الجمعة 26 ابريل 2024

"مفيد فوزى" سابق عصره.. وعملة نادرة فى هذا الزمان

6-12-2022 | 13:57

هذه أول مرة فى حياتى لا أستطيع كتابة سطر واحد مما تعلمته من خلال مخزونى الفكرى والإجتماعى .. إلى آخره وما تعلمته من أساتذتى عفوا شيوخ المهنة الكبار الذين أتشرف بهم جميعا فى بلاط صاحبة الجلالة ،واليوم أتباهى بهم وبأننى عاصرت عمالقة الصحافة والأدب والاعلام وأهل الفكر والفن والرياضة الأفذاذ الذين لن يتكرروا مرة أخرى، بفضل الله على مدار أكثر من ثلاثين عاما هذا توفيق وفضل من الله عزوجل  لامثيل له لعبد فقير مثلي نعم.. هذه هى الحقيقة الدامغة والشهادة التاريخية كما يرددها كل من حولي ، التى أعتز وأتشرف بها طوال مسيرة حافلة بفضل الله من النجاحات والانفرادات والتأثير والوعى لديّ الناس من خلال قلمى المتواضع .. كما كان يؤكد عليها "أستاذى " ومعلمى ومثلي الأعلي "القامة والقيمة الإعلامية الكبيرة "– مفيد فوزى- يرحمه الله الذى أتحدث عنه وقلمى لايطاوعنى ،تاريخ طويل وشريط من الذكريات الحافلة التى جمعتنى به طوال ثلاثين عاما ،أول من أحتضننى عندما كان يرأس تحرير مجلة صباح الخير وكنت أحبو وقتها فى مؤسسة الاهرام العريقة .
الحقيقة أنا أسترسل فى الكتابة من خلال نبضات قلبي ومايمليه عليّ حنينى واشتياقي إليه فى مقالي المتواضع هذا ،ولا أعرف من أين بدأت وإلي أين أنتهي لأننى ببساطة شديدة جدا لن يأتى فى خيالي أبدا أن أكتب رثاء عنه بعد وفاته، رغم أن الموت "حق" علينا جميعا وهذا هو حال الدنيا ،ولكن كما قلت فى بوق إعلامى كبير- أخيرا- وبواسطة "القصة" على مواقع التواصل الإجتماعى المختلفة كلمتين موجزتين فقط "قلبي موجووووووووع" تعلمت من "الأستاذ" – كما كنت أحب أن أناديه -لأن كل حرف فى الكلمة يمثله تماما الكثير والكثير ،وأحمد الله كان بيننا حب واحترام متبادل ومكالمة تليفونية شبه يومية نتكلم خلالها فى مناحى الحياة المختلفة ،وكان يحب أن ينصت جيدا رغم مخزونه وكنوزه الخاصة به وحده ،ومعلوماته الكثيرة التى لاتنضب أبدا عن أى موضوع على الساحة، بخلاف فكره وتحليلاته للأمور الصائبة ورؤيته السليمة أو- "الصحيحة"- كما يحب أن يضع الأمور فى نصابها وينبغى أن تكون، كان حازما..صارما..لايخشي لومة لائم فى قول الحق،ومايؤمن به، عاشق لتراب وطننا الغالي والحبيب " مصر" لن أخفي سرا بأنه كان طوال الوقت "تلميذ" مجتهد فى عمله ،نعم يقوم بالتحضير والتروى والدراسة الجيدة قبل الإمساك بقلمه ،أو قبل الظهور على شاشات الفضائيات المختلفة - وكنت أسعد به جدا وأفتخر بذلك وأتعلم منه عندما يستعين بيّ فى بعض الأمور "وإش كون أنا" – تلميذ فى مدرسته – لأتعلم منه بالفعل معنى كلمة " الكبير"فى تصرفاته وأفعاله وبخاصة فى مهنتنا المتواضعة ،كان ملما بتفاصيل كل شيء و بالمعنى عملة نادرة" فى زماننا هذا ،ونحمد الله أننا عاصرناه وتعلمنا من خلال منابره الاعلامية المختلفة فى فن الحوار التليفزيونى ولغة المقال، ومايجب أن تكون عليه - كان سابق عصره- ،ومواكب لكل مايحدث من حولنا فى العالم كله ،أراؤه سديدة.. حكيمة تنويرية ،حتى ولو كلفته السير على الألغام ،كان لايعبأ بمن حوله أو يثار من بعض أرائه ،أوبالمعنى الخوف من آراء الآخرين ،والأهم حكمته الفريدة فى فن الإعتذار لو سقط منه سهوا معلومة خاطئة ،كان يعترف بكل شجاعة ويصحح المفاهيم فورا.." الأستاذ "منحنى وساما فريدا من نوعه عندما أحتفل بيوم ميلاد ابنتى وقرة عينى "حبيبة الرحمن" بعيد ميلادها العام الماضي ،عندما أستقبلها بحفاوة بالغة فى بيته "الفخيم" المرتب المزين بمكتبة جبارة من الكتب والجرائد والمطبوعات المختلفة، لأنه كان "قارىء نهم" فى القراءة بشكل كبير جدا وسمح لها بالتصوير معه.. وتسجيل فيديو نادر خصيصا لها مدعم بنصائحه المعتادة، وحبه الشديد لها ،كما تنبأ لها بمستقبل باهر فى الإعلام بإذن الله، وفى المرة الثانية التى حظيت ابنتى "حبيبة" بمقابلته ،عندما اصطحبتها معي لزيارته فى بيته للاطمئنان على صحته قبل وعكته الصحية الأخيرة ،وكان سعيدا وممتنا بها جدا جدا، وفى هذه المرة كان يتكلم باستفاضة فى أمور عديدة جدا ونحن نستمع إليه بأذان صاغية ،وفى هذه الجلسة جعلنى أبكى فرحا عندما شبهنى وأكد على ذلك بأننى أتبع لمدرسة الكاتب الصحفي الكبير "إبراهيم سعده " وأسير على نفس النهج فى الكتابة  وبأننى " كتيب" مثله ،- وهذا الكلام ليس سرا- وسبق لي نشره فى حينها فى إحدى مقالاتى المتواضعة ..كما أشتكى لي ذات مرة من حجم "بنط " الكلمات فى الجرائد اليومية وكان يريد زيادة حجمه حتى يتسنى له ومن فى سنه القراءة بكل ارتياحية دون عناء، وأبلغنى بأنه طرح هذا الموضوع على المعنين بالأمر ..الأستاذ "مفيد فوزى" أسطورة الاعلام المصري الحالي وعميد الإعلاميين العرب سنفتقدك على الساحة الاعلامية بشكل كبير لأنك صنعت "الفارق" عقب أجيال متعاقبة، وبشكل شخصي سأتألم لفراقك وهتوحشنى كلماتك ودعمك المتواصل ليّ، وإيمانك بيّ وجلساتك المستنيرة..وداعا "ياصديقى.. وياحبيبي..وأستاذى"صاحب القلم الرشيق ..ورائد الحوارات الصحفية المهمة والمثيرة المتلفزة".. أنت الآن فى مكان أفضل وفى رحمة المولي عزوجل.