رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

ذكرياتى مع الموسيقار محمد عبدالوهاب «١-٣»


7-6-2025 | 14:00

.

طباعة
بقلـم: سناء السعيد

إنه الموسيقار «محمد عبد الوهاب» الصرح الفنى الكبير والاسم الذي عشقت الجماهير ألحانه وأداءه على مدى رحلة طويلة بدأها فى الأربعينيات عندما أصبح مطرب الملوك والأمراء، وفى الخمسينيات وما بعدها أصبح مطرب الشعب، وبعد ذلك أصبح موسيقار الجيلين، فليس هناك ملحن عربى لم يتأثر به، ولم يترك هو موسيقياً عالمياً دون أن يستفيد منه. ومع الذكرى أستعيد لقاءاتي معه، وأتوقف هنا عند لقائى به فى عام 1985، وهو اللقاء الذى حدثنى فيه عن المرأة وعلاقته بها،

وتزامن ذلك مع ما أثير في هذه المرحلة من أن المرأة ظفرت فى المجتمع بإنجازات كثيرة، وأن هذا جاء على حساب الرجل الشرقى.

ولا شك أنه مع فنان فى قامة «عبدالوهاب» كان يصعب عليَّ أن أبدأ الحوار معه عبر معرفة رأيه وتجربته من خلال عالم المرأة. ولكنه ما لبث أن فجر هو القضية فى إطار جاء مفاجئاً، وكان جديداً ومختلفاً، فمنذ البداية ووفقاً لأقواله كان للمرأة حضور خاص فى حياته، فلم يكد ينقضي من عمره عامان حتى تعرض لخطر المرض الذي كاد يودى بحياته لولا رعاية أمه له. أما بعد ذلك فإن علاقته بالمرأة تمتد عبر تجربة الزواج، وتشمل علاقته المتميزة بزوجته السيدة «نهلة القدسي» وعلاقته ببناته وحفيداته.

عندما التقيته فى عام 1985 كانت علاقته بالمرأة مرتبطة بتجربة الزواج التى تكررت ثلاث مرات فى حياته. الأولى فى العام 1931 حيث ارتبط بزوجة تكبره بعشرين عاماً، بثروة تتعدى عشرات الآلاف. لم يكن هناك حب أو عواطف، ولهذا كان الطلاق أمراً لا مفر منه. أما الزواج الثانى فلقد قام على الإعجاب والحب والحنان. ولكن سادته الغيرة، فكان أن انتهى بعد اثنى عشر عاماً أصبح خلالها أباً لثلاث بنات: عائشة ، وعفت، وعصمت، بالإضافة إلى ولدين محمد، وأحمد. وفى العام 1957 جاء الزواج الثالث عندما وافقت السيدة “نهلة القدسي” على الارتباط به ودامت لهما الحياة الهانئة وارفة الظلال. وعن تعليقه على هذه الزيجات يقول فى بساطة: ( الحب كان موجوداً، ولكن العنوان المناسب لمشاعري فى الزواج الأول هو أننى كنت بمثابة الابن، وفى الزواج الثانى كنت الأب، وفى الزواج الثالث كنت الزوج).

وأسأله عن المرأة وما الذي تعنيه بالنسبة له؟ وهنا يقول:(المرأة هى جزء مهم فى حياتى، ولكنها ليست كل شيء فيها. هناك العمل والفكر والمبدأ. إننى أرى أن المرأة اليوم أخذت كل ما تريده من الحياة. ويكفى أنها عندما نادت بحقوقها حصلت عليها جميعاً من الرجل)، وهنا يبتسم قائلاً: ( لقد نجحت المرأة الى الدرجة التى أعتقد معها أنه قد آن الأوان لكى يشكل الرجل جمعية تطالب بحقوقه من المرأة). ثم يستأنف حديثه فى محاولة لشرح أفكاره فيقول: ( أنا لست ضد المرأة كما يتخيل بعضهم، ولكنى أكره المغالاة لدى بعض النساء فى المطالبة بالمساواة مع الرجل، فهذا هو التزيد والمغالاة، أكره الحرية النهمة التى تتطلع إليها بعض النساء. إنها الحرية التي أفرغت البيت من محتواه). ثم يمضي قائلا:

(هل يغيب عن المرأة هنا أنها تزايد على الطبيعة عندما تتطلع إلى تجاوز الواقع، وتعتمد المغالاة طريقاً للدفاع عن حقوقها. لقد تركت المرأة مملكتها الطبيعية وانطلقت تسعى من أجل المساواة بغض النظر عن ظروفها). ومرة أخرى أقول: (أنا لست ضد عمل المرأة، ولكنى أؤمن بترتيب الأولويات. لا مانع عندى فى أن تعمل المرأة التى ليس لها أطفال ولا زوج. بل إنني أحبذ لها أن تعمل وقتئذ، فهنا تعد الوظيفة أجدى لها من الفراغ والثرثرة فى النوادى. أما خلاف هذا فإن المنزل هو مملكة المرأة الحقيقية.

ويتوقف الفنان القدير «عبدالوهاب» عند تعبير «الحرية النهمة» ويفسره قائلا: (إنه المصطلح الذى تبدو المرأة من خلاله أشبه ما تكون بمن خرج من غرفة حالكة الظلام إلى نور نفاذ تحاول استيعابه والتعامل معه حتى لو أرهق عينيها)، ويردف قائلا: ( حتماً ستكون هذه المرأة فى حاجة لارتداء نظارة فيما بعد للحد من هذا الضوء الساطع. ولهذا آمل أن تقتنع المرأة بأن لها دوراً آخر يجب عليها أن تضطلع به). وللحديث بقية..