100 عام على صدور أول عدد لمجلة المصوّر، تلك المجلة العريقة التى شرفت بالانتماء لها على مدار سنوات، تعلمت الكثير فى دروبها، وحققت أمنياتى الصحفية على أوراقها، بينها ملفات منحوتة فى ذاكرتى لا تُنسى، أعتبرها أحد أكبر إنجازاتى.
أختص وأعتز دائمًا، بما نُشر عام 2007م، حين فجّرت مجلة المصوّر قضية كبرى، حرّكت كافة أجهزة الدولة المصرية فى ذلك الوقت، بطلتها طفلة صغيرة من محافظة المنيا تُدعى «بدور»، كانت تحتفل بتفوقها ونجاحها فى الشهادة الابتدائية، لتقرر أسرتها فى نفس اليوم قيادتها إلى مصير مجهول، أدّى إلى وفاتها عقب إجراء عملية ختان لها.
القضية التى تداولتها «المصوّر» فى أكثر من عدد وتصدّرت صورة فتيات المنيا أغلفتها أثناء التظاهر ضد جريمة الختان -دفعت كافة الأجهزة الحكومية، لتبنّى قانون يحمى الفتيات من قتل براءتهن، ليصدر أول قانون لتجريم «ختان الإناث» فى مصر سنة 2008.. لا أنسى فرحة فتيات المنيا وشكرهن لمجلة المصوّر حين صدر هذا القانون.
كما يحضر بذاكرتي، موضوع «معديات الموت»، الذى تصدّر غلاف المجلة فى ديسمبر 2007، وهو الأمر الذى جعل المسئولين يتخذون العديد من الإجراءات؛ حفاظًا على المصريين.. أذكر أيضًا موضوعًا خاصًا بـ«مزلقانات السكك الحديدية» بعدد نوفمبر 2012 والذى دق أجراس الخطر بتلك المنظومة فى ذلك الوقت.
استكمالًا لسلسلة الأغلفة التى تصدّرتها المواضيع التى تناولتها أو شاركت فيها، لا أنسى إطلاقا ملف «حضرة العمدة المسيحى»، الذى تحدث عن الأخوة والمواطنة بين المسلم والمسيحى، وكم كانت فرحتى عندما صدر غلاف العدد، بصورة من تصويرى.
سطرت ملفات أخرى عن شهداء الجيش والشرطة، أبرزها الشهيد النقيب هيثم فتحي، الذى استُشهد أثناء تصدّيه للعناصر الإرهابية بشمال سيناء، وهو ما جاء ضمن أحداث مسلسل «الاختيار»، وقام بدوره الفنان محمد إمام.
هذا بجانب ملفات عن المرافق من كهرباء ومياه ورغيف الخبز، بالإضافة إلى الملفات الدينية، والمشاركة فى تغطية الاستحقاقات الانتخابية، وتعديل الدستور، والاتحادات الطلابية، والمبادرات الرئاسية مثل «حياة كريمة».
وأختم كلماتى بشهادة أعتز بها دائمًا، وهى انتمائى لمجلة المصوّر، كونها وسامًا أفتخر به، وأتقدم بالشكر لكل مَنْ ساهم وشارك بالعمل على إنجاح مجلتنا العريقة على مدار قرن من الزمان، ليبقى اسم المصوّر دومًا عنوانًا للحقيقة الحرة والمهنية الاحترافية بعيدًا عن التهويل والتهوين.. كما أتشرف بأننى ضمن الجيل الذى تسلّم الراية فى المئوية الثانية.. وسنظلّ على العهد، لنكون على قدر المسئولية والحفاظ على نفس المستوى المهنى المتألق المشرّف.
.............
رحلة التحدى
بقلم: رحاب فوزي
منذ أن بدأت خطواتى الأولى فى عالم الصحافة، كانت مجلتى بمثابة بيتى الثاني، ومصدر إلهامى الأول. عندما انضممت إليها، لم أكن أعرف أننى سأخوض رحلة طويلة مليئة بالتحديات، والتعلم، والنضوج المهني. كانت المرة الأولى التى أكتب فيها مقالاً صحفياً فى مجلتي، وأنا فى بداية مشوارى الصحفي، لحظة فارقة بالنسبة لي. شعرت بمزيج من الحماس والخوف من عدم قدرتى على إرضاء توقعات المحررين والقراء
كنت أترقب كل عدد جديد من المجلة، وأسعى دائمًا لأن أكون جزءًا من كل موضوع، سواء كان يتعلق بالقضايا الاجتماعية، السياسية، الثقافية أو الاقتصادية. تعلمت الكثير من خلال التفاعل اليومى مع زملائى الصحفيين الذين كانوا دائمًا يقدمون لى النصح والمساعدة. كانت مجلتى مكانًا يعج بالأفكار الجديدة والمشاريع المبدعة، وكانت فرصة رائعة لى لتطوير مهاراتى الكتابية والصحفية.
كانت المجلة أيضًا بيئة مليئة بالتحديات. كل عدد كان يتطلب جهداً جماعياً، من التخطيط والتحرير، وصولاً إلى تصميم الصفحات والتنسيق. وكانت اللحظات الأكثر توتراً هى عندما يقترب موعد التسليم، وكنا نعمل كفريق واحد لإنهاء كل شيء فى الوقت المحدد. رغم الضغط، كانت هناك لحظات من الفخر والسعادة عندما نرى المجلة تُطبع وتنتشر فى الأسواق، ويبدأ القراء فى التفاعل مع محتوياتها.
لم يكن عملى فى مجلتى مجرد مهنة، بل كان شغفاً عميقاً يتغلغل فى كل جوانب حياتي. أدركت مع مرور الوقت أن الصحافة ليست مجرد كتابة، بل هى أداة لتسليط الضوء على قضايا المجتمع، ومناقشة المشكلات، وطرح الحلول. ولطالما شعرت بأننى جزء من حركة أكبر نحو التغيير والمشاركة الفعالة.
ومن أهم اللحظات التى لا أنساها فى مسيرتى مع المجلة، هى تلك المقالات التى كنت أكتبها عن قضايا تخص المجتمع المحلي، ورؤية ردود الفعل الإيجابية من القراء الذين كانوا يشعرون أن هذه المواضيع تعكس اهتماماتهم وتطرح حلولاً لأزمات حياتهم اليومية.
وفى النهاية، عندما أتذكر ذكرياتى مع مجلتي، لا أستطيع إلا أن أشعر بالامتنان لكل لحظة عشتها هناك. كانت المكان الذى صقلت فيه مهاراتي، وعرفت فيه قدراتى الحقيقية، وشهدت فيه على تطورى كصحفية وكإنسانة. إنها رحلة لن تُنسى، وستظل جزءاً مهماً من تاريخى المهنى و
الشخصي.
..................
عبق التاريخ
بقلم: نشوى السعيد
دخولى مجلة المصور، لمست أطيافًا روحية، وجدتها تحوم بين طيات جدران هذا الصرح العريق، وداخل مكاتبه العتيقة، هذا الجو الساحر، المعبأ بعبق التاريخ، وجدت فيه عالمًا آخر نعيش داخله، مر عليه ما يزيد على 10 عقود زمنية..
بالفعل، عالم زخم نشط عشته فى إصدار مؤسسة دار الهلال، منذ انضمامى له، كرسامة كاريكاتير بالمجلة - وقتها، كانت هناك فقط، صفحة كاريكاتير للفنان سعدالدين شحاتة، الذى يأتى ضمن قائمة مميزة لمبدعين، رصعت أعمالهم صفحات المجلة عبر العقود السابقة، رسموا الضحكات على وجوه القراء، سواء اللوحات الكاريكاتيرية أو البورتريهات الفنية..
كنت دائمة التساؤل، بشأن ماهية رواد الكاريكاتير، ممن عملوا بالمجلة.. وهل اكتفت المصور بمبدعبن مصريين أم فتحت أبوابها لفنانين أجانب؟!.. كنت فى حيرة ممزوجة بالشغف، لمعرفة كل مايخص من سبقني..
هنا، جاءت اللحظة التى ارتويت منها، لملء هذا الشغف، حينما أعلن رئيس التحرير، الكاتب الصحفى عبداللطيف حامد، عن إصدار عدد تذكارى لمئوية المصور.. عندها كان على أن أؤرشف تاريخ فن كاريكاتير المجلة، بصفتى وشخصى المهني.. عندها، فتح الأرشيف ذراعيه لى، كبوابة سحرية أو (آلة زمن) تأخدنى إلى عالم الكاريكاتير ورواده، أتنقل بين صفحات مجلتى الأصيلة، فى رحلة ساحرة استمرت خمسة أشهر أو أكثر، شاهدت خلالها تاريخًا مبهرًا عظيمًا لرسامى المصور..
اكتشفت من خلال إعداد الأعمال الموكلة لي، طوال مائة عام، أن «المصور» كانت القبلة الأولى لجميع رواد فن الكاريكاتير بالوطن العربي، كونها تولى اهتمامًا كبيرًا بهذا اللون الإبداعي، وذلك منذ العدد الأول للمجلة، حينما أتاحت الفرصة - عبر طيات صفحاتها، لمبدعى الكاريكاتير والفنانين الموهوبين بإرسال أعمالهم، على أن يتم النشر بأسمائهم..
كان أول الأعمال، كاريكاتير - أبيض وأسود، مرسل من القارئ رجب عزت، وأعلنت المجلة عن جائزة قدرها عشرون قرشًا لمن يرسل أفضل (نكتة).. وخصصت صفحتين بعنوان «لطائف وفكاهات»، لنشر الطرائف والنكات، بجانب الكاريكاتير.. ومع اطلاعى على أرشيف الأعوام والأعداد، وجدت رسومًا لفنانين أتراك وإسبان، رأيت أفكارًا فنية بديعة، متنوعة المواضيع، ما بين الاجتماعى والسياسى والبورتريه، كلها تتسم بأفكار حديثة فى أزمنة سابقة..
وتحت عنوان (رحلة كاريكاتيرالمصور فى مائة عام)، استطعت ان أنقل ما اكتشفته وعشته، خلال آلة الزمن- كما أطلقت أنا عليها.. لعلى أبرز بعضًا مما انتابنى من لهفة وشغف، لأعرض تلك الكلمات - التى بين يديك، تعبيرًا عن سعادتى وفخرى بكونى ضمن جيل جديد العهد، يجد نفسه فى قائمة عمالقة فن الكاريكاتير.