الجمعة 26 ابريل 2024

في شهر ميلاده ووفاته ..محطات مهمة في حياة " مهندس الكوميديا "

الفنان الراحل فؤاد المهندس

6-9-2022 | 16:40

طه حافظ

تحل علينا اليوم ذكرى ميلاد مهندس الكوميديا، الفنان الراحل فؤاد المهندس، الذى يصادف مرور ذكرى وفاته فى الشهر ذاته، حيث وُلد فؤاد المهندس يوم السادس من سبتمبر عام 1924 فى منطقة العباسية، وهو ابن العلامة اللغوى الكبير وعضو مجمع اللغة العربية، زكى المهندس الذى كان له أكبر الأثر فى اتقانه اللغة العربية وتنمية مواهبه الفنية. البداية الفنية عندما التحق فؤاد بكلية التجارة، انضم لفريق التمثيل بالجامعة وشاهد الفنان الراحل نجيب الريحانى وأُعجب به فى مسرحية «الدنيا على كف عفريت» لتنقلب حياته رأساً على عقب، ليتقرب من الريحانى وينضم إلى فرقته أملاً فى أن يتعلم منه كيف يقف على خشبة المسرح، وأن يحظى بدور صغير فى مسرحيات الريحانى. ولكن لسوء حظ فؤاد المهندس توفى الريحانى قبل بزوغ نجم المهندس الذى انضم بعد ذلك إلى فرقة «ساعة لقلبك» عام 1953. فى عام 1954، أعطى المخرج محمود ذو الفقار لفؤاد المهندس فرصة مهمة بإسناد أول دور بطولة له فى السينما فى فيلم «بنت الجيران» أمام الفنانة شادية، والذى كان من إخراج وإنتاج محمود ذو الفقار وكان بمثابة مجازفة فى ذلك الوقت، لكن ذو الفقار أقدم على هذه الخطوة لإيمانه بموهبة فؤاد المهندس الكوميدية. وفى عام 1956، أشركه المخرج عز الدين ذو الفقار فى فيلم «عيون سهرانة» أمام الفنان صلاح ذو الفقار والفنانة شادية، ثم فى أفلام بين «الأطلال» عام 1959 و«نهر الحب» عام 1960 و«الشموع السوداء» عام 1962، وفيلم «موعد فى البرج» عام 1962 وانطلق بعدها فى عالم النجومية. وفى بداية الستينيات بدأ التليفزيون فى إطلاق بثه الفعلى، لتأتى الفرصة الكبرى والخطوة الحقيقية للانطلاق بعد انضمامه إلى مسارح التليفزيون عندما تحمس له الفنان سيد بدير، وأسند له بطولة مسرحية «السكرتير الفنى»

 

 مسرحية إنها حقا عائلة محترمة 

 

، وعرف عن النجم الكبير عشقه للمسرح وأصبح أحد رواده ونجومه، ليقدم على خشبة المسرح العديد من الأعمال الخالدة، التى لاتزال علامات بارزة ومضيئة فى المسرح العربى. فؤاد.. وشويكار شكل فؤاد المهندس ثنائياً ناجحاً مع الفنانة شويكار فى السينما والمسرح، منذ أن التقيا للمرة الأولى فى مسرحية «السكرتير الفنى»، وروت شويكار أنه عرض عليها الزواج أثناء تقديم مسرحية «أنا وهو وهى»، ليخرج المهندس عن النص لأول مرة فى حياته قائلاً: «تتجوزينى يا بسكويتة؟». وتم الزواج بعد الانتهاء من تصوير فيلم «هارب من الزواج»، وكانت شويكار ترتدى فى المشهد الأخير فستان عروسة وطرحة، وكان فؤاد المهندس يرتدى بدلة وكارفت، فاستغل الاثنان هذا المشهد وذهبا بعد التصوير إلى المأذون فى الساعة الثانية صباحاً لتُتوج قصة حبهما بالزواج، الذى دام 20 عاماً، قبل أن يقع بينهما الطلاق. وعلى الرغم من وقوع الطلاق بينهما إلا أن العلاقة بينهما ظلت مستمرة على المستويين الشخصى والمهنى، فلم تنقطع أعمالهما المشتركة، حيث قدما معاً بعد الطلاق مجموعة من الأعمال الفنية منها مسرحية «روحية اتخطفت» ومسرحية «مراتى تقريباً»، وأيضاً مسلسل «أحلام العنكبوت» وفيلم «جريمة إلا ربع». المسرح على الرغم من أنه قدم ما يقرب من 70 فيلماً سينمائياً، إلا أنه أحب المسرح وظل معشوقه الأول، وآمن المهندس بضرورة تقديم رسالة مجتمعية من خلال أعماله؛

 

من فوازير عمو فؤاد

فقدم مشكلة الملاجئ من خلال مسرحية «هالة حبيبتى»، التى أوضحت سوء المعاملة التى يلقاها الأطفال فى بعض الملاجئ، وقد كانت المسرحية كوميدية، فأضحكت الأطفال ونبهت الكبار لما يحدث فى الملاجئ من تجاوزات بحق الأطفال. كما قدم مشكلات الأبناء فى «سك على بناتك». وكان المهندس يقدم مسرحية «إنها حقاً عائلة محترمة» مع أمينة رزق وشويكار، وهو مصاب بجلطة فى القلب، وأكد له الأطباء أنه شُفى منها من خلال عمله على المسرح. من أهم أعماله المسرحية «سيدتى الجميلة»، «حواء الساعة 12»، «أنا وهو وهى»، «السكرتير الفنى»، «أنا فين وإنتى فين»، «حالة حب»، «سك على بناتك»، «إنها حقاً عائله محترمة»، «هالة حبيبتى»، «روحية اتخطفت»، «علشان خاطر عيونك». تجارب إخراجية فى المسرح للفنان فؤاد المهندس ثلاث تجارب فى الإخراج المسرحى، كانت التجربة الأولى من خلال مسرحية «أنا فين وإنتى فين»، عام 1965، بطولته مع شويكار ونظيم شعراوى، وكانت التجربة الثانية عام 1967 من خلال مسرحية «حالة حب» من بطولته، مع شويكار وعبد المنعم مدبولى، أما ثالث التجارب الإخراجية فكانت رائعته، «سك على بنات» عام 1980. السينما ظل المهندس محاصراً بتقديم شخصية صديق البطل، لأكثر من 10 سنوات قدم خلالها شخصية صديق البطل أو الدور الثانى، لكنه نجح فى أن يحتل مكانة لدى الجمهور، فلم تمر الشخصيات التى قدمها مرور الكرام مثل وصفى، صديق عمر الشريف، فى «نهر الحب» وعارف صديق حسن يوسف فى «التلميذة»، وفى «الشموع السوداء» يقدم الدور الثانى أمام صالح سليم، وفى «الساحرة الصغيرة» هو شريف صديق رشدى أباظة، فموهبة المهندس وحضوره الطاغى أضاف للشخصيات نجومية، حتى جاءته فرصة البطولة المطلقة عام 1964 من خلال فيلم «أنا وهو وهى» مع المخرج فطين عبد الوهاب وتوالت بعدها أفلامه التى لا تنسى. وعن أعماله السينمائية،

 

زفاف المهندس وشويكار 

قال الفنان فؤاد المهندس فى أحد لقاءاته الإذاعية: «لم أكن أحب السينما، كنت أشتغل الأفلام بناء على رجاء وأوامر من أساتذتى، فطين عبدالوهاب ومحمود ذو الفقار ونيازى مصطفى، شعرت بأنها ليست فناً ولكن صناعة، ومفيش حد يقول لى الله هايل، مفيش جمهور وناس، صحيح العاملين يقدرون ما أقدمه، ولكن نفسى أقف أمام الناس»، وقد يبرر ذلك سبب تأخر نجوميته سينمائياً، بالإضافة لظهوره بين جيل العمالقة مثل إسماعيل ياسين وعبد الفتاح القصرى وحسن فايق. ومن أهم أعماله السينمائية «عودة أخطر رجل فى العالم»، «جناب السفير»، «شنبو فى المصيدة»، «اعترافات زوج»، «أنا وهوا وهى»، «هارب من الزواج»، «اقتلنى من فضلك»، «أجازة بالعافية»، «زوجة من باريس»، «غرام فى أغسطس»، «الراجل ده حيجننى»، «فيفا زلاطا»، «أرض النفاق»، «مطاردة غرامية»، «المليونير المزيف»، «العتبة جزاز»، «لإت اللى قتلت بابايا»، «ربع دستة أشرار»، «سفاح النساء». الإذاعة للفنان فؤاد المهندس مشوار إذاعى طويل ودائماً ما كان يؤكد عشقه الدائم والطويل لميكروفون الإذاعة المصرية، الذى قدم من خلاله العديد من المسلسلات والمسرحيات الإذاعية، التى ظلت تعرض عبر الأثير لسنوات طويلة، وتعتبر الآن من الكنوز النادرة داخل المكتبات التراثية بالإذاعة، كما أنه صاحب برنامج من أهم البرامج الإذاعية وهو «كلمتين وبس» الذى كان يعرض خلاله بعض السلبيات فى المجتمع بأسلوبه الكوميدى لتصل إلى المستمع بمنتهى السهولة. الأطفال كان فؤاد المهندس يحب الأطفال، ولطالما كان يبحث عن عمل يلتقى من خلاله بالأطفال.

من فيلم الشموع السوداء 

وكانت بدايته مع الأعمال الموجهة للأطفال فى مسرحية «أنا فين وأنتى فين» بأغنية «رايح أجيب الديب من ديله»، وبعدها توالت الأغنيات بالأعمال الفنية، حيث قدم العديد من الأغنيات للأطفال مثل «أبو الفصاد»، وقدم للأطفال المسرحية الكوميدية «هالة حبيبتى»، وقد حالفه التوفيق بعد ذلك بتقديم «فوازير عمو فؤاد»، التى كان يتابعها كل الأطفال فى مصر والعالم العربى، على مدار أكثر من 10 أعوام، وحملت عناوين «عمو فؤاد إدانا معاد»، «عمو فؤاد رايح يصطاد»، «عمو فؤاد بيلف بلاد»، «عمو فؤاد راجع يا ولاد»، «عمو فؤاد رايح الاستاد»، «عمو فؤاد ويا الأجداد»، «عمو فؤاد والسياحة»، «عمو فؤاد والعصابة المفترية»، «عمو فؤاد وكنوز الأرض»، «عمو فؤاد رئيس تحرير»، «عمو فؤاد ويا الأعداد»، «عمو فؤاد في أجازة»، «عمو فؤاد والكمبيوتر» مع نهال عنبر. الدراما تردد الفنان فؤاد المهندس لسنوات قبل أن يقرر خوض التجربة الدرامية، وابتعد عن الأعمال التليفزيونية، رافضاً لها، لاعتقاده بأنها تنتقص من نجومية الفنان سينمائياً. ومع بداية الثمانينيات بدأ فؤاد المهندس، التفكير جدياً بالعمل فى التليفزيون، بعد إدراكه لأهمية الدراما، والتفكير فى خوض التجربة، ليقدم مجموعة من أجمل لأعمال الدرامية، منها «أرض النفاق»، «عيون»، «بستان الشوق»، «أحلام العنكبوت»، «سعيكم مشكور»، «أحلام العصافير»، «روبابيكيا». اكتشاف المواهب لقب الفنان فؤاد المهندس بـ«الأستاذ» نظراً لاحتضانه عدداً من المواهب الصاعدة، الذين فتح لهم باب النجمومية، وكان بزوغ نجمهم على يديه، وعلى رأس هؤلاء كان الفنان عادل إمام، الذى اعتبره فؤاد المهندس «ابنه البكر» كما كان يحلو أن يطلق عليه، وجاء على لسان محمد المهندس نجل الفنان الراحل، أن والده أيضاً كان مكتشف يحيى الفخراني وشريهان. جوائز حصد فؤاد المهندس العديد من الجوائز الفنية أثناء مسيرته، كما كرم فى العديد من المهرجانات المحلية والعربية، ومن أهمها المهرجان الأول للمسرح الضاحك الذى نظمته الجمعية المصرية لهواة المسرح العام 1994، ومهرجان القاهرة السينمائى الدولى العام 1999، وجائزة المركزالكاثوليكى للإبداع الفنى، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية كأول فنان كوميدى يحصل على هذا التكريم. بداية النهاية قبل رحيل فؤاد المهندس بنحو 4 أشهر، وبالتحديد فى مايو 2006، توفيت الفنانة سناء يونس، التى كان يعتبرها بمثابة ابنته، فشعر بحزن شديد عليها، ثم توفى صديق عمره، الفنان عبد المنعم مدبولى وحزن عليه حزنا شديداً، وفى شهر يوليو 2006 شهد أستاذ الكوميديا أسوأ كارثة قد يتعرض لها فنان، تمثلت فى حريق غرفته التى كان يعتبرها «المعبد» الخاص به، لتأكل النار جميع مقتنياته وصوره النادرة، على مدار تاريخ يزيد على 50 عاماً فى عالم الفن ليصبح هذا الحريق بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير. وعن تلك الحادثة قال محمد، نجل الفنان الراحل فؤاد المهندس: «النار أكلت كل شىء يمتلكه على مدار مشواره الفنى من جوائز وتكريمات وصور نادرة وسيناريوهات وملابس وأحذية، وأجهزة من تليفزيون وثلاجة، وكل ذلك فى أقل من 5 دقائق، ولم يتبقَ إلا نظارة مكسورة، لم نخبره بشأنها، وقتها. والدى شعر بقرب أجله ونهايته، وتأثر نفسياً بذلك، وزهد فى الحياة بعد ما أدى رسالته». وفى شهر ميلاده، توفى المهندس بتاريخ 16 سبتمبر عام 2006 عن عمر يناهز 82 عاماً، ليترك لمحبيه إرثاً فنياً عظيماً خالداً.