رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

من وحى ذكرى الشيخ رفعت.. إنها مفـارقات القدر


9-5-2025 | 18:28

أشرف غريب

طباعة
بقلـم: أشرف غريب

 

 

فى أوقات كثيرة ومهما كانت قدرتك، تعجز القدرة البشرية عن فهم القدرة الإلهية وتجلياتها العظمى، وفى هذه الحالة لا يصبح أمام المؤمن الحقيقى سوى التدبر والتفكر، ثم القول بإيمان يقينى خالص: سبحان الله جلّ شأنه وعظمت قدرته، واحدة من أسرار قدرة الله تعالى التى يقف المرء عاجزا عن فهمها أو حتى الاقتراب منها هى مواقيت الميلاد والوفاة.

 

ولا يغرنك من يأتيك قائلا إن العلماء باتوا يستطيعون التحكم فى مواعيد الميلاد عن طريق التحكم فى بداية توقيت تخصيب بويضة المرأة، ولنا فى ذلك التجربة الفاشلة التى قام بها العلماء مع بداية الألفية الجديدة، حينما أرادوا استقبال مواليد عشرات السيدات مع بداية اليوم الأول فى الألفية الجديدة، فكانت النتائج فى غالبيتها على غير هوى هؤلاء العلماء متقدمة أو متأخرة يوما أو أياما، وحتى طبيب النساء والتوليد الذى يلجأ للعمليات القيصرية فى الولادة لا يستطيع تحديد اليوم إلا بعد اكتمال نمو الجنين فى التوقيت الذى اختاره الله، وإلا جاء المولود ناقص النمو أو ذا تشوه معين.

أما الموت فلا يستطيع كائن منْ كان التنبؤ بموعده أو تحديد يومه بدقة، وكثيرا ما نسمع عن عبارة أن الطبيب أخبر أسرة المريض أن أمامه ثلاثة أشهر مثلا، فإذا به يعيش بعدها أشهرا وربما سنوات، وقد يرحل قبل ذلك التوقيت إذا جاء أجله المحتوم، ولذلك فإن المؤمن الحق هو من يقول دائما إن الأعمار بيد الله.

وقد تقولون إن هذا كله من البديهيات الإيمانية، وهو صحيح بكل تأكيد، لكن لا بأس من التدبر والتفكر فى تصاريف القدرة الإلهية ومفارقاتها، وما دعانى إلى هذه التداعيات أو التأملات هى تلك المفارقة القدرية التى تتعلق بتاريخ ميلاد ورحيل قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت، فقد ولد وتوفى الشيخ الجليل فى مثل هذه الأيام، وبالتحديد فى التاسع من مايو، ولكنْ بينهما ثمانية وستون عاما بالتمام والكمال، كرس معظم هذه السنين لخدمةكتاب الله المجيد ترتيلا وتجويدا حتى الرمق الأخير من حياته، ولد الشيخ رفعت عام 1882 بينما كانت الوفاة فى اليوم ذاته من عام 1950، ولا يظن أحدنا أنها حالة فردية؛ إذ تحضرنى هنا فقط بعض الحالات الأخرى، وجميعها من مشاهير الفن والإعلام بحكم التخصص، وإن كنت أجزم بأن هناك مئات وربما آلاف الحالات المشابهة على مر التاريخ، الفنان إبراهيم يسرى مثلا ولد فى العشرين من أبريل عام 1951 وتوفى فى التاريخ نفسه من عام 2016، وكذلك الفنانة نوال أبو الفتوح التى ولدت فى العاشر من أبريل 1940 وتوفيت أيضا فى العاشر من أبريل ولكن عام 2007، وهناك الممثل والمذيع رءوف مصطفى الذى ولد وتوفى فى الأول من أكتوبر بين عامى 1940 و2017، ثم هناك المصارع والإعلامى ممدوح فرج الذى ولد فى السادس عشر من أغسطس عام 1951 وتوفى بعد ثلاثة وستين عاما بالكمال فى اليوم نفسه من عام 2014.

وتزداد المفارقة القدرية وضوحا حينما تفصل أيام فقط بالزيادة أو النقصان بين يوم الميلاد ويوم الوفاة رغم ما بينهما من سنين، والأمثلة على ذلك كثيرة، خذ لذلك مثلا وحش الشاشة فريد شوقى الذى ولد فى الثلاثين من يوليو 1920 وتوفى فى السابع والعشرين من يوليو 1998، والدونجوان رشدى أباظة المولود فى الثالث من أغسطس 1926 والذى رحل عن دنيانا فى السابع والعشرين من يوليو عام 1980، وهناك كذلك أستاذ الكوميديا فؤادالمهندس الذى يعتبر شهر سبتمبر بالنسبة له هو شهر البداية والنهاية فى هذه الحياة؛ حيث ولد فى السادس منه عام 1924 وتوفى فى السادس عشر منه أيضا ولكن عام 2006، وأذكر كذلك ملك الأغنية الشعبية محمد عبد المطلب المولود فى الثالث عشر من أغسطس سنة 1910 والراحل عن الدنيا فى الحادى والعشرين من الشهر نفسه عام 1980، ثم الشحرورة صباح التى ولدت فى العاشر من نوفمبر 1927 وتوفيت فى السادس والعشرين من نوفمبر أيضا عام 2014، والفنانة القديرة كريمة مختار التى جاءت إلى الدنيا فى السادس عشر من يناير 1934 ورحلت عنها فى الثانى عشر من الشهر ذاته عام 2017، ويمكن أن نضم إلى هذه القائمة الموسيقار حسن أبو السعود (2 أبريل 1948 – 17 أبريل 2007) وأيضا المذيع الذى رحل شابا عمرو سمير (3 يوليو 1984 - 5 يوليو 2017)، وهناك حالة فريدة فى هذا الملف تخص الفنانة آمال زايد وابنتها الفنانة معالى زايد، فقد ولدت الأم فى السابع والعشرين من سبتمبر 1910 ورحلت فى الثالث والعشرين منه عام 1972، أما الابنة فهى من مواليد الخامس من نوفمبر 1953 وتركت دنيانا فى العاشر من نوفمبر 2014، والقائمة فى ذلك تطول وتطول.

طبعا أنا أدرك جيدا أن هناك ملايين الحالات إن لم تكن مليارات التى لا تنضوى تحت هذه الملحوظة، لكنها تبقىجديرة بالتأمل، فهل هناك تفسير مقنع لهذه الحالات؟ هل هى مجرد مصادفات ليس أكثر أم أن لله فى ذلك حكمةفوق إدراكنا؟ الشىء المؤكد أن الأعمار بيد الله، وأنه لكل أجل كتاب كما قال الله تعالى فى كتابه العزيز، «ولكلأمة أجل فإذا جاء أجلكم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون». صدق الله العظيم، سورة الأعراف الآية 34.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة