الذين تابعوا مسلسل «وعد إبليس» الذى عرض على احدى المنصات مؤخرا، اكتشفوا بلا شك أهمية الحكمة المعروفة «أحياناً الطريق إلى الجحيم يبدأ بالنوايا الطيبة»، وفى حالتنا الدرامية يمكن أن نقول إن «النوايا الطيبة بمفردها لا تصنع فناً مبهراً» فقد كان صُناع «وعد إبليس» فى نيتهم صناعة عمل درامى متميز ومختلف وغير مسبوق، فلأول مرة فى عمل درامى عربى وناطق بالعربية وأبطاله ممثلون عرب يكون المؤلف والمخرج أجنبيين، وقد استغلت الشركة المنتجة للعمل الأسماء الأجنبية لتحقيق حملة دعائية ضخمة خلال أيام التصوير، ولكن جاءت نتيجتها عكسية وشعر الجمهور بالإحباط الشديد.
لاشك أن قصة «وعد إبليس» بحد ذاتها مختلفة، إذ تتطرق إلى العلاقة بين الإنسان والشيطان، والمسلسل ملىء بالأسئلة الوجودية والحياتية، ويمتلك بعداً خيالياً، ويدفع المشاهد لتخيل نفسه مكان البطل، ويبحث عن حلول للخروج من هذا المأزق، ولكن ضعف السيناريو الذى كتبه الإنجليزيان تونى جوردن وإنجى لومان فيلد، وشارك فى كتابة السيناريو، البحرينية سهى آل خليفة، التى سبق لها أن قدمت عملاً درامياً خليجياً بعنوان «الرشاش» الذى أثار جدلاً وقت عرضه على مواقع التواصل الاجتماعى، ولكن سيناريو «وعد إبليس» جاء اقل من المتوقع وكتب على طريقة الكتابة فى القرن الماضي.
وتدور أحداث العمل فى إطار خيالى تشويقى، حول رجل الأعمال الشاب «إبراهيم»، الذى تُصاب زوجته «زينة»، بمرض خطير لا علاج له، فيلجأ إلى من يقنعه بقدرته على شفائها مقابل توقيع عقد بيع روحه لـ«إبليس» بعد موته ولكن سرعان ما ينكث إبليس بوعده ليبدأ بتحويل إبراهيم إلى رجل شرير خاضع لسيطرته ويدفعه لتنفيذ أجندته الشيطانية بعد منحه قوى خارقة.
ويعد «وعد إبليس» محاولة لإعادة اقتباس «فاوست»، فقد تحول إلى حكاية هزلية مضحكة مليئة بالجرافكس الأكثر سوء تتذكرنا بجرافكس «بلاى ستيشن ٢».
نحن لسنا ضد الاقتباس ولكن هذا العمل للاقتباس.
لاشك أن الفنان فتحى عبدالوهاب قدم المشهد الافتتاحى بشكل عظيم جداً بعينيه فقط، ولكن سيظل هذا المسلسل واحداً من أسوأ أدواره، أما عمرو يوسف فدائماً ما نتوقع منه الأفضل لأنه تلميذ الراحل نور الشريف، وكان يقول عنه: «عمرو من الشباب الذين سيصلون للنجومية» ولكن للأسف معظم اختياراته، حدث ولا حرج.
ويبدو أن عمرو وافق على المسلسل وسلم نفسه «تسليم أهالى» لأن المؤلف والمخرج أجنبيان، وتشاركه البطولة فنانة أمريكية، ولكن أداءه كان لا يتناسب مع موهبته وإمكانياته الفنية.
أما عن الممثلة والمنتجة الأمريكية، باولا باتون، التى شاركت فى هذا العمل المتنكر فى الرعب، فقدمت دورها بطريقة التمثيل الأمريكية فى القرن الماضى بصورة هزلية.
أما الفنانة عائشة بن أحمد فقدمت شخصية الزوجة بطريقة تقليدية اعتادت عليها فى أدوارها السابقة «الست الكيوت».
وبالنسبة للفنان خالد كمال، فأعتقد أنه بذل مجهوداً كبيراً خلال السنوات الماضية ليصل إلى ما وصل إليه كممثل متميز، ولكنى أعتقد أن هذا الدور سوف يعيدك خطوتين، فى حين أن الفنان أحمد مجدى مازال فى بدايات حياته الفنية وعليه أن يجرب كل الأدوار ويقدم المتاح ولا حرج عليه حتى الفنانين أحمد الرفاعى ومحمد يسرى، اللذين قدما شخصيتى ضابطى شرطة، فقد قدما أداءً يشبه أداء ممثلى الأربعينيات.
يبدو أن معظم الفنانين خُدعوا فى جنسية المؤلف والمخرج كونهما بريطانيين، وتوقعوا أن يكون العمل عظيماً.. خيرها فى غيرها رغم أن السيناريو كان واضحاً من البداية.. يكفى مشهد بطاقات كل من يبايع إبليس، وكأن إبليس يعمل موظفاً فى السجل المدنى.