رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

إيمان رسلان تحصل على الماجستير بامتياز التعليم النخبوى والتمييز بين المتعلمين


2-6-2025 | 13:29

.

طباعة
بقلـم: نجوان عبداللطيف

فى الطريق إلى قاعة الأستاذة الفاضلة د. سهير القلماوى بالمبنى العريق لكلية الآداب جامعة القاهرة، تمثال العظيم د. طه حسين، صاحب مقولة «التعليم كالماء والهواء»، والذى أقر مجانية التعليم ما قبل الجامعى عندما تولى منصب وزير المعارف. فى هذا المكان، إحدى منارات التعليم فى مصر، والذى دَرَس ودرّس فى أروقته الكثير من رموز التعليم ونجومه فى مجالات متعددة من العلوم الإنسانية، حصلت الزميلة الكاتبة الصحفية المتميزة، ابنة مجلة المصور والخبيرة المرموقة فى شؤون التعليم، إيمان رسلان على الماجستير فى الفلسفة بدرجة امتياز، بعد أن مثُلت لأكثر من ساعتين للمناقشة أمام لجنة علمية مرموقة برئاسة د. سامى نصار، عميد كلية الدراسات التربوية بجامعة بدر، وأستاذأصول التربية بجامعة القاهرة، ود. أنور مغيث، أستاذ الفلسفة المعاصرة بجامعة حلوان والكاتب والمفكر المستنير وأحد رواد الترجمة، والدكتورة هدى الخولى، أستاذ الفلسفة بآداب القاهرة والمشرفة على الرسالة.

الرسالة كانت بعنوان: «التعليم النخبوى بين الأصول اليونانية والطرح المعاصر.. دراسة نقدية مقارنة».

رسالة إيمان للماجستير هى الرسالة التى نذرت حياتها من أجلها أربعين عامًا فى بلاط صاحبة الجلالة، واليوم فى محراب العلم أكاديميًا.. التعليم حق للجميع، الفقراء قبل الأغنياء.

إيمان رسلان لم تختر مجال التعليم لعملها الصحفى صدفة، بل عن اختيار واقتناع بأن التعليم الأفضل للجميع هو الطريق لوطن متقدم تحلم به.. فى تكوينها وربما جيناتها هذا الحلم، فوالدها أحمد رسلان كان صحفيًا كبيرًا ومسؤولًا عن التعليم فى مجلة المصور.

طوال الأربعين عامًا، لم تترك إيمان شاردة أو واردة فى مجال التعليم إلا وتناولتها بالبحث والتغطية والنقد، تصدت لكل محاولات تعطيل المسيرة التعليمية بكل صلابة وجرأة، دافعت عن حق الفقراء فى تعليم جيد وعن مجانية التعليم فى كل المراحل من الابتدائى إلى الجامعة، فتحت ملفات كبيرة فى ملف التعليم، بعضها مسكوت عنه، كشفت المستور فى وقائع فساد، ولم ترهبها سطوة الفاسدين ولا نفوذهم، يقولون عنها فى وزارة التعليم: «الصحفية المشاغبة»، وهو ما اشتقت من خلاله عنوانًا لمقالها الأسبوعى.

حاولت إيمان فى ملخصها الذى عرضته فى المناقشة توضيح كيف أن التعليم والفكر كانا حكرًا على النخب والصفوة وأداة للتمييز والثنائية، وكيف ارتبط ذلك بأوضاع النخب الحاكمة والغنية، وحاولت – كما قالت – رصد ثنائية «الرجل الأبيض أو السيد والعبد» التعليمية، وصولًا إلى العصر الحديث وسيادة الفردية والتقدم العلمى، وكيف تفاعلت النخب المصرية عبر الابتعاث وأفكار العالم الجديد، فأدى ذلك إلى رسوخ وهيمنة الفكر الجيد والنخبوى والتعليمى للبعض، والاستعلاء على إتاحته للجميع، مما ساهم فى خلق الأسوار والأكاديميات التعليمية للنخب فقط.

وتناولت «إيمان» ما يُطلق عليه الآن «تعليم مدرسة السيليكون»، حيث تباشره شركات عالمية قليلة وعملاقة، مما قد يؤدى إلى نشوء نخبة تعليم الذكاء الاصطناعى، وينقسم العالم بين المدرسة التقليدية للأغلبية، وأخرى مدارس نخبوية للقلة، أطلقت عليها «مدرسة الذكاء الاصطناعى»، ومن ثم تأتى أهمية مساعدة المجتمع وإقناعه بأهمية وضرورة التعليم الجيد، فالمصلحة العامة تتطلب أن يكون مستوى التعليم للأفراد مرتفعًا، وليس نخبويًا.

إيمان رسلان باحثة صاحبة قضية، هكذا وصفها د. أنور مغيث أثناء المناقشة، وقال إنه منذ فترة طويلة نلاحظ أن الباحثين لا يتبنون قضايا، وينأون بأنفسهم عن الاشتباك مع الواقع، وأشار إلى أن إيمان آثرت أن تشتبك، وأن تدافع عن حق الفقراء فى التعليم، وتنتقد التعليم النخبوى، وموقف النخبة منه، وخاطبت فى القراء روح العدالة والمساواة.

وطالبها د. سامى نصار بتجميع ما قدمته فى فصول الرسالة حول التعليم فى مصر فى فصل مستقل، وأشار إلى التشوه التعليمى الذى نعانيه فى مصر؛ بسبب تعدد أنواع التعليم من حكومى وتجريبى وخاص عربى وخاص لغات ودولى بتعدد كبير، وخطورة ذلك على النسيج الاجتماعى.

وأشادت الدكتورة هدى الخولى، المشرفة على الرسالة، بدأب إيمان فى البحث، وبالرغم من خبرتها الكبيرة فى مجال التعليم، إلا أنها التزمت بالقواعد الأكاديمية والبحث العلمى السليم والتدقيق.

رسالة إيمان تتناول التعليم النخبوى والتمييز بين المتعلمين، منذ التاريخ اليونانى القديم حتى وقتنا الحالى، وما يحدث فى التعليم المصرى حاليًا، وأشار د. أنور مغيث إلى جرأة إيمان فى الحديث عن عنصرية النخب فى نظرتهم للتعليم منذ قديم الزمان، وأنها لم تتردد فى كشف عنصرية فلاسفة كبار يُنظر إليهم بشىء من التقديس، بمنهج «تكسير التابوهات»، أو أن كل شيء قابل للنقد وإعمال العقل.

إيمان رسلان شخصية جادة ومجدة، وبرسالتها للماجستير لا تبغى جاهًا أو إضافة «د.» إلى اسمها، بل هى صاحبة قضية تسعى لتوصيل رسالتها بالعلم نفسه.. التعليم حق للفقراء.