هو موسم حج استثنائى بكل المقاييس تعاونت فيه الوزارات خلال الأيام الماضية منذ مغادرة أول فوج للحجيج إلى مكة والمدنية المنورة للخروج بشكل تنظيمى رائع يتناسب مع حجاج مصر. لم يكن التنظيم اللافت فى مصر فقط؛ بل فى مكة والمدنية والمشاعر المقدسة، ليكتب شهادة نجاح جديدة للمسئولين المصريين تفادت جميع ما حدث خلال موسم الحج الماضى.
غرفة عمليات بعثات الحج تعمل على مدار الساعة لضمان راحة وسلامة الحجاج المصريين، من لحظة وصولهم إلى الأراضى المقدسة وحتى مغادرتهم، عبر منظومة متكاملة يديرها متخصصون، كلٌ فى مجاله، وفق خطة دقيقة تضمن أعلى مستوى من التنظيم والخدمة.
ولأول مرة هذا العام، تم توزيع كيس الجمرات على الحجاج مسبقًا، لتوفير الوقت والجهد، وتقليص فترة التوقف فى مزدلفة لتقتصر على أداء صلاتى المغرب والعشاء فقط. مشاهد الفرح على وجوه الحجاج رافعين «لبيك اللهم لبيك» دليل على نجاح التنظيم.
واكتمل مطلع الأسبوع وصول آخر رحلات الحجاج إلى مكة المكرمة من مصر. وقال مساعد وزير الداخلية لقطاع الشئون الإدارية، والرئيس التنفيذى لبعثة الحج المصرية، إن مسئولى بعثة القرعة كانوا فى استقبال الحجاج بمطار الملك عبدالعزيز الدولى بجدة فور وصولهم لمتابعة إجراءات الوصول والتفويج لمكة المكرمة وتسكينهم فى فنادقهم الكائنة بالمنطقة المركزية المحيطة بالحرم المكى الشريف.
ونظم مسئولو البعثة المصرية احتفاليات فى فنادق الإقامة بمكة المكرمة لاستقبال أفواج الحجاج، حيث تم استقبالهم فيها بالورود وتوزيع هدايا عليهم وتخصيص عدد من أعضاء البعثة لمساعدة كبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة منذ وصولهم إلى المطار وحتى تسكينهم فى غرفهم.
وأعرب الحجاج عن سعادتهم بحفاوة الاستقبال والتنظيم الممتاز واهتمام مسئولى البعثة بتنظيم رحلة الحج على أعلى مستوى. وأشاد الحجاج بقرب الفنادق من الحرم المكى ومستواها المتميز ووجهوا الشكر لمسئولى البعثة على جهودهم.
رئيس البعثة أكد أن جميع أفراد بعثة حج القرعة يعملون على مدار الـ24 ساعة لتقديم كافة التيسيرات لحجاج القرعة، والحالة العامة لجميع الحجاج المصريين مطمئنة. وشدد على ضرورة التزام جميع الحجاج المصريين بارتداء بطاقة «نسك» الذكية وكارت التعارف الشخصى خلال تنقلاتهم داخل الأراضى المقدسة. وأضاف أن السلطات السعودية أصدرت هذه البطاقة لتعزيز الأمن وتنظيم حركة الحجاج، وهى تُعد الوثيقة الرسمية الوحيدة التى تميز الحاج النظامى، حيث تحتوى على بياناته الشخصية والطبية، ومعلومات الاتصال بمسئول البعثة والشركة المقدمة للخدمات، مؤكدًا أنه لن يُسمح بدخول مناطق المشاعر المقدسة خلال أيام الحج إلا لمن يرتدون هذه البطاقة، لما تمثله من أهمية كبرى فى تنظيم حركة الحشود والحفاظ على سلامتهم.
بعثة حج القرعة تولى اهتمامًا بالغًا بتوفير مخيمات مميزة فى مشعر مِنى مجهزة بكافة الوسائل التى تضمن الراحة فى ظل درجات الحرارة المرتفعة، حيث تم تجهيز المخيمات بمكيفات هواء قوية، وهى تقع على مقربة من مسجد نمرة، لتسهيل أداء الخطبة والصلاة للحجاج.
كما تم تخصيص فرق ميدانية لمساعدة الحالات الإنسانية وكبار السن، إضافة إلى توفير وجبات جافة ومياه باردة وعصائر بشكل منتظم للتغلب على الحرارة العالية. وتم تجهيز أسطول من الاتوبيسات المكيفة والحديثة لنقل الحجاج بين المشاعر المقدسة، بما يضمن سلامتهم وسرعة تحركهم فى الوقت المحدد. فضلًا عن متابعة الحالة الطبية للحجاج من خلال فريق طبى متخصص متواجد على مدار الساعة، يضم أطباء من مختلف التخصصات، لتقديم الرعاية الطبية والفحوصات الأولية عند الحاجة. وكذا توفير الجوانب الدعوية من خلال علماء الأزهر ووزارة الأوقاف لشرح مناسك الحج والرد على استفسارات الحجاج بوضوح ويسر.
أيضًا اكتمل تفويج جميع حجاج الجمعيات الأهلية من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة، وبهذا يكون هناك ما يقرب من 12500 حاج من حجاج الجمعيات الأهلية فى مكة المكرمة مستعدين إلى التصعيد إلى عرفات.
وأجرى أيمن عبدالموجود، رئيس بعثة حج الجمعيات الأهلية بوزارة التضامن الاجتماعى، جولة ميدانية موسعة لتفقد مخيمات حجاج الجمعيات بعرفات. فى إطار حرص الوزارة للتأكد من جاهزية المخيمات وتوفير كافة التجهيزات اللازمة لراحة الحجاج خلال وقفة عرفات، وشملت الجولة معاينة المخيمات والتأكد من توافر وسائل التهوية والتبريد وأماكن توزيع الوجبات والثلاجات.
رئيس بعثة حج الجمعيات الأهلية أكد أن موسم الحج هذا العام يشهد تنظيمًا دقيقًا واستعدادات بدأت مبكرًا لموسم المشاعر المقدسة. وقال إنه يتم تصعيد الحجاج إلى مشعر عرفات مباشرة وفق خطة زمنية دقيقة، تتضمن انتقال جميع الحجاج بسلاسة لأداء الركن الأعظم من مناسك الحج، وهو الوقوف بعرفة. وأشار إلى التعاقد هذا العام مع أكثر من 283 أتوبيسًا لنقل الحجاج إلى مشعر عرفات ضمن خطة زمنية منظمة. والخدمات هذا العام أفضل من الأعوام السابقة، سواء من حيث جودة المخيمات أو أنظمة التكييف والتبريد داخلها، خاصة فى ظل ارتفاع درجات الحرارة، حيث تعد درجة التبريد عنصرًا حاسمًا نعمل عليه بكل دقة. وذكر أن خدمات التغذية، وتوزيع المياه، والعصائر، والفواكه، كلها جاهزة للتوزيع على الحجاج فور دخولهم المشعر.
ولفت «عبدالموجود» إلى وجود تنسيق تام مع بعثة حج القرعة من خلال غرفة عمليات مركزية، ومع وزارة الصحة لتقديم كافة أوجه الرعاية الطبية اللازمة لحجاجنا، بالإضافة إلى التعاون الكامل مع وعاظ وواعظات الأزهر الذين يقومون بدور بالغ الأهمية فى خدمة الحجيج منذ انطلاقهم من مصر وحتى عودتهم بسلامة الله إلى أرض الوطن.
ويقوم وعاظ الأزهر وواعظاته بشرح المناسك للحجاج بالسعودية بالتعاون مع وزارة التضامن بالاجتماعى، فى إطار الدور الدعوى والتوعوى الذى يضطلع به الأزهر الشريف، ومشاركته الفاعلة فى خدمة ضيوف الرحمن. وقدم وعاظ الأزهر الدعم الدينى والعلمى للحجاج منذ لحظة سفرهم بالمطارات والموانئ، مرورًا بمحطات أداء المناسك المختلفة، وذلك من خلال دروس إرشادية ولقاءات مباشرة تستهدف تبسيط المناسك، والإجابة عن أبرز الأسئلة التى تشغل الحجاج؛ كأحكام المبيت والتنقل بين المشاعر، إلى جانب الإرشادات السلوكية التى تعزز من وعى الحاج بمقاصد الشعيرة المباركة.
الدكتور محمدالجندى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، قال إن مشاركة وعاظ الأزهر وواعظاته فى موسم الحج تأتى فى إطار التكامل بين المؤسسات الوطنية لخدمة الحجاج، وتمثل خطوةً مهمةً لترسيخ الوعى الدينى الصحيح، وتعزيز روح الطمأنينة والسكينة فى نفوس الحجاج. وأضاف أن هذه المشاركة تُعد امتدادًا طبيعيًا لدور الأزهر الشريف فى خدمة المجتمع، وترجمة فعلية لرسالته العالمية، التى لا تقتصر على التوعية داخل مصر فحسب؛ بل تمتد لتصل إلى كل تجمع إنسانى يحتاج إلى الكلمة الطيبة والنصح الرشيد.
وأشار «الجندى» إلى أن وجود وعاظ الأزهر وواعظاته فى موسم الحج تأكيد عملى على ريادة الأزهر العالمية فى التوجيه والإرشاد، وتجسيد حى لرسالته فى التفاعل المباشر مع هموم الناس وقضاياهم الدينية والروحية. وأوضح أن هذا الحضور الميدانى يعكس الثقة العميقة فى خطاب الأزهر الوسطى الذى يجمع بين العلم والرحمة، وبين الفقه والواقع.
الدكتورة إلهام شاهين، الأمين المساعدة لمجمع البحوث الإسلامية لشئون الواعظات، قالت إن مشاركة الواعظات فى هذه المهمة الدعوية تأتى فى إطار رؤية الأزهر الشريف لتمكين المرأة وتعزيز دورها فى العمل الميدانى، خاصة فى المواسم الكبرى كالحج، مشيرةً إلى أن الواعظات خضعن لاختبارات دقيقة، وتلقين تدريبًا متخصصًا فى فقه المناسك وآداب التواصل، بما يؤهلهن لتقديم التوعية بشكل فعال، يعكس رسالة الأزهر فى نشر الوعى الدينى بروح من الرحمة والاعتدال.
فى سياق ذلك، أعلنت البعثة الرسمية للحج السياحى برئاسة سامية سامى، مساعد وزير السياحة والآثار لشئون شركات السياحة، ورئيس مكتب شئون الحج السياحى المصرى، ورئيس اللجنة العليا للحج والعمرة، وصول آخر رحلات سفر حجاج السياحة إلى السعودية. وأكدت البعثة وصول 40 ألف و672 حاج، فى إطار خطة وزارة السياحة والآثار لضمان تنظيم انتقال جميع الحجاج التابعين لشركات السياحة النظامية، وتوفير أقصى درجات الراحة والسلامة لهم.
وقالت «سامى» إننا لن نسمح بأى تقصير فى حق الحاج المصرى، ونراقب بشكل يومى مدى التزام الشركات بالتعاقدات المبرمة معها، خاصة فيما يتعلق بوسائل النقل داخل المشاعر وتوقيتاتها. وأكدت على «ضرورة تسهيل تنقلات الحجاج داخل المشاعر المقدسة»، مشيرةً إلى أهمية الالتزام الكامل بتنفيذ البنود التعاقدية المبرمة مع الشركات المنظمة. وأضافت: «نعمل على مدار الساعة، للتأكد من توافر جميع سبل الراحة والأمان للحجاج، ونتعامل بكل جدية مع أ شكاوى ترد إلينا؛ لضمان سرعة حلها، واتخاذ الإجراءات القانونية حال وجود مخالفة».
وفى إطار حرص وزارة السياحة والآثار وتوجيهات شريف فتحى، وزير السياحة والآثار بتوفير تجربة حج متكاملة وآمنة لحجاج السياحة المصريين، وتأكيدًا على أهمية التوعية الدينية السليمة كجزء لا يتجزأ من نجاح موسم الحج، أعلنت الوزارة التعاون مع وزارة الأوقاف من خلال اصطحاب ثمانية دعاة.
وأكدت رئيس اللجنة العليا للحج والعمرة أن اصطحاب الأئمة والدعاة ضمن بعثة الحج السياحى يأتى فى إطار الحرص على تنظيم ندوات توعوية ودينية يومية تشرح مناسك الحج وترد على الاستفسارات الشرعية، بما يضمن أداء صحيحًا وآمنًا لمناسك الحج، لافتة إلى أن الوزارة تضع فى مقدمة أولوياتها تعزيز الوعى الدينى وتقديم الدعم الشرعى المستمر لحجاج السياحة طوال فترة أداء الفريضة.
ويشارك أئمة «الأوقاف» فى تنفيذ البرنامج التوعوى المخصص لحجاج السياحة، والذى يشمل تنظيم ندوات دينية وتثقيفية داخل مقار إقامتهم بمختلف المناطق التى يتواجدون بها، بالإضافة إلى مرافقتهم أثناء أداء مناسك الحج فى مشعرى مِنى وعرفات وحتى الانتهاء من أداء فريضة الحج.

