح صديقتى إيمان النجار، حيث وقع اختيارنا على مجلة المصور، فلا أنكر أننى فكرت فى البداية فى مؤسسة الأهرام العريقة، لكن عشق صديقتى لتاريخ «المصوّر» الذى درسناه داخل قسم الصحافة ساهم بقوة فى إقناعى بهذه الخطوة المهمة والتى لم أندم عليها أبدا، فحينما يصفنى أحد بابنة «المصوّر» أشعر بسعادة وفخر ومحبة، خاصة أننى تعاملت مع 6 رؤساء تحرير، قمة فى المهنية، ولكل منهم شخصيته الصحفية المميزة، وأتشرف أننى حصلت على خبرات مميزة منهم، وأساتذتى هم «عبدالقادر شهيب، وحمدى رزق، وغالى محمد، وعزت بدوي، وأحمد أيوب، وعبداللطيف حامد»، وعلى الرغم من اختلاف مدارسهم الصحفية، فإنهم تشاركوا فى اهتمامهم بالعلاقات الإنسانية أولا، بما يجعلنى أشعر بأن مجلة المصور عائلتى الكبرى.

 

لن أنسى شعورى بالسعادة البالغة حينما تم نشر اسمى على أول تقرير صحفى على صفحات المجلة، وكانت أول مكافأة حصلت عليها 80 جنيهًا فى الشهر، فبالطبع الرقم لم يكن متناسبًا مع جهدى وتكاليف انتقالاتى وعملى، لكن حبى للصحافة ومؤسستى دفعنى للاستمرار بجد واجتهاد، تاركة أسرتى بمحافظة الغربية سعيا للنجاح والتفوق وإثبات الذات، وفى هذا التوقيت كنت أرغب التخصص فى ملف الحوادث الذى أعشق قراءته، لكن الملف الوحيد الذى كان متاحًا وقتها هو الاقتصاد وتغطية أخبار الغرف التجارية، وعلى الرغم من كراهيتى لأخبار الاقتصاد المملّة بأرقامها الجامدة، فإننى رضخت لإرادة الله، وركزت على هذا الملف، ونجحت فى تقديم مادة صحفية، محتواها يميل إلى المواطن البسيط، وأصفه بأنه الاقتصاد الشعبى، وبتوفيق الله واهتمامى بعملى على مدار سنوات طويلة حصلت على ترقيات عديدة، آخرها مدير تحرير مجلة المصور والمشرف على الملف الاقتصادى الذى لم أكن أرغب العمل فيه، وذلك قبل أن أتجاوز سن الأربعين.

 

حديثى عن تجربتى المهنية، الهدف منه التأكيد على مجموعة قيم يجب أن يحافظ عليها شبابنا دائما، فلا مكان لعبارة «نشتغل على قد فلوسهم» ولكن شعارنا دائما «لكل مجتهد نصيب»، والأهم من ذلك أن إرادة الله دائما الأفضل، وإذا لم تتحقق رغباتنا كما نحلم، فبالتأكيد هناك حكمة وخير خفى لدى الله، فليس شرطًا أن نعمل ما نحب، ولكن الأهم أن نحب ما نعمل لننجح فيه، وأخيرًا أن مجلة المصوّر ستظل دائمًا محفوظة بمحبة واجتهاد أبنائها.