رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

مسرحيــة أخــرى؟!


8-3-2025 | 21:33

.

طباعة
بقلـم: سحر رشيد

بأدوار دون إذن منّا أو إرادة؟!.. ربما كانت لحظات مؤقتة؟!.. ربما كانت المصير والنهاية؟!.. نحتمل كذبا وظلما حتى النهاية.. بأدوار الانتظار على طاولة الاحتياط والتهميش نلوذ .. نحارب..

 

نبتسم.. نقاوِم.. نتهامس.. نرجو.. ننادى زمانا وطريقا بخارطة ترفعنا من قاع الركون عبر فرح من عناء العنت.. بعصارة بقايا أمل ربما تستجيب الأقدار وبها نكون؟!.. قصة وحكاية تنتظر اليقين.. تنهى ليلا وأنينا واعتمالا.. ولوعة لأنفس أرهقها تعب السنين.. من دنيا أدارت وجهها ودفعت بها لأقاصى التشرد والتعفر بوجع الطريق.. تهفو لأمنية بدور بعافية وتماسك.. يمحو الدور الأليف بدور الحليف للنصر المبين.. يدور.. يهرول بإقبال بشرى.. يأخذنا لأقاصى هدوء.. يلملم خيبات.. يقطع الوهم باليقين.. بأمل ولادة دور دون مخاض الوجع يعتلى الحق صهوة قصة باتت مستحيلة فى عجز السنين؟!.

تمضى أيامنا فى تآكل وزماننا خلف أحلام لا ترحمنا ولا تمنحنا البديل.. نطالع أدوارنا المكتوبة ضمن مقابر النصوص.. تسلبنا الحياة كل شىء ولا تسلبنا الأمل فى دور جديد.. قفزة تنقذنا من أعماق محيط الهاوية.. فكم سئمنا أدوارا لا تتغير وحوائل تتشبث بصدنا عن الطريق؟!.

 

نصعد المسرح بعنفوان أو تعب فى دور المشرد على قارعة الطريق.. أو ساكن القصور أو المحكوم عليه أن يكون المار فى حكايات الآخرين.. ألم وحنين أو غيبوبة.. حالما تستيقظ دون ألم.. تتقلب الأدوار وتتبدل ولا تعرف الحقيقة من الوهم؟!.. قد تسقط فى الفخ.. وقد يتملكك الخوف من السقوط.. كل شىء خلف كل شىء غريب؟!.. مضطر يمر ولا ينسى محاولا أن يتناسى الملل.. الفراغ.. اللاشىء على الإطلاق.

 

كلٌّ يتوه بين الجدوى والقيمة والهدف والطموح والإحساس بالحياة والتخدير.. تحيا أمور غير ما أنت عليه.. الجميع يهرب من وإلى الحجيم.. أحيانا تحركاتك لا تقودك لشىء.. فكل الأمور لا تناسبنا.. قد تتجاوزنا فى المرور وتعبرنا دون أن ترانا رغم تلويحنا الشديد لها.. دون اختيار لك مهما حاولت أن تكتب من نصوص أو حتى تقتحم نصوص غيرك.. فغالبا أنت لست بالكاتب.. فدورك فى الكتابة مجرد أحلام قد لا تتحقق مهما كانت نفسك تواقة لأدوار جديدة.. تحيا الإرغام فى أدوار غير راضٍ عنها حتى ولو تطوعت بأدوار من التضحية تصيبك بالألم والسخف والقلق وتتعلق بغيرها فى إرهاق الانتظار؟!.

 

وتتقاطع الأدوار دون توازن فى تنوع وتعقيد تتحرك وتتبادل السيطرة لكن بسقف محدود لتبدل الأدوار.. فالتبدل لابد وأن يصاحب صدمة إذا كان من النقيض للنقيض وقد يحتمل التوارث إذا كان عاديا؟!.

 

فالترابط يحكم العلاقة بين الأدوار فى إطارات التغيير.. أهداف ومصالح تخلق الصراع وتفضى لأشكال الأدوار.. نرى أدوار اللصوص والانتهازيين والتافهين والمتملقين وأصحاب المصالح الخاصة والخونة فى مواجهة الفطرة السليمة لأشخاص يحملون لواءات الشرف فى تصارع وربما فى تهالك.. علما بأن الشرف والإخلاص والنقاء ليست أدوارا.. لكن من يحمل دورا يمتلك مقومات شخصية من الإيجاب أو السلب.. فتشتعل الأدوار وتتنافس وتتنافر حتى يتحقق لأحد الأطراف الفوز.

 

ولا نغفل دورا مهما رغم أن صاحبه لا يحقق أى مكسب سوى الإحساس بالظلم.. ولا يكتمل نجاح الآخرين بدون أن يكون فى خدمتهم دون أن يحظى بشىء من النجاح.. فلا يخرق أرضا أو يحلق به نحو سماء.. مجرد خادم لأحلامهم.. فى بدايات أدائه حمقا كان يطلب الشكر والامتنان.. وبمرور الوقت يزهد الشكر ويتمنى الرحيل من ذلك الدور الظالم التى يعمل فى آلة معطلة تحيا على طاقته دون منحه عائدا.. من خلاله غيره يستمتع بجهده فى مشاهد متكررة تحت مسميات عدة بلسان حال: تبا لهذا الدور الجاحد الذى لا يتغير ولا تنتقل عدواه لغيره.. ولا يحظى معه سوى بالشكوى والألم.. فدائما يمكث صاحبه بالأسفل وإن صعد للمنتصف يصير راقصا على سلالم غيره؟!.

 

ضائعون متعبون فى حكايات وقصص وأحلام بأدوار منقوصة.. دائما تنتظر اليقين.. ربما كان طوق نجاة وربما كان حتفا.. تتلاحق دون عشوائية سوى فى الجهد المهدور بلسان حال: لم نصل لشىء بعد؟!.. ربما أتت معجزة تحط علينا؟!.. ربما وجدنا من ينقذنا بأدوار أخرى لما نفتقد؟!.

 

ساعات وأعمال وأشغال واشتغالات.. صراعات نحاول معها أن ننتصر لأنفسنا.. بأدوار تحمل عبثية تختلف فى الاتجاه.. نغادر ونرحل وتلاحقنا الأطماع حتى الأثر يلاحقونه؟!.. نستنزف محاولين الاختباء من فرط ملاحقة ومحاولات الإمساك.. قد نستسلم وقد نسقط فريسة.. نحيا المحاولات وكفى؟!.. غير قادرين على التحرر.. تيهان وخروج فى أدوار تدفع بنا وتتقاذفنا.. ملزمون بإيجاد حلول لكل ما يقابلنا ويقف فى وجهنا.. ويمر علينا تاركا ظلالا من الوجع والحزن أو يمر دون أن يرانا مطلقا ضحكات السخرية من مكوثنا فى سدة التعطل؟!.. كلٌّ يرفض أن تمر القصة مرور الكرام كيف والعالق يرفض الحذف؟!.. لاكتمال ينتظر أو يحظى بطرد خارج القضبان؟!.

 

نعيش أدوارا رغم إمكانية الاستغناء عنها؟!.. ونضخم أخرى رغم تفاهتها بحجة أن الواقع لا يعبأ سوى بالتفاهات.. رغم أن المعاناة تنبع من عمق حالات الفقر والمرض والبطالة والملل التى نحن أبطالها بالفعل.. نحمل نصوصا ونؤديها.. كل مشغول بما يحمله ولا ينظر سوى لنفسه.. مدفوعا لمزيد من مغالبة الواقع فى دائرة مغلقة لا تسمح بالمغادرة أو التبديل؟!.

 

رغم كثرة الطرق وتشعبها غير مسموح لنا بالسير إلا فى طرق معينة.. نحلم فقط لنمنح ألق الوجود.. مجبرين على إسقاط أشيائنا وخيالاتنا فى إرهاق الخطى فى رحلة السنين.. وبمرور الوقت لا تملك سوى الحلم بالراحة.. بالسلام.. متقبلا كل الأعذار حتى القذف بك واحتلال أى دور لك على منصة الحياة.. دون دور بضعف يفقدك القدرة على حماية نفسك من سلب دورك فى غفلة الضعف.

 

تردد لم يتبق الكثير ما يستحق الاختيار.. وكأننا نحيا المسرحية الخاسرة بفرض قناعة وعقيدة ألا ينتظر الأجر والمكافأة أى ساعٍ.. وأن الأمل فى رحلة الظن والوهم فقط لعونك على مشقة المسير.. مجرد ومضات غير حقيقية يعود كل شىء بعدها للبرود؟!.. نحمل عبارات التصبر بأن كل شىء سيزول ولن يطول.. بأقدار نحياها وعلينا أن نمتلك كل مقومات الأخلاق والنقاء لأدوار نتوق إليها.. نرضخ لدور الاحتياطى الذى يقذف بنا مهما كان.. نترنح بين واقع وحلم وآتٍ ربما لا يليق.. نحيا التغفيل وننتظر الخلاص وكأن آلامنا دواء لغيرنا؟!.. وكأنه إحلال للتوازن الطبيعى فى الكون؟!.. تشقى وتعانى ليرتاح ويسعد غيرك.. تسقط لينهض غيرك حتى امتلأ القاع بالساقطين الحاملين لألوية غيرهم لقمّة مزيفة هشة.. نحيا الكذب بأدوار الممثل القدير والعمل الدرامى الباكى الضاحك.. كل يتوه ويعصف به فى ذروة الأحداث لخلاصات غير عادلة تموج بالمشاعر المزيفة لينجو أو يمر بالكاد؟!.

 

نحمل الحيوات المخبأة فى الصدور التى تموج بالأعاصير والريبة والحزن والحسرة على فوات الأوان من أدوار وزعت من مخرج لا يملك أدنى فكرة عن حقيقة ممثليه.. فصار الكل يحلم بكل آخر؟!.. فى عالم آخر وحكايات أخرى؟!.. تعب وإرهاق.. وحلم باستراحة معها يلتقط الأنفاس وسط تخيلات ربما يفقدها من فرط واقع لا يبشر بأفضل.

 

رحلة دائما لا تستحق ما بذل من عناء.. كل شىء يخونك.. الطريق والرفيق وأنت المجبر الوحيد على البذل والعطاء.. ولا يتغير طبع الأيام ولا يتغير تغفيلك.. مغفل تحلم بفرصة جديدة.. تؤدى معها أدوارا بعنفوان.. تنتظر وتسأل عن موعد تتمناه قريبا؟!.. رغم ذهاب الأشياء وانفلات يد الرفقاء وتجاوزنا المنتصف؟!.. ورغم العشوائية والخوف الساكن الأعماق لا نألف ما يمر علينا.. ربما تظاهرنا بأننا أقوياء لكنه دافع الخوف الذى يجبرنا حتى لا تدوسنا الأقدام؟!.

 

فتتكرر المشاهد ونحن من نحمل خوفا من اعتياد التكرار.. فالاعتياد يعنى الاستسلام للبؤس؟!.. ونحن من نحمل بقايا من حيل الصبر.. مواجهين تكالب كل الأدوار والأصوات لنهجر أحلامنا منكل بنا فى بحر من الهزائم فى معارك المقاومة والثبات .

 

فيشتد خوفنا من فقد الثبات الذى صار أعظم أدوارنا على مسارح الحياة.. نؤديه فى بلادة ولا مبالاة أو انفجار يدهش من حولنا.. ربما لإخافتهم وربما فتح علينا أدوار السخرية؟!.. من لقطة شجاعة تخلينا فيها عن كل مقومات المقاومة.. انقلبت لدور شمشون بتحطيم كل شىء على رأسك ورءوس منْ حولك.. لكن ما زال فى العمر بقية وما زلنا لا نطلب الموت.. ولن نرتكب جرم الانتحار.. فتضيف دورا جديدا بإصلاح ما أفسد فى لحظات الانفجار بترميم وتنكيس دون اعتذار أو ندم.. فلم تعد لدينا طاقة لتقديم أى لون من ألوان المجاملة أو إيجاد حلول وسط.. نرمم فقط ما يسمح لنا بالبقاء بسياح حتى ولو على حساب غيرنا.. مدفوعين بخوف صحى ألا نكون ضمن مخططات غيرنا بالقضاء علينا.. ورغم أنك لم تحصل على دور البطولة أنت البطل الحقيقى؟!.. وجودك يقلقهم ويعكر عليهم صفو حياتهم.. قوى غير مستسلم يشعرهم باحتمالية انتقال دور البطولة إليك وبمعنى آخر أضواء البطولة.. ويصبح عليك أن تظل بطلا للنهاية.. ربما استطعت فما زلت حرا رغم قيود الصعود.. رافضا التخلى عن ذاتك.. مناوشا لكل الأدوار.. فتصير صاحب الضجة والصوت العالى بدور مفروض عليك لشحن طاقتك والحفاظ على وجودك.. دور المهاجم غير الحاسب لخطواته فليس لديك شىء تخسره.. بل على العكس أى هجوم سيتحصل منه فائدة ومكسب.. ربما عادت سيرتك فى الأذهان.. ربما تغير موقعك فى الأصداء رغم أن موقعك فى اللعبة لم يتغير.. لكن زاوية النظر تختلف باختلاف الآخرين والمراقبين والمتربصين وعلى كل المسارات حتى مطلقى الشائعات.. فتشتعل التحركات حتى داخل دورك المحدود وتجعل الجميع ينسج لك دورا.. قد يخلق لديك إرادة أنك تريد نفسك غير منهزمة.. لا تموت قبل أن تعتلى ما يليق بها.. بأشياء مكافأة على رحلات الهجوم بتسديد أهداف لشخص غير خامل.. ربما منحتك جولات الهجوم فخرا فى أسطورة الردع والانتصار.. ربما كانت الأخيرة بنهاية تليق بشهيد الحق.. فالحقوق لا تموت بالتنازل عنها رغم أن كل شىء ميت؟!.

 

فى مسرحيات تبكى ظلما دون احترام للأدوار.. لا يلتزم أحد بحدوده ولا توقيتاته.. كل يعرقل الآخر ويسحبه على بُعد خطوات من الفوز.. ويندر من تكتب له النجاة من مخططات القدر فى حروب اليأس والتعثر والاشتباك.. ويصبر المحظوظ من ناله الإقصاء بأقل الإصابات؟!.

 

فى مشاهد طويلة وقصيرة الكل يتعجل كلمة النهاية من فرط معاناة أو حتى استعجالا لمكاسب.. الأحمق الوحيد منْ يحلم بدور يليق بكفاءته وبالطبع يحصد آلاما أكبر من أحلامه.. يحيا وهم العدل ويلقى به أرضا دون ذنب.. فى دور محصور بصد المواجهات وملاحقة لصوص دوره.. مجبرا على تحويل مساره.

 

فيمتلئ المسرح باللصوص والمهمشين والمتسولين والمشردين والنبلاء.. يرتفع الضجيج فى أدوار غير منطمة وتعم الفوضى كل أركان المسرح وتسلط الأضواء على نجوم التفاهة والهيافة وأصحاب الأصوات النكراء ويرهق جموع المشاهدين ويفشلون فى التوحد مع أدوار الجنوح والاغتصاب والسلب.. تغلق أبواب المسرح حتى لا يغادر أحد قبل نهاية العرض.. يتحين الجميع فرصة انتهائه حتى ولو كانت مأساوية.. لأنها تعنى نهاية معاناة.. فاليأس جعل الجميع لا ينتظر حتى القصاص أو العقوبة.. الكل بانتظار مسرحية أخرى بأدوار لما يفقد.. ربما كان حلما؟!.. ربما كان واقعا لكن استمرار الحياة يجعل الكل فى انتظار نهاية بنقطة انطلاق؟!.. ربما كانت؟!.