على الرغم من أن هذا الحوار لم يكن بميعادا مسبق و بمحض الصدفه البحتة، ولكنه كان لقاءا ثريا جدا وهذا يرجع لكونه مع واحد من أهم المخرجين الذين أثروا السينما بأعمالهم المتميزة و التى بلغ عددها 37 عملا ،هو المخرج الكبير على عبد الخالق الذى رحل عن عالمنا منذ أيام بعد صراع مع مرض السرطان، بلاشك هذا الخبرالمحزن خيم على الوسط الفنى وعلى جمهوره الذى أطلق على السوشيال ميديا أجمل كلمات الرثاء فى وداعه ،أعمال عبد الخالق لم تمر مرور الكرام بل شكلت جزءا كبيرا من ثقافتنا وهويتنا ،بداية من الفيلم الوطنى (أغنية على الممر) الذى حقق نجاحا كبيرا و مازال يعرض فى المناسبات الوطنية إلى الأن ، أيضا فيلم العار 1982 و فيلم الكيف 1985 الذى أبهجنا وأبكانا فى ذات الوقت و جرى الوحوش 1987 والبيضة والحجر 1990 الذى أظهر إمكانيات تمثيلية جديدة للنجم أحمد زكى ، وغيرها من الأعمال التى تركت بصمة مع أكبر النجوم ثم اتجه مع بداية الألفينيات للدراما التليفزيونية ليقدم أعمالا منها نجمة الجماهير 2003 وأولاد عزام 2007 وأخر أعماله كان مسلسل البوابة الثانية 2009 وإليكم فى السطور المقبلة أخر حوار أجرته الكواكب مع المخرج الكبير على عبد الخالق
فيلم العار
... أين المخرج الكبير على عبد الخالق من السينما ..نشتاق كثيرا لنوعية الأعمال التى تقدمها ؟
من حظى الجيد أننى لحقت بالعصر الذهبى للإخراج ، حيث كان المخرج هو المتحكم والممسك بدفة الأمور عكس الأن النجم هو المتحكم ،والمنتج والموزع هو صاحب دور العرض ،أيضا المخرج كان هو المرشح الوحيد لنجوم العمل ولكن الأن النجم هو الذى يرشح ويختار الموضوع ويختار أيضا المخرج وبذلك أصبحت الدفة فى يد النجم وهو المتحكم ومن هذا المنطلق أغلب النجوم حاليا لايفضلون التعامل مع جيلنا لأن نظام العمل مختلف ، و هذا لم يحدث معى فقط و لكن مع كثيرين من مخرجى جيل الأساتذة اللذين سبقونى و توقفوا عن الإخراج أمثال المخرج الكبير حسين كمال الذى توقف عن الإخراج قبل وفاته ب12 عاما وأيضا الفنانين نفس الشىء مثل النجم أحمد مظهر كان يتقاضى عن اليوم الواحد 500 جنيه وهذا كان فى التسعينيات عكس مايحدث فى الخارج أجور ذوى الخبرة من المخرجين أو الفنانين تتضاعف مع التقدم فى العمر والنجم الكبير يكتب له أدوار خصيصا فى أعمال هامة مجمل أعمالك السينمائية 37 فيلما ..
ما أكثرهم أهمية بالنسبة لك؟
لاتصدقى لو قلت لك إن لكل عمل له أهمية خاصة لدى لأن عندما أشاهد فيلم من أفلامى أنا لا أتابع الفيلم بل كواليس الفيلم أقصد أننى عندما أرى مشهد ما يستدعي داخلى على الفور تفاصيل تصويره ولماذا تم إعادته أكثر من مره ولذلك عندما أشاهد أفلامى أجد ذكريات عمرى تمر أمام عينى ومن المضحك أن أولادى أحيانا يقولون لى (يا بابا أحنا شوفنا الفيلم ده كتير) ولكن فى الحقيقة أنهما لا يعلمان أننى أشاهد وأتأمل وأستدعى كواليس الفيلم وليس الفيلم نفسه ،ثم أستطرد حديثه الشيق فى حنين قائلا: شريط من الذكريات الجميلة تجعلنى أبتسم ،ولذلك أفلامى تقيمها ليس فى قيمتها ولكن فى ذكرياتها ،السينما جزء من عمرى وأكون فى منتهى السعادة عندما أشاهد هذا الجزء الذى لايتجزأ منى على الشاشة .
فيلم جري الوحوش
ما الأعمال السينمائية التى أحدثت نقلة فى حياتك وصنعت اسم على عبد الخالق ؟
من الأفلام الهامة فى مشوارى " أغنية على الممر" ، فيلم مهم جدا وسافرت به كثيرا وبالفعل رأيت العالم من خلاله وحصلت عنه على 9 جوائز هامة منها الجائزة الثانية من مهرجان "كارلو فى فارى" السينمائى الدولى وجائزة أخرى من (مهرجان طشقند السينمائى) و مصطفى بهجت بدوى رئيس تحرير الجمهورية ورئيس مجلس الإدارة فى ذلك الوقت كتب مقال عنوانه تعيش ياضحكة مصر وهو اسم أغنية الفيلم بصوت أحمد مرعى وأيضا فيلم" العار" الذى حقق نجاحا فنيا وجماهيريا كبيرا ،وجميع الأفلام التى شرفت بالعمل بها مع الكاتب الكبير محمود أبو زيد مثل الكيف وجرى الوحوش والبيضة والحجر وأيضا أحب أذكر فيلم يوم الكرامة والحقيقة أجتهدت كثيرا فى هذا الفيلم لدرجة أنهكت جدا لأنه أخذ منى مجهود 6 شهور ونصف متصلين فى البحر وتجربة التصوير فى البحر عملية شاقة جدا لم أكن أتخيلها والحقيقة سعيد جدا بالمستوى الفنى والتكنيك الخاص بإخراج هذا الفيلم وأقول بكل ثقة المجهود الذى بذل سواء منى أو من فريق العمل من الصعب تكراره مرة ثانية ،تجربة خاصة صعب تكرارها وعلى الرغم من هذا لم يلاقى النجاح المتوقع لأن الظروف لم تخدمه ،كنت أظن أن الجمهور سينجذب لمشاهد الأكشن داخل البحر وخاصة أنها مشاهد جديدة بالنسبة له وعلى مستوى عالى من الأحترافية ولكن أعترف أن فشل فيلم يوم الكرامة صدمنى وأحبطنى جدا لدرجة قلت أنه أسوأ أفلامى وأعلنت أعتزالى السينما لأن الجمهور الذى أعرفه ذوقه تغير .
ولكن بعد فيلم يوم الكرامة أخرجت فيلم ظاظا ..ماتعليقك؟
كانت ظروفه مختلفة وجدت هانى جرجس يتصل بى وقال هناك موضوع سياسى وعلى مستوى كبير وأريدك أن تخرجه ولكن قلت له أنى أعتزلت الإخراج ياهانى ولكنه ألح و قال لى هانى رمزى بجانبى ويريد أن يكلمك ووجدت رمزى يقول لى من فضلك أقرأ السيناريو أولا ،والحقيقة أعجبتنى جدا الفكرة التى عرضها الفيلم ، و بعد عرضه حقق نجاحا جماهيريا كبيرا .
شهدت فترة الثمانينات سطوع نجمك من خلال أفلام سينمائية هامة ..ماتعليقك؟
بلاشك هذه المرحلة هى من صنعت أسمى حيث أنا والمؤلف المتميز محمود أبو زيد شكلنا ثنائيا فى عدة أفلام هامة فى تاريخ السينما مثل العار والكيف وأيضا جرى الوحوش وفيلم البيضة والحجر ، كذلك أفلامى مع النجم الرائع نور الشريف (الحب وحده لايكفى ) والعار وبئر الخيانة والوحل وألحقونا وجرى الوحوش أيضا قدمت مع محمود عبد العزيز أفلام هامة مثل العار والكيف وإعدام ميت وأيضا أبرز أفلامى مع النجم أحمد زكى كانت فى تلك الفترة الزمنية مثل أفلام " البيضة و الحجر " ،" شادر السمك" ، وأربعة فى مهمة رسمية .. فعرفنى الجمهور بشكل كبير كبير فى هذه الفترة .
قدمت المخرج الكبير حسن الإمام فى فيلم (مدافن مفروشة للأيجار ).. لماذا ؟
كانت تجمعنى بحسن الإمام صداقة طيبة ومريحة لدرجة كنت أحب أزوره فى البلاتوه وذات مرة كنا نصور فى ذات الوقت ولكن هو كان يصور فى ديكور حارة فمررت من أمامه فقلت له يا ملك ،فقال لى ضاحكا ياريتنى كنت ممثل فقلت له (ليه ممثلتش) رد (غلطت ياعلى) كان يمزح ولكن أخذت كلامه على محمل الجد إلى أن جاءنى فيلم مدافن مفروشة للإيجار رأيت الإمام فى شخصية الحانوتى وكان وقتها المنتج يفكر فى عادل أدهم ولكن الاختيار وقع على حسن الإمام الذى تقاضى عن هذا الدور 17 ألف جنيه فى حين أن أجره كمخرج فى ذلك الوقت كان 15 ألف جنيه
ما أكثر الوجوه التى تعشقها الكاميرا ؟
معالى زايد وجهها " فوتو جنيك" جدا ، فعلا من خبرتى هناك وجوه أمام الكاميرا تبدو أجمل بكثير من الواقع وكانت تضع مكياج بسيط وكان من عادات معالى اللطيفة ، أن تأتى كل يوم اللوكيشن وقبل التصوير (تدخل على الكاميرا تقبلها وتقول لها يا حبيبتى يامحليانى) وبعيدا عن الشكل هى سلسة فى التعامل ،ومن تجربتى الوحيدة معها أستطيع أن أقول أن زايد كانت سهلة القيادة الفنية ولها رصيد جيد من الأفلام المتميزة مع رأفت الميهى ،و كانت خريجة فنون جميلة وترسم لوحات و تقيم معارض ، كنت أعرفها جيدا على المستوى الأسرى قبل عملها بالفن ،كان هناك صلة نسب ولم نتقابل فنيا غير من خلال عمل واحد فقط وهو الفيلم السينمائى البيضة والحجر ،كانت شخصية خفيفة على قلب الجمهور ،لم تكن ترتدى ثوب النجومية ،كانت مستمعة جيدة للمخرج والمؤلف وأتذكر جيدا إنها جلست معى ، أنا و محمود أبو زيد وأحمد زكى فى مرحلة الكتابة لأنها كانت تريد فهم طبيعة الشخصية والشكل والأداء ،بالفعل حرصت و أجتهدت لتقديم الجديد الذى يدفع بها إلى الأمام . بالفعل هى كانت حالة فنية مختلفة وأيضا بنت بلد غير مفتعلة تعاملت مع الفنان القدير أحمد زكى فى أكثر من عمل..ماذا تقول عنه؟
دائما أقول عنه أنه طاقة تمثيلية جبارة وعاشق للتمثيل ويؤدى باستمتاع لم أره فى ممثل ،كان يتحدث عن السينما 24 ساعة ،السينما كانت بالنسبة له حلم كبير ،وكان شخصا غير عادى وشخصية قلقة وعصبية من قلة النوم وكان لاينام غير بالمهدئات وقلبه مثل الأطفال ولكن له مفاتيحه الخاصة و من يعرف مفاتيحه يعرف أن يقوده بسلاسة .
ما مدى صحة الخبر الذى تدوال وقتها بوقوع خلاف بينك وبين أحمد زكى ؟
بالفعل أختلفنا فى كواليس فيلم البيضة والحجر حينما صور مشهد وبعدها صدم بأننا سنعيده ،لأنه لم يغير ملابسه فرفض وأنفعل على المساعد الخاص بى مؤكدا أنه السبب فرفضت وأخبرته أن ينفعل على لبيسه ولايرفع صوته على مساعدى ،ما تسبب فى خصامنا 3 أيام وبعدها تصالحنا من من المخرجين الجدد أعماله تلفت أنتباه المخرج على عبد الخالق؟ يوجد الكثير من المخرجين المتميزين منهم وائل إحسان وأيضا أحمد سمير والمخرج الموهوب أحمد نادر جلال و لكل منهم بصمته الخاصة فى الأعمال وأتمنى لهم المزيد من الإبداع و التوفيق .
هل المخرج الكبير على عبد الخالق بعد مشوار فنى طويل لم يقدر فنيا؟
لم أشعر يوما بعدم التقدير، على العكس تماما تم تكريمى من قبل مهرجان الأسكندرية السينمائى وأيضا من هيئات كثيرة وجامعات وأيضا أشعر دائما أن تواجدى فى الصحافة الفنية من خلال حوارات بمثابة تكريم بالنسبة لى.
مامصدر بهجة المخرج على عبد الخالق حاليا؟
زوجتى متوفية ولكنها تركت لى أرث لا يقدر بثمن لدى أبنة وأبن ،بسنت وهشام وهما بالفعل مصدر سعادتى وأفضل ما وهبت لى الدنيا ،بسنت تعمل مخرجة رسوم متحركة ،هشام خريج معهد سينما 95 قام بإخراج العديد من البرامج وحفلات التليفزيون وأخرج فيلما روائيا طويلا بوجوه جديدة ولكن لم يعرض إلى الأن وأيضا أخرج عددا من الأفلام القصيرة لبعض المحطات العربية وبالفعل هما أصدقائى وليسا أولادى فقط .