الجمعة 26 ابريل 2024

الدراما الإجتماعية.. هل تنجح فى دعم القيم الأسرية؟

مشهد من مسلسل فاتن أمل حربي

10-6-2022 | 17:03

موسى صبرى

لا يمكن أن تخلو المائدة الدرامية بشكل عام من تقديم اللون الاجتماعى، لا سيما المعنى بقضايا الأسرة، وتأتى ظاهرة الطلاق ربما على رأس أولويات صناع الدراما، فى محاولة لإيجاد حلول لهذه الظاهرة التى تهدم كيان الأسرة بل والمجتمع ككل، وقد تابعنا هذا العام المسلسل المهم «فاتن أمل حربى» لبطلته نيللى كريم ونجم العمل شريف سلامة، الذى اقتحم هذه المنطقة بقوة، إلى غير ذلك من الأعمال التى اهتمت بهذا الأمر بشكل أو بآخر داخل العديد من المسلسلات الأخرى مثل «يوتيرن»، «وجوه»، «دنيا تانية»، وكان قد سبق هذا الموسم أيضاً أعمال مثل
«زى القمر»، «إلا أنا»، «ليه لأ»، «حكاية وراء كل باب».. فقد اهتمت جميعها أيضاً بمعالجة ظاهرة الطلاق وما تخلفه من نتائج سلبية خطيرة، ولكن يبقى السؤال.. هل كل هذه الأعمال نجحت فى إيصال خطورة موضوع الطلاق وآثاره على الأسرة والأبناء والمجتمع ككل بشكل نستطيع معه القول إنها نجحت فى دق ناقوس الخطر فى رسالة تحذيرية لكل زوج وزوجة، وكيف يجب أن يعملا على حل مشكلاتهما وخلافاتهما بعيداً عن اتخاذ هذه القرار الخطير.. هل استطاعت الدراما دعم القيم التى تساند نجاح الأسرة المصرية واستمرارها؟.. هذا ما نتعرف عليه من مصادرنا فى هذا التحقيق...

فى البداية يقول المؤلف أيمن سلامة: مشكلة الطلاق أو الزواج بأخرى من المشكلات التى تؤرق المجتمع العربى، فهذه المشكلة تسبب بشكل أو بآخر دماراً للأسرة ويصحبها خلل فى البناء المجتمعى لكل أفراد الأسرة كلها، فمسلسل مثل «يوتيرن» عالج الموضوع من ناحية الزوجة الثانية وطلاق الزوجة الأولى والذى يسبب معاناة لكلا الطرفين سواء للزوج أو للزوجة المطلقة المتضررة، فمجرد أن تعطى الزوجة الثانية حقوقاً للرجل لم تقم بها أو غير قادرة عليها الزوجة الأولى يتهم الزوج الزوجة بالتقصير، كما فعل الفنان توفيق عبدالحميد مع صفاء الطوخى بالمسلسل وتزوج عليها من فتاة تصغره وأوضحت للجمهور مدى تأثير ودمار الأسرة بعد زواجه بأخرى.
ويضيف: على الناحية الأخرى يعالج المسلسل بعض المشكلات بين الزوجين والشكوك التى تؤدى إلى الطلاق فى محاولة جادة لإيجاد مَخرج لهذه الظاهرة، التى حدثت مع ريهام حجاج وزوجها ضمن أحداث المسلسل، ووضع ضوابط لهذه المشكلات بين الزوج والزوجة، التى تتسبب فى الطلاق، فالمسلسل يحاول إفاقة الأسر والزوجين من حدوث الطلاق والمشاكل التى يترتب عليها تفكيك الأسرة وتدمير الأبناء.
وتقول السيناريست أمانى التونسى: الدراما الاجتماعية دائماً ما يتفاعل معها المشاهد لأنها تمسه فى المقام الأول، ومن ثم استطاعت دراما الطلاق والزواج أن تفرض نفسها على الساحة الفنية فى الفترة الأخيرة مع تعدد حالات الطلاق والمشكلات التى تنجم عنها، ومعاناة المرأة بعد الطلاق فى الحصول على حقوقها، غير أن هذه القضايا استطاعت أن تلفت الانتباه وتغير قوانين، فهذا دور الفن الحقيقى الذى يبعث برسالة حقيقية ويعالج مشكلات المجتمع من أكثر من زاوية.
وتضيف: المؤلف دائماً يسعى للتفاعل الجاد مع مشكلات الأسرة من مختلف الاتجاهات ويعبر عن مخاوفها، ويحاول أن يبرز القضايا ويقدم لها حلولاً، وإذا تفاعل معها المجتمع فهذا يبرهن على نجاحه، وأعتقد أن موضوعات الأسرة أو الزواج والطلاق أكثر الموضوعات التى تمس الجمهور لأنه يشعر أن الدراما تحاكيه.
ويقول المخرج محمد العدل: مسلسل «فاتن أمل حربى» طرح وجهات نظر مختلفة بين الزوج وزوجته وحقوق الأبناء وتطرق إلى أمور تخص المرأة المصرية فيما يتعلق بحقوقها فى المجتمع من خلال امرأة تجد نفسها فى مواجهة المجتمع الذى يسلب منها حريتها وحقوقها وابنتيها بعد معاناة مستمرة مع طليقها.
ويضيف: المسلسل أنصف المرأة فى مواجهة صريحة، وطالب المسلسل بتغيير بعض القيود التى تعطى المرأة الحق فى حضانة واحتواء أبنائها، والتملص من طليقها بكافة الأشكال، وهو ما أحدث رد فعل إيجابى لمسناه فى توجيهات سيادة الرئيس السيسى بإجراء تعديلات سريعة فى قانون الأحوال الشخصية.
ويقول المخرج معتز حسام: مسلسل «وجوه» رصد العوامل والأسباب التى تؤدى إلى الطلاق والمشاكل بين الزوجين من ناحية الخيانة الزوجية والدسائس والمؤمرات التى يحاول المقربون منهما صنعها للنيل والوقيعة بين الزوجين، التى تسببت فى شك الزوج فى زوجته والعكس، مع دخول أطراف غريبة فى هذه المؤمرات التى تؤثر على علاقة الزوج بزوجته، وهدم الأسرة وحدوث الطلاق.
ويضيف: تفرعت هذه المشكلة لأمور عديدة، أهمها أن الزوجة هى المغلوبة على أمرها من هذا الهدم والطلاق، عكس الرجل فهو الأقل ضرراً من هذا الفعل، خاصة مع فشل عودة العلاقات مرة أخرى بسبب الخيانة والكذب وأمور أخرى تتسبب فى حدوث الطلاق بالفعل.
ويقول الناقد طارق الشناوى: المسلسلات الاجتماعية التى تناقش قضايا الطلاق فى الفترة الأخيرة مهدت المجتمع لقبول قوانين جديدة، مثلما حدث فى مسلسل «أمل فاتن حربى»، وقد تنبأت بها بالاسراع فى تغيير قوانين الأحوال الشخصية التى تنصف المرأة أثناء استضافتى فى أحد البرامج الفضائية، وبشكل آخر تساعد هذه المسلسلات على فهمنا للدين.
ويضيف: أتوقع ظهور المزيد من تقديم هذه المسلسلات التى تتناول معاناة المرأة الحاضنة أو المطلقة أو التى تعمل لمواكبة التطور الزمنى الذى يلزم الزوج بتوفير كافة سبل الراحة للمرأة بعد الطلاق وما شبه؛ حتى لا يسمح للمجتمع الذكورى بالتلاعب ضد حقوق المرأة.

وتقول الناقدة حنان شومان: فى الحقيقة إن كتاب هذه المسلسلات يعبرون عن واقع أليم تعيشه المرأة فى المجتمعات العربية ويكفى فقط للكاتب أن يزور محكمة الأسرة يوماً واحداً لمعرفة ما يدور حول هذه الملفات الشائكة والتعنت الذى يحدث من قبل بعض الأزواج لمطلاقاتهم فى أمور كثيرة، بالإضافة إلى الحوادث التى تحكى على شبكة التواصل الاجتماعى ومعاناة المرأة من الرجل فى عدم تحمله مسئولية أبنائه بعد الطلاق، وغيرها من صور انعدام ضميره تجاه زوجته وأبنائه.
وتضيف: هناك نماذج كثيرة فى مجتمعنا تعيش هذه الحالة التى تعانى منها المرأة الحاضنة أو المطلقة، والدراما هنا سلطت الضوء وعكست واقعاً حقيقياً وملموساً لكل الأسر المصرية المتضررة، وفى محاولة جادة من صناع هذه الأعمال لإلقاء نظرة على القوانين المعمول بها منذ زمن لإعادة النظر فيها لإنصاف المرأة مثلما حدث مع مسلسل «أمل فاتن حربى»، فحاول العمل إبراز ملف خفى يواكب طموحات المرأة ولم يعرضها للضياع، وكذلك فى مسلسل «يوتيرن»، الذى حاول تنبيه المجتمع من خطورة الزوجة الثانية.