رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

على قدر التحديات


27-2-2025 | 08:09

على قدر التحديات

طباعة
بقلم: أحمد عسكر - بقلم: أحمد جمعة

إليها منذ عقود جئت، طفلا كنت، مع والدى أتيت.. ضحكت ولعبت وقرأت.. قرأت كيفما شئت ومما شئت، وجدت بين فنونها المهنية الفصول والألوان، فـ«المصور» كانت وما زالت للتنوع عنوانا،

مجلتى التليدة، قد لا يراها البعض سوى جريدة، لكنى أراها حالة فريدة، ونسخة وحيدة، هى الصحافة فى أنقى صورة.. قديمة كانت أو جديدة، هى ذكريات كانت وأحلام تبقى وسنوات من التحديات، كلها إخفاقات وانتصارات، وقليل من المفاجآت السعيدة، والآن.. بعد سنوات عديدة، ورغم كونى من أعمدتها الحالية خلفا لأسماء تضيء سماء الصحافة والإعلام كمجموعة نجمية فى أطراف الكون البعيدة، أستعيد طفولتى للحظات، أسترجع خطواتى الأولى فى بلاط صاحبة الجلالة.. فها أنا أطفئ برفقة زملائى شموع عيد احتفالنا بقرنها الأول، لتحمل أبخرتها أحلامنا وآمالنا، علَّها تهمس بها لمن يخلفنا بعد قرن آخر..

 

«المصور» تختلف.. هكذا نؤكد، ولهذا يظن بعض زملائنا فى إصدارات أخرى أننا مصابون بالغرور، وبالحق أقول، إن من حقنا التفاخر، ومعذورون إذا أصابنا الغرور، فقد تعلمنا على يد الأفضل، أسقونا من الصحافة رحيقها الأجمل، وما زلنا على عهدهم، نواصل دربهم.. ودأبنا من دأبهم، لا نكذب ولا نتجمل، مهنيتنا دربنا، لا نحيد عنه ولا نتحول، فشرف مهنتنا دستور لا يتبدل، نتخطى تحديات العصر، ونواجه أزمات المهنة، بسلاحنا الذى لا يتململ، القلم.. فهو خيارنا الأول، وصديقنا الأجمل، نتكئ عليه كى نعمل، ثم نعمل.

 

أما عن الاختلاف، فهو مؤكد دون جدال أو خلاف، كم من زميل خارج مجلتنا العريقة اصطفته الأقدار ليرى العملاق مكرم محمد أحمد وهو يعمل، أو كيف يكظم غيظه عند الغضب ويتحمل، كم من زميل تربى بين حروف تساقطت من جبين صاحبة الجلالة لتروى صفحات فى عشق الوطن وتكون مدادا لتاريخ أمه.

 

وآه من الذاكرة.. قد تتناسى لكنها لا تنسى، فبينما يخيفنى قرب النهايات.. ها هى تستعيد البدايات، فتعرض شريطا مختصرا لحياة صحفية قد لا تكون كبيرة مقارنة بالسابقين، لكن يملأها جهد واجتهاد وحرص ويقين، دروس وعظات استقيناها من سير الأولين، فأصبنا بها عين اليقين، صحافة مهنية وطنية مخلصة، لا تغازل التريند ولا تنحنى لخبر مهين.

 

الدرس الأول فى «المصور» كان ما ألقاه والدى الراحل العظيم عاطف عسكر على مسامعي، «المصور مش شغل.. المصور صحافة يجب احترامها.. قلمك شرفك، وهو الأغلى.. فلا تبيع»، والدرس الثانى كان من العراب، الأستاذ حمدى رزق.. وهو بالفعل أستاذ بامتياز، فارس لا يشق له غبار إذا بارز بالكلمات، رسام يجيد تجسيد القضايا على صفحات، فى هدوئه متعة ولحروفه حلاوة ولغضبه بركان، وهو لأبنائه فى «المصور» أيقونة ومحراب.. هو حقا «أبانا الذى فى المنيل» كما كان يدعوه أستاذى وأخى الراحل أحمد النجمي، وعن النجمى ودروسه فالحديث يطول ويطول، من أفضل مواهب مهنتنا وأنبغ العقول، هذا الضاحك دائما، المحب دائما، يعلم أيضا كل شيء دائما، بين الملفات المختلفة يصول ويجول، سياسة، فن، ثقافة، عند النجمى ستجد كل الحلول، ولكل ملف ثوابت وأصول.. معطاء بلا هدف، ومحبته لا تحتمل التراجع أو العدول، لم تنصفه الأقدار واختارت أن يرحل سريعا، وكم تمنيت أن يستمر مكوثه ويطول، أظنه كان حامل أختام سعادتنا، ومبرمج شفرة وحدتنا، رحل عن دنيانا، لكن أصداء ضحكاته باقية لا تزول.

 

أما أكثر الدروس نفعا فهى بلا منازع ما تعلمته من الأستاذ والأخ الأكبر «أحمد أيوب»، لم ييأس من اندفاعى وهفواتي، وله الفضل فى ضبط إيقاع طاقاتي، وتوجيه كل الجهد لأجل المجلة.. والمجلة وحدها، وكما كانت «المصور» حياته.. أصبحت حياتي، كما كان الأستاذ أيوب كلمة السر فى تصحيح مسار كلماتي، منحنى تأشيرة الانتقال من الرياضة إلى السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، فكانت أمتع رحلاتى ووجهة اهتماماتي، وبإكسير أيوب تراجعت كل انفعالاتي، لأعيد تشكيل شخصيتى ببناء أحلام جديدة كانت خارج احتمالاتي، تعلمت منه الصبر.. الحكمة، وكيف لا أخسر زميلا قد يخالف قناعاتى..

 

أساطين «المصور» لا تكفيهم سطور فى مقال، كالراحلة «جدتي» سكينة السادات، والراحلين مع حفظ الألقاب، عزت بدوى، وسيد زكي، ومحسن فهمي، وغيرهم الكثير.. وبالطبع عمّ حسن عمار سر دار الهلال نفس روحها المتردد وقلبها النابض.

 

أسباب كثيرة ورموز أكثر صنعت أسطورة مجلة «المصور» فى وجداننا ووجدان قرائها، وريقات قليلة استطاعت أن تصمد على مر قرن كامل، وما زالت باقية.. شابة ومعاصرة، تستعد لمعركة وعى الألفية الثالثة بأدوات تناسبها، وأسلوب يضمن بقاءها واستقرار سفينتها وسط بحر هائج تتلاحق أمواج تكنولوجيته دون هوادة، فتطرح صفحات فعالة ومؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، وتنشئ موقعا إلكترونيا بسواعد أبنائها من خيرة شباب الصحافة المصرية؛ لتكتب «المصور» تاريخا جديدا، وتشهد على قرن آخر من عمر الصحافة ونور المعرفة.

 

............................

دار الحكايات!

بقلم: أحمد جمعة

 

12 عامًا ونيف بين جدران مؤسسة كبيرة «دار الهلال»، ومجلة راسخة «المصور»، بينما تخطو نحو قرنها الجديد بعد الـ 100 الأولى التى كانت «كلمتها وصورتها» تسجل مرويات التاريخ المختلفة.

 

دخلتها طالبًا بإعلام القاهرة يتحسس خطاه فى أرض الله الواسعة، كبرت فيها، وتعلمت فيها، وعايشت أجيالًا مختلفة، لكل منها بصمته ولمسته.. شاهدت تطورها اللافت فى مرحلة مفصلية، وانتقالها من عصور «الماكيت الورقي» وصولًا للعمل الإلكتروني.

 

كان ورق «الدشت» الأصفر المميز يملأ أرجاء هذه الدار الكبيرة، فى كل غرفة تجده حاضرًا، شاهدًا على لحظات فارقة فى عمر هذا البلد، حافظًا لذكريات ومواقف ستعيش أبد الدهر ما بقى هذا الوطن.

 

تعاملت مع خمسة من رؤساء التحرير؛ الأساتذة: حمدى رزق، عزت بدوي، غالى محمد، أحمد أيوب، عبد اللطيف حامد، لكل منهم قيمته وإسهامه، وفى القلب كان ولا يزال الكبير عاطف عسكر.. لكل هؤلاء؛ شكر وامتنان.

 

فى الدار الكبيرة «دار الهلال»، لم يكن الأمر روتينياً أسبوعياً، بل حياة كاملة تعاش داخل أروقتها، كل زاوية تحمل ذاكرة قلم خط عنوانًا، أو صورة وثقت حدثًا، أو ورقة تغذت على قصص صحفية، فلم تعدُ مجرد مواد تحريرية، بل وثائق تاريخية حية صنعت وعيًا وخلقت إدراكًا لهذا الوطن.

 

بين جنبات هذه الدار، عايشت -وغيري- أوقاتًا صعبة وأخرى مشرقة.. فى اللحظات الفارقة التى كانت تمر بها مصر، كانت «المصوّر» تشكل جسرًا بين الناس والأحداث، من الميدان والشارع إلى غرفة الأخبار والتجهيزات، كانت المسئولية تحتم الدقة قبل السبق، لأن الكلمة فى هذه المؤسسة لا تكتب عبثًا.

 

«المصوّر» ليست مجرد مجلة، بل ذاكرةُ أمة وقلب مجتمع، شكلت وجدانًا وأثرت التجارب مهنياً وإنسانياً، علمت الكثير ولا يزال مدادها حاضرًا فى قلب القضايا الوطنية، رافعة لواء التنوير، لتؤكد بصدق أنها جزء رئيسى من مسيرة هذا الوطن.