رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

إجماع عربى على «الخطة المصرية» لإعادة إعمار غزة.. ورفض التهجير خيار استراتيجى


6-3-2025 | 00:59

إجماع عربى على الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة.. ورفض التهجير خيار استراتيجى

طباعة
تغطية: أحمد عسكر ـ محمد رجب

القاهرة دائمًا حاضرة فى المشهد العربى من منطلق أنها الشقيقة الكبرى لكل العواصم فى الضراء قبل السراء، وفى الشدة قبل السعة، وفى الأزمة قبل الرخاء، فعلى الفور تكون السند الصادق، والكتف الثابتة والساندة لأى بلد يتعرض لمحنة أو يصاب بضرر، تسارع بتقديم المساعدات الإغاثية بلا منٍ ولا أذى بالقول أو الفعل، وتغيث الملهوف بكل السُبل، وتؤوى من يلجأ إليها بلا ثمن، تتصرف بدافع الأخوة، وتساعد بعاطفة العروبة، وتتحرك بغريزة الإنسانية، لا يشغلها «الشو الإعلامى»، ولا تحركها المصالح، ولا تلقى بالًا بالمخاطر، وتسعى جاهدة لضمان استقرار وسلامة أمتنا من الخليج إلى المحيط، مع الالتزام بالمبدأ الراسخ وهو احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية.

نجحت القمة العربية غير العادية حول القضية الفلسطينية بالقاهرة بحضور عدد من قادة وزعماء الدول العربية والأمين العام لجامعة الدول العربية والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس المجلس الأوروبى ورئيس الاتحاد الإفريقى، فى اعتماد الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، مع الإبقاء على أهالى غزة على أرضهم، فى رد عربى جماعى على مقترحات التهجير.

 

وقد عبر كل الرؤساء والملوك المشاركين فى القمة العربية بالعاصمة الإدارية أمس الثلاثاء، عن أهمية الدور المصرى فى تثبيت أركان القضية الفلسطينية منذ اليوم الأول لاندلاع حرب غزة، التى أفضت إلى تدمير كامل لقطاع غزة، وتسربت منه مؤامرة تصفية القضية عبر مخطط التهجير الخبيث من خلال اقتراحات حكومة الاحتلال ثم الرئيس الأمريكى ترامب، وهو ما واجهته مصر بخطة شاملة ومتكاملة لإعادة الإعمار، وتسعى إلى حشد الدعم الإقليمى والدولى لها، فهى خطة تحفظ للشعب الفلسطينى حقه فى إعادة بناء وطنه، وتضمن بقاءه على أرضه، ومن هذا المنطلق دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى كافة الدول الحرة والصديقة، للإسهام فى هذا المسار، والمشاركة بفاعلية فى مؤتمر إعادة الإعمار، الذى سوف تستضيفه مصر الشهر المقبل.

 

وفى كلمته خلال افتتاح أعمال القمة العربية غير العادية، أوضح الرئيس السيسى، أن «مصر لا تعرف سوى السلام القائم على الحق والعدل»، موجهًا الشكر لملك البحرين على جهوده المقدرة خلال رئاسة القمة العربية، قائلًا: «أتوجه بدايةً بخالص التحية وجزيل الشكر لأخى الملك حمد بن عيسى، عاهل مملكة البحرين، على جهوده المقدرة طوال فترة رئاسته لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة، ويطيب لى أن أهنئكم جميعًا وشعوبكم العربية والإسلامية بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، ويسعدنى أن أرحب بكم فى بلدكم الثانى، مصر، أرض الكنانة، التى تقف دائمًا مع الحق والعدل مهما اشتدت الخطوب وعظمت الكروب».

 

وأضاف الرئيس السيسى، أن «مشاركتكم فى هذه القمة غير العادية، فى خضم أزمة إقليمية بالغة التعقيد، واستجابةً لنداء فلسطين الشقيقة، تؤكد التزامكم الذى لا يتزعزع تجاه قضايا أمتكم المشروعة، ويجمعنا اليوم واقع مؤلم فى ظل ما تواجهه منطقتنا من تحديات جسام تكاد تعصف بالأمن والاستقرار الإقليمى، وتبدد ما تبقى من مرتكزات الأمن القومى العربى، وتهدد دولًا عربية مستقرة، كما تنتزع أراضى عربية من أصحابها دون سند من قانون أو شرع».

 

وأشار الرئيس السيسى، إلى أن ذاكرة الإنسانية ستتوقف طويلًا أمام ما حدث فى غزة، لتسجل كيف خسرت الإنسانية، وكيف خلّف العدوان على غزة وصمة عار فى تاريخ البشرية، عنوانها نشر الكراهية، وانعدام الإنسانية، وغياب العدالة.

 

وتابع: إن أطفال ونساء غزة، الذين فقدوا ذويهم وقُتل منهم عشرات الآلاف وتيتّموا، ينظرون إليكم اليوم بعيون راجية لاستعادة الأمل فى سلام عادل ودائم، كما أن الحرب الدائرة على قطاع غزة استهدفت تدمير أوجه وسبل الحياة، وسعت بقوة السلاح إلى تفريغ القطاع من سكانه، وكأنها تخيّر أهل غزة بين الفناء المحقق أو التهجير المفروض، وهو الوضع الذى تتصدى له مصر انطلاقًا من موقفها التاريخى الداعم لحقوق الشعب الفلسطينى فى أرضه، وبقائه عليها عزيزًا كريمًا، حتى نرفع الظلم عنه ولا نشارك فيه.

 

كما أشار الرئيس السيسى، إلى أن «الممارسات اللاإنسانية التى يتعرض لها أهلنا فى فلسطين أوهنت عزائم البعض، إلا أننى كنت دائمًا على يقين بثبات وبسالة الشعب الفلسطينى الأبى الذى ضرب مثلًا فى الصمود والتمسك بالأرض، ستقف عنده الشعوب الحرة بالتقدير والإعجاب»، مؤكدًا أن عزيمة الشعب الفلسطينى وتمسكه بأرضه هو مثل فى الصمود من أجل استعادة الحقوق.

 

وتابع الرئيس السيسى: إننى استذكر معكم فى هذا الظرف الدقيق أن مصر التى دشنت السلام منذ ما يناهز خمسة عقود فى منطقتنا وحرصت عليه وصانت عهودها حياله لا تعرف سوى السلام القائم على الحق والعدل الذى يحمى المقدرات ويصون الأرض ويحفظ السيادة.

 

وأوضح أن هذا ما ورد بشكل لا يقبل التأويل فى معاهدة السلام التى أبرمتها مصر عام 1979 وألزمت كل طرف باحترام سيادة الآخر وسلامة أراضيه وبما يفرض التزاما قانونيا بعدم خلق واقع طارد للسكان خارج أراضيه كونه يمثل انتهاكا للالتزام باحترام قدسية الحدود الآمنة.

 

كما شدد الرئيس السيسى، على أن مصر من منطلق حرصها على الأمن والاستقرار الإقليميين، سعت منذ اليوم الأول للحرب على غزة إلى التوصل لوقف إطلاق النار بالتعاون مع الأشقاء فى قطر والأصدقاء فى الولايات المتحدة، مضيفا أنه ما كان ذلك ليتحقق من دون الجهود المقدرة للرئيس دونالد ترامب وإدارته والتى نأمل أن تستمر وتتواصل بهدف تحقيق استدامة وقف إطلاق النار فى غزة واستمرار التهدئة بين الجانبين وبعث الأمل للشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة من أجل سلام دائم فى المنطقة بين جميع الشعوب.

 

وأعلن الرئيس السيسى، عن استضافة مصر مؤتمرا لإعادة إعمار قطاع غزة الشهر المقبل؛ داعيًا جميع الدول الحرة؛ للمساهمة فى هذا المسار والمشاركة فى المؤتمر.

 

ولفت السيسى إلى أن مصر عملت بالتعاون مع الأشقاء فى فلسطين، على تشكيل لجنة إدارية من الفلسطينيين المهنيين والتكنوقراط المستقلين؛ توكل إليها إدارة قطاع غزة؛ انطلاقًا من خبرات أعضائها، بحيث تكون هذه اللجنة مسؤولة عن الإشراف على عملية الإغاثة وإدارة قطاع غزة لفترة مؤقتة، وذلك تمهيدًا لعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع.

 

وأضاف أن مصر تعكف -أيضا- على تدريب الكوادر الأمنية الفلسطينية التى يتعيّن أن تتولى مهام حفظ الأمن خلال المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أن مصر عملت -بالتعاون مع دولة فلسطين والمؤسسات الدولية- على بلورة خطة شاملة متكاملة لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين؛ تبدأ بعملية الإغاثة العاجلة والتعافى المبكر، وصولًا إلى إعادة بناء القطاع.

 

وفى ختام القمة أعلن الرئيس السيسى، عن اعتماد هذه الخطة فى القمة غير العادية، داعيا إلى حشد دعم دولى وإقليمى لها، مؤكدا أنها خطة تحفظ للشعب الفلسطينى حقه فى إعادة بناء وطنه وتضمن بقاءه على أرضه، مؤكدًا أن الخطة يجب أن تتزامن مع مسار واضح للسلام، يشمل الجوانب السياسية والأمنية، وتشارك فيه دول المنطقة بدعم من المجتمع الدولى، بهدف التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية.

 

كما دعا الرئيس السيسى، الدول الحرة إلى المساهمة فى هذا المسار والمشاركة فى مؤتمر إعادة الإعمار، الذى ستستضيفه مصر الشهر القادم.. وقال: فلنجعل جميعًا من توجيه الدعم إلى الصندوق المنشأ لهذا الغرض غاية سامية، وواجبًا إنسانيًا، وحقًا لكل طفل فلسطينى ولكل عائلة فى العيش فى بيئة آمنة وحضارية مثل باقى شعوب العالم.

 

وشدد الرئيس السيسى على أنه فى خضم الأحداث المتلاحقة لابد من إعلاء رفضنا القاطع للاعتداءات والانتهاكات التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية المحتلة، بما فى ذلك الاقتحامات العسكرية لمدن ومخيمات الضفة، و الأنشطة الاستيطانية، ومصادرة الأراضي. وجدد رفضه الشديد، محذرًا فى الوقت ذاته، من مغبة استمرار الاعتداءات على المسجد الاقصى والانتهاك المتعمد لحرمته والمساس بالوضع القائم به.

 

وقال الرئيس السيسى إن «القدس ليست مجرد مدينة بل هى رمز لهويتنا وقضيتنا، وأن الحديث عن التوصل إلى السلام فى الشرق الأوسط دون تسوية الصراع الاسرائيلى الفلسطينى هو لغو غير قابل للتحقق». كما أوضح أنه لن يكون هناك سلام حقيقى دون إقامة الدولة الفلسطينية، وأن السلام لن يتأتى بالقوة، ولا يمكن فرضه عنوة، ولا بد من إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية مع توفير الضمانات اللازمة فى الوقت ذاته لحفظ أمن إسرائيل. وتابع: ما نشهده من تكرار لحلقات العنف المفرغة واستمرار لمعاناة الشعب الفلسطينى على مدار أكثر من 7 عقود؛ يوجب علينا النظر بعين موضوعية نحو الواقع والتعاطى مع الحقائق؛ ويحتم علينا أن نتحد جميعا للتوصل إلى السلام الدائم المنشود؛ وبالتالى الاستقرار والرخاء الاقتصادى والتعايش الطبيعى فيما بين شعوب المنطقة. وقال: لننظر إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، التى تم التوصل إليها بوساطة أمريكية عام 1979؛ كنموذج يحتذى به لتحويل حالة العداء والحرب والرغبة فى الانتقام إلى سلام دائم وعلاقات دبلوماسية متبادلة.

 

وشدد الرئيس السيسى، على أنه آن الأوان لتبنى إطلاق مسار سياسى جاد وفعال؛ يفضى إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية؛ مضيفًا: «لدىّ يقين أن الرئيس دونالد ترامب قادر على القيام بذلك فى ظل رغبتنا الصادقة فى وضع نهاية للتوترات والعداءات فى منطقتنا».

 

من جانبه أكد الرئيس الفلسطينى محمود عباس، رفضهم تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة رفضا قاطعا، موجها الشكر لجميع الدول العربية والأوروبية التى بادرت إلى رفض هذه الدعوة غير المسؤولة وغير الإنسانية، قائلا: «كما نرفض ممارسات الاحتلال بفرض وضع استيطانى فى الضفة والقدس بهدف تقويض حل الدولتين».

 

وأضاف عباس، خلال كلمته بالقمة العربية غير العادية لبحث تطورات القضية الفلسطينية، أن خطط الاحتلال الاستيطانية فى الضفة هدفها تصفية القضية الفلسطينية، مشيدا بدور مصر، قائلا: نشيد بالخطة المصرية الفلسطينية العربية لإعادة إعمار غزة بوجود الفلسطينيين على أرضهم وندعو الرئيس الأمريكى ترامب إلى دعم الإعمار على هذا الاساس. كما نوه عباس إلى جهود الرئيس الامريكى ترامب ومساعيه لوقف إطلاق النار فى غزة وتحقيق السلام الفلسطينى الاسرائيلى، موجها الشكر لمصر وقطر مؤكدا أنهما ساهمتا مساهمة كبيرة وفعالة فى وقف إطلاق النار بغزة.

 

وتابع: نحن على أتم الجاهزية لإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية حال توفرت الظروف فى غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وآخر مرة رفضت إسرائيل أن تجريها فى القدس ولم نستطع إجراء الانتخابات وندعو الجميع لتهيئة الظروف لذلك.

 

وتحدث عباس، أن اجتماع القمة العربية يأتى فى توقيت توجد فيه تحديات خطيرة تهدد القضية الفلسطينية، وعلى رأسها دعوات تهجير الشعب الفلسطينى من وطنه، قائلا: نرفض التهجير رفضا قاطعا، كما نرفض ممارسات الاحتلال بفرض واقع استعمارى استيطانى فى الضفة الغربية والقدس الشرقية، بهدف تقويض حل الدولتين وتصفية القضية الفلسطينية.

 

ونص البيان الختامى للقمة العربية الطارئة التأكيد على أن خيارنا الاستراتيجى هو تحقيق السلام العادل والشامل الذى يلبى جميع حقوق الشعب الفلسطينى، وخصوصا حقه فى الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطنى على أساس حل الدولتين، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين ويضمن الأمن لجميع شعوب ودول المنطقة بما فى ذلك إسرائيل، استنادًا لمبادرة السلام العربية للعام 2002 التى تعبر بثبات ووضوح عن التزام الدول العربية بحل جميع أسباب النزاع والصراعات فى المنطقة لإحلال السلام والتعايش المشترك، وإقامة علاقات طبيعية قائمة على التعاون بين جميع دولها. والتأكيد على رفضنا الدائم لجميع أشكال العنف والتطرف والإرهاب التى تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وتتنافى مع القيم والمبادئ الإنسانية والقوانين الدولية.

 

وتكثيف التعاون مع القوى الدولية والإقليمية، بما فى ذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل فى المنطقة، وفى سياق العمل على إنهاء كافة الصراعات بالشرق الأوسط، مع تأكيد الاستعداد للانخراط الفورى مع الإدارة الأمريكية، وكافة الشركاء فى المجتمع الدولى، لاستئناف مفاوضات السلام بغية التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وتجسيد الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين ووفق قرارات الشرعية الدولية، وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولى لإقامة الدولة الفلسطينية.

 

وتأكيد الموقف العربى الواضح، والذى تم التشديد عليه مرارًا، بما فى ذلك بإعلان البحرين الصادر فى 16 مايو 2024 ، بالرفض القاطع لأى شكل من أشكال تهجير الشعب الفلسطينى من أرضه أو داخلها، وتحت أى مسمى أو ظرف أو مبرر أو دعاوى، باعتبار ذلك انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولى وجريمة ضد الإنسانية وتطهيرا عرقيا. وكذلك إدانة سياسات التجويع والأرض المحروقة الهادفة لإجبار الشعب الفلسطينى على الرحيل من أرضه، مع التشديد على ضرورة التزام إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، والتى ترفض أى محاولات لتغيير التركيبة السكانية فى الأرض الفلسطينية.

 

وإدانة القرار الصادر مؤخرًا عن الحكومة الإسرائيلية بوقف إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وغلق المعابر المستخدمة فى أعمال الإغاثة، والتأكيد على أن تلك الإجراءات تعد انتهاكًا لاتفاق وقف إطلاق النار والقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، بما فى ذلك اتفاقية جنيف الرابعة، والإعراب عن رفض استخدام إسرائيل لسلاح الحصار وتجويع المدنيين لمحاولة تحقيق أغراض سياسية.

 

والتحذير فى هذا السياق من أن أى محاولات آثمة لتهجير الشعب الفلسطينى أو محاولات لضم أى جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، سيكون من شأنها إدخال المنطقة فى مرحلة جديدة من الصراعات، وتقويض فرص الاستقرار، وتوسيع رقعة الصراع ليمتد إلى دول أخرى بالمنطقة، وبما يعد تهديدًا واضحًا لأسس السلام فى الشرق الأوسط، وينسف آفاقه المستقبلية ويقضى على طموح التعايش المشترك بين شعوب المنطقة، والتأكيد فى هذا الصدد على الجهود التى تقع على عاتق المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية فى مواجهة مخاطر التهجير وتصفية القضية الفلسطينية.

 

واعتماد الخطة المقدمة من مصر -بالتنسيق الكامل مع دولة فلسطين والدول العربية واستنادًا إلى الدراسات التى أجريت من قبل البنك الدولى والصندوق الإنمائى للأمم المتحدة- بشأن التعافى المبكر وإعادة إعمار غزة باعتبارها خطة عربية جامعة، والعمل على تقديم كافة أنواع الدعم المالى والمادى والسياسى لتنفيذها، وكذلك حث المجتمع الدولى ومؤسسات التمويل الدولية والإقليمية على سرعة تقديم الدعم اللازم للخطة، والتأكيد على أن كافة هذه الجهود تسير بالتوازى مع تدشين مسار سياسى وأفق للحل الدائم والعادل بهدف تحقيق تطلعات الشعب الفلسطينى المشروعة فى إقامة دولته والعيش فى سلام وأمان.

 

التأكيد على الأولوية القصوى لاستكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار لمرحلتيه الثانية والثالثة، وأهمية التزام كل طرف بتعهداته، وخاصة الطرف الإسرائيلى، وبما يؤدى إلى وقف دائم للعدوان على غزة وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من القطاع، بما فى ذلك من محور «فيلادلفيا»، ويضمن النفاذ الآمن والكافى والآنى للمساعدات الإنسانية والإيوائية والطبية، دون إعاقة وتوزيع تلك المساعدات بجميع أنحاء القطاع، وتسهيل عودة أهالى القطاع إلى مناطقهم وديارهم، والتنويه إلى الدور الإيجابى الذى اضطلعت به إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار فى غزة وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين بالتعاون مع جمهورية مصر العربية ودولة قطر، والبناء على تلك الجهود بالعمل مع الرئيس الأمريكى على وضع خطة تنفيذية متكاملة لمبادرة السلام العربية.

 

والترحيب بعقد مؤتمر دولى فى القاهرة، فى أقرب وقت، للتعافى وإعادة الإعمار فى قطاع غزة، وذلك بالتعاون مع دولة فلسطين والأمم المتحدة وحث المجتمع الدولى على المشاركة فيه للتسريع فى تأهيل قطاع غزة وإعادة إعماره بعد الدمار الذى تسبب به العدوان الإسرائيلى، والعمل على إنشاء صندوق ائتمانى يتولى تلقى التعهدات المالية من كافة الدول ومؤسسات التمويل المانحة، بغرض تنفيذ مشروعات التعافى وإعادة الإعمار.

 

والتنسيق فى إطار اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المشتركة لإجراء الاتصالات والقيام بالزيارات اللازمة للعواصم الدولية من أجل شرح الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، والتعبير عن الموقف المتمسك بحق الشعب الفلسطينى بالبقاء على أرضه وحقه فى تقرير مصيره. وكذلك تكليف وزراء الخارجية العرب والأمين العام للجامعة بسرعة التحرك على المستوى الدولى، لاسيما بالأمم المتحدة ومع الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن بالتنسيق مع العضوين العربيين غير الدائمين بمجلس الأمن الجزائر والصومال، فى إطار جهودهما الملموسة فى دعم القضايا العربية بوجه عام والقضية الفلسطينية بوجه خاص، وذلك لبحث التحركات والإجراءات التى يمكن اتخاذها فى مواجهة المحاولات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، وكذلك العمل على حشد الضغوط الدولية لفرض انسحاب إسرائيل من كافة الأراضى العربية المحتلة، بما فيها فى سوريا ولبنان، وذلك عبر التنسيق اللازم من خلال مجالس السفراء العرب وبعثات الجامعة العربية بالعواصم المختلفة.

 

وكذا الترحيب بالقرار الفلسطينى بتشكيل لجنة إدارة غزة تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، التى تتشكل من كفاءات من أبناء القطاع، لفترة انتقالية بالتزامن مع العمل على تمكين السلطة الوطنية للعودة إلى غزة، تجسيدًا للوحدة السياسية والجغرافية للأراضى الفلسطينية المحتلة عام 1967؛ وكذلك تثمين الطرح المقدم من المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية لتأهيل وتدريب كوادر الشرطة الفلسطينية، بما يضمن قدرتها على أداء مهامها فى حفظ الأمن فى قطاع غزة على الوجه الأكمل، مع التأكيد فى هذا الصدد أن ملف الأمن هو مسؤولية فلسطينية خالصة، ويتعين أن يدار من قبل المؤسسات الفلسطينية الشرعية وحدها وفقًا لمبدأ القانون الواحد والسلاح الشرعى الواحد، وبدعم كامل من المجتمع الدولى.

 

ودعوة مجلس الأمن إلى نشر قوات دولية لحفظ السلام تسهم فى تحقيق الأمن للشعبين الفلسطينى والإسرائيلى فى كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، على أن يكون ذلك فى سياق تعزيز الأفق السياسى لتجسيد الدولة الفلسطينية.

 

والمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلى فى الضفة الغربية بما فى ذلك الاستيطان والفصل العنصرى وهدم المنازل ومصادرة الأراضى وتدمير البنى التحتية والاقتحامات العسكرية للمدن الفلسطينية.

 

والدعوة، مع حلول شهر رمضان المبارك، إلى خفض التصعيد فى كافة أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فى ذلك وضع حد للخطابات والممارسات التى تحرض على الكراهية والعنف والتى ندينها بشدة والمطالبة بضرورة السماح للمصلين بالوصول إلى المسجد الأقصى المبارك.

 

وكان الملك عبدالله العاهل الأردنى، قد أكد فى كلمته خلال القمة، دعم الأردن لخطة إعادة إعمار غزة والرفض التام لكل محاولات تهجير الفلسطينيين بالضفة الغربية وغزة وضم الأراضى، قائلا: نحيى صمود الشعب الفلسطينى الشقيق على أرضه، وتحقيق السلام لا يمكن أن يتحقق بالتصعيد العسكرى وتهجير الشعوب وإنكار حقوقها.

 

وشدد ملك الأردن، على أهمية استدامة وقف إطلاق النار فى غزة وضمان تنفيذ جميع مراحله، ورفض الأردن للقرار الإسرائيلى بمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، كما أكد أهمية دعم جهود السلطة الوطنية الفلسطينية فى الإصلاح.

 

فى حين أكد أنطونيو جوتيرش، أمين عام منظمة الأمم المتحدة، أن الفلسطينيين فى غزة فى معاناة شديدة والحرب الإسرائيلية على القطاع وصلت إلى مستوى غير مسبوق من الدمار، ويجب علينا بذل مزيد من الجهد لمنع عودة الأعمال العدائية فى قطاع غزة. وأضاف جوتيرش، أن غزة ينبغى أن تكون جزءًا من الدولة الفلسطينية دون خفض مساحتها أو إقصاء سكانها وغزة والضفة الغربية والقدس الشرقية ينبغى أن تدعمها السلطة الفلسطينية، مؤكدًا أن أى اتفاق مرحلى ينبغى أن يهدف إلى وجود الإدارة الفلسطينية خلال إطار زمنى.