فى شارع السد الشهير بالسيدة زينب وقبل رمضان بيومين كنت مع صديقاتى، نتسوق بعض احتياجاتنا فى الشهر الكريم، ناس رايحة وجاية، فوانيس معلقة على أبواب المحال، والباعة الجائلون يفترشون الأرصفة وأجزاء من الشارع، يبيعون زينة رمضان، شرائط إضاءة على شكل فوانيس صغيرة أو هلالات ونجوم، ومصنوعات ورقية ومن البلاستيك لأشكال رمضانية مثل بوجى وطمطم، وعلى بعد خطوات من الشارع، زحام وطوابير على محل عرفة الكنفانى، حالة من الصخب الجميل.. بشاير رمضان تزفها أغنية عبد المطلب (رمضان جانا) وأغنيات أهو جه ياولاد أهوه جه يا ولاد/ هيصوا يا ولاد/ أهوه جه يا ولاد /زقططو يا ولاد / أهو جه يا ولاد /فى كل سنة ويانا معاد / وعمره ما بيخلفش معاد. أهو جه يا ولاد أهوه جه يا ولاد/ جبت لنا معاك الخير كله /م الصبح نقوم ونحضرله /من قمر الدين وبلح على تين /والمغرب للمدفع واقفين.
وأغنية «إفرحوا يابنات يالا وهيصوا /رمضان أهو نور فوانيسه / ياحلاوة التين الله الله / والقمر الدين الله الله/ وأكياس النقل وقراطيسه هيه هيه/إفرحوا يابنات هيه هيه /هيصوا يابنات هيه هيه.
أغنيتان من بين العديد من أغانٍ قدمتها فرقة (الثلاثى المرح) لرمضان ولمناسبات عديدة أحد المواقع المتخصصة قالت إنهم قدموا 88 أغنية، عمر هذه الأغانى أكثر من 65 عامًا، ولكنها ما زالت موجودة حتى اليوم فى وجدان أجيال وراء أجيال، تزف حضور شهر رمضان ليس فى مصر فقط بل فى معظم البلدان العربية. تلحين على إسماعيل وتأليف زوجته نبيلة قنديل.
ونتذكر رائعتهم «سبحة رمضان» للشاعر حسين طنطاوى وتلحين على إسماعيل:
سبحة رمضان لولى ومورجان بتلاتة وتلاتين حباية /تلاتة وتلاتين منهم تلاتين أيام رمضان نور وهداية / وتلاتة العيد ونقول ونعيد / أيام رمضان رحمة وغفران /ورضا الرحمن وحده كفاية.
فرقة الثلاثى المرح.. أول من قدمت شكل الغناء الجماعى المحدود، فى نهاية الخمسينيات كانت صفاء لطفى وسناء البارونى شقيقة الممثلة الراحلة سهير البارونى، صديقتين وزميلتين بمعهد الموسيقى العربية، يعشقان الغناء وبدآ بفكرة الغناء الثنائى ثم انضمت إليهما زميلتهن وفاء مصطفى، وكونّ فرقة الثلاثى، وتقدمن للإذاعة المصرية فى ركن الهواة، ثم إلى لجنة اعتماد المطربين التى تضم أهم الملحنين فى تلك الفترة، حيث أجازت كل واحدة على حدة، ثم أجازتهن كفرقة وكشكل جديد للغناء، وعلى الفور قام حسن الشجاعى الذى يرأس إدارة لجنة إنتاج الأغانى فى الإذاعة، بتكليف لجنة المؤلفين بتقديم أغانٍ خفيفة للفرقة، تناسب كل الطبقات الاجتماعية التى تبناها واقتنع بهن الملحن المجدد على إسماعيل، وهو الذى أطلق عليهن اسم (الثلاثى المرح)، لأن غناءهن مبهج، وكان الطريق ممهدًا أمامهن، حيث كانت فترة نهاية الخمسينات وبداية الستينيات، فترة المد الثورى، وانتشار الثقافة والفنون المصرية إلى معظم الدول العربية، شاركت فرقة (الثلاثى المرح) فى حفلات أعياد ثورة يوليو التى كان يحضرها الرئيس جمال عبد الناصر، وفى الاحتفالات بالوحدة مع سوريا، وكان لهن العديد من الأغانى الوطنية، عن الوحدة وعن السد العالى، وكنّ من أهم فقرات حفلات أضواء المدينة الشهيرة التى كانت تنظمها الإذاعة المصرية، فى مصر والعديد من الدول العربية، وغنين باللهجات المختلفة العراقية والليبية، وكما كانت الفرقة شكلا جديدا كانت أغانيها موجة جديدة، أغانٍ خفيفة معبرة ومبهجة، وكان الموسيقار على إسماعيل هو منْ وضعهن على الطريق، وتزامن نشأة الثلاثى المرح مع نشاة فرقة رضا للفنون الشعبية، وكان على إسماعيل هو موسيقار الفرقة، ومن ثم جذب الثلاثى المرح ليشاركن بالغناء فى استعراضات الفرقة، وكان من أشهر ما قدمنه مع فرقة رضا «حلاوة شمسنا» و«العتبة جزاز» فى فيلم غرام فى الكرنك، كلمات الشاعر الكبير مأمون الشناوى، وتعاملت فرقة الثلاثى المرح مع أفضل مؤلفى الأغانى منهم صلاح جاهين، مرسى جميل عزيز، وصالح جودت، وعبد الفتاح مصطفى كما غنت لأهم الملحنين مثل محمد الموجى، وسيد مكاوى، وعبد العظيم محمد، ومحمد عبدالوهاب، ومنير مراد وأحمد صدقى.
وشاركت بالغناء فى العديد من الأفلام فى السينما، مثل أغنية عبد الحليم حافظ «ضحك ولعب وجد وحب» من تلحين منير مراد، حيث ظهرن معه فى فيلم يوم من عمرى. وأغنية «التلفزيون كل ثقافة وعلوم وفنون» فى فيلم صغيرة على الحب.
ونجاح الثلاثى المرح أغرى كثيرين بتقليدهم، نشأت فرقة ثلاثى النغم لثلاثة من المطربين الرجال، وحققت بعض النجاح، وغنت مع الثلاثى المرح أغنية «هنا مقص وهنا مقص هنا عرايس بتترص»، وكان الدويتو يعبر عن تطور التقاليد فى الزواج، مع التطور الاجتماعى الذى عاشته مصر فى تلك الفترة.
الرجال: هنا عرايس بتترص
البنات: والعرسان ما بتترصش
الرجال: طب قولنا المهر ادبر
البنات: والعيشة كمان تدبر
الرجال: أولها عايزين شقة
البنات: عش اتنين فوق شجراية
الرجال: وتانيها نفرشها بكام
البنات: كنبة وقلة وكوباية
الرجال: وتلاتها
البنات: زى تانيها..الرجال: ورابعها
البنات: هنسويها
الرجال: دى ماهية على قد الحال
البنات: وإحنا كمان لينا ماهية
الرجال: سنة والتانية هيجوا عيال
البنات: ويا علاوة وترقية
الرجال: يعنى نقايس على المأذون
البنات: يبقى كلامكم كده موزون
واستمرت «الثلاثى المرح» فى تحقيق نجاحات لـ7 سنين، ولكن نهاية الفرقة كانت بسبب نهاية سعيد ة، حيث تركت وفاء الفرقة بسبب زواجها وسفرها للكويت، وحلت محلها زميلة اسمها آمال، ثم انفصلت وحاولت استنساخ فرقة أخرى ولم يكتب لها النجاح.
تزوجت صفاء من المخرج سامى أبو النور وتزوجت سناء من المخرج الكبير حسن الإمام الذى استعان بها لتغنى فى أفلامه على لسان بطلاته فى فيلم «بين القصرين»، حيث غنت «يا سمباتيك خالص يا مهندم» على لسان ميمى شكيب، بينما غنت فى فيلم قصر الشوق «أوعى تكلمنى بابا جاى ورايا» على لسان نادية لطفى.
فرقة «الثلاثى المرح» هجرت الغناء منذ حوالى 60 سنة وفارقت الحياة منذ سنوات، ولكن ما زالت أغانيهم تتردد، وكلما جاء رمضان نستقبله بـ»أهو جه ياولاد».
