رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

أمريكا تخرق «اتفاق غزة»


6-3-2025 | 02:26

.

طباعة
بقلـم: عبدالقادر شهيب

اتفاق غزة شاركت أمريكا فى التوصل إليه، وراعته الإدارة الأمريكية الجديدة، ومع ذلك تقوم بخرقه وتساعد إسرائيل على التنصل منه بعدم تنفيذ مرحلته الثانية بعرض مقترحات جديدة لمدّ المرحلة الأولى لتمكين إسرائيل من استعادة عدد آخر من المحتجزين الإسرائيليين فى غزة دون تنفيذ التزامات المرحلة الثانية والمتمثلة بانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة والوقف الدائم لإطلاق النار.

وهذا أمر مثير للعجب، ويبين أن أمريكا ليست معنية بشكل جاد بإنهاء حرب غزة، كما وعد بذلك ترامب الناخبين العرب والمسلمين خلال حملته الانتخابية، وإنما كل ما يعنى الإدارة الأمريكية هو الإفراج عن كل الإسرائيليين المحتجزين فى غزة، ولا يعنيها إنهاء الحرب، ولذلك تتخلى عن تنفيذ الاتفاق الذى ساهمت فى التوصل إليه، وتبارت بعدها بأن جهودها هى التى أدت إلى نجاح الوسطاء فى إحراز هذا الاتفاق.

 

ولذلك لا يعول أحد منا على زيارة ويتكوف المبعوث الشخصى للمنطقة، وهى الزيارة التى تأجلت مرتين، آخرها لتتم بعد القمة العربية ليعرف بنتائجها وقراراتها، خاصة أنها ستتضمن إقرارًا عربيًا بالخطة المصرية لإعادة تعمير غزة دون تهجير أهلها على عكس الخطة الأمريكية التى تساوم فيها أمريكا على غزة بعد طرد أهلها منها وتوطينهم فى مصر والأردن وتحويلها إلى ريفيرا جديدة.

 

فقبل أن يأتينا «ويتكوف» سبقه مشروعه الجديد بهدنة جديدة قد تستغرق ستة أسابيع جديدة، يتم فى بدايتها الإفراج عن نصف المحتجزين الإسرائيليين فى غزة، وفى نهايتها يتم الإفراج عن النصف الباقى إذا تمخضت المفاوضات عن اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الحرب.

 

أى أن كل ما يعنى ويهم المبعوث الشخصى لترامب هو الإفراج عن مزيد من المحتجزين الإسرائيليين فى غزة، وليس إنهاء الحرب.. ويعزز هذا الاستنتاج أن ويتكوف أو غيره من المسئولين الأمريكيين لم يهتم بقرار نتنياهو بوقف تدفق المساعدات الإغاثية لأهالى غزة، وهذا السكوت يشى بتأييد هذا القرار من قِبل الإدارة الأمريكية.. كما أن ويتكوف منح فى اقتراحه الجديد لنتنياهو حق العودة للقتال مجددا، إذا ما رأى أن المفاوضات مع حماس لا تسير كما يريد.

 

ولذلك.. رفضت مصر تمديد المرحلة الأولى لاتفاق غزة ومعها قطر خلال المباحثات التى جرت الأسبوع الماضى بالقاهرة، وأصرت على تطبيق الاتفاق كاملا بالدخول فورا فى مباحثات المرحلة الثانية له والتى تفضى إلى انسحاب كامل من قطاع غزة والوقف الدائم لإطلاق النار.. فمن العبث إهدار اتفاق تم التوصل إليه قبل عدة أسابيع مضت وطرح مشروعات لاتفاقات جديدة.

 

كما أعلنت مصر استنكارها البالغ لقرار حكومة نتنياهو بغلق المعابر مع قطاع غزة ومنع تدفق المساعدات الإغاثية لأهله، لأن هذا القرار يعد خرقا جسيما لاتفاق غزة الذى تريد حكومة نتنياهو التملص من تنفيذه والتوقف عند مرحلته الأولى فقط وعدم الاستمرار فى تنفيذ مراحله الأخرى، كما وعد بذلك نتنياهو وزراء اليمين الدينى المتطرف مقابل استمرارهم فى الحكومة وعدم فرط عقدها.

 

وإذا كان مفهومًا تملص نتنياهو من تنفيذ اتفاق غزة كاملا، فإن مساعدة إدارة ترامب لنتنياهو على هذا التملص هى أمر مثير للاستهجان لأنها ساهمت فى التوصل إلى هذا الاتفاق قبل أن تدخل البيت الأبيض، وقالت إنه لولا ترامب لما تم التوصل إليه ولما وافق نتنياهو عليه.. لقد كان المفترض من إدارة ترامب أن تمضى فى تنفيذ اتفاق تتباهى بأنها صاحبته وراعيته، وأن تجبر نتنياهو على بدء مفاوضات المرحلة الثانية منه فى الموعد المحدد بالاتفاق.. ولكنها لم تفعل ذلك، بل إنها تماهت مع محاولات نتنياهو لنسف هذا الاتفاق والتخلص منه بتمديد مرحلته الأولى للإفراج عن مزيد من المحتجزين الإسرائيليين فى غزة دون إتمام الانسحاب منها والوقف الدائم لإطلاق النار.

 

إن واشنطن تحت إدارة ترامب قالت إنها صنعت اتفاق غزة، وهى التى تخرقه الآن باقتراحاتها التى تلبى مطالب نتنياهو الخاصة باستمرار احتلال قطاع غزة واستمرار الحرب عندما يشاء.. فهل هذا يمكن بعده الثقة فى أى شيء تقوله لنا؟