رغم تأييد البيت الأبيض لقرار نتانياهو تأجيل الإفراج عن أكثر من ٦٠٠ سجين فلسطينى إلا أن ويتكوف المبعوث الشخصى لترامب فى المنطقة أكد إمكانية تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزةَ الذى أوفت حماس بالتزامتها فيه وأفرجت عن آخر دفعة من المحتجزين الإسرائيليين فى غزة قبل أيام، وتوقع ويتكوف أن يمضى نتانياهو إلى تنفيذ المرحلة الثانية من هذا الاتفاق !
ويأتى ذلك بينما أعلنت حماس أنها لن تدخل فى مباحثات المرحلة الثانية قبل أن تفرج سلطات الاحتلال عن الفلسطنيين المتفق عليهم، وهى المباحثات التى كان مقررا أن تبدأ قبل ثلاثة أسابيع مضت، لكن نتانياهو عطلها حتى الآن وغيَّر وفد التفاوض الإسرائيلى بوفد أكثر تشددا.. بل إن نتانياهو أعرب مؤخرا عن إمكانية العودة إلى القتال مجددا فى غزة مشيرا إلى أنه ثمة أهداف يمكن ضربها فى غزة، كما أن قوات الاحتلال أعلنت الاستعداد فى محيط غزة للعودة للقتال بالفعل!
وهكذا مع اقتراب نهاية المرحلة الأولى للاتفاق بعد أيام قليلة فالغموض يحيط بمصيره، فإن نتانياهو لم يكتف بخرق هذا الاتفاق طوال الوقت وإنما افتعل الأزمات الواحدة تلو الأخرى والتى كان آخرها أزمة منع إدخال البيوت الجاهزة والآلات الثقيلة لإزالةَ الركام إلى القطاع رغم النص على ذلك فى الاتفاق، ثم أزمة تأجيل الإفراج عن نحو 600 فلسطينى كان مقرر الإفراج عنهم قبل بضعة أيام بحجة أن حماس تهين المحتجزين لديها قبل الإفراج عنهم.
غير أن هناك من يعتقد أن الطريقة التى تفرج بها حماس عن المحتجزين الإسرائيليين أزعجت وأثارت ضيق نتانياهو وأحرجته بالفعل حينما بددت ادعاءاته عن تحقيق نصر عظيم وتام وكامل فى غرةً، وأنه بالفعل شعر بالإهانة لأنه كشف كذبه أمام الإسرائيليين، ولذلك اتخذ قرار تأجيل الإفراج عن الأسرى الفلسطنيين.. وبالتالى فإن أزمة الاستمرار فى تنفيذ الاتفاق يمكن تجاوزها بعد مرور بعض الوقت وتدخل الوسطاء وممارسة أمريكا بعض الضغوط عليه لتبدأ مفاوضات المرحلة الثانية للاتفاق، والتى سبق أن أعلن نتانياهو أنه سوف يخوضها واستعد لها بفريق تفاوض جديد، وهذا يفسر تصريح ويتكوف حول الولوج لتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار!.. ويعتقد البعض هنا أن إعلان البيت الأبيض تأييده لقرار نتانياهو تأجيل الإفراج عن الأسرى الفلسطنيين يأتى فى إطار الضغط على حماس حتى تتوقف مستقبلا عن الطقوس التى اتبعتها فى الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين فى غزةً والتى تشى بأنها مازالت موجودة على الأرض بقطاع غزة ومسلحة ومتحكمة أيضا فى أموره وقادرة على حشد أهل غزةً حينما تشاء!.. ويذكر هؤلاء بتهديد ترامب حماس من فبل بالجحيم إذا لم تفرج عن كل المحتجزين، وعندما لم يحدث ذلك وأفرجت حماس عن بعض المحتجزين فقط مضت واشنطن فى جهود الانتقال إلى المرحلة الثانيةً من الاتفاق!
إلا أن ترامب شخصيا كما تقول الصحافة الإسرائيلية يشعر فعلا بالإهانة بعد أن بدا أمام الإسرائيليين أنه يبيع لهم الوهم ويكذب عليهم وأنه لم يحقق النصر التام تحديدا على حماس، ومن يشعر بالإهانة يمكنه أن يفعل أى شىء ويمكنه ارتكاب حماقة العودة إلى الحرب وقبل الإفراج عن كل المحتجزين الإسرائيليين فى غزة، كما يخشى ذلك أهالى هؤلاء المحتجزين ومعهم نحو سبعين فى المائة من الإسرائيليين الذين كشف استطلاع للرأى مؤخرا أنهم يرفضون العودة إلى الحرب ويطالبون بتنفيذ اتفاق غزة، بكل مراحله والتى تتضمن انسحابا كاملا من القطاع والشروع فى إعادة تعميره، بل والانتقال إلى حل سياسى للقضية الفلسطينية.
وإذا كان نتانياهو قد قاوم طويلا التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، وأجل التوصل إليه عدة أشهر فاجأ الوسطاء بمطالب جديدة، فإنه يمكن أن يفعل أى شىء بعد أن شعر بالإهانة أى أن احتمالات العودة إلى القتال مجددا ليست بعيدة وممكنة، خاصة أن الرجل يضع طوال الوقت مصالحه الشخصية فى الاعتبار وهى الأولوية المهمة لديه!
ولكن إذا كان ترامب يرغب بالفعل فى إنهاء الحرب فى المنطقة فهو سوف يضغط على نتانياهو لتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة وقبله الإفراج عن آخر دفعة من الأسرى الفلسطنيين فى المرحلة الأولى .. وكما دفع ترامب نتانياهو للقبول بالاتفاق وتوقيعه فإنه يمكنه أن يلزمه بالانتقال إلى المرحلة الثانية للإفراج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين وإقناع اليمين الدينى بالمحافظة له على حكومته وحمايتها من السقوط!