رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

كليوبترا تبهر الجمهور الفرنسي وإقبال كبير خلال الافتتاح الرسمي بباريس

18-6-2025 | 15:08

منحوتة رومانية لرأس كليوباترا

طباعة
أ.ش.أ

شهد الافتتاح الرسمى لمعرض "لغز كليوباترا"، الذي ينظمه معهد العالم العربى بباريس، إقبالًا كبيرًا من حضور الجمهور الفرنسى المعروف بشغفه بالحضارة المصرية، لاكتشاف تاريخ وأسطورة أشهر ملكات مصر "كليوباترا".

 

وانطلق حفل الافتتاح بحضور لفيف من المؤرخين والمفكرين والكُتاب والمهتمين بعلم المصريات وبالحضارة والثقافة المصرية القديمة، وعبروا عن انبهارهم بهذا التاريخ وهذه الشخصية العظيمة الملكة "كليوباترا"، آخر ملوك البطالمة في مصر، والتي حكمت مصر القديمة منذ أكثر من ألفي عام بعد وفاة والدها بطليموس الثاني عشر (من عام 51 وحتى 30 قبل الميلاد).

وبحسب القائمين على المعرض، حضر ما يزيد على ألف شخص، وهو عدد هائل يعكس مدى اهتمام وشغف الجمهور الفرنسي بمعرفة تاريخ "كليوباترا"، من خلال هذا المعرض والذي انطلقت فعالياته وتستمر حتى 11 يناير 2026، ليكشف النقاب عن أسرار "كليوباترا"، هذه الشخصية التي تعتبر من أكثر شخصيات التاريخ القديم سحرا وشهرة.

وأعرب رئيس معهد العالم العربي جاك لانج، عن شكره وامتنانه لهذا الحضور الكبير في افتتاح معرض "لغز كليوباترا"، هذه الملكة الأسطورية، "رمز القوة".

وأكد لانج أن هذا المعرض فرصة لاكتشاف "من هي كليوباترا" حيث لا يزال هذا الغموض قائما حولها، معربا عن شكره لكل القائمين على هذا المعرض الذين تمكنوا من اكتشاف المزيد والمزيد عن هذه الأيقونة الاستثنائية.

وقدم الشكر لكل من ساهم في إقامة هذا المشروع، من كُتاب وفنانين وفرق علمية ومؤسسات شريكة ومشرفين على هذا المشروع، وكل من ساهم في إعادة إحياء كليوباترا.

يبرز المعرض حياة كليوباترا السابعة، والتي وُلدت في الإسكندرية عام 69 قبل الميلاد، وورثت مملكة تخضع لنفوذ روما وفرضت نفسها بوصفها دبلوماسية بارعة للحفاظ على سلطتها.. إلا أن بعد وفاتها، صارت الدولة المصرية جزءا من الإمبراطورية الرومانية وطُويت صفحة من تاريخ المتوسط.

لكن موت كليوباترا لم يغلق كتاب حكايتها، بل أعلن عن بداية أسطورة، ففي هذا الصدد، سلط معهد العالم العربي الضوء على أشهر شخصية نسائية في التاريخ، وقد نسجت حولها أسطورة عظيمة لشخصية تجمع بين العاطفة والجمال والسياسة والذكاء.

لكن على الرغم من شهرة كليوباترا، فإن ندرة المصادر التاريخية وتناقضها تجعلها لغزا حقيقيا، ويحاول معهد العالم العربي من خلال هذا المعرض الكشف عن أحدث ما توصلت إليه المعرفة التاريخية والأثرية.

وحاول القائمون على المعرض كشف النقاب عن هذه الأسطورة، وتساءلوا "كيف تبناها الفنانون والكُتاب على مر العصور، ولماذا لا تزال مُلهمة؟. فقد شكل الكُتاب صورتها على مر القرون، وهي صورة تتأرجح بين الواقع والأسطورة والأيقونة، وازدادت شهرتها منذ انتحارها قبل ألفي عام، وهي شهرة متعددة الأوجه، حيث إن مخيلتنا عنها نُسجت من خلال الأعمال الأدبية والفنية وأكثرها شهرة مسرحية شكسبير "أنطونيو وكليوباترا" التي أسهمت إسهاما كبيرا في الترويج لها ولمصيرها.

ويضم المعرض مجموعة منتقاة ليس فقط من القطع الأثرية، ولكن من اللوحات والمنحوتات والمخطوطات والمجوهرات والعملات المعدنية، والأزياء والصور الفوتوغرافية، إذ يضم نحو 250 عملا فنيا وقطعة أثرية من العصور القديمة وحتى يومنا هذا، منتقاة من متحف اللوفر، وقصر فرساي، ومتاحف أخرى في فرنسا وإسبانيا، والولايات المتحدة، وإيطاليا، وسويسرا.

ويبدأ المعرض باستعراض أحدث الاكتشافات التاريخية والأثرية، وبفضل مصادر نادرة- كعملات معدنية وبرديات تحمل توقيعها- يتم الكشف عن اسم كليوباترا السابعة "فيلوباتور"، ويسلط هذا القسم الضوء على الجانب الاقتصادي والسياسي والديني لعصرٍ محوري، حين كانت مملكة مصر - تحت الحماية الرومانية - وعاصمتها الإسكندرية، قلب العالم الهلنستي، ومركزا مزدهرا للدراسة والتجارة، فقد انتهجت كليوباترا سياسة إصلاحية أغنت بلادها، وبفضل حكمتها الاستراتيجية البارعة، ضمنت السلام خلال عشرين عاما من حكمها.

وبعد وفاتها، في عام 30 قبل الميلاد، تحولت كليوبترا إلى لغز وأسطورة، حيث إن الروايات المتناقلة عنها منذ مئات السنين تعرضت للتحريف وطغت عليها الأبعاد الأسطورية.

وحرص معهد العالم العربي أن يبرز صورا متعددة لها، من خلال عرض كتب التاريخ والفنون التشكيلية وأعمال مسرحية وسينمائية وغيرها من الإنتاج الفني الذي ساهم في صناعة أسطورتها.

وقالت إيمان موينزاده، مسؤولة المعارض والمجموعات في معهد العالم العربي، لوكالة أنباء الشرق الأوسط: "أردنا من خلال هذا المعرض اكتشاف كليوباترا.. كنت أظن أنني أعرفها، واكتشفتُ مع هذا المعرض أنني لا أعرفها إطلاقا، وأريد أن يكتشفها الزوار كما فعلت، وإدراك أنها شخصية فاتنة ومبهرة.. وأيضا إدراك أهمية التاريخ، وكيف يشكل سمعة شخص ما، سمعة تدوم لسنوات وسنوات.. لذلك نحاول إصلاح هذه الصورة مع سرد التاريخ".

وشددت على أن الأمر لا يتعلق بجمالها ولا بإغوائها ولكن "نُظهرها على حقيقتها، كرئيسة دولة .. نُظهر ما فعلته فعليا كحاكمة مصر، وهذا ما نكتشفه.. فاليوم يُعيد الفنانون المعاصرون تشكيل صورتها، التي كانت في في الفنون مخصصة لجمالها، لكنهم يستعيدون فكرة أن كليوباترا كانت في المقام الأول امرأةً ذات سلطة ورئيسة دولة".

ومنذ القرن الـ 16، تم إبراز صورة كليوباترا من جديد في الأدب والفن، وتم تخيل مشهد موتها عبر القرون لينسج بذلك مع كل عمل أدبي جديد "كليوباترا الخالدة" عبر العصور.

كما خلدها الأدب والمسرح والأوبرا والسينما، حيث نجد ممثلات لديهن كاريزما خاصة جسدن شخصيتها بشكل مذهل مثل صوفيا لورين، وإليزابيث تايلور في الفيلم الشهير للمخرج جوزيف إل. مانكيفيتش عام 1963.

وفي نهاية القرن الـ 19، برزت صورة كليوباترا كأيقونة للهوية والنضال من أجل التحرر.. هذه المرأة القوية المستقلة، التي فضلت الموت على الاستسلام، أعيد تشكيل صورتها من منظور نضال سياسي جديد، ففي مصر، اُعتبرت رمزا وطنيا لمقاومة الاستعمار، وعلى نطاق أوسع، تُعيد الحركات النسائية رسم صورتها كامرأة قوية عرفت كيف تُسمِع صوتها..

ويقدم المعرض هذه الصور المتنوعة والمتعددة لها في محاولة لحل اللغز الذي أحاط بأشهر نساء التاريخ حتى اليوم.