«شهدت الاستثمارات الفرنسية فى مصر خلال السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا، وذلك بفضل الروابط الاقتصادية العميقة بين البلدين فى مختلف القطاعات، وتعتبر فرنسا من أبرز شركاء مصر الاقتصاديين فى مجالات الصناعة، الطاقة، البنية التحتية، والنقل»، كلمات جاءت على لسان المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية ، مؤكدًا أنه فى عام 2020 كانت الاستثمارات الفرنسية فى مصر قد بدأت تعانى بعض التحديات بسبب تداعيات جائحة كورونا التى أثرت على الاقتصادات العالمية، و رغم ذلك استمرت فى القطاعات الرئيسية مثل الطاقة المتجددة، النقل، البنية التحتية، والتكنولوجيا.
وقُدر حجم الاستثمارات الفرنسية فى مصر وقتها بحوالى 4.7 مليار يورو، وهى تمثل نسبة كبيرة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى السوق المصرى، هذا إضافة للنمو المتزايد فى الاستثمارات الفرنسية فى القطاعات الحيوية مثل الطاقة المتجددة، حيث تواصل الشركات الفرنسية الاستثمار فى الطاقة الشمسية والرياح، خاصة فى مشاريع الطاقة النظيفة فى صعيد مصر».
«الخطيب»، أضاف: على سبيل المثال، تعد شركة إديسون الفرنسية أحد اللاعبين الرئيسيين فى مشروعات الطاقة الشمسية فى مصر، والنقل والسكك الحديدية ،حيث شهدت السكك الحديدية والمترو فى القاهرة تدفقات كبيرة من الاستثمارات الفرنسية، كما أن شركة ألستوم الفرنسية تعد واحدة من الشركات التى تزود مصر بتكنولوجيا القطارات الحديثة، هذا فضلاً عن العمل فى مجالات «الصناعات الغذائية، السيارات، والمعدات الثقيلة»، وتساهم الشركات الفرنسية مثل «بيجو، رينو، دان، وباسكال» بشكل كبير فى توفير فرص العمل وزيادة الإنتاج المحلى.
وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، كشف أيضًا أن «الاستثمارات الفرنسية الحالية فى مصر تبلغ حوالى 7.7مليار دولار، من خلال 180 شركة فرنسية توفر نحو 50 ألف فرصة عمل، والتبادل التجارى بين البلدين سجل 2.8 مليار دولار فى عام 2024، بزيادة قدرها 14فى المائة مقارنة بعام 2023، وبلغت الصادرات المصرية إلى فرنسا نحو مليار دولار، مما يفتح آفاقًا واسعة لتعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى بين البلدين».
وأشار «الخطيب»، إلى أن «الحكومة المصرية تعمل اليوم على البناء على هذه الإنجازات، لتحقيق مناخ استثمارى أكثر تنافسية وجاذبية للاستثمارات المحلية والأجنبية، يرتكز على الشفافية والوضوح فى السياسات، وتوفير البيئة المؤسسية والتشريعية الداعمة، وتحسين بيئة الأعمال، وتبسيط الإجراءات وتذليل التحديات أمام المستثمرين، مع تعزيز دور القطاع الخاص كشريك رئيسى فى التنمية، وفى هذا الشأن هناك 3 ركائز تشمل تبنى سياسات محفزة للاستثمار مع تخفيف الأعباء المالية والإجرائية على المستثمرين، وتمكين القطاع الخاص ليكون المحرك الأساسى للاقتصاد، بالإضافة إلى تبنى سياسات تجارية منفتحة على العالم، تستهدف زيادة الصادرات المصرية والحد من عجز الميزان التجارى، وتشجيع الاستثمارات الوطنية فى القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية».
وتابع «الخطيب»: مصر تتمتع بمزايا تنافسية فريدة، مثل موقعها الاستراتيجى الذى يوفر نفاذًا ميسرًا لأسواق أوروبا وإفريقيا وآسيا، وبنية تحتية متطورة تجعلها مركزًا إقليميًا رئيسيًا فى سلاسل الإمداد والقيمة العالمية، بالإضافة إلى قوى عاملة شابة ومدربة تتجاوز 31 مليون عامل بأجور تنافسية، وكذا تنوع مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، واتفاقيات تجارة حرة مع أكثر من 70 دولة، إذن الروابط المصرية الفرنسية لا تقتصر على التبادل التجارى والاستثمارى فحسب، بل ترتقى إلى شراكة استراتيجية شاملة، تفتح مجالاً أوسع للتعاون الإقليمى وتوسيع المشروعات المشتركة فى مختلف المجالات، وهو ما وجه «الخطيب» مجتمع الأعمال الفرنسى إليه لاستكشاف الفرص الواعدة التى تقدمها مصر فى العديد من المجالات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، مجالات التحول الأخضر والطاقة الجديدة والمتجددة والصناعات التحويلية والاقتصاد الرقمي، وهى قطاعات تعد المحرك الرئيسى للنمو المستدام والابتكار فى اقتصاد الغد، وتوفر مجالات واسعة لنمو الشراكة بين البلدين، فالسوق المصرى يمثل نافذة استراتيجية أمام الاستثمارات الفرنسية للوصول إلى أسواق الشرق الأوسط وإفريقيا، فيما يعد السوق الفرنسى أحد أهم الوجهات للصادرات المصرية بالنظر إلى مكانته الرائدة فى الاتحاد الأوروبى، ومصر وفرنسا ماضيتان معًا نحو شراكة اقتصادية تضمن مصالح البلدين وتحقيق التنمية المستدامة للشعبين.
وفى ظل التحسن التدريجى فى الاقتصاد المصرى وعودة الأنشطة التجارية فى معظم القطاعات بعد جائحة كورونا، شهدت الاستثمارات الفرنسية زيادة كبيرة فى 2022 و2023 هذا التحسن انعكس فى زيادة المشروعات المشتركة فى البنية التحتية والطاقة، وهو ما أكدت عليه باكينام كفافى، رئيس مجلس شركة إدارة طاقة عربية، بإشارتها إلى أنه تم التوسع فى مشروعات مرافق المياه والصرف الصحى بتمويلات فرنسية، بالإضافة إلى توسيع شبكة المترو فى القاهرة.
وقالت: من المتوقع أن تستمر الاستثمارات الفرنسية فى النمو خلال السنوات القادمة، خصوصًا فى القطاع الرقمى و الابتكار التكنولوجي، وتسعى فرنسا إلى توسيع التعاون مع مصر فى مجال التكنولوجيا الحديثة، الابتكار، والتحول الرقمى من خلال الشركات الفرنسية الرائدة فى مجالات الذكاء الاصطناعى والبيانات الكبيرة، كما من المتوقع أن يشهد القطاع الزراعى أيضًا نموًا ملحوظًا فى الاستثمارات الفرنسية، أما عن المجالات الرئيسية للاستثمار الفرنسى فى مصر فنجد أن فرنسا تلعب دورًا كبيرًا فى مشروعات الطاقة المتجددة فى مصر، سواء فى مجال الطاقة الشمسية أو الطاقة الريحية، مما يساعد فى تحقيق أهداف مصر فى خفض الانبعاثات الكربونية وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة.
«كفافى»، أوضحت أنه «هناك استثمارات ضخمة فى مشروعات النقل فى مصر، خاصة فى تحديث السكك الحديدية ومترو الأنفاق، حيث تقوم الشركات الفرنسية مثل ألستوم بتوريد وتطوير أنظمة السكك الحديدية الحديثة، وشهدت مصر فى السنوات الأخيرة طفرة فى التحول الرقمي، وهو ما جذب العديد من الشركات الفرنسية الكبرى مثل Atos و Capgemini للاستثمار فى هذا المجال وتهدف هذه الاستثمارات إلى تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات فى مصر، وفرنسا تستثمر أيضًا فى مشروعات البنية التحتية المصرية، مثل مشروعات المياه والصرف الصحى مثل شركة فيوليا الفرنسية التى تعد واحدةً من الشركات الكبرى التى تعمل فى مجال خدمات المياه والنفايات فى مصر».
بدوره، قال حسام هيبة، الرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، إن «زيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إلى مصر تمثل محطة محورية فى مسار العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وتؤكد على عمق الروابط التاريخية والتعاون المتنامى فى مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية منها، وتسعى مصر إلى فتح آفاق أوسع للشراكة الدولية، والبلدان يتشاركان رؤية موحدة نحو مستقبل قائم على الابتكار، التنمية المستدامة، ونجحت مصر فى تنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية ساهمت فى تعزيز بيئة الاستثمار فمثلاً عام 2024 شهد تحقيق مصر لتدفقات استثمار أجنبى مباشر بلغت 46.6 مليار دولار، وهو ما يعكس ثقة المجتمع الدولى المتزايدة فى الاقتصاد المصرى والحكومة المصرية وضعت مستهدفات طموحة منها جذب 60 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ورفع قيمة الصادرات إلى 145 مليار دولار، مع العمل على تحقيق مساهمة للقطاع الخاص تصل إلى 65 في المائة من إجمالى الاستثمارات بحلول عام 2030.
وأكمل «هيبة»: فرنسا تعد من الشركاء الرئيسيين لمصر، حيث تجاوز حجم الاستثمارات الفرنسية فى البلاد 7 مليارات دولار، وأسهمت فى توفير أكثر من 50 ألف فرصة عمل، عبر أكثر من 180 شركة فرنسية عاملة فى السوق المصرى، فيما أطلقت مصر حزمة من السياسات الهادفة إلى تعزيز تنافسية الاقتصاد وتحسين مناخ الأعمال، من أبرزها سياسة ملكية الدولة التى تم إقرارها عام 2023، والرخصة الذهبية التى تتيح منح التراخيص للمشروعات الاستثمارية الكبرى بشكل سريع، والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة على أتم الاستعداد لتقديم الدعم الكامل للمستثمرين الفرنسيين، وتوفير التسهيلات المطلوبة لضمان دخولهم إلى السوق المصرى بسهولة.
رغم أن الاستثمارات الفرنسية شهدت نموًا ملحوظًا فى مصر، إلا أن هناك بعض التحديات التى قد تؤثر على استمرار هذه الوتيرة على حد قول أيمن عزت، رئيس مجلس الأعمال «المصرى _ الفرنسى»، ومن بين هذه التحديات، التقلبات الاقتصادية العالمية وتأثيرات التضخم وسعر صرف الجنيه المصرى ومع ذلك، فإن هناك فرصًا كبيرة للجانب الفرنسى للاستثمار فى قطاعات مثل الطاقة المتجددة، التكنولوجيا، والنقل، مما يجعل مصر سوقًا واعدةً للشركات الفرنسية، والاستثمارات الفرنسية فى مصر شهدت زيادة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، بين عامى 2020 و2025، ومن المتوقع أن تستمر هذه الاستثمارات فى النمو، مع التركيز على تعزيز التعاون فى القطاعات الاستراتيجية التى تساهم فى تطوير الاقتصاد للبلدين.
وتابع: فرصة ترسيخ التعاون الاقتصادى بين مصر وفرنسا متواصلة لأن هناك إصلاحات اقتصادية وسياسات جديدة وضعت أولوية لمشاركة القطاع الخاص فى التنمية، وأثمرت عن شراكات ناجحة مع الحكومة، أبرزها استثمارات تتجاوز مليار دولار فى قطاعات مثل التعليم، والنقل، والبنية التحتية.
من جهته، أكد عماد السنباطى، رئيس الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة فى مصر، أن الغرفة لها دور مهم فى دعم العلاقات الاقتصادية بين مصر وفرنسا لأنها تعتبر منصة تواصل فعالة بين ما يزيد عن 7500 شركة مصرية-فرنسية، كما ترتبط بشبكة تضم 130 غرفة فى 95 دولة، مما يحقق شبكة اتصال دولية واسعة وتسبب فى زيادة حجم التبادل التجارى بين مصر وفرنسا، والغرفة تستهدف إنشاء 12 لجنة قطاعية متخصصة لتقديم الدعم الفنى واللوجستى للأعضاء، مع مجموعة متكاملة من الخدمات للجانبين المصرى والفرنسى تتضمن تنظيم المؤتمرات والندوات الدورية التى تُعزز التواصل وتبادل الخبرات.
وقال الدكتور عمر عبدالقادر، الرئيس التنفيذى لمجموعة اليفيت للمستشفيات: تحقق بالفعل خلال الساعات الماضية تعاون مع عدد من الشركات الدولية العاملة فى مجال الرعاية الصحية وهو ما ساهم فى نقل خبرات عالمية دعمت مشروعات الشركة التى يعتمد فى تنفيذها على العمل بتنسيق كامل مع الحكومة المصرية من أجل تنفيذ مشروعات استراتيجية، فمثلاً 70 بالمائة من استثمارات الشركة تخصص فى الوقت الحالى لتوفير الأراضى وبناء المستشفيات فى مواقع مختارة.
فى حين أكد ديدييه بولون، الرئيس التنفيذى للعمليات بوزارة التجارة الخارجية الفرنسية، أن منتدى الأعمال «المصرى _الفرنسى» كان أشبه بمنصة مهمة لدعم الشركات فى السوقين المصرى والفرنسي، وفرنسا ملتزمة بدعم الاقتصاد المصري، بل هى أكبر مستثمر أوروبى فى القاهرة، حيث بلغت استثماراتها 7 مليارات دولار، وهم يعملون وعيونهم تتجه نحو الأسواق الإفريقية أيضًا، ومصر تعد شريكا أساسيًا فى مسيرة صناعات الأدوية بالمنطقة حيث إن 73 في المائة من المنتجات يتم تصنيعها محليًا فى مصر، ويمكن أن نصف البيئة الاستثمارية فى مصر بأنها أصبحت أكثر جذبًا بفضل السياسات الداعمة للقطاع الصحى.
