الخميس 21 نوفمبر 2024

السينما المستقلة

24-9-2022 | 12:51

تعد السينما التسجيلية بابا للخروج عن المألوف من أجل تقديم رؤى وأفكار جديدة تغزو الشاشة الفضية بأقل التكاليف ، ولأنها سينما تعتمد على التمويل الذاتى أحيانا أو مشاركة كل صناع العمل فى التكلفة الإنتاجية للفيلم الذى غالبا ما تكون ميزانيته ضعيفة ،وليست على غرار الأفلام الضخمة إنتاجيا التى تتبناها شركات الإنتاج الكبرى... فالسينما المستقلة هى تسمية أو تعريف للأفلام السينمائية التى يتم إنتاجها خارج منظومة الاستوديوهات، وشركات الإنتاج والتوزيع الكبرى التى تتحكم فى هذه الصناعة، وقد تميزت السينما المستقلة فى البداية بخروجها عن الخط التجارى الاستهلاكى، كما تميزت بتقديمها محتوى إبداعى أكثر حرية ورقيا، وغالبا ما تكون معبرة بقوة عن آراء المخرجين، الذين يتحركون ويعملون بقرارهم كسينمائيين أصحاب أفكار ورؤى ومواقف إنسانية محددة وقضايا مجتمعية، ويحاولون جاهدين المساهمة فى طرح حلول لها، وهذا التميز قد يخالف القوالب التجارية التقليدية، كما أن هذا الطرح يقودنا إلى ضرورة الإيمان بهذا النوع من السينما المظلومة والمفترى عليها فى عروضها ..حيث لا تجد متنفسا لها فى دور العرض السينمائى الكبرى، وتُعرض غالبا فى المراكز الثقافية أو فى دور الأوبرا والقاعات الصغيرة، ومن هنا لا تستطيع أن تجمع ما تم صرفه عليها، ولولا مجموعة من المبدعين الذين يحاولون الإيمان بأفكارهم ورؤاهم ما استمرت هذه النوعية من الأفلام المستقلة ، والتى غالبا ما تجد دعما من بعض المهرجانات الدولية والخارجية خاصة التى تشجع على تقديم أفلام غير مألوفة. إن هذه السينما لكى تنجح وتحقق الهدف والغرض منها، فيجب أن تكون هناك جهات تتبناها من حيث ضرورة عرضها جيدا للجماهير ، لأنها حتما ستشجع على استمرارها طوال العام فى دور العرض خاصة فى ظل تقلص إنتاج عدد الأفلام السينمائية الكبيرة سنويا وعاما بعد آخر، وبدلا ما كان هناك أكثر من 150 فيلما فى العام حتى لو كان من بينها أفلام المقاولات فى حقبتى الثمانينيات والتسعينيات، أصبحت الأفلام المنتجة فى السنوات الأخيرة تواجه أزمة كبيرة بعد أن تقلص عدد النجوم وارتفعت الأجور لأرقام فلكية، كما ارتفعت التكلفة الإنتاجية للفيلم الواحد . إذن الحل فى السينما المستقلة التى لجأ إليها شباب المؤلفين والمخرجين المبدعين واستطاعوا أن يثبتوا جدارتهم بحصد الجوائز تباعا من كل المهرجانات المحلية والعربية والدولية، وبالنظر إلى فيلم « وش القفص» الذى اختاره مهرجان الإسكندرية السينمائى الدولى فى دورته الـ 37 فى العام الفائت للعرض فى مسابقته الدولية ممثلا لمصر وخرج من المهرجان بدون جوائز، فتعرض المهرجان لانتقادات شديدة كونه لم يختر فيلما على مستوى الحدث والمسابقة، إلا أن الفيلم ذاته الذى أخرجته د. دينا عبد السلام الأستاذة بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية استطاع أن يحصد فى قرابة العام 30 جائزة دولية فى مختلف المهرجانات التى شارك فيها، وكان آخرها هذا الأسبوع جائزة الإبداع من المهرجان اللبنانى للسينما والتليفزيون فى دورته الحادية عشرة ، وتضمنت الجائزة «درع» وشهادة، وتسلمتها الزميلة ميرفت عمر نائب رئيس مهرجان الإسكندرية من النجمة شيرين والمخرج صبحى سيف الدين نقيب الفنانين اللبنانيين ورئيس المهرجان .. كما حصل من مهرجان جامو الهندى على جائزتى أحسن فيلم وأحسن مخرج.. وبذلك حصد الفيلم 12 جائزة من مهرجانات الهند فقط ، وهى بوليود الشرق وموطن الإنتاج السينمائى الغزير . والفيلم الذى لعب بطولته وشارك فى كتابة السيناريو وإنتاجه د. أشرف مهدى وعدد من الممثلين والممثلات معظمهم من الهواة بمدينة الإسكندرية أصبح أيقونة المهرجانات هذا العام، إذ استطاع أن يجوب عددا من المهرجانات شرقا وغربا حاصدا العديد من الجوائز الإبداعية المختلفة ، والفيلم تقرر عرضه 29 الجارى بالمعهد الفرنسى بالإسكندرية ، وقد عُرض الفيلم بالقاهرة فى دار الأوبرا ومعهد جوته وقاعة ايوارت ،ما يؤكد نجاح الفيلم جماهيريا عندما تم استقباله بحفاوة كبيرة منذ عرضه الأول بمهرجان الإسكندرية . ويقينا أن نجاح الفيلم جاء بسبب صدقه ومصداقيته الشديدة وغوصه فى المحلية الشديدة من خلال فكرة بسيطة تهتم بها معظم الأسر المصرية من خلال تكوين جمعية بين مجموعة من البشر، لكن الفكرة البسيطة تم طرحها بعمق وشاعرية شديدة وبشكل درامى جيد ما جعلها تجد صدى طيبًا لدى مستقبلى الفيلم الذى اعتمد على ممثلين قدموا أدوارهم بتلقائية شديدة وفقا لتوجيهات مخرجة متمكنة من أدواتها وفكرتها .