رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

نساء في الإسلام (13ـ 30)| زينب بنت جحش.. «ابنة المجد وأم المساكين»

13-3-2025 | 17:46

زينب بنت جحش

طباعة
همت مصطفى

في أروقة التاريخ وإشراقة الحضارة، تتلألأ صور «نساء الإسلام» كنجومٍ سطعت في سماء الإيمان والعطاء، خلدهن إيمانهن و مواقفهن القوية دفاعًا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها فتركن أثرًا كبيرًا  محفوظًا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق.

ومع بوابة «دار الهلال» في أيام شهر رمضان الكريم لعام 1446 هجريًا  نقدم كل يوم حلقة من سلسلة «نساء في الإسلام» لتأخذنا إلى عمق النفوس، حيث تتجسد شجاعة المرأة وعزمها في مواجهة تقلبات الزمان، في كل حلقةٍ، نكتشف حكاياتٍ نسجت بخيوط العزيمة والإيمان، رسمت بمسحاتٍ من النور ملامح الحضارة الإسلامية هنا، يتلاقى الجمال الروحي مع القوة الإنسانية، وتنبثق من رحم التحديات أروع معاني التضحية والكرامة، لتكون المرأة ركيزة لا غنى عنها في بناء حضارتنا وإرثها العريق.

ولقاءنا في اليوم الثالث عشر  من رمضان 1446 هجريًا الموافق 13 مارس 2025 ميلاديًا مع الصحابية الجليلة.. أم المؤمنين السيدة  زينب بنت جحش  رضي الله عنها. 

زوجات النبي.. أمهات المؤمنين
وُلدت السيدة «زينب»في الجاهلية سنة 33 قبل الهجرة، وكان اسمها «برَّة»، فسماها النبي صلى الله عليه وسلم «زينب»، وكانت تُكَنَّى:أمَّ الحكم، وهي إحدى المهاجراتِ الأول.

 


وأم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش بن رياب بن يعمر الأسدي، هي ابنة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمُّها أُمَيَّة بنت عبد المطلب رضي الله عنها، وأخوها عبد الله بن جحش رضي الله عنه، أول أمير في الإسلام.

تزوجت  السيدة «زينب» للمرة الأولى من الصحابي زيدِ بن حارثة رضي الله عنه مولى رسول الله ، وكان صلى الله عليه وسلم قد تبنَّى زيدًا، فكان يدُعي «زيد بن محمد»، فلما نزل قوله تعالى ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ﴾  امتثل رسول الله،  لأمر ربه عزوجل وهدم ما كان معروفًا في الجاهليَّة من أمر التبنِّي.
و يذكر أن السيدة «زينب»  طلبت الطلاق من «زيد»، فطلَّقَها،  وبعد ذلك تزوجها رسول الله ، بأمر من الله  سنة ثلاثٍ من الهجرة، وأنزل الله فيها قوله:  ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾

ومنذ أن اختار  الله السيدة  «زينب» لرسوله، وهي تفخرُ بذلك على أمهات المؤمنين، وتقول -كما ثبت في «البخاري»:«زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ»، وسماها رسول الله  بعد الزواج زينب.

وكانت السيدة «زينب»  رضي الله عنها من سادة النساء، دينًا وورعًا، وجودًا ومعروفًا، محضنَ اليتامى ،ويذكر أنها  قد فاقت أقرانها خَلْقًا وخُلقًا.
واتسمت السيدة  «زينب»  بأنها كانت ورعةً قوَّامَة، تُديمُ الصيام، كثيرة التصدق وفعل الخير، وكانت مواسيةَ للأرامل وكانت من صُنَّاع اليَد، تدبغ وتخرز، ثم تتصدَّق بثمن ذلك، وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على كثرة تصدقها وكنَّى عن ذلك بطول يدها؛ وقد أحسنت عائشة رضي الله عنها، في الثناء عليها إذ قالت: «ولم أَرَ امرأةً قطُ خيرًا في الدين من زينب، وأَتْقَى لله، وأصدقَ حديثًا، وأوصلَ للرَّحِمِ، وأعظمَ صدقةً، وأشدَّ ابتذالًا لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب به إلى الله تعالى».
ويذكر عن السيدة «زينب» عن القاسم  قال: قالت زينب بنت جحش حين حضرتها الوفاة: «إني قد أعددت كفني، فإن بعث لي عمر بكفنٍ فتصدقوا بأحدِهما، وإن استطعتم إذ أدليتموني أن تصدقوا بإزاري فافعلوا»، وهذا يؤكد حُبِّها  الكبير للعطاء
وكانت  السيدة  «زينب»  أول زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوقًا به؛ حيث توفيت سنة 20 للهجرة، وقد جاوزت الخمسين عامًا، وصلى عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وصُنع لها نعشٌ، وكانت أول امرأة يُفعل معها ذلك، ودُفنت بالبقيع في المدينة المنورة،  فرضي الله عنها وعن أمهات المؤمنين جميعهن .