18-11-2022 | 18:55
من الأفلام الممتعة التي عرضت ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الحالية ال 44، هذا الفيلم الرومانسي اللأسباني "رامونا" عن قصة ممثلة ناشئة تعيش حياة مستقرة، دافئة، تنعم فيها مع زوجها بالدفء والمرح، حتى يحدث لقاء قدري مع رجل غريب يكبرها بنحو عقدين من الزمان على الأقل، يدور بينهما حوار عادي لا يتمتع بالرومانسية، رغم ذلك تنجذب له، وتتوقع أن يكون له دور في حياتها، يعبر المخرج عنه رمزيا في أحد المشاهد، عندما يسيران بطفولية بريئة في الطريق العام، يفصل بينهما سور حديدي، هي تسير من داخل حديقة، فيما هو يسير من خارجها متوازيا معها، يظلان يتحدثان حتى نهاية السور؛ فيلتقيان، يكشف المشهد البسيط عن وحدة المصير والهدف المشترك، بالفعل ما أن ينتهي هذا اللقاء، تذهب في اليوم التالي لإجراء test camera ، الذي عن طريقه سيتحدد قبولها كممثلة من عدمه؛ لتفاجيء بأن نفس الرجل الذي صادفته بالأمس هو المسئول عن إختبارها ـ مع آخرين ـ والذي يهتف فرحا باللقاء الثاني بينهما، وأن الاستجابة لتعليماته وملاحظاته سوف تشكل الرأي النهائي لقبولها!
بعيدا عن السرد الحكواتي لأحداث الفيلم، يهمنا التأكيد على جودته الفنية، إلا أنه لا يخلو من بعض الألغاز في ، أولها يكمن في تساؤل عن سبب إختيار المخرج ـ وربما يشاركه السيناريست ـ إلى تقطيع الفيلم إلى العديد من الأجزاء، وإن كنت أتصور أن يكون قد لجأ إلى ذلك لتعميق فكرة أن الفيلم يحمل صفة "المذكرات"، كما أن لدي إحساس أن قصة الفيلم مستلهمة من حياة فنانة كبيرة من الرواد لم يصرح صناع الفيلم بذلك الاستنتاج، وفي رأينا أن ذلك يفسر اختياره ـ المخرج ـ لتصوير معظم أحداث الفيلم بالأبيض والأسود، وهي طريقة أضفت على الفيلم صفة القدم والهدوء والجمال، باستثناء مشاهد خضوع البطلة لاختبارات الكاميرا التي جاءت ملونة، ليؤكد أنها الممثلة الصورة وليست صاحبة الحكايات، وهو لغز اعتمد فيه المخرج على مخاطبة عقل المتفرج، شيء آخر نجح في استخدامه في مشاهده الملونة في ماكياج البطلة الزاعق، الصارخ، وهو مرادف لحياة النجوم وزخمها، وأيضا إخفاءها لكثير من المشاعر الحقيقية والظهور بمظهر الابتهاج وهو غير حقيقي مع غالبية الأوقات، كما أن الفيلم نجح ببراعة في استخدام لوحات تجريدية ملونة في خلفية مشاهد اختبارات الممثلة لمشاهد فيلمها، نرى أن مقصود وبحرفية، حيث أن "التجريدية هي تجريد كل ما هو محيط بنا عن واقعه، وإعادة صياغته برؤية فنية جديدة فيها تتجلى حس الفنان باللون والحركة والخيال، وهو ما فعله مخرج "رامونا" حرفيا، هو قدم لغة جديدة في السرد، تلخص ولا تقول كل شئ، تقدم ملمحا وليس كل التفاصيل، " هو يختزل الأفكار ويشكلها بالألوان والظلال دون توضيح لكل خطوط وتفاصيل قصته، إننا إذا أمام "يوم" في حياة ممثلة، ولا نملك تفاصيل كل حياتها لأنها بعيدة عن العيون وعن فلاشات التصوير، إنها ماضي سحيق من زمن الأبيض والأسود؛ لن نستطيع إختراقه حتى لو أمسكنا بيومياتها أو مذكراتها المكتوبة أو المنشورة..لأنها نجحت في أن تخفي المزيد من الإعترافات خلف ماكياجها الصاخب..ختام