ولاء جـــمـــــــال
اعتاد جمهور السينما عبر سنين طويلة على انتظار الموسم الصيفى الذى يجدون خلاله وجبة دسمة من الأفلام فى مختلف دور العرض، فعرف هذا الموسم بزخمه الذى يملأ السينمات سواء داخل المراكز التجارية أو فى وسط البلد، أو فى المحافظات بالأفلام الجديدة، لكن تلك الظاهرة اختفت ولم نعد نشاهد هذا العدد الهائل من الجمهور أمام دور العرض، ورغم تراجع معدلات كورونا إلا أن بداية موسم الصيف لهذا العام اقتصرت على عرض عدد محدود من الأفلام السينمائية!، فما هى الأسباب وراء ذلك هذا هو ما حاولنا التعرف عليه.
فـى الـبـدايـة تقول الـنـاقـدة ماجدة موريس: المفترض أن يبدأ الموسم مع نهاية السنة الدراسية، فهذه هى بداية العطلة الصيفية التى يفترض أن يكون فيها أكبر عدد من الأفلام، ولكن الإنتاج السينمائى المصرى ليس بخير منذ فترة، وبالتالى لا يوجد إلا ثلاثة أفلام، ولكننا أيضاً مازلنا فى بداية فصل الصيف، فــمــازال أمـامـنـا شـهـور يونيو ويوليو وأغسطس، وأظــن أن عيد الأضحى سيشهد عـدداَ أكبر من الأفـلام، فنحن نبذل مجهوداً فى التقييم، لكن العدد لا يسمح أساساً بذلك.
وعن أسباب التراجع فى عدد الأفلام تضيف موريس: أو ًلا، المنتجون الكبار لم يعد وجودهم كما كمان، فالمنتج الكبير قديماً كان يجلس ويضع خطة إنتاجية لنفسه طوال العام أمثال محمد حسن رمزى وغيره، بينما الآن يوجد اثنان أو ثلاثة منتجين فقط، كما أن غالبية دور العرض السينمائية فى مصر لا تحقق الأرباح التى يطلبها المنتج الموجود، وهو مـا أدى إلى انـسـحـاب عــدد كبير من المنتجين، وغالبية دور العرض الموجودة الآن موجودة فى المراكز التجارية، التى تمثل عبئا مادياً على مرتاديها، خاصة فى سعر التذكرة التى ترهق المواطن الذى يريد الذهاب إلى السينما برفقة أسرته.
ففى ظل انسحاب عدد من المنتجين الكبار من الساحة، أدى ذلك إلى اختفاء أسماء أخـرى فى الإخــراج عن المشهد السينمائي، مثل داوود عبدالسيد وأحمد عبدالعزيز وعـمـر عبدالعزيز وكاملة أبوذكرى، التى أصبح تركيزها أكثر على الدراما التليفزيونية نتيجة قلة الإنتاج السينمائي، الـــذى يخشى أصحابه الـخـسـارة، فالمنتج الــذى يقدم فيلماً ويجنى من وراءه إيراددات كافية لتغطية نفقاته مع هامش ربـح يرضيه سوف يقدم فيلماً ثانياً وثالثاً، وهكذا، إنما إذا لم تأتِ له أرباح من الفيلم فلماذا ينتج؟!
أضافت موريس: نحن أمام معضلة حقيقية، فمث ًلا أحمد حلمى بطل فيلم «واحدتانى»المعروضحالياًفىالسينما نلاحظ أنه لا يعمل منذ عدة سنوات، فى حين أنه كان يقدم كل سنة فيلماً، ثم أصبح يقدم فيلماً كل سنتين، وغيره مثل آسر ياسين مث ًا أين هـو؟!.. آخر أفامه كان من ثاث سنوات «صاحب المقام»، فنحن فعلا أمام معضلة حقيقية فى السينما. وأثنت الناقدة ماجدة موريس على مبادرة وزارة الثقافة، قائلة : ومع ندرة دور العرض فى بعض المحافظات، دشنت وزارة الثقافة مبادرة جيدة قبل عيد الفطر، أطلقت عليها اسم «سينما الشعب»، واختارت خمس محافظات وجهزت فى كل محافظة منها دار عرض فى قصر ثقافة تلك المحافظة لعرض أفام العيد التجارية بها بسعر تذكرة أربعين جنيهاً، وعلى الرغم من اعتراض البعض على قيمة التذكرة إلا أنى أرى أن هذه مبادرة طيبة على قدر ما تستطيع وزيرة الثقافة. أما النجمة إلهام شاهين فتقول: أرى أن الإنتاج لم يعد كالسابق، فلم يعد هناك إلا اثنان من المنتجين، حتى المنتج هشام عبدالخالق كل ثـاث سنوات مث ًا يقدم فيلماً، فيما عدا ذلك فهناك صعوبة فى الإنتاج السينمائي، ومن هنا فلم يعد هناك ازدهـار فى الموسم الصيفى السينمائى كما كان من قبل. وتحدث ملك الإكسسوار فى مصر، عباس صابر، الذى يعتمد عليه معظم صناع الدراما والسينما بوجه عام، ويعلم الكثير من تفاصيل وخبايا هـذه المهنة بتطورها فيقول: للأسف الشديد موضة أفـام الصيف انتهت، بحكم قلة عدد المنتجين فى السوق الداخلى فالوقت الآن للتليفزيون، والسينما لـم تعد مربحة، فمث ًا أحمد حلمى كان يقدم فيلماً كل عام، أما الآن فلم يعد يظهر على شاشة السينما إلا كل عدة أعوام، وهـذا واحـد من بين عـدة نجوم، فمن المشرق إلى المغرب الدراما التليفزيونية تـأتـى بــأربــاح، والمـنـتـج يـريـد السلعة التى بها مكسب، وأيضاً لم يعد هناك منتجون، فمعظم المنتجين هربوا من السينما، وأصبحت الدراما التليفزيونية أكثر انتعاشاً والحركة بها شديدة، ومن لا يعمل فى مسلسل يعمل فى آخر، فما الذى يجبرهم أن يذهبوا للسينما فى ظل انتعاش الدراما، حتى بالنسبة للجمهور والخروج إلى السينما فأصبح الأمر مكلفاً ويحتاج إلى تكلفة كبيرة منها ثمن التذكرة وتكلفة الذهاب والعودة وغيرها. وأضاف صابر: المنتج هرب من الإنتاج، والمنتجون الكبار الذين قامت عليهم السينما غير متواجدين الآن، فالفيلم الذى يستغرق تصويره أسبوعين، أصبح تصويره الآن يستغرق عامين.. مَن مِن العمال سينتظر كل هذا، أو يقبل بالعمل فترات متقطعة بهذا الشكل فى السينما، فمصر لديها من القصص والحكايات فى التاريخ والحاضر والمستقبل ما لا يوجد فى أى مكان، وكذلك لدينا من الجمهور الـذى ينتظر أن يسمع ويـرى ويتعلم بحس وشغف، لكن للأسف الإنتاج أصبح مـحـدود وبالتالى لـم نعد نقول هذا فيلم لموسم الصيف وأخـر موازي ومناسب للشتاء وهكذا