المحبون مدعوون للاحتفال بمرور خمسة عشر عاما على تولى الدكتور أحمد الطيب المشيخة الأزهرية، تولى المشيخة فى (19 مارس 2010 )، ولايزال أمينا مؤتمنا على شؤون المشيخة العريقة.
محبة فى فضيلته أكتب هذه السطور من القلب، ومن القلب للقلب رسول، والحمد لله بينى وبين فضيلته محبة خالصة لوجه الله، وأحفظ له جميل الود، ووافر الاحترام، تربينا على توقير الأئمة، ما بالك بالإمام الأكبر، فى منزلة عالية، أطال الله عمره ونفعنا بعلمه.
معلوم، الكتابة عن الإمام الأكبر الدكتور الطيب أحمد الطيب، لا تحتاج إلى مناسبات طيبة، كالتى نحن بصددها، مرور خمسة عشر على ارتقاء فضيلته الإمامة الكبرى.
إمامنا الطيب جدير بالكتابة كل حين، والمحبة تحرك الأقلام لتسطر كلمات لا زيف فيها ولا رياء، فنحن له دوما محبون، وأحيانا من الناقدين، مع وافر الاحترام، ونحمد الله أن جعل فينا إماما طيبا، حافظا لميثاق الوطن، مدافعا عن ثوابته المرعية، وطنية الإمام محل تقدير واحترام.
خمسة عشر عاما شهد الإمام الطيب والمشيخة فيها من أهوال السياسة ما يشيب من هوله الولدان، عند حسن الظن دوما، ثابت الجنان، لا هان يوما ولا استكان، نفر دوما دفاعا عن الأزهر الشريف فى سياق الذود عن الوطن الكبير، ولا لانت عريكته، ولا كسرت شوكته، ولا تولى يوم الزحف.
مولانا الطيب، على العهد دوما، حافظا للأمانة، منافحا عن الحياض الوطنية المقدسة، ولولا وقفته الشجاعة (صلبا) جنبا إلى جنب رجالات مصر الأوفياء فى قلب شعبها العظيم، فى حماية جيشها وشرطتها، بقيادة فرسانها قادة القوات المسلحة، وفى مقدمتهم الرئيس «عبد الفتاح السيسى»، جميعا صفوا على قلب رجل واحد فى مواجهة العاصفة الإرهابية، التى ضربت البلاد بقسوة، ولولا سخر الله لهذا الوطن عظيم رجالاته الأوفياء لكان المستقبل مظلما..
تواضعًا الإمام الأكبر لا يتحدث عن دوره فى إسقاط الخلافة الإخوانية، ودوره غير منكور ومسجل فى صفحات الوطن بسطور من نور، ولم يعلن مرة عن استهدافه شخصيا، كادوا يكسرون عليه باب مكتبه إمعانًا فى الاستهداف المخطط لشخصه الكريم.
فضلا عن استهداف منارة الأزهر الشريف السامقة، وكادوا يعتلون منبر الأزهر الشريف احتلالا، ولم يمن الإمام يوما بمواقف وطنية تحسب له، ولم يزايد بواجب وطنى قام به، ولم يطلب أبدا ماليس له، عفوف متعفف، فقط توفر على حماية الأزهر من المتربصين، ووضع الأزهر فى مكانه الطبيعى فى قلب الأمة المصرية والعربية والإسلامية بمواقف ناصعة فى خصوص القضية الفلسطينية ومجمل القضايا العربية والإسلامية، عنوان منير للأزهر الشريف.
فضيلته، أطال الله فى عمره، لم يتول يوم الزحف، ولم يهادن جماعة من الخوارج على حساب الوطن، وحرر وثلة من الفرسان الأشداء بيان ثورة (3 يوليو) بلغة عربية فصحى حاسمة شجاعة، سجلت نهاية الاحتلال الإخوانى إلى غير رجعة.. راجع فى هذا المشهد الوطنى، شهادة البابا «تواضروس الثانى»، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عن تفاصيل يوم (3 يوليو العظيم)، وكيف كان الإمام حاضرا بألق يليق بالإمامة والمشيخة الأزهرية العريقة..
كان الكبيران وسط جمع من الفرسان يذودون عن الحياض المقدسة بفروسية وإنكار ذات.. مصر كانت يومها الكل فى واحد.
¿ ¿ ¿
صمت الإمام الطيب وزهده فى الإعلام، يطمع الذى فى قلبه مرض، ولكن الإمام يتبع الهدى النبوى، «اتق الله حيثما كنت وأتبِع السيئة الحسنة تمحها”..
استهداف الأزهر من عمامته من البعض عرض مستمر، وبحسن الظن، من قبيل حرية التعبير إلا فيما ندر من الاستهداف السياسى الممنهج، والثابت أن الصبر (صبر جميل) هو السياسة المتبعة من قبل المشيخة، لسان حال الإمام، وتأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم «اللهم اهدِ قومى فإنهم لا يعلمون”..
للأسف بعضهم لا يعلمون حجم المخاطر التى كانت، وحاقت بمصر والمشيخة فى قلبها، والاستهداف الذى كان، وليس بجديد على الأسماع، مصر مستهدفة فى جيشها وشرطتها، وأزهرها، وكنيستها، وبالإجمال فى شعبها الأبى الصابر، العظيم المجاهد.
كل من ارتقى منصة (3 يوليو) تأسيسا على ثورة (30 يونيو) مستهدف، حلقات الاستهداف تجعلنا نخشى على عمد الدولة المصرية، على جيشها وأزهرها وكنيستها، وعلى شعبها.
الأمة المصرية فى قلب أمتها العربية ممتحنة، كل أركان الدولة فى اختبار مصيرى، سيما والعدو الإسرائيلى رابض على الحدود، والقضية الفلسطينية مستهدف تصفيتها فى الأراضى المصرية، تخلصنا من الاحتلال الإخوانى بعد جهد جهيد وتضحيات جسام هاهو الاحتلال الإسرائيلى يتربص بنا الدوائر.
مستوجب التعاضد والتناصح ورص الصفوف، ونصلى فى حب الوطن، ويستوجب تمعن حديث الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بَينَ المنَاكِب، وسُدُّوا الخَلَلَ، وَلِينُوا بِأَيْدِى إِخْوَانِكُمْ، وَلا تَذَرُوا فَرُجَاتٍ للشيْطانِ، ومَنْ وصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّه، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعهُ اللَّه”..
هذا دأب الإمام خلال خمسة عشر عاما مضت على توليه الإمامة الكبرى، تذكيرا بوحدة الصف، وسد الخلل، وغلق مسارب الشيطان، والشيطان يكمن فى الدغل، يتربص بكم الدوائر..
¿ ¿ ¿
الإمام الأكبر، حفظه الله، وبالسوابق لا يذهب إلى خلاف، يأنف الجدال، كما أنه لا يقبل الدنية فى دينه وفى وطنه، ويفضل الصمت البليغ، ويراهن على تفتح القلوب، وتفهم العقول، يقود سفينة عريقة من أسطول الوطن، يرفع علم الوطن فوق السارى اعتبارا وطنيا، ويقف محييا علم مصر، ويهتف من أعماقه بالنشيد الوطنى.
لا مزايدة على وطنية الإمام، رجل مصرى صعيدى قح، من بين الصلب والترائب، من ظهر مصرى صوفي، وتشهد «القرنة» بصعيد مصر على طيب أخلاقه، وأصله الكريم، والاختلاف مع فضيلته فحسب أحيانا فى التفاصيل التى تفرض فرضا على أجندة الوطن وفق تقلبات السياسة، والإمام يبتعد عن السياسة بمسافة كافية، وحواراته دوما حول هموم الوطن.