شكة قلم
بقلم/ناصر جابر
لا يختلف اثنان على أهمية ودور وتأثير الأغنية الشعبية التي حفرت في قلب ووجدان الانسان المصري والعربي، ولقد لمعت أصوات وأصبحت نجوما في عالم الأغنية الشعبية ،فمن ينسى جيل الفنان عبد العزيز محمود عندما غني يا نجف بنور ،ويا تاكسي الغرام ،مكاحل ،وعبد المطلب الذي قدم مجموعة أغاني شعبية عاشت ومازالت تعيش رغم مرور عشرات وعشرات السنين، مثل أغنية ساكن في حي السيدة وحبيبي ساكن في الحسين وأغنية ودع هواك وانساه والناس المغربين وياحاسدين الناس وغيرها، وأيضاً المطرب محمد رشدي عندما غنى عرباوي ودامت لمين ومجاريح والحبايب غدارين وغيرها ،وليلى نظمي التى حفرت اسمها في سماء الأغنية الشعبية ومازالت أغانيها يرددها ملايين المستمعين مثل حماتي يا نينا وادلع يا عريس ومن الثانوية للكلية، وفاطمة عيد التى ساهمت أغنيتها الشهيرة حسنين ومحمدين في حملة تنظيم الاسرة، وكان تأثيرها أقوى من عشرات البرامج التليفزيونية والمسلسلات الدرامية التليفزيونية ،ومن ينسي أغانيها الشهيرة أم العريس وياحلاوة شبكتي ودوسي يا عروسة وسيبو يا بابا..الخ.
كانت الأغنية الشعبية تشكل سلوك وفكر المجتمع المصري والعربي وأذكر في أحد لقاءاتي الصحفية مع المطرب الشعبي محمد قنديل، قص لي واقعة حدثت معه عندما كان في زيارة إلى دولة الكويت الشقيقة وفي كواليس حفلته دخلت عليه سيدة مصرية وقالت له أريد أن اشكرك، فقد جعلتني أحافظ على بيتي وأسرتي، فسألها محمد قنديل ازاي أجابته كنت في مشاجرة مع زوجي وبعد أن قررت تركه والعودة إلى القاهرة وجمعت حقائبي وإذ افتح الراديو واسمع أغنية سماح يا أهل السماح عدلت عن سفري وبقيت مع زوجي.
في العصر الذهبي للأغنية الشعبية نجحت ولاقت إقبالا شديدا وكان من يقدمها نجوم لا تقل نجوميتهم عن مطربي الاغاني الرومانسية، أسماء كثيرة جدا تألقت في عالم الغناء الشعبي ،ولأن الاغنية الشعبية كانت تخرج من أعماق الثقافة المصرية الاصيلة وتعبر بصدق وبسهوله ويسر عن رجل الشارع العادي فكانت تدخل عقل وقلب كل شرائح المجتمع الامي والمتعلم والمثقف، وهناك مقولة أساسية في أي عمل فني سواء كانت أغنية أو دراما تليفزيون أو سينما أو مسرح، كلما اشدد الغوص في الاعماق والثقافة المحلية كلما نجح العمل .
فعلى مدى تاريخها الطويل والذي يمتد لمئات السنين كان للأغنية الشعبية دور في كل قضايا وهموم المجتمع، وعبرت بصدق ووصلت إلى كافة شرائح المجتمع سواء كانت مشاكل وقضايا اجتماعية أو سياسية أو حتى اقتصادية، فلقد كان للأغنية الشعبية دور كبير في الازمات والحروب التى خاضتها مصر .
والسؤال الذي يطرح نفسه وبقوة أين الاغنية الشعبية ولماذا لم تعد كما كانت ؟ ولذلك نتمنى من كل المبدعين شعراء ومؤلفين وملحنين ومطربين أن يصبح لهم دور وتواجد لإعادة الأغنية الشعبية إلى عصرها الذهبي.