جاءت التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس، لتحمل اختلافا عن التصريحات السابقة له بشأن أهالي قطاع غزة، والتي أثارت موقفا عربيا ودوليا موحدا رافضا لأي مخطط لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه في قطاع غزة، وأن الإعمار يكون من خلال تواجد الفلسطينيين على أرضهم.
تصريحات ترامب
وقال الرئيس الأمريكي، أمس الأربعاء، في تصريحات له إنه "لا أحد يطرد الفلسطينيين من غزة"، وذلك رداً على سؤال خلال اجتماع في البيت الأبيض مع رئيس وزراء أيرلندا مايكل مارتن.
جاء ذلك بعد أن أثار ترامب موجة من ردود الفعل العربية والدولية الرافضة لمقترح سيطرة الولايات المتحدة على غزة، حيث أعلن ترامب عن ما وصفه خطته لـ"ريفييرا الشرق الأوسط"، في قطاع غزة، من خلال تهجير سكان القطاع الفلسطينيين بشكل دائم للعيش في الدول المجاورة.
ترحيب مصري
وأعربت عن تقديرها لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أدلى بها أثناء لقائه مع مايكل مارتن رئيس الوزراء الأيرلندي بشأن عدم مطالبة سكان قطاع غزة بمغادرته، مؤكدة أن هذا الموقف يعكس تفهماً لأهمية تجنب تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع، وضرورة العمل على إيجاد حلول عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية.
وفي هذا السياق، شددت مصر، وفقا لبيان وزارة الخارجية اليوم، على أهمية البناء على هذا التوجه الإيجابي لدفع جهود إحلال السلام في الشرق الأوسط، وذلك من خلال تبنى مسار شامل يستند إلى رؤية واضحة تحقق الاستقرار والأمن لكافة الأطراف وترى مصر أن مبادرة الرئيس ترامب لإنهاء الصراعات الدولية وإحلال السلام بما في ذلك في الشرق الأوسط يمكن أن تمثل إطاراً عملياً للبناء عليه والعمل المشترك لتحقيقه، وبما يراعي تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو ۱۹۹۷ ، وعاصمتها القدس الشرقية.
كما أكدت مصر التزامها الراسخ بدعم جميع المبادرات الجادة التي تهدف إلى تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة، فإنها تدعو كافة الأطراف الدولية والإقليمية إلى تكثيف الجهود لدفع عملية التسوية السلمية، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار الشعوب المنطقة.
حماس ترحب
كذلك رحب المتحدث باسم حركة حماس، حازم قاسم، بتراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الواضح عن مقترحه بتهجير أكثر من مليوني فلسطيني من غزة بشكل دائم، موضحا أنه "إذا كانت تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب تمثل تراجعاً عن أي فكرة لتهجير سكان قطاع غزة، فهي موضع ترحيب".
وأضاف: "ندعو إلى تعزيز هذا الموقف بإلزام الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ جميع بنود اتفاقات وقف إطلاق النار".
تغير للموقف الأمريكي
قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن الموقف الأمريكي شهد تحولًا لافتًا خلال الساعات الماضية، حيث بدت مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مختلفة عما كان عليه الحال في الأيام السابقة، إذ كان يتحدث بنبرة تصعيدية، لكنه تراجع أمس عن هذه النبرة وأكد أنه لا ينوي تهجير أهالي قطاع غزة من أرضهم، وهو تغير جوهري في النهج الأمريكي تجاه القضية.
وأشار الدكتور الرقب، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، إلى أن هذا التحول في الموقف الأمريكي جاء نتيجة لموقف عربي موحد ظهر بوضوح خلال القمة العربية الأخيرة الطارئة التي عقدت في القاهرة في 4 مارس الجاري، حيث تبنّت الدول العربية موقفًا ثابتًا ضد تهجير سكان قطاع غزة، ورفضت أي محاولات لفرض حلول غير عادلة على الفلسطينيين، ومصر قدمت خلالها خطة إعادة إعمار قطاع غزة وهي الخطة التي تبنتها القمة العربية.
أوضح أن ما يثار الخوف بشأنه هو أن يكون طرح قضية تهجير غزة للتشتيت عن خطط الاحتلال بشأن ضم أراضي من الضفة الغربية، وخاصة أن غزة لم تكن موجودة في ممكلتهم القديمة كما يدعون، لكن هذا تغير بسبب التطورات الأخيرة منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن، مما فرض واقعًا جديدًا على الولايات المتحدة وحلفائها، مشددا على أن الموقف الأمريكي الجديد مهم ويجب البناء عليه.
وفي هذا السياق، شدد الدكتور الرقب على ضرورة التحرك العربي الفوري عبر تشكيل لجان للحوار والتواصل مع الجانب الأمريكي، لضمان تثبيت هذا التحول في الموقف الأمريكي وتحويله إلى خطوات عملية.
وأكد أن بيان وزارة الخارجية المصرية جاء واضحا اليوم، ورحب بالتصريحات الأمريكية، وأكد ضرورة التوصل إلى حل سياسي عادل وشامل، وتأكيد أهمية دراسة الخطة العربية المطروحة لإعمار غزة، وضرورة إحياء عملية السلام وإيجاد حل الدولتين كمسار أساسي لإنهاء النزاع.
وأشار إلى أن الاجتماع الأخير لوزراء خارجية الدول العربية الخمس (مصر السعودية، الإمارات، الأردن، وقطر) مع المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، وتحدثوا عن إعمار غزة، موضحا أن هذا اللقاء كان له تأثير مباشر على إعادة تقييم الولايات المتحدة لموقفها، مما أتاح مساحة للحوار الإيجابي حول مستقبل الحلول المطروحة.
وختم الرقب تصريحه بالتأكيد على أن المرحلة القادمة تتطلب تنسيقًا عربيًا مكثفًا واستثمار هذا التحول الأمريكي لضمان تحقيق مكاسب حقيقية على الصعيد السياسي، بما يخدم الحقوق الفلسطينية ويساهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة.
لقاء وزراء الخارجية العرب مع المبعوث الأمريكي
تزامنت تصريحات ترامب، مع اجتماع وزراء الخارجية العرب في قطر، أمس الأربعاء، مع المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف لمناقشة إعادة إعمار غزة، حيث حضر الاجتماع وزراء خارجية مصر وقطر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وخلال الاجتماع ناقش وزراء الخارجية العرب خطة إعادة إعمار غزة، التي أُقرت في قمة جامعة الدول العربية التي عُقدت في القاهرة في 4 مارس 2025، كما اتفقوا مع المبعوث الأمريكي على مواصلة التشاور والتنسيق بشأن هذه الخطة كأساس لجهود إعادة الإعمار في القطاع.
وأكد الوزراء العرب أهمية الحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددين على ضرورة بذل جهود حقيقية لتحقيق سلام عادل وشامل قائم على حل الدولتين، بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال".
محادثات وقف إطلاق النار في غزة
بدأت جولة جديدة من المحادثات حول وقف إطلاق النار في غزة في قطر، أول أمس الثلاثاء،
والأحد الماضي، أكد طاهر النونو، المستشار السياسي لقيادة حماس، إجراء محادثات مباشرة غير مسبوقة مع واشنطن في العاصمة القطرية، ركزت على إطلاق سراح مواطن أمريكي-إسرائيلي مزدوج الجنسية محتجز لدى الحركة في غزة.
وأضاف النونو أن الاجتماعات بين قادة حماس والمفاوض الأمريكي بشأن الأسرى، آدم بوهلر، ناقشت أيضًا كيفية تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار المرحلي بين حماس وإسرائيل، الهادف إلى إنهاء الحرب على غزة.
انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والتي استمرت 42 يومًا، في وقت سابق من مارس الجاري، دون موافقة إسرائيل على المراحل اللاحقة التي تهدف إلى ضمان نهاية دائمة لحربها على غزة، بينما يستمر الاحتلال في فرض حصارا شاملا على قطاع غزة، ومنع دخول الغذاء والوقود والأدوية إلى القطاع منذ أسبوعين تقريبا.